

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين
تذكرت وأنا أتابع المسلسل البريطاني (الضيف) أو (The Guest) جملة شهيرة متداولة في مصر منذ عقود طويلة تقول (المخرج عايز كده)، وتستخدم لإفحام أي وجهة نظر معارضة لأي عمل فني، والزعم بأن ما لم يعجب النقاد المعارضين للعمل تم تنفيذه بناء على رغبة المخرج حتى لو لم يكن منطقيا.
مسلسل (الضيف) المكون من 4 حلقات، والذي عرض في أغسطس الماضي يعد نموذجا تطبيقيا للجملة الدراجة باعتبار أن التغير الذي يحدث في أداء شخصيات الأبطال ليس له أي مبرر او منطق سوى أن المخرج عايز كده، وعلى المتضرر البحث عن عمل آخر لمشاهدته.
تدور أحداث مسلسل (الضيف) عن شابة تدعى (ريا) تعمل خادمة أو عاملة نظافة في المنازل، وتعيش مع صديقها (لي) الذي يبدو أقرب إلى العته منه الى السواء، تستغنى عنها ربة المنزل الذي تعمل فيه، بعدما عرفت أن جارة لها استعانت بخادمة بولندية تتقاضى نصف الأجر تقريبا.
تلتقي ريا مع سيدة ثرية تدعى فران، تعطف عليها وتعرض عليها العمل عندها بعدما شاهدتها وهي تتعرض للتانيب والتهديد من موظف أمن في سوبر ماركت ضبط ريا وهي تسرق طعاما من صندوق الطعام الخيري الموجود في مدخل السوبر ماركت.
تعمل ريا في القصر الذي تمتلكه فران مع زوجها، وتجد لديها التشجيع والتحفيز الذي لم تجده عند أحد قبلها، بل ان فران تدعوها للدخول على موقع مواعدة لمقابلة شباب أفضل من صديقها (لي) الذي يعمل يوما يتعطل عشرة.
تلتقي (ريا) مع شاب عبر موقع المواعدة بالفعل، وتدعوه الى منزل فران خلال غيابها، باعتباره منزلها بعدما تقمصت خلال لقائها الأول مع الشاب، شخصية مخدومتها، لكن تعود فران الى المنزل فجأة ما يصيب ريا بالذعر وتصرخ على الشاب للمغادرة.


ليست سوى خادمة لعينة
لكن بدلا من أن ينسحب في هدوء يبدأ في الصراخ عليها بدوره، وكيف انها كذبت عليه وانها ليست سوى خادمة لعينة، وترد عليه هي بعصبية، ثم تتطور الأمور فترميه بكأس زجاجي يصيبه في رأسه، فيبدأ في مطاردتها عبر ارجاء القصر للانتقام منها، ويمسك بها بالفعل ويبدأ في ضربها لكنها تتمكن من ركله بقدمها ليسقط من الدور الثالث (القصر مكون من 3 أدوار) ميتا.
تعود (فران وتكتشف الحادث لكنها دون سبب تتبنى موقف (ريا) وتدافع عنها وتشهد لصالحها في الشرطة، بأن الشاب هو من تهجم عليها وحاول الاعتداء عليها، مما يساعد في تبرئتها.
تقرر ريا الابتعاد عن فران بطلب من (لي) لكنها تعود للاستنجاد بها حينما تستدعيها الشرطة مجددا لاستكمال التحقيق، فتذهب معها وتدعمها، ثم تعرض عليها العودة للعمل عندها، وتقوم بترقيتها إلى مساعدة شخصية لها وليست مجرد عاملة نظافة.
خلال الأحداث تكتشف (ريا) أن فران ترتبط بعلاقة غير شرعية مع ريتشارد وهو موظف لديها، يأتي لمعاشرتها اثناء سفر زوجها في رحلات خارج البلاد، وتصارحها بما رأته فترد عليها فران بأنها لا تشعر بتأنيب الضمير بسبب معاملة زوجها الجافة بها.
المهم أن (ريا) تكتشف أن (فران) وزوجها و(ريتشارد) يتاجرون في المخدرات والادوية الممنوعة من التداول، وأنهم يستغلون عاملات النظافة البسطاء لكي يقوموا بتبييض اموالهم غير القانونية، من خلال تحويلها الى عملات رقمية مشفرة، خلال سفريات ينظمونها لهن إلى دبي.
بعد أن تعرف (فران) اكتشاف ريا لأمرهم، تدبر توريطها في جريمة قتل زوجها، وتبلغ عنها، مما يجعل ريا ملاحقة من الشرطة البريطانية، خصوصا مع تاريخها الإجرامي المعروف لدى الشرطة.

سلسلة اللا معقول في سيناريو (الضيف)
عند هذه النقطة تبدأ سلسلة اللا معقول في سيناريو (الضيف)، بشكل لا يمكن تبريره سوى أن المخرج عايز كده، فنجد ريا تصل إلى شقيقة “مايك” الشاب الذي قتلته في قصر فران في بداية الاحداث.
وبدلا من أن تبدي الاخت غضبها أو على الأقل ترفض التعامل معها، نجدها تتعاون وتدلها على خزانة سرية تحوي اسرار عمل فران وزوجها وريتشارد، دون سبب واحد مفهوم يقدمه المخرج يبرر تعاون الأخت.
ثم تتحول (ريا) من عاملة نظافة بسيطة مطاردة من الشرطة وموجودة في كل نشرات الاخبار، الى محققة عبقرية، تتسلل الى الخزانة السرية داخل شركة متخصصة في تأجير مثل هذه الخزائن، وتقوم فتحها عنوة وتدخل، وكل هذا دون ان يكتشف أحد من موظفي الأمن في الشركة امرها او يسمعوا صوت الأقفال وهى تفتح بأداة حديدية.
المهم أن (ريتشارد) يصل إلى (ريا) قبل أن تغادر شركة الخزائن ويمسك بها، ويقتادها إلى بيت مهجور يملكه، حتى يقوم بتسميمها والتخلص منها، لكن تصل (فران)، التي تظهر طوال الحلقات واقعة في غرام (ريتشارد) ومنصاعة له حتى انها لا تتوقف عن استجدائه لتطليق زوجته والزواج منها.
لكن فران تنقلب ضد (ريتشارد) بمجرد سماع كلمتين من ريا، وتقرر ضربه حتى لا يتمكن من تسميم عاملة النظافة، بل تقوم بتحريرها وتطلب منها ان تنطلق مبتعدة عنه.
هكذا ببساطة ودون مبرر تفعل (فران) ذلك، وهو تصرف ليس فقط بعيدا عن شخصيتها المستغلة لخادماتها التي رسمها السيناريو، ولكنه غير منطقي نهائيا كونها تعرف أن الفتاة سوف تذهب للابلاغ عنها وعن نشاطها غير القانوني ومن ثم سجنها وتدمير الحياة التي عملت بجهد طوال سنوات، وخرجت على القانون لتأمينها.
في المشهد الختامي لمسلسل (الضيف) تظهر (ريا) وهي تتابع خبر القبض على فران وريتشارد، ثم تتذكر (فلاشة) حصلت عليها من الخزانة السرية، وتفتحها لتجد عليها ثورة من العملات الرقمية تصبح في ملكيتها، ليكمل المخرج عملية طعن المنطق بكفاءة يحسد عليها.