رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!
صاغ وجدان أجيالٍ بأغانية، ورافق حكايات العاشقين في المدن والقرى
رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!
رضا العربي

بقلم الناقد الموسيقي: رضا العربي

في الحادي عشر من أكتوبر.. لا يحتفل (عمرو دياب) بعمرٍ يمر، بل بعمرٍ يُعاد خلقه كل عام مع أول نغمة تُبث في الأثير.. أربعةٌ وستّون عامًا من العمر، لكنها في ذاكرة الفن والعاطفة تشبه البدايات الأولى، كأنه لا يزال ذلك الفتى الذي خرج من (بورسعيد) يحمل في صوته لهفة البحر وملح الأمل.

(عمرو دياب) ليس مجرّد مطربٍ عاش طويلاً على الساحة، بل هو زمنٌ كامل، صاغ وجدان أجيالٍ بأغانية، ورافق حكايات العاشقين في المدن والقرى، على الشواطئ وفي ليالي الوحدة الطويلة. كان صوته مرآةً لقلوبٍ تبحث عن النبض، وكلماته مفاتيح لأبواب الحنين.

في كل مرحلةٍ من حياته الفنية، كان يبدّل جلده دون أن يبدّل روحه.. يختبر موسيقى العالم، ويعيد صوغها بطابعٍ شرقيٍ ناعمٍ، يجعلها قريبةً من القلب مهما ابتعدت المسافات.. ومن هنا تأتي معجزته: أن يكون عصريًّا في كل زمن، وأن يشيخ العالم من حوله بينما يظل هو في طور الغناء الأول.

في عيد ميلاده الرابع والستين، لا يُقاس (عمرو دياب) بالسنوات بل بالأغنيات.. كم من حبٍ بدأ على صوته، وكم من ذكرى استعادت نفسها حين صدحت موسيقاه في المساء؟

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!
ليس فقط رمزًا للنجاح، بل رمزا للخلود الإبداعي

رمز للخلود الإبداعي

هو ليس فقط رمزًا للنجاح، بل رمزا للخلود الإبداعي.. لا يتكئ على مجده القديم، بل يصنع مجده كل يوم، كأنما يعرف أن الفنان الحقيقي لا يعيش علي الماضي، بل من وهج اللحظة التي يخلقها ويحياها الآن.

يقول البعض إن الزمن لا ينتظر أحدًا، لكن يبدو أن الزمن نفسه ينتظر (الهضبة).. فكلما مضت سنة، عاد (عمرو دياب) ليذكّرنا بأن الفن الذي يولد من الصدق لا يموت، وأن الصوت الذي يخرج من القلب،يصل الي القلب بل يظلّ قلبًا آخر في حياة كل مستمع.

في عيد ميلاده الرابع والستين، يقف (عمرو دياب) مثل شجرة نبتت من وجدان الناس، تتمايل مع الريح، ولكن جذورها ثابتة في عمق الأرض في ذاكرة العاشقين، وفي وجدان من آمنوا بأن الغناء يمكن أن يكون صلاة للحب، ووطنًا..للهناء.. وللحنين.

منذ بداياته الأولى، لم يكن (عمرو دياب) مطرب يصعد المسرح ليغني، بل كان روحًا تتجسد في صوت.. صوته لم يكن يروي الحكايات فقط، بل كان يصوغها، يلمسها، ويعيد إليها الحياة.. في كل أغنية من أغانيه شيء من الدفء الإنساني، من الأمل الذي يولد في العيون رغم تعب الأيام، ومن الشجن الذي لا يذوي مهما مرّ الزمن.

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!

رضا العربي يكتب: (عمرو دياب) في عيد ميلاده الرابع والستين.. السنين والحنين!
إحساس يعيش في القلب حتى بعد أن يخفت اللحن

إحساس يعيش في القلب

(عمرو دياب)، حين يغني.. يذكّرك أن الفن ليس ترفًا بل ضرورة، وأن الموسيقى ليست صوتًا فحسب بل إحساس يعيش في القلب حتى بعد أن يخفت اللحن.. في عينيه ظلّ التجربة، وفي صوته أثر السنين التي لم تنل من صدقه الفني، بل زادته عمقًا وشفافية.

لقد غنّى للحب وكأنه يكتبه بالدم، وغنّى للوطن وكأنه يعانقه في الغياب، وغنّى للإنسان وكأنه يراه في كل نبضة من نغم.. لم يكن يطلب المجد، بل كان يمنحه للغناء نفسه، في صمتٍ العارفين الذين يوقنون أن الفن الحقيقي لا يُفتَعل، بل يُولد من الصدق والوجع والالام والجمال.

في عيد ميلاده الرابع والستين، لا نحتفل بعمرٍ يمضي، بل بزمنٍ صنعه هو بصوته وصدق إحساسه.

كل عام وعمرو دياب هو هو.. صوت لا يشيخ، وحضور لا يغيب، وإنسان ظلّ يغني للحياة، كأنه يحرسها من العدم.

عيد ميلاد سعيد لعمرو دياب.. للرجل الذي غيّر شكل الموسيقى، وعلّمنا أن الشغف لا يشيخ، وأن الأغنية الصادقة يمكن أن تكون حياةً كاملة في ثلاث دقائق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.