رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
سلسلة من العمليات الإرهابية التي طالت ضباط الجيش والشرطة

بقلم الدكتور: إبراهيم أبوذكري

بعد أحداث 30 يونيو 2013 وما تبعها من عزل الرئيس محمد مرسي، دخلت مصر في مرحلة اتسمت بتصاعد الأعمال الإرهابية التي استهدفت الدولة ومؤسساتها، فقد لجأت بعض الجماعات المتطرفة إلى استخدام العنف كسلاح لمواجهة التغيير السياسي، في ظل تراجع (الإعلام).

فشهدت البلاد سلسلة من العمليات الإرهابية التي طالت ضباط الجيش والشرطة، وبعض الرموز العامة، بل ووصلت إلى استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية مثل الكنائس ومراكز الأمن.

هذه الفترة وُصفت بأنها مرحلة (عاش فيها الإرهاب)، حيث حاولت التنظيمات المسلحة أن تبث الرعب وتُفقد المواطنين الثقة في استقرار الدولة، في محاولة لإفشال المسار الجديد الذي اختاره الشعب.

ورغم قسوة تلك المرحلة وسقوط العديد من الشهداء، فإنها كشفت أيضًا عن صلابة المجتمع المصري، الذي توحد خلف قواته المسلحة والشرطة لمواجهة هذا الخطر. وبمرور الوقت، تمكنت الدولة من تقليص نفوذ الجماعات الإرهابية عبر حملات أمنية وعسكرية واسعة، لتصبح مواجهة الإرهاب جزءًا رئيسيًا من معركة الحفاظ على استقرار مصر ووحدتها بينما تراجع دور (الإعلام).

هذه المشاهد المتكررة من الدماء والانفجارات تركت أثرًا سلبيًا على سمعة مصر في العالم العربي، إذ رآها البعض بلدًا يعيش حالة من عدم الاستقرار، وأصبحت السياحة والاستثمار في وضع حرج نتيجة الأخبار المتدفقة عن أعمال العنف.

في المقابل، حرص (الإعلام) الرسمي والخاص في مصر على إبراز بطولات الجيش والشرطة، وتقديم خطاب يؤكد أن الدولة قادرة على تجاوز الأزمة، مما خلق صورة مزدوجة في الإعلام العربي: صورة بلد يواجه حربًا مع الإرهاب ببطولة وتضحيات، وصورة أخرى يصفها البعض بأنها ساحة صراع داخلي غير محسوم.

هذه المرحلة أظهرت كيف أن (الإعلام) يمكن أن يصنع انطباعات متناقضة عن بلد واحد تبعًا للزاوية التي تُعرض منها الأخبار.

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
تصاعد الأحداث بعد ثورة 30 يونيو، توقفت السياحة بشكل شبه كامل في مصر

بعد ثورة 30 يونيو

في عام 2013، ومع تصاعد الأحداث بعد ثورة 30 يونيو، توقفت السياحة بشكل شبه كامل في مصر، بعدما كانت تمثل أحد أهم مصادر الدخل القومي.. فقد امتلأت الشاشات العربية والدولية بصور العنف وأخبار العمليات الإرهابية.

مما أعطى انطباعًا سلبيًا عن الأوضاع الداخلية، ورسّخ صورة من (السواد) وعدم الاستقرار. هذا التدهور الأمني لم يقتصر أثره على حركة السياحة فقط، بل انعكس أيضًا على الاستثمارات الأجنبية، وحركة الاقتصاد المحلي، وزاد من حالة القلق بين المواطنين.

كما تعرضت سمعة مصر في الخارج لهزة قوية، حيث ربط (الإعلام) الدولي بين الأحداث الداخلية وفقدان الأمن والأمان، وهو ما استغرق سنوات من العمل المكثف لإعادة ترميم صورة الدولة المصرية واستعادة ثقة العالم فيها.

في تلك الفترة، فعلاً، المشهد الإعلامي كان مظلمًا:

  • القنوات العربية والعالمية ركزت على صور العنف، التفجيرات، حصار المباني الحيوية، المظاهرات، وظهور الميليشيات.
  • الخطاب الإعلامي الخارجي كوَّن صورة سلبية عن مصر باعتبارها (بؤرة توتر وإرهاب).
  • حتى القنوات المصرية الرسمية بدت عاجزة أحيانًا عن تقديم رواية مضادة أو صور بديلة تُظهر أن الحياة مازالت مستمرة في أغلب مناطق مصر.

وبالتالي، سمعة مصر كوجهة سياحية تلقت ضربة قاسية. السياحة التي كانت تُعد من أكبر مصادر الدخل القومي، تراجعت بشكل مخيف، لأن السائح الأجنبي لا يقرأ تفاصيل السياسة، بل يلتقط صورة عامة: هل البلد آمن أم لا؟

وهنا كان التحدي:

  • كيف تُعيد مصر بناء صورتها الذهنية عالميًا؟
  • كيف تُقنع السائح أن الإرهاب ليس هو المشهد العام، وإنما مجرد أحداث استثنائية يتم تجاوزها؟

كان هذا السؤال يورقني.. كان وسؤال آخر اكثر أهمية وهو الذي يطرح نفسه: هل يشعر العالم العربي بما نشعر به نحن هنا في مصر؟ هل يدركون أن ما يُبث على الشاشات ليس سوى نصف الحقيقة، وأن مصر ليست ساحة رعب بقدر ما هي وطن يتعرض لمحنة عابرة؟

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
كنت أستشعر نبض كوادر الاتحاد العام للمنتجين العرب على المستوى المدني والإعلامي

الاتحاد العام للمنتجين العرب

من هنا جاءت الفكرة.. كنت أستشعر نبض كوادر الاتحاد العام للمنتجين العرب على المستوى المدني والإعلامي في العالم العربي، فوجدت ردود فعل صادقة ومشرّفة في حب مصر.. ذلك الحب لم يكن مجرد عاطفة عابرة، بل كان طاقة حقيقية يمكن أن تتحول إلى فعل. وهنا انبثقت المبادرة:

مبادرة حملت رسالة وجدانية بالغة البساطة والعمق: أن مصر ليست وحدها.. العرب معها. ومعركتها ليست مع الإرهاب فقط، بل مع الصورة الذهنية التي تشوّهها في الخارج.

وتحوّلت الفكرة إلى مشروع إعلامي من خلال الشعبة العامة للبث الفضائي التابعة للاتحاد العام للمنتجين العرب. آلية التنفيذ كانت واضحة وفعّالة:

  • بث أفلام ترويجية قصيرة (مدة كل منها خمس دقائق).
  • خمس أفلام يوميًا، تُعرض على شبكة أعضاء الشعبة.
  • أكثر من خمسين قناة فضائية عربية انخرطت في البث، لتتحول الرسالة إلى حملة وجدانية جماعية.

هذه الأفلام لم تكن إعلانات جامدة، بل رسائل حب وطمأنينة، تعيد إحياء صورة مصر الجميلة في الوجدان العربي: مصر الحضارة، مصر الأمان، مصر التي تحتضن الجميع.

وعلي الفور اتصلت بوزارة السياحة فأرسلت لي كل ما تمتلكه من افلام سياحية كانت أنتجتها وكانت بالتحديد خمسة افلام عامه عن المناطق السياحية بمصر وكان هذا العدد لا يكفي تغطية هذه المبادرة لهذا العدد من القنوات ولا عدد ايام المبادرة.

من هذا المنطلق، برزت أهمية الأفلام الترويجية والوثائقية التي أنتجها القطاع الاقتصادي بماسبيرو. هذه الأفلام لم تكن مجرد مواد بصرية عابرة، بل جاءت محمّلة برسائل واضحة: إبراز عظمة الرموز التاريخية، والتنوع الجغرافي، والوجه الإنساني لمصر.

فهي توثّق الأهرامات وأبو الهول، وتكشف عن سحر النيل، وتُبرز حياة المدن الحديثة، إضافة إلى المشاهد الإنسانية التي تترك انطباعًا إيجابيًا عند المشاهد الأجنبي.

لكن امتلاك الأفلام وحده لم يكن كافيًا.. كان التحدي الحقيقي في كيفية نشرها ووصولها إلى أكبر عدد من القنوات العالمية التي تستهوي السائح المرتقب.. وهنا جاء دور هيئة تنشيط السياحة، التي وضعت في خططها رصد ميزانيات مخصصة لشراء مساحات بث في القنوات الدولية، أو لعقد شراكات دعائية مع مؤسسات (الإعلام) كبرى.

الهدف كان واضحًا: أن يرى السائح مصر بالصورة التي تطمئنه على أمنه وسلامته، وتُغريه بزيارة بلد يجمع بين التاريخ والحياة المعاصرة.

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
درية شرف الدين

درية شرف الدين

في تلك المرحلة، لم يكن الترويج مجرد إعلانات صامتة، بل تحول إلى رسالة سياسية واقتصادية: مصر حاضرة، آمنة، مفتوحة للجميع. فالصورة التي تبثها الأفلام على شاشات العالم كانت توازي في تأثيرها عشرات المؤتمرات واللقاءات الرسمية.

ولذلك، يمكن القول إن ما تمتلكه مصر من رصيد بصري في مكتبات ماسبيرو يُعد ثروة قومية مهملة أحيانًا، لكنها حين تُستخدم بالشكل الصحيح – وبتنسيق بين ماسبيرو وهيئة تنشيط السياحة – تتحول إلى جواز سفر ذهبي يفتح أبواب العالم أمام السياحة المصرية.

ولهذا السبب تحديدًا لجأت إلى الأفلام الترويجية، لإظهار الوجه الآخر لمصر: الجمال، التاريخ، والإنسان. كانت محاولة لإحداث توازن في الصورة التي غطت عليها عدسات القنوات الأجنبية.

كانت البداية برسالة.. رسالة توجهت بها إلى الوزيرة د. درية شرف الدين، تلك السيدة التي لم يكن حبها لمصر يومًا سرًا، بل كان هوية تعكسها كلماتها ومواقفها وملامحها أمام الجميع. ما عرفته عنها – وما يعرفه كل من عاشرها أو تابع خطاها – أنها ابنة صادقة لماسبيرو، لا تفصل بين الوطن والمهنة، ولا ترى الإعلام مجرد مهنة، بل رسالة انتماء.

ولم أشك لحظة، وما زلت حتى كتابة هذه السطور، أن أحدًا ممن تربوا في ماسبيرو يمكن أن يكون عديم الانتماء لمصر. فهؤلاء الذين صاغوا الوعي الجمعي عبر عقود، ونقلوا صوت مصر وصورتها إلى العالم، إنما تشربوا الوطنية من الميكروفون والكاميرا، كما يتشرب الطفل حليب أمه.

من هنا بدأت الحكاية.. من يقين راسخ أن الوفاء لمصر يجري في عروق إعلامييها، وأن الظلام، مهما اشتد، لا يمكن أن يحجب نور الانتماء.

معالي الدكتورة / درية شرف الدين

وزيرة الإعلام – جمهورية مصر العربية

الموضوع: إطلاق مبادرة بث فضائي عربي مشترك (أحنا العرب، كلنا بنحب مصر)      

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
أفلام تسجيلية عن تاريخ مصر النضالي والفني والانساني والقومي تحت عنوان (احنا كلنا بنحب مصر)

احنا كلنا بنحب مصر

يطلق اتحاد المنتجين العرب مبادرة إعلامية من خلال الأمانة العامة للبث العربي المشترك في القنوات الفضائية أعضاء الأمانة التابعة لاتحاد المنتجين العرب للترويج السياحي والاعلامي لجمهورية مصر العربية من خلال أفلام تسجيلية عن تاريخ مصر النضالي والفني والانساني والقومي تحت عنوان (احنا كلنا بنحب مصر).

ضمن حملة برامجية علي القنوات العربية الصديقة أعضاء اتحاد المنتجين العرب للتعريف بعظمة مصر للأجيال الجديدة ونحتاج الي نسخة واحدة من كل فيلم تسجيلي  

وسيقوم الاتحاد بنشرة وبثه بكل وسائل النشر. نأمل منكم المساهمة في إصدار نسخة من الأفلام المتاحة لكم من العناوين التالية أو أخرى ترون أنها سكن، أن تضيف إلى المتلقي شيئًا جميلاً عن مصرنا الحبيبة.

المتحف المصري

المتحف القبطي

متحف الفن الإسلامي

متحف محمود خليل وحرمه

متحف الفنان محمود مختار

متحف الشمع

متحف الخزف الإسلامي

متحف السكك الحديدية الحيدية

المتحف الحربي

متحف البريد

متحف الفن المصري الحديث

المتحف الزراعي

متحف أحمد شوقي أمير الشعراء

متحف كوكب الشرق أم كلثوم

متحف طه حسين / رامتان

قلعة صلاح الدين الأيوبي

أفلام دعائية عن الشرطة المصرية

أفلام دعائية وتسجيلية عن الجيش المصري

أفلام دعائية وتسجيلية عن الأعلام المصري

أفلام دعائية وتسجيلية عن مدينة الإنتاج الإعلامي

أفلام دعائية وتسجيلية عن الأقمار المصرية والنايل سات

أفلام دعائية وتسجيلية عن القرية الذكية

الأفلام دعائية وتسجيلية عن الشخصيات المصرية

أفلام دعائية وتسجيلية عن الجامعة العربية   

أفلام دعائية وتسجيلية عن الوزارات التي لها تاريخ نضالي كوزارة الخارجية

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
لابد من تنشيط (هيئة تنشيط السياحة) ووزارة الثقافة وهيئة الاستعلامات

هيئة تنشيط السياحة

علمًا بأنه قد تمت مخاطبة العديد من الجهات الرسمية والخدمية بجمهورية مصر العربية لتغذية هذا الحملة بأفلام تسجيلية وروائية قصيرة منها وزارة السياحة (هيئة تنشيط السياحة) ووزارة الثقافة وهيئة الاستعلامات.

نشكركم ونتمنى لمصرنا الحبيبة التقدم والازدهار.

وتفضلوا بقبول وافر التحية والتقدير.

رئيس الاتحاد

د. إبراهيم أبو ذكري

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
أبو ذكري في الجامعة العربية

الخطاب الصادم

وجاء الرد: حين وقعت عيناي على السطور الأولى من الخطاب، أحسست بوقع الصدمة. لم يكن ردًا بالقبول الصريح، ولا كان رفضًا قاطعًا.. بل جاء على نحوٍ مختلف، يفتح بابًا لم أكن قد وضعته في حساباتي من قبل.

فالمبادرة التي حلمت بها لم تكن مجرد فكرة عابرة؛ كنت أراها فرصة ذهبية تُعوّض ما خسرته مصر من صورتها في الإعلام العربي. ولو أننا قسنا الأمر بلغة الأرقام وحدها، لوجدنا أن تأجير عدد الساعات التي منحتها الشاشات العربية في حب مصر كان يمكن أن يُقدّر بمليارات الدولارات.

لكن الرد حمل بين سطوره ما هو أثمن من كل الأرقام: رؤية جديدة، وتصور مختلف لكيفية تحويل الفكرة إلى واقع.

وهنا، أترك القارئ مع نص الخطاب كما ورد:

إتحاد الإذاعة والتليفزيون قطاع الشئون المالية والاقتصادية

الاستاذ الدكتور / إبراهيم أبو ذكرى

رئيس اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون

تحية طيبة .. وبعد

بالإشارة لكتاب سيادتكم للسيدة الاستاذة معالى/ وزير الاعلام بشأن طلب توفير نسخه من بعض الافلام التسجيلية عن مصر للاستعانة بها في مبادرة بث فضائي مشترك تحت عنوان (احنا العرب – كلنا بنحب مصر)، وبثها بكل وسائل النشر.

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
الافلام التسجيلية المطلوبة تخضع للنشاط التسويقي

الافلام التسجيلية المطلوبة

نود الإفادة أن الافلام التسجيلية المطلوبة تخضع للنشاط التسويقي والقطاع على استعداد لإمدادكم بالأفلام التسجيلية المتوفرة على أساس تجاري.

وفقاً لأسعار لائحة الاتحاد التالية:-

– سعر الفيلم الواحد للبث الفضائي على قناه واحده لمده ثلاث سنوات 300 دولار للفيلم

– سعر الفيلم الواحد للتوزيع على اسطوانات DVD في جميع دول العالم 150:250 دولار للفيلم ماعدا مصر لمدة ثلاث سنوات حسب مدة الفيلم]

سعر الفيلم الواحد للتوزيع على اسطوانات DVD داخل مصر 750:1500 جنيه مصري لمدة ثلاث سنوات [حسب مدة الفيلم].

– سعر الفيلم الواحد للبث عبر شبكه الانترنت [على موقع واحد) 200 دولار للفيلم هذا ونود الإفادة انه وفقا لما هو متبع يتم سداد قيمة حقوق التوزيع مقدماً) نقدا أو بشيك مقبول الدفع)

لذا يرجى افادتنا في حالة موافقتكم حتى يتسنى لنا اتخاذ خطوات ايجابية في هذا الشأن بحضور من يمثلكم بموجب تفويض رسمي.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،

رئيس القطاع الاقتصادي

تقديري واحترامي (محمد عبد الله)

حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام (21).. تراجع (الإعلام) الدولي
درية شرف الدين

ما بعد الخطاب:

وهنا، لم يكن أمامي سوى أن أُفضي بما في صدري إلى الصديق محمد عبد الله رئيس القطاع الاقتصادي الذي وقع علي الخطاب. حملت إليه مشاعري المتأججة تجاه ذلك الخطاب الذي جاءني منه ردا على خطابي للوزيرة، خطاب يطلب فيه مبالغ مالية لصالح التليفزيون المصري، في حين أن المبادرة نفسها كانت وطنية خالصة، ومن صميم عمل الإعلام القومي، وضرورية للغاية في هذا التوقيت الحرج.

كنت أرى أن المبادرة لم تكن مشروعًا شخصيًا ولا استثمارًا تجاريًا، بل كانت صرخة حب ووفاء لمصر في زمن ظلامها. ومع ذلك، قوبلت بالمعادلة المالية الباردة.

لكن ما صدمني أكثر لم يكن مضمون الخطاب، بل كان رد محمد عبد الله.. فقد شرح لي بوضوح مرير حال الإدارة المرتبكة في تلك الفترة، كيف أن القرارات كانت مهزوزة، والوجوه التي تقود المشهد مثقلة بالخوف.. قال لي بمرارة:  (احنا مش ماشين جنب الحيطة.. احنا ماشين جوه الحيطة).

جملة قصيرة لكنها حملت وجع المرحلة كلها وأضاف موضحا لي بقوله: ان في السجون رؤساء جمهوريات، ووزراء، ومدراء، ومسؤولون من مختلف المستويات.. ونحن لسنا لدينا استعداد ان نضع أنفسنا بين المطرقة والسندان،

عزّ عليّ أن أرى قاهرة المعز ومصر المحروسة تصل إلى هذه الحال، بلد التاريخ والحضارة تبدو عاجزة أمام نفسها، وبدل أن تحتضن المبادرات الوطنية، تُحاصرها بالبيروقراطية والخوف وبعد ان كنت غاضبا عليه وعلى الوزيرة اشفقت عليهما فقد كان مناخ الخوف يشلّ الأيدي والعقول معًا لعنة الله علي هذه الفترة الزمنية التي اوصلتنا الي هذا الرعب من كراسي المسؤولية.

* رئيس اتحاد المنتجين العرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.