(باسم يوسف): لم أعد أهتم بإنجازات الذكاء الاصطناعي أو التطور التكنولوجي!

كتبت: سدرة محمد
خلال الحلقة الرابعة والأخيرة من لقائه في برنامج (كلمة أخيرة) مع الإعلامي (أحمد سالم )على قناة ON، تحدث الإعلامي (باسم يوسف) عن العلاقة المعقّدة بين الإنسان والإنترنت، وعن مخاوفه من ضياع الحقيقة وسط فوضى المعلومات وهيمنة الشركات الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال (باسم يوسف): (كلنا محتاجين علاج والثيرابي هنا غالي.. وأنا عاوز أفضفض.. والناس متعودة على باسم بتاع زمان، أنا عندي 51 سنة وبودّع أنا واحد Generation X.. لسه فاكر عصر ما قبل الإنترنت..
بصيت لقيت أكتر علاقاتنا اتأثرت بيها علاقتنا بالحقيقة.. الإنترنت مع إنه أهم الاختراعات البشرية عندي خوف جوايا إن الإنترنت وحاجات تانية بتحصل دلوقتي خايف تكون نهاية للحقيقة أو على الأقل اللي إحنا شايفينه حقيقة).
وأوضح (باسم يوسف) أن الأحداث التي شهدها الناس خلال الـ 15 سنة الأخيرة داخل نفس البلد أصبحت تثير تساؤلات حول مفهوم الحقيقة: (كلنا حضرنا الـ 15 سنة اللي فاتوا، وجوه البلد الواحدة شوف كام وجهة نظر وكام تبرير وكام سياق للأحداث..
بنختلف عن حقيقة اللي حصل في فترة إحنا عاصرناها مع بعض، وفيه فيديوهات ومستندات، ودلوقتي الموضوع بيمشي من سيئ لأسوأ، مبقاش فيه حقيقة، فيه مشاعر وجهات نظر وعواطف.. لما ما يكونش فيه حقيقة هتكون الفوضى هي الحاكمة، وعدم ثقة لأي حاجة وعدم تصديق لأي حاجة).
وأضاف (باسم يوسف): أنه لم يعد يحتفل بإنجازات الذكاء الاصطناعي أو التطور التكنولوجي، قائلاً: (أنا معدتش حتى بحتفل بإنجازات الذكاء الاصطناعي ولا التطورات المرعبة في المجال ده.. لأن شوية شوية الحقيقة بتتغطى وتتعمى وتتشوه بتتلغط، وأنا مسحول في التقدم ده ومسجون في سجن الديجيتال).

ثمن الحرية والاستقلالية
وأشار إلى أن كل تطور يسهّل حياة البشر يأتي بثمن من الحرية والاستقلالية: (كل مرة البشر بيختاروا أدوات تخلي حياتهم أسهل.. إحنا بندفع التمن ده من حريتنا واستقلاليتنا. الموبايل سهل حاجات كتير محدش يقدر يتخيل حياته من غيره.. دفعنا كام من أسرارنا وخصوصياتنا اللي مبقتش عندنا.. السوشيال ميديا ليها مميزات عظيمة جدًا لكن بندفعها من حريتنا).
وتابع (باسم يوسف): (عاوز المشاهدين يفكروا إزاي علاقتهم بالسوشيال ميديا اتغيرت في آخر كام سنة وخصوصًا آخر سنتين.. كام مرة أنت على السوشيال ميديا اتحظرت علشان كتبت أو شيريت حاجة معينة، الريتش بتاعك أقل).
وأضاف عن تأثير السوشيال ميديا في الحرب الأخيرة: (في أول الحرب جزء كبير من انقلاب آراء الناس على إسرائيل كانت فيديوهات التيك توك.. لأنهم مكنوش عندهم رقابة والتحييد للفيديوهات زي فيسبوك وإنستجرام. لدرجة 90 في المية من المحتوى كان مع الجانب الفلسطيني، وده عمل ضجة كبيرة جدًا في أمريكا وإسرائيل).
وأشار إلى منظمة ADL، قائلًا: (فيه منظمة اسمها ADL، واحدة من أدوات البروباجندا المسيطرة باسم إسرائيل، عاملين نفسهم إنهم منظمة للحريات وده مش حقيقي، رئيس المنظمة دي طلع في مكالمة مسربة قال معندناش مشكلة يمين ويسار، عندنا مشكلة تيك توك).
وأضاف: (بعدها على طول قامت الدنيا على تيك توك، كلهم فضلوا يضغطوا على الصين علشان يبيعوا تيك توك جوه أمريكا، والحجة ساعتها إن الصين بتلم معلومات من المستخدمين ودي مسألة أمن قومي، على أساس إن فيسبوك وجوجل وأمازون بيلموا ملبس).
وأكمل (باسم يوسف) حديثه قائلاً: (كانت حجة بيستخدموا فيها الخوف علشان يستحوذوا على تيك توك. وحبة حبة بدأوا يسحبوا التطبيق ده تحت إيديهم. وأعتقد الناس اللي بتتفرج علينا لاحظوا كمية الحظر اللي بيحصل لما تتكلم على تيك توك، وكانت آخر منصة الناس بتتكلم فيها بحرية عن إسرائيل، سيطروا دلوقتي على تيك توك بشكل تدريجي..
الناس بدأت فيديوهاتها تتحظر والريتش بيقع وحظر كامل، وبعدها شوية تمت صفقة بيع تيك توك، كل شيء بنستخدمه علشان هو أسهل وأظرف بيستخدمه ضدنا عاجلًا أم آجلًا).
وأوضح: (كل المنتجات اللي بسنتخدما من تليفون لذكاء اصطناعي، والتيك توك والشات جي بي تي، بيتم استخدمها ضدنا، وبيخلقوا لينا حقيقة موازية.. وده مش جديد لكنه بدأ يزيد من التسعينات).

طبيعة النظام العالمي
في ذات السياق تحدث الإعلامي (باسم يوسف) عن رؤيته لطبيعة النظام العالمي والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، معتبرًا أن القوة الحقيقية في العالم لا تدار من الدول ككيانات، بل من أشخاص يملكون المال والنفوذ، قادرين على التحكم في الحكومات وصنع القرار.
وجاء حديث (باسم يوسف) ردًا على سؤال من الكاتب والإعلامي أحمد سالم الذي تساءل: (ليه نتجاهل الحراك اللي بيحصل في الجامعات والشوارع الأمريكية لصالح غزة، ونستهسهل تحليل كل المواقف بمنطق المؤامرة؟ ترامب مثلاً لما عمل اتفاق غزة واللي مكانش أفضل اختيار، ولا نهاية سعيدة لنتنياهو، بس هو أثبت إن أمريكا هي اللي بتتحكم في إسرائيل مش العكس زي ما بنقول كل شوية؟).
ورد (باسم يوسف) قائلاً: (مفيش حاجة اسمها أمريكا وإنجلترا، ومفيش حاجة اسمها دولة في المطلق.. الدولة هي الحكومة، والحكومة هي مجموعة أشخاص، لو اشتريت عدد كافي من الأشخاص هتتحكم في الحكومة دي والدولة..
عندك في الكونجرس 98% من الأعضاء بيتلقوا دعم وتمويل من الـAIPAC (اللوبي الإسرائيلي في أمريكا)، الناس دي بتكتب القوانين، وهي اللي بتقرر المليار ده يروح للناخبين بتوعي ولا يروح لبلد تانية).
وأضاف يوسف: (الموضوع أبسط من أي مؤامرة، العالم محكوم بأشخاص أقوياء جدًا وأغنياء، وأجهزة مسيطرة ومرعبة.. الدولة، بحكوماتها وأجهزتها، في الآخر مجموعة أشخاص سهل تتحكم فيهم لو عندك فلوس كفاية أو فضايح كفاية).
وعلق (باسم يوسف) على فكرة أن الولايات المتحدة أخضعت إسرائيل، قائلًا بسخرية: (موضوع شوف أمريكا هي اللي خضعت إسرائيل.. اسمح لي أتقمص دور ستي الحاجة. أنا مواطن عضو في هذا العالم، وخدت على قفايا كتير جدًا..
كل ده توزيع أدوار، إحنا من 48 وإحنا بنتعشم في معاهدات سلام وتهدئة، وكل شوية ياخدوا منك حتة ويعملوا معاهدة، وإحنا نفرح بانتصارات لحد ما ناخد على دماغنا تاني. ده كلام ستي الحاجة اللي ملهاش في السياسة).

طريقة التفكير داخل أمريكا
وتابع (باسم يوسف) حديثه قائلاً: إنه عاش بنفسه مواقف توضح طريقة التفكير داخل المجتمع الأمريكي: (من سنة كنت معزوم على عشاء في بيت بروفسور جامعي، وكان فيه أكاديميين ودبلوماسيين، بمنتهى الحماسة قلت إن الكونجرس الأمريكي شوية مرتشين، وطلع واحد من الحضور عضو كونجرس، والموضوع اتقلب لمناشدة حادة..
قال لي المواطن الأمريكي العادي مش بيهمه اللوبيهات ولا التمويل ولا إسرائيل، بيهمه التأمين الصحي والأسلحة والهجرة وحرية الإجهاض والحريات الشخصية.. قلت له معلش، دي المواضيع اللي الإعلام بيتكلم عنها طول النهار، الميديا الأمريكية متقسمة يمين ويسار علشان الناس تفضل تطحن في نفس المواضيع دي).
وأوضح (باسم يوسف) أن (اهتمام المواطن الأمريكي بالقضايا اليومية نتيجة توجيه الإعلام، مضيفًا: المواطن الأمريكي العادي بيكون مهتم بالحاجات دي لأنها اللي بيشوفها قدامه 24 ساعة. لكن الإعلام مش بيتكلم عن الفلوس بتروح فين، ولا عن خطر اللوبيهات عليه، ولا عن إن أعضاء الكونجرس بياخدوا فلوس من ضرائبه علشان يمولوا بلد مجرمة زي إسرائيل. ده معمول عن قصد).
واختتم (باسم يوسف( حديثه بمقارنة لافتة قال فيها: (يعني إيه رئيس أمريكي زي بايدن أو ترامب لما يطلع يقول خطاب الاتحاد في الكونجرس، نص الأعضاء يشتموه ويقاطعوه، لكن لما ييجي نتنياهو الناس كلها تبقى زي الكلاب المطيعة وتفضل تصقف له؟).