(المسرح التجريبي) يتذكر ضحايا حادث مسرح بني سويف، ورد الجميل لـ (سامي عبدالحميد)

كتب سما أحمد
يوم الجمعة الماضي الموافق 5 سبتمبر، قررت اللجنة العليا لمهرجان القاهرة الدولي لـ (المسرح التجريبي)، برئاسة الدكتور (سامح مهران)، الوقوف دقيقة حداد قبل انطلاق أي فعاليات أقيمت في هذا اليوم، وأيضا إقامة ندوة تكريمية للمخرج والأكاديمي العراقي الكبير الراحل (سامي عبد الحميد).
هذا وأقيمت فعالية تخليدًا لذكرى ضحايا حادث (حريق مسرح بني سويف)، الذي أودى بحياة نخبة من شباب المسرح المصري ورموزه، في واحدة من أبشع المآسي بتاريخ المسرح المصري الحديث.
ووقف حضور جلسة محور(رد الجميل) دقيقة حداد قبل بدء أولى جلسات مهرجان (المسرح التجريبي) في الحادية عشرة صباحًا بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة.
كما حدث نفس الشيئ قبل جميع العروض التي عرضت يوم الجمعة على مختلف مسارح المهرجان، تزامنًا مع الذكرى العشرين للحادث الأليم الذي وقع يوم 5 سبتمبر 2005.
ويأتي هذا القرار استمرارًا لتقليد سنوي اتبعه مهرجان (المسرح التجريبي) منذ سنوات، إذ اعتُبر يوم 5 سبتمبر يومًا للمسرح المصري تحت شعار (لن ننساكم)، وفاءً وتخليدًا للمواهب والرموز التي فقدها الوسط المسرحي في تلك الفاجعة.
يُذكر أن الحادث المأساوي وقع أثناء عرض مسرحية (مَن منّا؟) المأخوذة عن نص (حديقة الحيوان) للكاتب الأمريكي إدوارد ألبي، ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة لمهرجان نوادي المسرح.
وأسفر عن وفاة جميع المشاركين في العرض باستثناء ممثل واحد نجا بالصدفة، إلى جانب أكثر من خمسين فنانًا وناقدًا واثنين من جنود الدفاع المدني، فضلًا عن إصابة ما يزيد على 18 شخصًا.

رد الجميل لـ (سامي عبدالحميد)
وشهد نفس اليوم الموافق الرابع من فعاليات مهرجان (المسرح التجريبي) أولى فعاليات محور (رد الجميل) بإقامة ندوة تكريمية للمخرج والأكاديمي العراقي الكبير الراحل (سامي عبد الحميد).
وشارك فيها مجموعة من الفنانين العراقيين وهم ميمون الخالدي، والدكتور عبد الكريم عبود، ود. بشار عليوي، وأدار الندوة د. عادل حربي من (السودان).

عادل حربي: نزعة تجريبية وتمرد
في البداية استهل الناقد السوداني (عادل حربي)، كلمته، قائلًا: إن الراحل يُعد عميداً للمسرح العراقي، موضحاً أن الفنان الكبير (سامي عبد الحميد) يعد مؤلفًا ومبدعًا وناقدًا ونقيبًا من طراز خاص، مشيرًا إلى أن لديه نزعة تجريبية واضحة انعكست في معظم أعماله.
وأضاف (حربي) أن حياة (سامي عبد الحميد) في لندن شهدت تمرده على القوالب التقليدية، بينما كانت فترة إقامته في أمريكا مليئة بالتحولات الفكرية والفنية.
من جانبه قال الفنان العراقي (ميمون الخالدي) إن (سامي عبد الحميد) كان أول من كتب عن فن الإلقاء في العراق، مثلما فعل (عبد الوارث عسر) في مصر، موضحًا أنه كان مجربًا ودارسًا ومتمكنًا من كل علوم المسرح.
وهو أول من ترجم كتابًا عن أسس التمثيل المسرحي، وقد عملت معه في أغلب عروضه كمخرج، وكان يمنح الممثل الحرية الكاملة للتعبير، لأنه كان يؤمن بأن الممثل ليس أداة مستلبة، بل عنصر فاعل في العملية الإبداعية، وكان هو الموجه الجمالي الذي يمنح العمل المسرحي روحه.
وأوضح (الخالدي): أن عرض (بشر الحافي) الذي قدمه (سامي عبد الحميد في مهرجان (بغداد المسرحي) عام 1990 صبغ الفضاء المسرحي بصبغة صوفية عميقة جعلت البعض يظن أنه يمتلك نزعة صوفية رغم أنه لم يكن كذلك.
وحتى آخر أيامه ظل متمسكًا بالنزعة التجريبية، وكان في الدراسات العليا يؤكد على ضرورة أن يكون الطالب موسوعة معرفية متكاملة، كما كان يحرص على الجدية والانضباط الأكاديمي.

د. عبد الكريم عبود: رائد فن الصورة
فيما قال د. عبد الكريم عبود : إن (سامي عبد الحميد) كان رائدًا لفن الصورة المسرحية في العراق والوطن العربي، مشيرًا إلى أنه عندما قدم شخصية (الملك لير) أدهش الجميع بقدرته على الاندماج الكامل في الدور، ووضع فريق العمل في دائرة من الإبداع الحسي والبصري المتكامل.
وأضاف عبود: في مسرح الصورة قد تموت الكلمة أحيانًا، لكن (سامي عبد الحميد) أعاد الاعتبار للصوت كعنصر أساسي في بنية العرض المسرحي، حتى أن الناقد المصري (عز الدين إسماعيل) أكد أنه شاهد تطابقًا مدهشًا بين قدراته التمثيلية وإمكانات الممثل الذي يجسد العمل.
وأشار (عبود) إلى أنه عندما طلب تكريم (سامي عبد الحميد) في البصرة، أصر الأخير على الحضور بعرض مسرحي حي، وقدّم مونودراما بعنوان (غربة) لمدة ساعة كاملة رغم تجاوزه سن الثمانين، ليؤكد أن المسرح بالنسبة له حياة وعطاء متجدد.
لافتًا إلى أن جامعة البصرة كرّمته تقديرًا لعطائه الكبير وتأثيره العميق في الأجيال المسرحية المتعاقبة.
أما د.بشار عليوي أكد أن الراحل (د. سامي عبد الحميد) انخرط مبكرًا في فرقة (المسرح الفني الحديث)، مقدّمًا أعمالًا بارزة كممثل ومخرج وإداري، ومعززًا تقاليد العمل الجماعي وتكييف النصوص العالمية للبيئة العراقية.
وأشار (عليوي) إلى أن الراحل ترك إرثًا أكاديميًا ومسرحيًا ثريًا، وحضر اسمه في المحافل العربية والدولية، ونال تكريمات مرموقة بينها وسام الثقافة التونسي وتكريم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2018.