رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
تأسيس معاهد بحثية ومجموعات طلابية، وإصدار التقارير الدولية ضد (إسرائيل)
بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر لعامين كاملين، تعالت الأصوات الإسرائيلية المطالبة ببدء حملة فورية لما يسمي (بالمعركة على الوعي) من خلال الإسراع بتدشين حملات دعاية الهدف منها تحسين صورة (إسرائيل) التي أصابها الضرر البالغ نتيجة تلك الحرب.

المحامي (جادي عيزرا) المدير السابق لفريق الدعاية الوطنية الإسرائيلية، كان أحد هؤلاء الذين سارعوا بتوجيه الدعوة لبدء تلك الحملة الدعائية، من خلال تأكيده على أن الظروف الآن مواتية لبدء حملة للمعركة على الوعي، بعدما  تآكلت شرعيًة إسرائيل طوال أشهر الحرب.

المعركة على الوعى، بحسب رؤيته هى بمثابة (معركة الجبهة الثامنة)، إذ دعا لصياغة إستراتيجية وطنية واضحة الهدف منها من معالجة الضرر الذى لحق بصورة (إسرائيل)، كنتيجة مباشرة للحملات الدعائية الفلسطينية المضادة، خلال العامين الماضيين وعلى رأسها حملة (الإبادة الجماعية)، وحملة (الدولة الفلسطينية).

مع تأكيده في ذات السياق على (أن العامين الماضيين شهدا، ظهور العديد من التحركات القانونية والسياسية، بجانب مجموعة من مبادرات التوعية التي تغذيها، من الأمثلة غير الحصرية في هذا المجال قناة الجزيرة، وتأسيس معاهد بحثية ومجموعات طلابية، وإصدار التقارير الدولية ضد (إسرائيل).

والتحريض على إصدار أوامر اعتقال قادته في المحكمة الجنائية الدولية، وملاحقة جنوده في الخارج، وعزله في الفعاليات الثقافية والرياضية، وإطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتنظيم مظاهرات عالمية”.

مع زعمه (أن الهدف الفلسطيني من كل هذه الحملات واحد هو إنكار (حق إسرائيل في الوجود) كدولة ذات سيادة، وزاد على ذلك بقوله (اليوم بعد نهاية الحرب في غزة فإن كل هذه المؤشرات ستتفاقم..

مما يعني ضرورة أن تُحدد (معركة الوعي) أهداف (الهجوم)، أي تفصيل الإنجازات التي ترغب بها إسرائيل، بغض النظر عن تصرفات الطرف الآخر، وهذه أهداف مهمة له في أي ظرف وفي أي وقت، وعالم الوعي أداة أخرى لتحقيقها).

حديث (جادي عيزرا)، لم يقف عند ذاك الحد، بل أكد على إنه من الأمثلة الواقعية هنا توضيح قيمة (إسرائيل) في نظر التيارات العميقة في الولايات المتحدة، وتعزيز روابطها مع يهود الشتات، وتوطيد اتفاقيات السلام القائمة مع (مصر والأردن)، وصولًا للتأكيد على دورها الإقليمي الجديد، وقال (يمكن تنفيذ ذلك بطرق عديدة، حيث تُعدّ شبكات التواصل الاجتماعي إحداها، لكنها بالتأكيد ليست الوحيدة) على حد قوله.

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
الإعلام الإسرائيلي والأمريكي، لم يتوقف لحظة للحديث عن مشاريع وخطط الهدف منها إعادة بناء صورة (إسرائيل)

خطة استخدام المشاهير

اللافت أن الإعلام الإسرائيلي والأمريكي، طيلة الأيام الماضية لم يتوقف لحظة للحديث عن مشاريع وخطط الهدف منها إعادة بناء صورة (إسرائيل) الخارجية، لعل أخطرها ما نشرته مجلة (ريسبونسبل ستيتكرافت) الأمريكية، الداعمة لسياسات وتوجهات اليمين الصهيوني.

وكشفها عن مساعى إسرائيلية محمومة الهدف منها استقطاب دعم الكنائس الإنجيلية الأمريكية عبر استخدام المشاهير وترويج رسائل معادية للفلسطينيين، وذلك في إطار حملة جديدة تبلغ كلفتها 3.2 ملايين دولار.

وهنا يشار إلي أن الهدف الرئيسي من وراء تخصيص تلك الحملة، لجذب رواد الكنائس الإنجيلية، هو وجود توافق في الرؤى بين أتباع تلك الكنيسة و(إسرائيل)، في بعض المعتقدات الدينية، مثل الخلاص وعودة المخلص وما شابه من معتقدات.

كما أن تلك الكنيسة تمثل القاعدة الصلبة لتأييد ودعم (إسرائيل) والصهيونية في الولايات المتحدة، وهو ما يمكن البناء عليه مستقبلاً، والعمل على توسيع نطاقات الحملات الدعائية الإسرائيلية.

المجلة الأمريكية ذاتها، سلّطت الضوء على الحملة الإسرائيلية، مشيرة إلى أنها تسعى لاستقطاب الممثل المعروف (كريس برات)، ولاعب كرة السلة (ستيف كاري)، للمشاركة في دعايتها، مع حديثها عن وثائق مسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا- FARA).

كشفت عن أن شركة أمريكية حديثة التأسيس تُدعى (Show Faith by Works) تنفذ حملة دعائية رقمية بقيمة 3.2 ملايين دولار لصالح الحكومة الإسرائيلية، تستهدف الكنائس المسيحية في غرب الولايات المتحدة.

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
شركة (Show Faith by Works) تهدف إلى الوصول إلى نحو 3.8 ملايين من مرتادي الكنائس

صورة مصطنعة

تهدف الحملة بحسب (ريسبونسبل ستيتكرافت) إلى تعزيز الصورة الإيجابية لإسرائيل وربط الفلسطينيين بـ (العناصر المتطرفة)، بحسب نص التسجيل الرسمي، وستُنفّذ الشركة الحملة حتى ديسمبر، وتشمل أعمالها استهداف روّاد الكنائس بإعلاناتٍ مؤيدة لإسرائيل تُحيط بالكنائس الكبرى، والتعاقد مع متحدثين مشاهير.

فضلا عن تنظيم جولات ترويجية في الكنائس والجامعات من خلال مقطورة متنقلة تُعرف باسم (تجربة 10/7) في إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر، وذلك نيابةً عن حكومة (بنيامين نتنياهو).

إحدى بنود الخطة، تشير إلى قائمة من (المتحدثين المسيحيين المشاهير المحتملين)، من بينهم الممثل (كريس برات)، والممثل (جون فويت)، ولاعب كرة القدم الأمريكية السابق (تيم تيبو)، ونجم كرة السلة (ستيف كاري)، إلى جانب عدد من رعاة الكنائس الكبرى، ووفقا للوثيقة، سيُطلب من هؤلاء المشاهير “تقديم رسائل مؤيدة لإسرائيل” ضمن الحملة.

اللافت في هذا السياق، إنه وردا على سؤال عما إذا كان الممثل (جون فويت) قد تلقى عرضا للتحدث باسم إسرائيل، أوضحت (سيري غاربر)، وهي مديرة علاقات عامة تمثل الممثل، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أنها ليست على علم بأي عرض من هذا النوع.

وقالت (غاربر) في الرسالة: (ليس على حد علمي، لكن حان الوقت فعلا لأن يبدأوا في مواجهة آلة الدعاية الموالية للفلسطينيين.. ينبغي عليهم اختيار أشخاص يبدون جاذبية بالنسبة (لجيل زد) و(جيل ألفا)؛ لأن هناك تكمن مصادر التضليل)، وعندما سُئلت عمّا إذا كان (فويت) سينظر في مثل هذا العرض، أجابت: (لا فكرة لدي).

أما (تشاد شنِتغر)، الذي يقود العقد لصالح شركة  (Show Faith by Works)، فقال في رسالة إلى مجلة (ريسبونسبل ستيتكرافت) إن أيا من المشاهير المذكورين في العرض التقديمي لم يتم التواصل معهم حتى الآن.

وأضاف: (كان ذلك وثيقة تخطيط أولية تضم مجموعة من الخيارات التي نوقشت، لكن لم يُحسم أي منها بعد)، وأردف قائلا: (نحن فخورون جدا بما وصل إليه المشروع منذ جلسات التخطيط الأولى، ونتطلع إلى عرضه للعالم حالما تكتمل التفاصيل والمواد اللازمة).

كذلك وبحسب التفاصيل التي نقلتها المجلة الأمريكية، اقترحت شركة (شنِتغر) إنشاء عرض متنقل بعنوان (10/7) يجوب الكليات المسيحية والكنائس والفعاليات، لتسليط الضوء على ما وصفته بـ (فظائع هجوم السابع من أكتوبر 2023.

ويضم العرض شاشة تلفزيون عملاقة تمتد على طول الجدار تُعرض عليها مواد إعلامية مؤيدة لإسرائيل ومقاطع للجيش الإسرائيلي تشرح “صعوبة مواجهة الأشرار في مناطق معادية تضم مدنيين).

مع تأكيدها على أن شركة (Show Faith by Works) تهدف إلى الوصول إلى نحو 3.8 ملايين من مرتادي الكنائس، وتتوقع الشركة أن يوافق حوالي 5-10 بالمئة منهم على المشاركة في برامجها أو حضور فعالياتها أو توقيع بطاقات التعهد.

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
حملة تهدف إلى (مواجهة تدني تأييد المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين لدولة إسرائيل)

أكبر حملة رقمية

كجزء من هذه الحملة، ستطلق الشركة إعلانات مستهدفة مؤيدة لإسرائيل للمصلين فيما وصفته بأنها أكبر حملة رقمية مسيحية مستهدفة لتحديد المواقع الجغرافية على الإطلاق، وتعتمد هذه التقنية على التسويق المبني على الموقع، بحيث قد يرى المستخدمون الذين فعلوا خدمات الموقع على هواتفهم إعلانات لشركة معينة إذا كانوا بالقرب من متجرها، على سبيل المثال.

وتعهدت الشركة أنها ستقوم بـ (تحديد الحدود الفعلية لكل كنيسة رئيسية في كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وكولورادو وجميع الكليات المسيحية خلال أوقات العبادة)، وأنها ستواصل متابعة الحضور واستهدافهم بالإعلانات باسم إسرائيل.

ويأتي هذا ضمن حملة تهدف إلى (مواجهة تدني تأييد المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين لدولة إسرائيل) و(مواجهة الرسائل الجديدة والمتطورة المؤيدة للفلسطينيين مع تحول السرد العالمي، على حد زعم المجلة الأمريكية.

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
مجموعتين من الرسائل، واحدة معنونة بـ (مؤيدة لإسرائيل)، والأخرى بـ (ضد الدولة الفلسطينية).

مواجهة تراجع التأييد لإسرائيل

بحسب تقرير (ريسبونسبل ستيتكرافت)، أظهر استطلاع لمؤسسة (بيو)، في يوليو ، أن 72 بالمئة من الإنجيليين البيض البروتستانت لديهم موقف إيجابي من إسرائيل، مع تأكيدها على أن بعض الدراسات تشير إلى تراجع الدعم بين الإنجيليين الأصغر سنا.

بما في ذلك استطلاع لـ (مجموعة بارنا) عام 2021 -أي قبل عامين من هجوم حماس في 7 أكتوبر- أظهر أن دعم إسرائيل بين الإنجيليين من عمر 18 – 29  تراجع من 75 إلى 34 بالمئة.

كاشفة في هذا السياق على أن من يشرف على عمل الشركة هو (إِران شايوفيتش)، رئيس مكتب وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي يقود (المشروع 545)، وهي حملة لتعزيز جهود الاتصال الإستراتيجي والدبلوماسية العامة لإسرائيل.

وبحسب المجلة، يعد (شايوفيتش) نقطة الاتصال مع (براد بارسكال)، مدير حملة (ترامب) السابق، الذي يقود جهود نشر مواقع إلكترونية ومحتوى رقمي جديد لتدريب نموذج (ChatGPT) لصالح إسرائيل.

كما لفتت في هذا السياق إلي أن عقد قانون (فارا)  كشف أن الشركة ستنسق عملها أيضا مع قنصلية إسرائيلية، وبينما لم يُحدد العقد القنصلية الإسرائيلية التي تعمل معها، تُجري الشركة هذه الحملة في ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا وكولورادو، وهي جميعها ولايات تغطيها القنصلية الإسرائيلية في لوس أنجلوس.

وتتضمن نقاط الحديث الخاصة بالشركة مجموعتين من الرسائل، واحدة معنونة بـ (مؤيدة لإسرائيل)، والأخرى بـ (ضد الدولة الفلسطينية).

وتشمل النقاط المرقمة رسائل، مثل أن [أ] هداف الفلسطينيين والإيرانيين لا تنحصر بالأرض، بل إبادة جماعية (وكيف أن (الفلسطينيين ينتخبون قيادة حماس)، وعلّقت المجلة بقولها: إن (آخر انتخابات في قطاع غزة كانت عام 2006، ولم يُدلِ سوى جزء ضئيل من سكان غزة الحاليين بأصواتهم لحماس).

بعد عدوان (إسرائيل) على غزة.. (المعركة على الوعى) تبدأ من واشنطن!
مواجهة الدعاية الحالية المؤيدة للفلسطينيين من خلال فيديوهات ترد عليها

مواجهة الدعاية المؤيدة للفلسطينيين

كذلك قدمت الشركة في عرضها فكرة رعاية (رسائل مؤيدة لإسرائيل عبر مؤثّرين مسيحيين على وسائل التواصل الاجتماعي يتابعهم الشباب المسيحيون)، وكجزء من هذا العمل، تعِد الشركة بـ (مواجهة الدعاية الحالية المؤيدة للفلسطينيين من خلال فيديوهات ترد عليها).

الأكثر من ذلك هو حديث المجلة عن إنه وفقا لخبراء في شؤون جماعات الضغط الأجنبية، فإن رعاية هؤلاء المؤثرين مباشرة قد تتطلب منهم التسجيل تحت قانون (فارا)، والإشارة إلى أن الدعم المقدم لهم يأتي من إسرائيل في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أظهر مخطط تنظيمي مقترح أن هؤلاء المؤثرين سيكونون أيضا تحت إشراف “منسق متخصص لإدارة مؤثري هوليوود.

وقالت المجلة: (يشبه هذا الجانب من عمل شركة (Show Faith) ما تقوم به شركة (Bridges Partners)، التي تعاقدت معها إسرائيل أخيرا للتنسيق مع مجموعة من 14 إلى 18 مؤثرا على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى باسم إسرائيل مقابل نحو 7 آلاف دولار لكل منشور.

وأضافت: “تعمل هاتان الشركتان والعديد من الشركات الأخرى لصالح وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتقوم بتوجيه أعمالها عبر شبكة (Havas Media)، وهي شركة إعلامية دولية تعمل لصالح إسرائيل.

ونقلت عن (شنِتغر) الذي يتقاضى 150 ألف دولار أمريكي مقابل عقد مدته ستة أشهر: قوله (إن الشركة أجرت بعض التغييرات منذ إعداد العرض التقديمي الأولي لوزارة الخارجية الإسرائيلية).

وأضاف: (نعتقد أنه من المهم جدا توعية الكنيسة المسيحية بهذه القضايا. كل ما نقوم به يخضع لتدقيق حثيث من فرق من القساوسة المسيحيين.. نتطلع بشوق لعرضه عليكم خلال بضعة أشهر”، وعند سؤاله عن طبيعة التغييرات التي أُجريت، لم يردّ (شنِتغر).

التفاصيل كثيرة.. والمخططات والمشاريع والحملات المزمع أن تقوم بها إسرائيل أكثرـ والأيام والشهور القادمة تحمل في طياتها المزيد من التحولات الخطيرة على المشهد الإقليمى والعالمي، ومن المؤكد أن مصر لن تكون بعيدة عن دائرة الإستهداف الدعائي الإسرائيلي.. وللحديث بقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.