رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: افتتاح (المتحف المصري الكبير).. العالم ينبهر والأفاعي تبث السموم

محمود حسونة يكتب: افتتاح (المتحف المصري الكبير).. العالم ينبهر والأفاعي تبث السموم
الغريب أن بين هؤلاء أسماء نحترمهم ونقدرهم، وهو ما منحنا إحساساً بالشك في تقييمنا للآخرين

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

انبهر العالم بافتتاح (المتحف المصري الكبير)، وعبر عن اعجابه بلغات الدنيا المختلفة عبر الإعلام والسوشيال ميديا وتصريحات ملوك ورؤساء وأمراء ووزراء، وفي مصر خرجت الأفاعي تبث سمومها وتحاول النيل من المنجز وتحريض الناس عليه، ولكنها السموم الفاقدة للمفعول، ولم ينالوا سوى فضح أنفسهم بأنفسهم.

أكثر ما يؤلمنا أن بعض منا لا يقبلون فرحنا، ولا يتقبلون تباهينا وفخرنا ببلادنا، يشوهون كل إنجاز تحققه، ينتقدون كل عمل مصري يُجمع عليه العالم ويصفق له، يريدون تكريس الاحساس بخيبة الأمل داخلنا.

السبت الماضي وبمجرد الانتهاء من حفل افتتاح (المتحف المصري الكبير) الذي انتظرناه وانتظره العالم كله معنا، خرجوا علينا على السوشيال ميديا ينتقدون الحفل ويقللون من قيمة الحدث وينالون من فنانين نعتز بمشاركتهم فيه، ويستهينون بمجهود ضخم بذله القائمون عليه حتى يخرج بهذه الصورة التي رأيناها مشرفة ورأوها مخجلة.

الغريب أن بين هؤلاء أسماء نحترمهم ونقدرهم، وهو ما منحنا إحساساً بالشك في تقييمنا للآخرين، وجدناهم يتحدثون بلسان عدائي يستهدف قتل فرحتنا بمنجز بلادنا، والأغرب أنه في المقابل خرج علينا أيضاً عقب انتهاء الحفل أشقاء من دول عربية مختلفة يهنئوننا بالحفل وبـ (المتحف المصري الكبير).

وبإرادة بلادنا التي لا تلين وقدراتها التي مكنتها من مواجهة الكثير الكثير من التحديات، وبحكمتها المتوارثة من أجدادنا القدماء التي ساعدتنا على إحباط الكثير الكثير من المؤامرات التي أحيكت لنا خلال العقدين الماضيين، لنخرج منها سالمين رغم أن كل من حولنا نالت منهم مؤامرات أقل، وسقطت دولهم وتبعثرت شعوبهم ونال منهم التفكك والانحدار ليسرق من أعمار دولهم عقوداً من الزمن!

من يخرجون علينا ينتقدون منجزنا العظيم وسط هذا الموج الهادر من المديح والفخر والاعتزاز الذين عبر عنه المصريون والعرب بأساليب مختلفة، يفضحون أنفسهم ويعلنون على مرأى ومسمع الجميع عن أحقاد داخلهم وغضب يأكل نفوسهم ويحولهم إلى كائنات كئيبة تسعى لنشر الكآبة بيننا، شذوا عن القاعدة وخرجوا عن الإجماع وعدوى كآبتهم لم تنتقل لغيرهم لتتغلغل أكثر داخل نفوسهم وتزيد قلوبهم سواداً.

الغريب أن بعض هؤلاء قد يكون غضبهم ناتجاً عن عدم تلقيهم دعوة لحضور افتتاح (المتحف المصري الكبير)، أو ناتجاً عن عدم مشاركة شخصيات أو فنانين ينحازون إليهم في افتتاح، غضب المنتقمين لأسباب ذاتية وليس غضب من ينظرون للصورة بموضوعية ويقيمونها بعيداً عن الحسابات الشخصية.

محمود حسونة يكتب: افتتاح (المتحف المصري الكبير).. العالم ينبهر والأفاعي تبث السموم
(المتحف المصري الكبير) انجاز تأخر كثيراً

انجاز تأخر كثيراً

عندما تتحدث مصر يسمعها العالم، دائماً لديها ما تقوله وما ينفع البشرية، وعندما يتعلق الأمر بالحضارة المصرية القديمة يستمع العالم ويصفق ويقف إجلالاً وتقديراً، فهي الحضارة التي تتهافت البشرية عليها بحثاً وتحليلاً لاكتشاف مكنونها الذي لم تبح سوى بالقليل منه.

(المتحف المصري الكبير) انجاز تأخر كثيراً، والذي يعرف ذلك هم من زاروا أشهر متاحف العالم، ووجدوها تكرم الآثار المصرية عرضاً واهتماماً أكثر منا رغم أنها جميعها مسروقة من هنا، أمامهم أحسسنا أنهم يعرفون قيمة تراثنا أكثر منا، ولكننا اليوم نثبت للعالم أننا خير من يحافظ على تراثه ويقدّر حضارته ويكرم أجداده ويعتز بمصريته.

هوية ودوافع بعض هواة العواء عند كل انجاز تحققه بلادنا معروفة، وهؤلاء الذين يعلو عواءهم  كلما حققنا منجزاً يخرجون على بسطاء الناس  محاولين شحنهم غضباً بالحديث عن تضحية الدولة بلقمة العيش، متهمين اياها بتجاهل فقر الفقراء والذهاب إلى بناء متحف بميزانية مليارية وإقامة افتتاح مبهر.

هؤلاء هم المنتمون للجماعة الإرهابية الذين لا يريدون خيراً لهذه البلد، ولو أن الدولة ذهبت للناس وأطعمتهم بيدها كما الأطفال الصغار ستنال انتقادات هؤلاء الذين أعماهم الجشع والطمع في السلطة وفقدوا بصيرتهم على أبواب من يمدونهم بالمال ليواصلوا النواح والعواء.

مصر ستظل تبني لأنها دولة بناء وستظل تتباهى وتتفاخر بحضارتها وتاريخها الذي تتباهى به الإنسانية، وستضيف على تراث الماضي ما يعبر عن طموح الحاضر وينير للأجيال المقبلة دروب المستقبل.

 من حقنا أن ننتقد أنفسنا، والافتتاح به أخطاء، ولكن لا ينبغي أن نهيل التراب على الحفل بكامله وننصّب أنفسنا جلادين لأناس درسوا الحدث واجتهدوا فيه وأخلصوا وأبدعوا وقدموا عملاً أبهر العالم. نعرف أن بيننا من لا يعجبه العجب ولكن رفقاً بمن يعملون بنوايا طيبة ولمسنا بعض الأخطاء في فعلهم.

الأخطاء الأساسية في حفل (المتحف المصري الكبير) ارتكبها مخرج النقل التليفزيوني الذي نقل لنا استقبال السيد رئيس الجمهورية والسيدة قرينته للزعماء والشيوخ والأمراء من دون تعريفنا بهم، وتجاهل نقل بعض الضيوف.

مصر التي تتواجد على كل مساحتها آثار تركها الأجداد، وصاحبة أعظم حضارة عرفتها الإنسانية لديها العديد من المتاحف لم يكن بينها ما يتناسب مع مكانتها الحضارية.

وقد جاءت فكرة هذا المتحف للوزير الأسبق فاروق حسني عندما كان جالساً مع شخصية إيطالية سألته عن متحف التحرير واصفة إياه بمخزن الآثار، ليرد عليه بسرعة بديهة مبهرة، سنبني أكبر متحف في العالم، سأله عن موقعه وبنفس سرعة البديهة رد (أمام الأهرامات).

وهو ما يؤكد أن (المتحف المصري الكبير) كان ضرورة وليس رفاهية. أصبح المتحف حقيقة، وشغل العالم قبل افتتاحه بسنوات، أنفقنا عليه ولكنه رسالة بعث للمارد المصري ورسالة خلود لحضارتنا العظيمة ورسالة تؤكد أن مصر ستظل قادرة على ابهار العالم.

محمود حسونة يكتب: افتتاح (المتحف المصري الكبير).. العالم ينبهر والأفاعي تبث السموم
كثيرون انتقدوا (شريهان)، وكانوا ينتظرون أن يروا شريهان التي كانت

كثيرون انتقدوا (شريهان)

الافتتاح الذي انتقده بعض أصحاب المصالح كان رسالة أيضاً للعالم بأن مصر عندما تحتفل فإنها تختار الطريقة التي تعبر عن موضوع الاحتفال، والاحتفال بافتتاح أكبر متاحف العالم ينبغي أن يكون عالمياً بلغة فنية يفهمها عشاق المتاحف في قارات الدنيا المختلفة.

ولأنه متحف الحضارة الواحدة فكان لزاماً أن يحكي الاحتفال قصة هذه الحضارة منذ سبعة آلاف عام حتى اليوم، مروراً بمحطات مهمة عبر هذا التاريخ الممتد، حكينا للعالم بأحدث تقنيات الحكي والتصوير أننا كنا وسنظل دولة بناء وتنوير وسلام واستقرار.

بلغة جمعت بين الفن الأوبرالي تم مزجه بومضات شعبية وصوفية وإنشاد إسلامي وترانيم مسيحية، وجمعنا أوركسترا من قارات الدنيا المختلفة لتعزف مع الأوركسترا المصرية بموسيقى سيمفونية قصة الخلود المصري، مشهد غير مسبوق في الاحتفالات العالمية.

أن تعزف أوركسترا القاهرة، واليابان وأمريكا وفرنسا والبرازيل وألمانيا وكوريا الجنوبية سوياً معزوفة واحدة من تأليف المصري هشام نزيه دون أن يشذ عازف واحد أو يخطئ مايسترو واحد، عظمة لا يستوعبها المتحفزون والمتربصون بكل إنجاز تحققه بلادنا وخصوصاً من إخوتنا وأبنائنا الذين ارتضوا تسميم حياتنا.

كثيرون انتقدوا (شريهان)، وكانوا ينتظرون أن يروا شريهان التي كانت، وكأن الزمن لم يفعل بهم ما فعله بشريهان، ورغم ذلك لم نفتقد في إطلالتها السريعة حيويتها وإشعاعها.

مفاجآت الحفل (ياسمينا العبد وشيرين أحمد طارق والطفل آسر أحمد حمدي ورجاء الدين وحفيدتي الراحل الكبير عبدالرحمن أبو زهرة، والسوبرانو المصرية فاطمة سعيد.. إشعاع عهدناه؛ وإطلالات مصرية مشرفة لكل من هدى المفتي وسلمى أبوضيف، وأحمد مالك وأحمد غزي وأبطال العالم أحمد الجندي وفريدة عثمان وفريال أشرف).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.