بقلم الكاتبة الصحفية: منى عشماوي
يمكنك أن تعتبر عزيزي القارئ هذا المقال هو بلاغ رسمي لكل من يهمه الأمر في مصر وعلى رأسهم وزارة الآثار المصرية وإن جاء متأخرا أفضل من أن لايأتي!
تابعت منذ يومين قصة لمسلسل تم عرضه منذ سنتين على منصة (نتفليكس) المسلسل هو (سقوط عائلة آشر) الذي حقق في أسبوعه الأول حسب استطلاعات الرأي ستة ملايين من المشاهدات ضمن فئة الأعمال غير الوثائقية والتي لها سمة تحقيق أكبر نسبب مشاهدة على المنصة والمسلسل هو ثالث أكثر مشاهدات بعد مسلسلي Lupin وBeckham.. قصة المسلسل مأخوذة من رواية الكاتب (ادغار ألين).
في أحداث المسلسل الواقعة في ثمانية حلقات يركز مسلسل (سقوط عائلة آشر) على قطع أثرية مصرية مسروقة كجزء من جرائم فساد عائلة آشر من الخمسينيات وحتى الزمن الحالي و التي قامت بشراء هذه الآثار بمبالغ ضخمة كما يذكر بطل المسلسل فريدريك آشر حيث هي جزء أصيل من اعتزاز الأسرة بثرواتها بل هي جزء من مشهد النهاية بالمسلسل.
هذه الآثار كانت عبارة عن تماثيل فرعونية صغيرة ومجوهرات وقلادات ومن ضمنها أيضا ياقوتتين زرقاوتين خاصتين كما يذكر مسلسل (سقوط عائلة آشر) بالملكة المصرية (تووسرت) آخر ملكات الأسرة التاسعة عشر في الدولة الحديثة.
واللتان يضعهما بطل المسلسل آشر مكان عيني شقيقته بعد اقتلاع عينيها في نهاية الأحداث الدرامية الآثرة لمسلسل يستحق مشاهدته والتفكير في كل تفاصيله الفلسفية والانبهار بأداء أبطاله وتسلسل الدراما المصحوب بتصوير ومؤثرات صوتية مبدعة تجعلك تشعر أنك جزء أصيل من هذه العمل الفانتازي المعقد والشيق.
ورغم أنه لايوجد أي دليل حتى اليوم من أن هذه القطع قد تمت سرقتها حقيقة الا أن بطل مسلسل (سقوط عائلة آشر) أشار بشكل صريح أن وصول عائلته لهذه القطع الأثرية يسأل فيها هيئة الآثار والشرطة المصرية في المطارات حيث ذكر بشكل صريح في الحلقة السادسة بعد أن تحدث عن الياقوتتين المسروقتين وذكر اللاتي:
ثمن هذه الياقوتات
ليس المهم ثمن هذه الياقوتات ولكن الأهم ماتكلفة المجلس الأعلى للآثار ماتكلفة التحالف لحماية آثار مصر ماتكلفة وزير الآثار ماتكلفة الأمين العام ماتكلفة الشرطة الوطنية المصرية أجب على هذه الأسئلة واحدة تلو الأخرى (ومازال الكلام للمسلسل) وفي غضون سنوات قليلة تحولت هذه الياقوتات الثمينة الى هدية عيد ميلاد لأختي وكل ما كنت أحتاج إليه هوالمال وبعض الصبر!
هذا السرد الدرامي الموجود ضمن أحداث المسلسل يتقصد وبشكل مباشر صريح دون حتى مجرد التلميح الى استهداف رمزي للمؤسسات الثقافية والأمنية في مصر وأن مصر بلد تستهين بالقانون وسط هيمنة المال والسلطة وأن فساد الأغنياء يمكنه تجاوز أي عقوبات في مصر لو تم تقديم الرشى الملائمة لكل شخص مسؤول أو مؤسسة.
الحقيقة ذهبت لمشاهدة مسلسل (سقوط عائلة آشر) بعد قرآتي لتقيماته ونسب ومشاهداته وجوائز ترشح لها في أحد المقالات والتي قرأتها بالصدفة !
مسلسل (سقوط عائلة آشر) يستحق المشاهدة عن جدارة لأنه يريد أن يقول لك ببساطة مثلما استطعت سلوك كل طريقة سيئة وفاسدة للثراء تستطيع أن تفقد كل شئ بنفس الطرق السيئة الفاسدة.
سواء فقد المال أو فقد الأبناء أو فقد الحياة نفسها، هذا وعد الشيطان نفسه الذي يخير البطلين فريدريك آشر وأخته التوأم مادلين التي كانت تبحث عن الخلود رغم كل شئ حتى بعد أن خيرهما الشيطان بالثراء وأولاد كثيرة يموت أحدهم تلو الآخر أو بالفقر ويعيش الأولاد ليعمروا ويمجدوا اسم العائلة.
ولك عزيزي القارئ أن تتخيل ماذا كان اختيار بطلي المسلسل الذي كان سببا في رسم درامي آخاذ للغاية لن يتركك الا عندما تنتهي من المشاهدة لحلقاته الثمان دفعة واحدة لتفكر مرة اخرى في كل تفصيلة على حدة !!
بحثت كثيرا على أي رد رسمي مصري لأي جهة ذكرها مسلسل (سقوط عائلة آشر) من جهات عدة لكن لم أجد أي تعليق من أي جهة معنية داخل الحوار الدرامي حتى بعد هذه الاتهامات الواضحة من قبل منصة مشهورة للغاية مثل نتفليكس ولا أعلم أين مكاتب الاعلام في المؤسسات المعنية التي من واجبها متابعة أي اشارة أو أخبار أو أعمال درامية من شأنها أن تسئ لأي مؤسسة رسمية مصرية
يظل الاتهام موجودا
بل تساءلت هل من بين الملايين الذين شاهدوا المسلسل لم يكن هناك من يشعر بمدى الضيق من هذه الاتهامات المباشرة في سياق مسلسل ناجح للغاية لاظهار مصر مظهر المفرط في آثارها، حتى وإن لم تكن تلك الآثار التي ذكرها المسلسل تمت سرقتها بشكل حقيقي من متاحفنا، أو لم يكن لها أي وجود للخروج عبر حدودنا ولكن يظل الاتهام موجودا طالما بقي المسلسل وطالما استمر عرضه.
بالطبع مسلسل (سقوط عائلة آشر) ليس الأول دراميا الذي يذكر موضوع تهريب الآثار، حيث تم توثيق سرقة الآثار من خلال الفيلم المصري (المومياء) سنة 1969 للمخرج المبدع (شادي عبد السلام)، وتم ذكر تهريب الآثار المصرية في أفلام أمريكية شهيرة مثل:The mummy و Indiana jones.
ولكن أستطيع أن أقول بكل ثقة هى المرة الأولى التي يتم توجيه الاتهامات المباشرة لجهات رسمية ذات ثقل في مصر.
في النهاية أرجو أن يكون هذا المقال بمثابة بلاغ لكافة الجهات المذكورة بمسلسل (سقوط عائلة آشر) لاتخاذ إجراءات من شأنها تقديم اعتذار من قبل المنصة على هذه الإساءة المقصودة.
في الوقت الذي تطالب فيه مصر بلدان العالم الذي يحوي آثارها الهامة باسترجاعها سواء من المتاحف أو دور المزادات لتنضم بجانب باقي آثارنا المصرية بالمتحف الكبير الذي تم تحديد موعد افتتاحه في الأول من نوفمبر القادم.