
بقلم المستشار: محمود عطية
في زمنٍ تفاقم فيه ضجيج المتطفلين على الفكر، وعلت فيه أصوات لا تملك من العلم أو الأدب شيئًا، خرج علينا الإعلامي المحترم حمدي رزق – الذي أكن له التقدير – بحلقة من برنامجه (نظرة) استضاف فيها أحد أكثر الأصوات استفزازًا للرأي العام المصري والعربي، الطبيب (خالد منتصر)، الذي لم يترك مناسبة إلا واستغلها للإساءة إلى الأزهر الشريف، المؤسسة التي حملت لواء الإسلام الوسطي لأكثر من ألف عام.
(خالد منتصر)، الذي يقدم نفسه كمفكر علماني (بالعافية) والسخافه هو في الواقع مجرد طبيب أمراض جلدية بمدينة الإسماعيلية، لم يعرف له الناس إنجازًا علميًا يُذكر، ولم يتطور في مهنته، ولم يُعرف عنه اجتهاد أكاديمي أو علمي جاد، بل اتجه إلى الطريق الأسهل: ركوب موجة الهجوم على الدين والأزهر، والتطاول على العلماء والرموز.
لعله يحقق شهرة إعلامية بعد أن فشل فشلًا ذريعًا في تقديم أي محتوى إعلامي يحترم عقل المشاهد، فأي إعلامي هذا الذي لم يجد لنفسه منبرًا إلا عبر الجدل العقيم والضجيج الأجوف؟ ولا ننسي تحريضه علي الطبيب الذي عالج الصديق الراحل وائل الابراشي وعندما استدعته النقابه للتحقيق جاب وري وانكر كل كلامه مجرد فرصه للشهره فقط ولكن انقلب علي عقبيه خاسئً
في هذه الحلقة، تفوّه (خالد منتصر) بعبارات أقل ما توصف به أنها مثيرة للفتنة، حين استهزأ قائلاً: (هل من الممكن أن يدخل جرجس أو حورج كلية طب الأزهر؟)، وكأن وجود الأزهر الإسلامي يجب أن يخضع لمقاييس خالد منتصر في العدالة الزائفة.
إن هذا الطرح لا يعبر إلا عن حقد دفين تجاه الأزهر، ومحاولة يائسة لتشويه مؤسسة حملت عبء التعليم الديني والتنوير الحقيقي منذ قرون، ولم تكن يومًا ضد أحد، بل كانت وما زالت ضامنًا للسلم المجتمعي، وشريكًا في تكريس المواطنة دون مزايدات فلانه احمق نسي ان الكنيسه المصريه لها معادها الخاصه التي تلائم الاشقاء المسيحيين.

أعرب عن استغرابه
ولم يكتفِ (خالد منتصر) بذلك، بل أعرب عن استغرابه من إلزام الطالب المسلم بدراسات شرعية داخل الأزهر!، وهل ينتظر هذا (المفكر) أن يُلغى جوهر التعليم الأزهري الذي بُني على دراسة العلوم الدينية؟!
هل يرى أن الطالب المسيحي – على افتراض دخوله – يجب أن يُلزم بدراسة العقيدة والفقه والحديث؟! إن هذا الكلام يعكس جهلًا فاضحًا بطبيعة الأزهر، وجهلًا أعمق بجوهر الإسلام الذي لا يُدرس على هوى (خالد منتصر)، بل على منهج علمي دقيق لم يفهمه ولن يفهمه من امتهن الجدل لا البحث.
وفي موقف لا يقلُّ عبثًا، كرر (خالد منتصر) استنكر هذا الشخص التعبير عن الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابة في الأعمال الفنية، باستخدام عصا أو ضوء للإشارة، معتبراً ذلك (تزويرًا وتقديسًا غير مبرر)، ونسي أن الازهر ايضا يرفض كذلك تجسيد الانبياء والرسل سيدنا موسي وسيدنا عبسي بن مريم عليهما السلام.
ولكن الحقيقة أن رفضه لا ينبع من حرص ديني أو فني، بل من معاداة متأصلة لكل ما له صلة بالإسلام، فقد عُرف عنه تهجمه المتكرر علي الامام (الشعراوي) وغيره من رموز الدين، بل بلغ به الأمر أن تهكم على تمثيل الرموز الإسلامية، في حين لا يفتح فمه إذا ما مُثلت رموز ديانات أخرى. هذا التناقض يكشف أن قضيته ليست فنية، بل أيديولوجية خالصة تهدف لزعزعة الهوية لا أكثر.
أما الطرف الثاني في الحوار، الدكتور محمد هندي، فقد كان صوته عقلانيًا متزنًا، لكنه لم يُمنح المساحة الكافية لإسكات هراء (خالد منتصر) الذي ملأ الحلقة بفزلكة لا طائل منها، وشوشرة لا ترقى إلى مستوى النقاش الجاد، ولا تعكس سوى فراغ فكري يملؤه الغرور والتعالي.

ألوم على هؤلاء الشباب
ونختم بالمشهد العبثي الآخر، الذي ظهر فيه شخص يدعى أحمد عبد العزيز، أحد الممثلين، تصرف بغرور وتعالٍ لا يليق، حين رفض أن يرد السلام على شاب مده يده، ثم قام بتصرف غير لائق بوضع يده على (أفا) شاب آخر من الواقفين وتوبيخه.
في مشهد يخلو من الذوق العام، ويعكس حالة من فقدان التواضع وضياع الأخلاق لدى بعض الشخصيات التي لا تعرف من الشهرة إلا الاستعلاء على الناس بأمارة إيه؟.. لا أدري.
لقد نسي هذا المشخصاتي أنه وأمثاله كان سابقا لا تأخذ المحاكم بشهادتهم ومنذ سنوات ليست بعيده كان لزاما عليهم من الجنسين الحصول علي تصريح من مباحث الآداب عند السفر الي الخارج.
وأنا ألوم على هؤلاء الشباب الذين ليس لديهم عزة نفس وكرامة لكي يرخصوا أنفسهم بدلا من البصق علي بعض هؤلاء يهرولون للسلام عليهم.
إن هذه النماذج لا تمثل المثقفين، ولا الإعلام، ولا الفن، بل تمثل فقط حالة من التردي والانحدار، يجب التصدي لها.. وإذا لم نقف وقفة حاسمة ضد من يُشوّهون الدين، ويعبثون بالهوية، فسنجد أنفسنا أمام جيل لا يعرف الأزهر إلا من خلال افتراءات أمثال (خالد منتصر) الذي لا قيمة له إلا أنني تابعته مصادفةً.
فليعلم الجميع أن الأزهر ليس مؤسسة يمكن النيل منها بفقاعات إعلامية، بل هو عمق الأمة وعمادها، وأن من اعتاد الطعن فيه لن ينال إلا الخيبة، حتى وإن صوّرت له أوهامه أنه انتصر.
* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع