إعداد: أحمد السماحي
تعتبر مسرحية (ريا وسكينة) تأليف الكاتب والشاعر المبدع بهجت قمر، وإخراج (حسين كمال)، وبطولة (شادية، وعبدالمنعم مدبولي، وسهير البابلي، وأحمد بدير) واحدة من روائع المسرح الكوميدي الإستعراضي.
ورغم مرور حوالي 45 سنة على تقديم (ريا وسكينة) لأول مرة، إلا أن المسرحية مازالت حاضرة في وجدان وأذهان أجيال مختلفة، نظرا لإبداع كل من شارك فيها.
وتحمل كواليس هذه المسرحية العديد من المفارقات التى لا يتوقعها أحد، ونكشف عن بعضها هذا الأسبوع من خلال باب (صحافة زمان).
عيد ميلاد النجمة الفاتنة
جاءت فكرة ولادة مسرحية (ريا وسكينة) كما كشف منتجها (سمير خفاجي) في أحد حوارته من خلال عيد ميلاد الفنانة الكبيرة، والنجمة الفاتنة (شويكار)، وبالمصادفة كانت الفنانة (سهير البابلي) مدعوة لعيد الميلاد.
وبعد إنصراف عدد كبير من المدعوين بعد إنتهاء عيد الميلاد، جلست (شويكار، وسهير البابلي، وسمير خفاجي) يتذكرون أمجادهم المسرحية، ويستعيدون منولوجات وحوارات من بعض الأعمال، سواء لهم أو لزملائهم الفنانيين.
وفي نهاية سهرة الذكريات طلبت الفنانة (شويكار) من صديقها (سمير خفاجي) أن ينتج لها مسرحية تجمعها مع (سهير البابلي) لتكون (خبطة الموسم).
فضحك (سمير خفاجي) نظرا لإرتفاع أجرهما في هذا الوقت، وصعوبة العثور على نص يجمعهما!، وقال لهما ساخراً: (أعملكوا إيه؟.. ريا، وسكينة؟!).
سخرية تحولت إلى أيقونة مسرحية
في اليوم التالي كان (سمير خفاجي) يجلس مع صديقه الكاتب والشاعر المبدع (بهجت قمر) وحكى له ما دار في سهرة عيد ميلاد (شويكار)، فقال له (قمر) : وأنت رديت على (شويكار) قلت لها أيه؟ فقال له : قلت لها :اعملكم ايه (ريا وسكينة)!
وسرح (بهجت قمر) ثواني، وأيقن أن هذا الأمر قابل للتطبيق بالفعل، وبعد دقائق صرخ بعلو صوته وقال على طريقة (أرخميدس) عندما اكتشف قانون الطفو، (وجدتها، وجدتها)!
فقال له سمير خفاجي: (وجدت إيه؟)، فقال له : (الفكرة التى ستجمع شويكار، وسهير البابلي)، فقال له: ماهي؟! فقال له: فكرتك! مسرحية (ريا وسكينة)!، فأندهش سمير خفاجي!
وواصل (بهجت قمر) كلامه قائلا : بس بشكل غنائي إستعراضي، ويخرجها حبيبنا (حسين كمال) اللي سبق وتعاونت معاه في مسرحية (بمبة كشر) للنجمة السينمائية نادية لطفى.
وأعجب المنتج (سمير خفاجي) بالفكرة، واتصل على الفور تليفونيا، بكلا من (شويكار، وسهير البابلي) وقال لهما الفكرة، فنالت إعجابهما، وموافقتهما.
حسين كمال يقنع شادية
فطلب (سمير خفاجي) من (بهجت قمر) أن يكتب معالجة للمسرحية من أجل (شويكار، والبابلي)، لكن بعد الانتهاء من الفصل الأول، فاجأته (سهير البابلي) باعتذارها عن المشاركة بسبب سفرها إلى العراق لتصوير مسلسل هناك.
وبعد جلسات عمل بين (سمير خفاجي، وبهجت قمر، وحسين كمال)، أقترح (حسين كمال) إسم الفنانة (شادية) بديلا عن (سهير البابلي)، فأندهش (خفاجي) لكنه وافق، وترك مهمة إقناع (شادية) على (حسين كمال).
وبدأ (حسين كمال) يتواصل مع (شادية) ليقنعها بالوقوف على خشبة المسرح كممثلة ومطربة لأول مرة.
وقال لها ـ كما ذكر لي (حسين كمال) في أحد الحوارات التى أجريتها معه ـ: (الوقوف على خشبة المسرح ليس جديدا عليك، يا شوشو لأنك بحكم عملك كمطربة تقفين بصفة منتظمة على خشبته).
وطلب منها التفكير قبل اتخاذ قرارها، وبعد تردد، وافقت (شادية) وهو الأمر الذي فاجأ الجميع بمن فيهم (شادية) نفسها، ووقعت على العقد.
حينما تواصل (خفاجي) مع (شويكار) ليخبرها بذلك، سعدت جدا في البداية، وطلبت من (سمير خفاجي) أن يكتب على الأفيش (ش.. ش) في إشارة إلى (شادية، وشويكار).
نجمة سينمائية ومطربة
لكن (ولاد الحلال) تدخلوا وأقنعوا (شويكار) أن (شادية) نجمة سينمائية ومطربة، ولن تستطيع الوقوف على خشبة المسرح، كثيرا.
والأفضل لـ (شويكار) أن تعتذر، لأن هذه المسرحية محكوم عليها بالفشل، لأن الجمهور لن يقبل أن يرى (ريا وسكينة) في صورة كوميدية غنائية واستعراضية، خاصة بعد النجاح الساحق لكلا من (زوزو حمدي الحكيم، ونجمة إبراهيم) في السينما.
وبعد الحماس الشديد للفنانة (شويكار) لمشاركة (شادية) بطولة المسرحية، فوجئ (سمير خفاجي) بها تعترض على التعاقد مع شادية، بداعي أنها نجمة سينمائية لن تتحمل العمل في المسرح.
وحينما ذكّرها المنتج بحماسها للأمر في البداية ردت قائلة: (آه بس بعد ما فكرت وصلت إنها مش هتقدر تستحمل المسرح)، ما دفع خفاجي لإنهاء محاولاته مع (شويكار).
أثناء تلك المناقشات، كانت الفنانة (سهير البابلي) انتهت من تصوير مشاهدها في العراق، وعادت إلى مصر، فقرر (سمير خفاجي) التواصل مجدداً معها، ورغم اعتراضها على العمل مع (شادية) في البداية، لكن بعد تدخل (حسين كمال) وافقت.
أحمد زكي وحسن مصطفى
في هذه الفترة أقترح (حسين كمال) أن يشارك في بطولة المسرحية، كلا من الفنان (أحمد زكي) في دور (عبد العال)، و(حسن مصطفى) في دور(حسب الله).
وذلك نظرا لإرتفاع أجر (شادية، وسهير البابلي)، خاصة أن (شادية) طلبت أن يضع الموسيقار الكبير (بليغ حمدي) ألحان المسرحية على أن يكتب الكلمات الشاعر الغنائي الكبير (عبدالوهاب محمد).
وهذا الطلب أسعد (حسين كمال، وسمير خفاجي) لكنه أثقل الميزانية، لكنهما رغم ذلك اتفقا بالفعل مع (بليغ حمدي، وعبدالوهاب محمد) على الأغنيات.
وأثناء ذلك أعتذر الفنان (أحمد زكي) عن بطولة المسرحية، لإرتباطاته السينمائية الكثيرة التى بدأت تنهال عليه، بعد نجاحه الكبير في تجسيد شخصية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في مسلسل (الأيام).
فذهب دور (عبدالعال) إلى الفنان (حمدي أحمد) في البداية لكن نظرا لعدم توفيقه بين المسرح وحضوره جلسات مجلس الشعب، ذهب الدور إلى الفنان (حسين الشربيني) ثم استقر عند (أحمد بدير) الذي صورت المسرحية به.
أما الفنان (حسن مصطفى) فأعتذر للمنتج (سمير خفاجي) لظروف خاصة به، وكلم (حسين كمال) الفنان الكبير (عبدالمنعم مدبولي) الذي رحب بالعرض الذي عرضه عليه صديقه المنتج المسرحي الكبير.
وقد نشرت كثير من الجرائد أسماء أبطال مسرحية (ريا وسكينة) في صورتها الأولى وهم (سهير البابلي، وشويكار، وأحمد زكي، وحسن مصطفى).
