منى عشماوي تكتب: بأمر الرئيس: تجربة (آمال ماهر).. وعودة (أم كلثوم)


بقلم الكاتبة الصحفية: منى عشماوي
لم يكن يخطر في بالها ذات يوم أن تختارها زوجة الرئيس لإحياء أغلب الحفلات الرسمية في مصر طيلة عقد كامل، ولكن هذا ماحدث بعد إعجاب (سوزان مبارك) بها عقب حضورها لحفلة لها بدار الأوبرا المصرية لتمتلأ صفحات الصحف والمجلات بحوارات وأخبار عن (آمال ماهر) صوت مصر القادم، كما أطلق عليها الإعلام في ذلك الوقت.
ليقدمها الموسيقار (عمار الشريعي) الذي تبنى موهبتها كمشروع له وقدمها لإحياء أولى الحفلات في انتصارات أكتوبر أمام الرئيس الأسبق مبارك وقرينته ليشيدا بها فورا ويعتبراها (أم كلثوم) العصر لاسيما بعد أدائها المبهر لأغلب أغنيات كوكب الشرق !
ولكن أين (آمال ماهر) اليوم؟، أين هى كثافة الحضور والجمهور ماذا حل بصوت مصر الذي تعثر كثيرا بسبب حياتها الشخصية بين زيجات وشائعات وخلافات؟، هل دام لها هذا الدعم الرئاسي بعد تغير الرئيس لنجد بعد يناير 2011 وانتهاء حكم مبارك لم تعد (آمال ماهر) هى الصوت المختار للحفلات الرئاسية!
وبات يتنازع على لقبها في عهد مضى (صوت مصر) فنانات أخريات في خلاف يصل حد الغيرة والضغينة من منهن تستحق أن تكون (صوت مصر) الحالي عن جدارة؟!
تذكرت قصة (آمال ماهر) بعد أن قرأنا أن الرئيس السيسي قد كلف رئيس الهيئة الوطنية للاعلام بتكليف كشافين بالتبعية لتوجيهات الرئيس بالبحث في المحافظات قرى ونجوع عن (أم كلثوم) جديدة!
وتساءلت مع نفسي: هل ظهور (أم كلثوم) جديدة هوأمر بكبسة زر بعد توجيه الرئيس فعلا؟!، وأجدني أتخيل أن الرئيس يريد إحياء تجربة (آمال ماهر)، أو ربما ذهب إلى أبعد من ذلك وفكر في صوت جديد للجمهورية الجديدة.

من الصعب إعادة التجربة
مع أنني أظن أنه سيكون من الصعب إعادة تلك التجربة التي جمعت الرئيس (عبد الناصر) بصوت الثورة (عبد الحليم حافظ).. صعب أن يقرر رئيس لاحق بعد (ناصر) أن يتبنى موهبة فتفتح أمامها قلوب العالم العربي بأثره.. أعتقد أنها كانت قصة خاصة جدا بهما وبزمان يشبهما.. زمان ثائر حالم يزخر بكل مافيه من مؤلفين وشعراء وملحنين استثمرا كلاهما كل مافيه من مجريات لصالح الثورة وأهدافها بذكاء شديد.
ولولا وجود هؤلاء الأفذاذ جميعهم من القوة الناعمة لما استمرت (أم كلثوم) نفسها فما أدراك هذا التسليم والتتالي؟، العبقري المتناغم المتناسق بين أجيال عاصرت بل وصنعت زهوة مصر الفنية ورسوخها الناعم!
اليوم يريد الرئيس أن تتضافر كل الجهود للكشف عن (أم كلثوم) جديدة، ولكن لم يسأل سائل: وإن وجدنا صوتا قويا عفيا كصوت (الست)، أين نجد من يكتب ويلحن لهذا الصوت العفي بعيدا عن سذاجة المتداول ورداءته.
أم أننا سنعيد تجارب (آمال ماهر، وسوزان عطية، ومي فاروق) وغيرهن من من أردن أن يسطعن مثلها بشدو أغنياتها فظللن حبيسات أغنيات (الست) لم يتقبلهن الجمهور في أغنياتهن الخاصة، وإن نجحن بأغنية أو اثنتين!
والحقيقة يبدو أن كل من تغنت لأم كلثوم مهما برعت هاهى تشتعل سريعا ثم تنطفئ فلا نصفق لها إلا إذا تلبستها روح الست وتقمصتها مرة أخرى!.. لنعود ونبحث عن (أم كلثوم جديدة وسطهن)!
أذكر عندما استمعت ذات مرة للمطربة المعتزلة (ياسمين الخيام) تروي قصة حياتها الفنية في الإذاعة المصرية، وكيف وصلت من وظيفة بالأمانة العامة بمجلس الشعب آنذاك إلى إحياء حفلات كبيرة لتشدو بأغنيات من ألحان (عبد الوهاب) الذي ساعدها كثيرا لتصل إلى حفلات مهمة أمام الرئيس السادات وحرمه جيهان.
والتي قالت عنها أنها (أم كلثوم) العصر بل وشجعت السيدة (جيهان السادات) هذه الفكرة وتبنتها، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر على نفسية سيدة الغناء العربي قبل وفاتها بأعوام قليلة!
لم تستمر (إفراج الحصري) الشهيرة بياسمين الخيام بعد وفاة والدها شيخ التلاوة الشيخ (محمود خليل الحصري) لتعتزل الغناء وتتفرغ لأعمال الخير.. لنعود من جديد إلى فكرة وقوف الرئيس وقرينته وراء موهبة تفتح لها كل الأبواب لم يكن بالأمر الكافي لاستمرار ياسمين الخيام ولا (آمال ماهر).

حبة في عقد ثري
ولا حتى استمرار المطرب (محمد ثروت) الذي لم يكن يخفي الرئيس مبارك دعمه ومساندته وإعجابه الشخصي بصوت (ثروت) وكأنه يريد إعادة تجربة (ناصر وحليم) مرة أخرى للحياة، ولكن و رغم عذوبة صوت (ثروت) وحضوره الكثيف في كل حفلات الرئيس وقرينته، إلا أن الجمهور قد أخذ زمام القرار بأن ثروت لم يكن الأفضل على الساحة أو (نمبر وان) بلغة اليوم.
والبعض فسر أن دعم الرئيس له كان سببا رئيسا في أن يسقط صوت (ثروت) في المنافسة مع (هاني شاكر ومنير وعمرو دياب وعلي الحجار ومدحت صالح ومحمد فؤاد) والجيل الذي تلاه حميد الشاعري ورفاقه! ليتوه صوت (محمد ثروت)، بل ويختفي وسط زحام صوت كل هؤلاء رغم كل الحب وكل الدعم من السيد الرئيس ورغم فتح كل الأبواب على مصراعيها!
أرجوك لاتفهم كل ما حكيته وسردته على أنه ضد فكرة البحث عن (أم كلثوم) جديدة، ولكن أنا فقط أفكر معك في الأم، وأسأل هل كانت (أم كلثوم) في زمنها وحدها أم كان معها رامي والسنباطي وبليغ وفوزي وفاتن وسعاد وشادية وحليم وإحسان ونجيب وهيكل؟
الحقيقة كانت (الست) حبة في عقد ثري يرتص مبدعيه في كل مجال كلهم في جمع واحد، لذا اسأل هل لو وجدنا (أم كلثوم) أخرى وأكيد سنجد هل سيلمع اسمها بين (حمو بيكا، وشاكوش، ونمبر وان، ومطرب الجيل؟.. هل فعلا سنجد هذا الجمهور المتيم لسماع صوت قوي يشدو كما (الست).
بل السؤال الأهم: هل فعلا المطرب نتاج جيله؟، وإذا كان كذلك إذن.. أي أجيال من الممكن أن تسمع صوتا شبيها بالست لاسيما أن جيل زد أغلبه لايعرفها، أو لايستمع لها أصلا، بل أن الواقع يقول أن أصغرجيل ممن يستمعون لأم كلثوم اليوم هم في آواخر الثلاثينات ومشارف الأربعينات!
في النهاية لا أستطيع أن أجزم إلا شيئا واحدا: (أم كلثوم) حالة لن تتكرر، ولعلها عندما غنت هذا الكوبليه كان قلبها يقرأ المستقبل لكل هذا الجدل: (وعايزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان ارجع يازمان)!