رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية

فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية
فريق عمل الفيلم بعد عرضه في افتتاح المهرجان
فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية
حنان أبو الضياء

الجونة: حنان أبو الضياء

(عيد ميلاد سعيد)  دراما واقعية بتصوير رائع وجميل، تُقدم شخصياتها الرئيسية بحب وتعاطف، عرض  الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة كفيلم الافتتاح.

الفيلم من أخراج سارة جوهر، بطولة (نيللي كريم، حنان مطاوع، حنان يوسف، شريف سلامة، تايسون، علي صبحي، حازم ايهاب، جهاد حسام الدين، خديجه أحمد، فارس عمر ضحي رمضان)، وهو من انتاج أحمد الدسوقي وأحمد بدوي وأحمد عباس، ومن تأليف محمد دياب وسارة جوهر، وإخراج سارة جوهر.

عُرض فيلم (عيد ميلاد سعيد) لأول مرة عالميًا في مهرجان تريبيكا السينمائي الرابع والعشرين، تم تكريمه بجائزة أفضل فيلم روائي دولي بالإضافة إلى جائزة نورا إيفرون وأفضل سيناريو في فيلم روائي دولي.

تدور أحداث قصة (عيد ميلاد سعيد) حول طفلتين، تمثلا الشريحة الاجتماعية لعائلتين؛ الأولى من الطبقة الكادحة، والثانية من الطبقة فوق المتوسطة العليا تعيش في كومبوند علي الطريق الدائرى. تسلط القصة الضوء على قضية عمالة الأطفال في المنازل، مع التركيز على الأطفال من القرى الريفية الذين يعملون في المنازل.

(توحا)، فتاة في الثامنة من عمرها تعمل خادمة لدى عائلة ثرية في القاهرة، تُصمم على تنظيم حفل عيد ميلاد مثالي لنيللي، ابنة مخدومتها.. إلا أن التسلسل الاجتماعي بين المخدومة والخادمة يُجبر الطفلة على مواجهة واقع قاسٍ.

الدور الذي قدمته (حنان مطاوع) بتمكن يرمز إلى امرأة شابة ودودة تعمل بجد من شروق الشمس إلى غروبها من أجل أطفالها  بعد رحيل زوجها. تلك الشخصية كتبت بعناية ، شخصية ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية، حيث تُسهم كل دعامة مُوزّعة بعناية في إضفاء حس المكان والزمان على الفيلم.

فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية
لا تقلّ أصالةً المشاعر المُعبّر عنها من خلال الأداء المُبهر لحنان مطاوع

أصالةً المشاعر المُعبّر عنها

ولا تقلّ أصالةً المشاعر المُعبّر عنها من خلال الأداء المُبهر لحنان مطاوع.. شخصية فطرية، وقد جعلها كاتبى السيناريو قريبة من القلب ومُثيرة للتعاطف.

كما لعبت (نيلى كريم) دور دور المرأة الأخرى، الشخصية التي كان من السهل أن تُصبح هشة، لكنها في المقابل مليئة بالتفاصيل الدقيقة؛ من الواضح أنها تبذل قصارى جهدها، حتى لو لم يكن هذا الأداء مُطابقًا لما قد يوقعه المشاهد المعتاد على الأداء المبالغ فيه.

يتناول فيلم (عيد ميلاد سعيد) مواضيع معقدة- التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، والأسر المفككة والفقد، ولكنه لا يُجرّد شخصياته من إنسانيتها أو يُقلّل من قوة قصته المحورية.

الطفلة الشغالة هى القلب النابض للفيلم، وبتجسيدها يُسلّط الفيلم الضوء على العديد من البنات الصغيرات الحقيقيات فى تلك الطبقة اللواتي تُمثّلهن.

(عيد ميلاد سعيد) مُصوّر ببراعة، عملٌ فنيٌّ شجاعٌ وغنيٌّ بالتفاصيل، يُجسّد باكورة أفلام المخرجة، ما يجعل الفيلمَ فائقَ الروعة هو الطريقةُ المؤثرة التي تكشف بها المخرجة قصتها من منظور الطفلة التي تعمل فى المنزل خادمة.

ويُقدّم للجمهور تصويرًا قويًا وحميميًا للشخصيات البسيطة في الفيلم.. إنه فيلمٌ ذو طابعٍ شخصيٍّ للغاية، ويستحق بجدارة أن يكون تجربة أولى مميزة للمخرجة.

فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية
(عيد  ميلاد سعيد) رسالة حب بصرية وسمعية للبنات وللنساء الكادحات

الفيلم مضيء وعميق التركيز

فيلم (عيد  ميلاد سعيد) رسالة حب بصرية وسمعية للبنات وللنساء الكادحات، لذلك كان جديرا للترشح لتمثيل مصر فى الأوسكار، خاصة إنه يركيزعلى  البنات والنساء اللواتي عادةً ما يتم تهميشهن.

الفيلم مضيء وعميق التركيز، وتصميم إنساني غامر وطبيعي، بسرد سينمائي، أهميته ترجع لأنه يشيد بشخصيات  تظهر عادة في الخلفية في معظم الأفلام.

تتداخل الشخصيات بين الطبقتين، وتلامس الحياة في مصر في هذه القصة الرائعة المصورة والمروية بحيوية، والتي تُركّز على الطفلة داخل عائلة صاحبة عملها منفصلة عن زوجها وترغب في استعادته في آنٍ واحد، وتُقدّم لمحة عن مشاعرمضطربة من خلال عينيها..

فيلم (عيد ميلاد سعيد).. دراما إنسانية  ذات  ملامح مُفصّلة وصادقة للغاية
أداء شخصية الأم (حنان مطاوع)، والطفلة التي تمثل نموذجا صارخا لعمالة الأطفال

أداء شخصية الأم

الفيلم يطرح مواضيع عميقة في لحظات عابرة تكمن في الاحتفال بعيد الميلاد، ويكمن جوهرها أداء شخصية الأم (حنان مطاوع)، والطفلة التي تمثل نموذجا صارخا لعمالة الأطفال وحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية من تعليم ولعب.

إنه أداءٌ مذهلٌ في بساطته، إذ تُجسّد الشخصيات الفكرة ببراعة، ناقلةً قوة مشاعرها الخفية (غالبًا بصمت). إنه لأمرٌ رائعٌ أن نشاهد عملهم، ببساطة لأنهم  ينجزه بسلاسةٍ فائقة.

صنعت المخرجة فيلمًا عن الطفولة غارقًا في الشجن من منظور نسوي للغاية –  خادمة  صغيرة وأم كادحة.. هناك الكثير مما يحدث في هذا العالم يتعلق بالعمل للحصول على لقمة العيش لذي لا نهاية له – وهو في حد ذاته تقدير أفضل (لعمل المرأة) الذي نراه غالبًا على الشاشة.. لكن الفهم العميق والحساس لكيفية حياة النساء الذي يعشن هنا، وينشره بتعاطف هائل.

(عيد ميلاد سعيد) فيلم حمل الكثير من الأحلام الغامضة والعاطفية عن الطفولة، مما يشبه إدراكًا مريرًا للغاية بأن ما كان يحدث من حولك كطفل كان أكبر وأكثر تعقيدًا مما كنت لتدركه في ذلك الوقت.

يتميز الفيلم بإيقاعه المتوازن وتفاصيله الدقيقة، وقصته تُشبه الحلم في سردها، مليئة بصورٍ مُؤرقة تبقى عالقة في الأذهان لفترة طويلة بعد سرد القصة.

إنه فيلمٌ يستحق المشاهدة؛ ولاسيما مع حميمية اللقطات المقربة، حيث تصطاد الأم السمك بجراكن وهى داخل المياه.. تحت أنظار الكاميرا، تكتسب التجارب الشخصية عظمة ملحمية، تأسر الجمهور بمشاعر عميقة، بفضل روعته البصرية النابضة بالحياة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.