رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية

محمود عطية يكتب: نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية
يخرج علينا هذا النموذج مجددًا على منصاته بمظهر المبشّر بالفتح العظيم والمفاجآت القاتلة

بقلم المستشار: محمود عطية *

في زمن اختلطت فيه المعايير وتبدلت فيه القيم وتقدمت فيه أصوات الضجيج على صوت الحكمة والعقلانية نجد أنفسنا أمام نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية والسياسية المستوردة، أحدهم يدعي لنفسه صفة المعارض المصري ويقيم في الولايات المتحدة الأمريكية لا يحمل من أدوات المعارضة الحقيقية سوى الجعجعة والصوت العالي والكلام المرسل والادعاءات الكاذبة.

يدور في فلك من التفاهة والابتذال حتى أن من يتابعه أقل قيمة منه فكريًا وأخلاقيًا وفوجئنا جميعًا أنه، وبحسب قوله حصل على عفو رئاسي وكأن الدولة باتت تفتح ذراعيها لأي من تسول له نفسه الإساءة إلى الوطن ومؤسساته ويسب النظام بابشع الالفاظ  في حالة من (الفوضى).

ليخرج علينا هذا النموذج مجددًا على منصاته بمظهر المبشّر بالفتح العظيم والمفاجآت القاتلة وكأننا سنشهد عودة الديب من ذيله يطل علينا بنبرة صوت مصطنعة وضجيج متعمد محاولًا خلق حالة من الزيف البطولي على منصة خاوية إلا من أوهامه، ويزعم أنه يمتلك معلومات غاية في الخطورة كما ادعى في وقت سابق أنه يعرف هوية الضابط المتورط في قضية الباحث الإيطالي ريجيني.

رغم أن القضية كانت في أوج تعقيداتها وتداخلاتها ووقتها كانت العلاقة بين مصر وإيطاليا تمر بأدق مراحلها وأكثرها توترًا وزعمه حينها لم يكن مجرد كذب إعلامي بل خيانة عظمى وتحريض فج على الدولة ومؤسساتها، ونشر لمعلومات زائفة تضر بالأمن القومي المصري عن قصد أو عن جهل ولا فرق فالنتيجة واحدة.

وكنت قد رددت عليه علي الهواء مباشرة  وقتها  وفي نفس البرنامج وقلت له إنك لا تعرف عن هذه الواقعة شيئًا وإنك تتاجر بقضية وطنية في غاية الحساسية، ولا تمتلك حرفًا واحدًا من الحقيقة لأنك لا تسعى للحقيقة أصلًا، بل تبحث عن الإثارة والظهور والصوت العالي الذي لا يصنع الحقيقة ولا يخدم الوطن ولا يحرك سطرًا في مصلحة هذا الشعب.

واليوم وبعد أن كنا نظن أن من يسيء للدولة في إطار (الفوضى) ويسبها ويحرض عليها مصيره الرفض والنسيان، بل والمحاسبة إذا به يجد ترحيبًا وتلميعًا وتهليلًا من بعض المواقع الرسمية هو وأشباهه، وبعضهم لدي معلومات عن من يرعاهم،  وكأن المواطنة والانتماء والمصداقية قد أصبحت مفاهيم بالية لا تصلح لهذا الزمان.

محمود عطية يكتب: نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية
كأن المطلوب من المواطن اليوم لكي يحظى بالرضا أن يكون شتامًا لعانًا محرضًا على الفتنة

شتامًا لعانًا محرضًا

وكأن المطلوب من المواطن اليوم لكي يحظى بالرضا أن يكون شتامًا لعانًا محرضًا على الفتنة والثورة والعنف، ويسب الكبير قبل الصغير ليجد لنفسه بطلا مغوارً وموضوعا  في المشهد الإعلامي وتفتح له الأبواب،  ويغدق عليه بالمال وتخصص له المساحات وتمنح له الفرص التي لا يحصل عليها من يدافع عن الدولة بصدق ويدفع عنها بالمواقف والأفعال لا بالشعارات الفارغة هل هذا هو النهج الجديد؟

هل أصبح السب والشتم وبعترة الدوله والنظام ورموزه هو المدخل والوسيلة   للحصول على برنامج والحصول علي المال والوجاهه وأغلبهم كاذبين؟

وهل صارت خيانة الوطن طريقًا سريعًا إلى الشهرة؟، وهل أصبحت الدولة تساوي بين المخلص والخائن؟ بين من يصون وبين من يخون؟ بين من يعمل في صمت وبين من يصرخ في زيف؟، إننا نعيش حالة من (الفوضى) والتناقض الصارخ والتهاون غير المفهوم مع من تطاولوا على الدولة وشوهوا صورتها في الخارج وروجوا لأكاذيب ضد أجهزتها ورموزها تحت دعاوى الحرية وحقوق الإنسان.

في الوقت الذي كنا ننتظر فيه محاسبة من خان نجد التصفيق والتمجيد ونرى إعلامًا يرحب ويحتفي، وكأننا قد فقدنا القدرة على التمييز بين العدو والصديق بين الناصح والمتآمر بين المعارض الحقيقي والمعارض المأجور وبين من يختلف من أجل الوطن ومن يختلف على الوطن.

ويدوس عليه لأجل مصلحة ضيقة أو أجندة خفية أو تمويل مشبوه إننا أمام خطر أكبر من شخص بعينه، نحن أمام سابقة إذا لم تُضبط معاييرها سنجد أن كل من شتم بلده سينتظر الترحيب، وكل من سب أجهزتها سينتظر مكافأة، وكل من حرض على ثورة وعنف سيحلم ببرنامج وتكريم وسيفهم من في الداخل أن السبيل إلى الصعود الإعلامي والاعتراف السياسي هو الإساءة لا الإخلاص والإهانة.

لا الإعمار والشتيمة لا الوطنية هذا هو الخطر الحقيقي أن تتحول الدولة إلى منصة تستقبل السباب وتحضنه وتفتح له المسار دون مساءلة أو مراجعة أو حتى حذر سياسي يحفظ لها هيبتها ومكانتها ومنطقها، فالمعادلة الوطنية لا تقبل العبث ومن أساء للوطن عليه أن يواجه تبعات إساءته لا أن يُكافأ عليها.

محمود عطية يكتب: نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية
حين نصنع من هذا نموذجًا ونضعه في الواجهة فإننا نوجه رسالة مدمرة لكل من آمن بالدولة

الافتراء والتهريج الإعلامي

ولا أن يُلمّع على حساب من ضحوا وقدموا وتحملوا من أجل هذا الوطن نعلم أن في المعارضة  الشريفة قوة وفي النقد النزيه فائدة، وفي الخلاف البنّاء تطور أما في الزعيق والافتراء والتهريج الإعلامي فليس إلا الانحدار والفتنة والضياع.

وحين نصنع من هذا نموذجًا ونضعه في الواجهة فإننا نوجه رسالة مدمرة لكل من آمن بالدولة ودافع عنها وثبت على موقفه الوطني ولم يساوم على بلده إن من يدعي اليوم أنه معارض هو نفسه من اعتاد الهروب من المواجهة وركب موجات الإعلام الخارجي واعتاش على الأكاذيب والافتراءات.

وروّج لمعلومات ثبت زيفها وخان الثقة مرارًا ثم يعود متباهيًا بصك الغفران متكئًا على عفو رئاسي يرويه وكأنه وسام شرف لا دليل على تهاون ويصطنع بطولة من ورق في مشهد لا يخلو من السخرية والعبث المؤلم.

إن العفو الرئاسي مؤسسة لها احترامها وجدواها حين يتعلق الأمر بمن أخطأ في لحظة وراجع نفسه أما أن يصبح غطاءً لمن أساء عمدًا وتعمّد التشويه وتربح من الخيانة، فهنا نكون أمام عبث لا يليق لا بمؤسسات الدولة ولا بكرامة الوطن ولا بوعي الشعب.

ومن غير المقبول أن نظل صامتين أمام هذا المشهد المشوّه الذي يصور خيانة الوطن على أنها وجهة نظر والصراخ الأجوف على أنه شجاعة والكذب على أنه كشف للحقيقة، والشتائم على أنها حرية رأي والدعوة لـ (الفوضى) على أنها معارضة عاقلة واعية بل يجب أن نقف ونقول إن هذا الانحدار لا يمثلنا.

وإننا لن نقبل أن نرى رموز الفتنة تتصدر مشهدًا من المفترض أن يكون وطنيًا وإننا نطالب بمراجعة هذه السياسات الإعلامية التي تفتح المساحة للخونة، وتتجاهل الشرفاء وتحتفي بالكاذبين، وتقصي الأمناء إننا اليوم لسنا فقط بصدد فضح شخص فقد مصداقيته منذ زمن.

بل بصدد دق ناقوس خطر حول اتجاه يبدو أنه يكافئ الإساءة ويتغاضى عن الجرائم الإعلامية في حق الوطن بينما يغض الطرف عن من يدفع من عمره وجهده وضميره في سبيل الدفاع عن الدولة في أوقات الشدة والضغط والمؤامرات.

ما نراه اليوم هو مثال يجب أن يُرفض لا أن يُحتفى به ويجب أن يُحاصر لا أن يُكرم لأنه يمثل تهديدًا لثقافة الوطنية ويشوه صورة الانتماء، ويبعث برسائل خاطئة تمامًا للأجيال الجديدة ويكرّس لفكرة أن الوطنية لا تساوي شيئًا وأن الخيانة لها عائد وربح ومستقبل.

محمود عطية يكتب: نموذج صارخ لحالة من (الفوضى) الإعلامية
نرفض أن نصبح وطنًا يكافئ الإساءة ويهمش الإخلاص

وطن يكافئ الإساءة

ونحن نرفض هذا المنطق ونرفض أن نصبح وطنًا يكافئ الإساءة ويهمش الإخلاص لأن منطق الدولة يجب أن يبنى على معيار وحيد هو الإخلاص للوطن والصدق في المواقف والثبات على المبادئ، لا على الصوت العالي ولا على التحريض ولا على دغدغة المشاعر، ولا على الظهور الاستعراضي المؤقت كل من أهان وطنه يجب أن يحاسَب لا أن يُكافأ.

وكل من حرّض عليه يجب أن يُعزل لا أن يُمنح منصة وكل من كذب على شعبه يجب أن يُفضَح لا أن يُستَضاف هذه هي القاعدة وهذا هو منطق الدولة التي تحترم نفسها وتحمي أمنها وتصون كرامتها، وتقدّر أبناءها المخلصين وتلفظ من باعوها في سوق المصالح والشهرة والتربح الإعلامي.

إننا نكتب هذا من منطلق الحرص لا الهجوم ومن باب الغيرة الوطنية لا الخصومة الشخصية لأننا نرى أن الوطن أكبر من أي شخص وأقدس من أي مكسب وأبقى من أي زيف عابر فاحفظوا للوطن هيبته ولا تفرّطوا في قدسية الانتماء مقابل لحظة تهليل فارغة أو تريند تافه أو صوت عالٍ لا قيمة له أمام صوت الحق والصدق والولاء الحقيقي للوطن 

ومن يبيع نفسه لا أمان له حتي لو منحتوهم كنوز الدنيا ولكن لعبة عض الأصابع (سيب وأنا اسيب) جعلت أغلب الداعمين ناقمين حتي على أنفسهم، إنهم لم يكونوا سفلة وعديمي الرباية لكي لا تتجاهلهم الدوله وأجهزتها. 

لله الامر من قبل ومن بعد في هذه (الفوضى).

* المحامي بالنقض  – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.