كتب: أحمد السماحي
في قلب (بلاتوهات) التصوير، ولدت قصة حب (أحمد زكي) و(هالة فؤاد)، كواحدة من أشهر العلاقات التي امتزج فيها الفن بالحقيقة، ولامست فيها الرومانسية الواقعية وجدان الجماهير.
لم تكن مشاهد سباعية (الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين)، أو المشاهد التى تمت بين (رأفت الجوهري / أحمد زكي) و(مها / هالة فؤاد) مجرد مشاهد عاطفية، بل كانت شرارة امتدت خارج الكاميرا لتصنع قصة عاطفية اختلط فيها النجاح بالحزن، والتفاهم بالخذلان.
كان حب (أحمد زكي) لـ (هالة فؤاد)، حب عاقل فنده القلب قبل أن يخفق به، ورجحه العقل قبل أن يصرح به، بعد أن إجتمع الأثنان لأول مرة في بلاتوهات التليفزيون عام 1980.
الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين
حيث وقع الإختيار على (هالة فؤاد) لتكون بطلة السباعية التليفزيونية (الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين) قصة نجيب محفوظ، وسيناريو وحوار أسامة أنور عكاشة، وإخراج ناجي أنجلو.
وكانت هذه السباعية أول بطولة تليفزيونية لـ (هالة) بعد أن أثبتت نجاحها سينمائيا في أكثر من فيلم مثل (البنت اللي قالت لا) إخراج والدها المخرج أحمد فؤاد، وبطولة سهير رمزي، و(عاصفة من الدموع) إخراج عاطف سالم، وبطولة فريد شوقي.
وكانت السباعية هي التجربة السادسة أو السابعة لنجم المستقبل (أحمد زكي) الذي قدم مجموعة من الأعمال التليفزيونية المهمة مثل (طيور بلا أجنحة)، (أيام من الماضي)، (أنهار الملح)، (اللسان المر)، (الغضب)، (بستان الشوك) ورائعته (الأيام).
وقصة سباعية (الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين) غريبة نوعا ما، فالبطل (رأفت الجوهري/ أحمد زكي) ضمن أحداثها شاب كان متزوجا من عروس جميلة، ثم أصيب في حادث أفقده ذاكرته.
وشاءت الأحداث أن يقيم لفترة في فندق يملكه (توفيق أو شكري سرحان)، فإذا به ينجذب إلى ابنته الوحيدة (مها / هالة فؤاد)، أحب (رأفت) من جديد (مها) التى كانت من قبل زوجته! وتدور باقي الأحداث.
ولادة الحب بين أحمد وهالة
في مثل هذا الجو الغامض دارت أحداث السباعية، وبالتوازي لهذا الجو، دارت قصة حب رومانسية رقيقة، مليئة بالصفاء والطهارة، والبراءة، حب ولد عملاقا.
فأقوى أنواع الحب ما يولد على يد قابلة إسمها الأعجاب والأحترام المتبادل، وهذا ما حدث بالنسبة للبطلين، فهالة أعجبها في (طه حسين الدراما) إلتزامه بالمواعيد، وحرصه على حفظ دوره، وتفانيه في تجسيد الشخصية المركبة التى يلعبها.
وأحمد زكي أعجبه في الشابة الرقيقة كالنسمة أدبها الجم، وحسن معاملتها للزملاء والزميلات، وإحساسها المرهف، ثم تلك البراءة في عينيها براءة الأطفال كما يقول شاعرنا السوري الكبير (نزار قباني).
وشعر كل من البطلين بأن أحدهما قد وجد نصفه الآخر، نصفه المكمل له تماما، وفي أحد الأيام وبعد انتهاء آخر مشاهدهما في (السباعية)، عزمها أحمد زكي في أحد الأماكن الهادئة في حي الزمالك، ويومها دارت بينهما هذا الحوار..
قالت هالة فؤاد لحبيبها (أحمد زكي): لا أحتمل عاطفتك تغرقني!.
أحمد زكي: إذا سبحنا معا، فلن نغرق
هى : أحمد لا أحتمل، كلماتك تذيبني
هو : إذا تكلمنا بنبض واحد ذبنا معا
هي: لا أحتمل كلماتك وأنفاسك تلهبني
هو : أعطني أنفاسك، أريد أن ألتهب
هي: لا أحتمل، همسك يحتويني
هو : حماية من صقيع الحياة
هي: أخشني أن يأخذك مني عشق لفنك وتهرب!
هو : إذا هربت بجسدي سيبقى قلبي بين حناياك
هي: لا أحتمل قلبك أقوى من ضلوعي
هو : ضلوعك تحمي قلبي
هي: لا أتصور كل هذا حقيقة، لن أقبل السيطرة ولا القيود
هو : الحب سيجعلك تقبلين!
هي: لن أقبل خنقا لحريتي
هو : عاطفتك وأمومتك ستقبل
هي: لن أقبل أن تستعبدني عادة الحب
هو : الحب أجمل ما في الحياة
زفاف أحمد زكي هالة فؤاد
في ذروة حبهما اتفقا أن يرتبطا بذلك الرباط المقدس، على أن تعتزل العروس العمل بصورة شبه نهائية، إلا إذا كان هناك عمل يجمع بينها وبين زوجها.
وتم الزفاف الذي حضره كثير من العاملين في الوسط الفني، وزملاء وزميلات (أحمد زكي)، و(هالة).
وبعد أسابيع قليلة وضع الأب المخرج (أحمد فؤاد) برنامجا جديدا على أساس أن تعمل ابنته فقط مع زوجها النمر الأسود، وخاصة بعد أن كون معه شركة إنتاج.
هالة وأحمد وبيت القاصرات
بدأ (أحمد فؤاد) يستعد لإنتاج وإخراج قصة بعنوان (بيت القاصرات) تأليف أحمد عبدالوهاب، والقصة تقدم معالجة عميقة لمشكلات اجتماعية حقيقية تمس فئة الشباب في المجتمع.
حيث تسلط الضوء على قصة (نعيمة)، الفتاة البسيطة والفقيرة، التي تدخل الإصلاحية مظلومة، وتحاول إثبات براءتها لكنها تفشل، فتخرج من السجن مجرمة.
تناقش القصة قضية حساسة ومهمة وهي الروتين والإجراءات الإدارية المتبعة في النظام القضائي والتربوي، والتي غالبًا ما تتحول إلى أسباب رئيسية في خلق المجرمين وأرباب السوابق.
وقرر (أحمد فؤاد) أن يقوم ببطولة الفيلم (أحمد زكي)، و(هالة فؤاد)، ولكن (هالة) أعتذرت عن الدور، وجاء إعتذارها لعدة أسباب الأول أن شقة الزوجية في مدينة المهندسين لم تجهز بصفة نهائية.
مما جعل الزوجان يضطران للأقامة لفترة في الفنادق، وكان السبب الثاني أهم من الأول وهو أن (هالة فؤاد) أكتشفت بعد أن قرأت السيناريو وقبل أن يصبح جاهزا للتصوير بطرقات الأمومة الخافتة الحلوة على بابها.
فأعتذرت عن الدور، وعندما قرأ (أحمد زكي) دوره أكتشف أن البطولة في الفيلم للبطلة وليست للبطل، فأعتذر هو الآخر عن الدور، ولعب بطولة الفيلم (سماح أنور) و(محمود عبدالعزيز).
ونفس الأسباب كانت وراء أعتذار (هالة) عن فيلم (الأحتياط واجب)، وقامت بالدور النجمة مديحة كامل مع أحمد زكي.
الخلافات تدق باب أحمد وهالة
بسبب الحمل والولادة ابتعدت (هالة فؤاد) عن الأضواء فترة تزيد على العام، وعندما حاولت أن تعود منعها (أحمد زكي) بحجة أن ابنهما المولولاد الجديد (هيثم) يحتاجها أكثر من الفن، فأنصاعت لأوامره، خاصة بعد أن رأت السعادة في عيونه وهو يحتضن مولودهما (هيثم).
ومرت الأيام، والشهور، وعندما بدأ (هيثم) يتحرك، ويسير على قدميه، بدأت (هالة) تشعر بحنين قوي إلى الفن، وهو أشبه بحنين من طال به الظمأ إلى كوب ماء معدني مثلج.
وهالة لا تريدها عودة كاملة وإنما عودة محدودة بحيث لا تمثل أكثر من فيلمين أو ثلاثة في السنة فتحتفظ برصيدها الجماهيري، وأيضا بوقدة الفن في داخلها مشتعلة.
أما وجهة نظر (النمر الأسود) فتتركز على أن (هالة) لابد أن تتفرغ لحياتها كزوجة وربة بيت وكأم، ويكفي الأسرة الصغيرة اشتغال فرد واحد وهو رب الأسرة بالفن.
وعرفت الخلافات طريقها إلى البيت الصغير الذي كان يشع حب ودفء، وغضبت (هالة) وتركت البيت، وذهب إليها (أحمد زكي)، وصالحها، وأمام والدها ووالدتها عارض أحمد اتجاه زوجته للفن بوعي، وبنوع من التفهم.
وقال إذا أرادت (هالة) العودة للفن فلن أضغط عليها لأمنعها، وابتسم في هدوء، وقال: أما إذا إستقر الرأي على الأعتزال فسوف أكون سعيدا للغاية.
صفعة كتبت كلمة النهاية
عادت (هالة) للبيت، على أن تعود للفن، ومرت أيام، وأسابيع، ولم يعرض عليها (شغل)، وهنا تدخل الأب المخرج (أحمد فؤاد)، وعرض عليها بطولة فيلم (الحدق يفهم).
وجن جنون (أحمد زكي) عندما علم أن دورها في الفيلم سيكون (غازية) ترقص في الموالد، وحاولت أن تقنعه بلعب دور (الشيخ عاشور) لكنه رفض، وعندما وجد إصرارا منها على لعب الدور، صفعها على وجهها، وخرج من البيت.
وكانت هذه الصفعة سببا في إنهاء العلاقة الزوجية بين النمر الأسود، واليمامة الرقيقة.