رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان: (حسين إبراهيم) ألاعيب نرجس (9)

إبراهيم رضوان: (حسين إبراهيم) ألاعيب نرجس (9)
لم يجرؤ الوالد على اللجوء للمحكمة التي لن تعترف إلا بالمحررات الرسمية

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رمضان

وصلنا عائدين من حفل تكريمى من (حسنى مبارك) إلى الشقة فجرًا.. طلبت من (حسين إبراهيم) أن يشتري لنا بعض السندوتشات للعشاء والإفطار.. عاد يحمل كمية كبيرة من الخبز والجبن والحلاوة.. أكلت قطعة من الخبز مع الجبن.. قام (حسين إبراهيم) بالانقضاض على كل ما تبقى دون أن يترك لقمة واحدة للإفطار..

في الصباح، في موقف الأتوبيس، أخذ (حسين إبراهيم) مني مقابل تذكرتين، لكنه عاد بتذكرة واحدة لي ولم يعطني بقية المبلغ.. استقللنا الأوتوبيس نحو الإذاعة.. وصل الكومساري وطالع تذكرتي، وعندما طلب من (حسين إبراهيم) تذكرته أشار له حسين بيده، فانصرف وهو يبتسم له معتذرًا..

عندما عدنا إلى المنصورة طلبت من (حسين إبراهيم) شراء بعض الكشاكيل لأولادي.. فاجأني بعد ساعات وقد أحضر حوالي 100 كشكول في عربة خاصة بالأسواق يجرها خلفه.. باع لي الكشاكيل بنصف الثمن، بعد مدة طويلة اكتشفت أنه سرق مفاتيح دكان والده الذي يملكه في شارع بورسعيد بالمنصورة، ويقوم بسرقة كل ما يريده من المحل.

أدركت أنه أصبح من الممكن أن يسرق أي شيء.. عرفت فيما بعد أيضًا أنه ظل يتردد على المحل بعد اكتشافه أن والده بعد زواجه من أمه كان قد كتب لها المحل وسجله باسمها، لأنه كان لا يستطيع أن يمتلك محلاً للتجارة بصفته موظفًا حكوميًا بالصحة.. يأخذ دراجته يوميًا يجول بها في العزب والكفور لاصطياد قواقع البلهارسيا..

ذهب (حسين إبراهيم) ذات مساء إلى المحل حتى حضر والده، ليبادر حسين بضربه علقه أمام المارة في الشارع، فاصطحباه سوياً إلى قسم الشرطة.. في القسم أبرز حسين العقد الموثق الذي يثبت أن المحل باسم والدته.. وفي النيابة تم الإعتماد بأن: (يبقى الأمر على ما هو عليه، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى المحكمة).

بالطبع لم يجرؤ الوالد على اللجوء للمحكمة التي لن تعترف إلا بالمحررات الرسمية.. أصبح حسين يملك محلاً في أكبر شوارع المنصورة.. قام بتغيير الكالون والأقفال لأنه مشغول معي في خالسفر وقضاء طلباتي..

إبراهيم رضوان: (حسين إبراهيم) ألاعيب نرجس (9)
شقتي بمساكن البلتاجي الشعبية بطلخا التي تقع في الدور الأخير

شقتي بمساكن البلتاجي

في إحدى الأيام، بينما كنت أقيم في شقتي بمساكن البلتاجي الشعبية بطلخا التي تقع في الدور الأخير، وأعاني بداخلها من المياه التي تتسرب من سقفها كلما هطل المطر.. فكرت في شراء بلاط غالي الثمن للسطح.. أخذ مني (حسين إبراهيم) مبلغًا كافيًا واشترى من إحدى المصانع كمية من البلاط المبلل بالمياه قبل تجفيفه رخيص الثمن..

عاتبته.. قال لي: إنه تعويضًا عن الفرق في الثمن سيحمل هذا البلاط من الشارع إلى الدور الرابع، ومنه يصعد على السلم الحديدي ليرص البلاط فوق السطح.. حمل (حسين) أيضًا (الردش) الموجود فوق السطح بكميات ضخمة بعد أن عبأها بمقطف وألقى بها في منطقة نائية.. تعجبت من هذه القوة الهائلة التي تسكن حسين..

كان يحتفظ بكل أسراره.. مثلاً كنت أشم أحيانًا رائحة زكية عند دخوله الشقة.. سألته عن النوع الذي يضعه فرفض بشكل قاطع أن يجيبني.. أحضر لي يومًا طبقًا به (مفتقة) فأعجبني طعمها.. سألته عن طريق عملها فقال لي: إنه سر من أسرار والدته..

أيضًا كان يمتلك صبر صياد.. فعندما قطعت (أ) علاقتها به كان يترصد شقتي منذ الفجر حتى منتصف الليل لمعرفة موعد زيارتها لنا.. قبل ذلك كانت (أ) قد استأجرت له شقة في بنها لمدة ثلاث سنوات على أساس أنه بعد حصوله على البكالوريوس سيحتاج إلى سنة امتياز في المستشفى.. لكنه سرًا قام بتأجير الشقة إلى آخرين وقبض منهم الإيجار بشكل شهري..

ومما أخفاه عني وعلمته بعد سنوات أيضًا أنه كان يذهب إلى محل ألبان شهاب بطلخا يشتري لبنًا لابنة أخته.. يأخذ اللبن ويضع به بعض الفورمالين ثم يسارع به إلى مكتب الصحة متهمًا صاحب المحل بأنه تعمد أن يقتل ابنة أخته لوجود خلافات بينهما.. رغم أن صاحب المحل لا يعرفه..

وحينما يتوسل إليه البائع باكيًا بالتنازل عن هذا المحضر الذي سيتحول إلى جناية يعلم الله إلى ماذا سينتهي الحكم فيها، يطالبه حسين بمبلغ من المال فيدفع صاغرًا..

كنت أسكن منذ فترة في منطقة بين السرايات في حجرة صغيرة يملكها رجل اسمه صلاح عويس.. طالب الرجل حسين بالأجرة.. اعتبرها حسين إهانة له.. انتظره وقت عودته من المطعم الذي يعمل به حيث يعود لأولاده ببقايا الطعام المتبقي من الزبائن..

عاد الرجل قبل الفجر ليفاجئه حسين بعصا ضخمة يشبعه بها ضربًا.. بعدها أصاب حسين نفسه بإصابات خطيرة ليتجه وهو ينزف دمًا إلى قسم بولاق الدكرور ليقدم شكوى في الرجل أنه اعتدى عليه وأصابه بعد أن أحضر من المستشفى تقريرًا طبيًا..

إبراهيم رضوان: (حسين إبراهيم) ألاعيب نرجس (9)
في الشهر العقاري صمم على الحصول على مبلغ كبير جدًا مقابل التنازل

مبلغ كبير جدًا مقابل التنازل

تم الحكم على (صلاح عويس) بثلاث سنوات، وظل الرجل بعد الحكم يتردد على المنصورة حتى يقوم بمصالحته حسين للتنازل عن الحكم.. في الشهر العقاري صمم على الحصول على مبلغ كبير جدًا مقابل التنازل..

يومًا اتصل بي ملحن أردني لمحاسبتي على بعض الأغنيات التي لحنها لي.. أبلغني أنه بانتظاري في فندق شيراتون الجزيرة.. صمم (حسين إبراهيم) أن يذهب هو إليه.. ذهب في الميعاد فوجده قد ترك خبرًا أن أنتظره في غرفته..

اتصل (حسين إبراهيم) بإدارة الفندق يطلب أفخم طعام ومشروبات بكل أنواعها ساخنة وباردة.. وصل الملحن وصدم بالفاتورة المطلوب منه سدادها مضطرًا.. اتصل بي بعدها غاضبًا رافضًا أن يحاسبني على أغنيتي رغم بكاء حسين له..

كان أولادي في مدارس خاصة.. يأتي لهم المدرسون للدروس الخصوصية.. بدأ (حسين إبراهيم) ينتظر كل مدرس ليبلغه أنني استغنيت عن خدماته.. بعد عزوفهم عن الحضور واحدًا تلو الآخر، عرض على حسين إعطاء الدروس لأولادي الأطفال..

لاحظت أنه أثناء جلوسه معهم كان ينتقم منهم بدون سبب.. كلما أخطأ شادي يمسكه من أذنه حتى يؤلمه فيصرخ.. تكررت شكاوى أولادي فتواصلت مرة أخرى مع المدرسين ليبلغونا أن حسين هو من طلب منهم الانقطاع..

كان (حسين إبراهيم) يسهر طول الليل يتحدث مع نفسه.. وحينما أسأله: مع من يتحدث كل هذا الوقت؟ يجيبني: (مع نرجس..).

كان يتضايق من أي مذيعة تقترب مني ويحاول أن يبعدها أو يبعدني عنها.. و(حسين إبراهيم) منذ سكنته الأنثى لم يعد يرغب في النساء.. أتذكر الآن معظم التغييرات التي لحقت بشخصية حسين كان النصيب الأكبر منها يعود الى معرفته بدكتور آخر هو الدكتور (منير) والذى كان كتلة متحركة من النصب تتحرك في بالطو أبيض في أروقة القصر العينى تسبقه شهرته كطبيب.

ود. منير كان صديقا مقربا لصيدلى أعرفه.. كانا سويا يحاولان إيقاع ما يستطيعان من بنات طلخا العذراوات من زبائن الصيدلية .. حيث يوحى الصيدلى للبنت بأن في عينيها سر كامن في  ينبئ بمتاعب روحية و نفسية و يبدأ في استدراجها بحجة أن له صديق معالج روحانى يقطن في الشقة أعلى الصيدلية.

و في الليل تأتى الفتاة متخفية فيمزجان لها المخدر بالشراب ويتناوبان اغتصابها .. لم تسلم منهما حتى طالبة بكلية الطب وقد حملت جراء هذا الاعتداء .. لجأ لى (منير) لإنقاذ الموقف بأن أعثر له  على امرأة متوسطة السن تقبل القيام  بدور أم الفتاة لدى طبيب النساء الذى سيقوم بإجهاضها..

كان (منير) يستعين بحسين لسرقة الأختام الحكومية التي استعملها فيما بعد في التزوير.. حتى أن محاميا كبيرا في طلخا كان يستعين بخدماته في تزوير وثائق وأحكام يستعين بها في قضاياه.. بحكم أنه زوج بنت خالته.

وحينما سرق (حسين إبراهيم) من بيت خالة (منير) جوال الأختام كما سبق و ذكرت سابقا بدأ في استغلالها لصالح أعماله الخاصة في التزوير.. وقد أرسل إليه (منير) معي رسالة تهديد إن لم يبادر بإعادة هذه الأختام فأنه وبعض رجاله من الجن سيقومون باختطافه وربطه من مكان حساس بحبل وتعليقه في شجرة جميز نائية عاريا لتأكله الطيور الجارحة.

هناك يوما بعد يوم فكان جواب (حسين إبراهيم): (أعلى ما في خيلك اركبه).. ليواصل حسين تحليقه منفردا في عالم النصب و التزوير .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.