شكرا (محمد رياض) على نجاح أفضل دورة في تاريخ المهرجان القومي للمسرح

كتب: أحمد السماحي
منذ أيام قليلة أسدل الستار على الدورة الـ 18 للمهرجان القومي للمسرح، برئاسة الفنان (محمد رياض)، والتى تعتبر أنجح دورة في تاريخ المهرجان منذ إنشائه وحتى الآن.
وأي ناقد، أو فنان، أو صحفي، يدعي غير ذلك فهو ناقم، أو جاحد، أوغيور، أو لم يتابع المهرجان، فرغم التحديات التى يشهدها المسرح المصري، وجعلت رواده يبتعدون عنه.
ورغم الميزانية الضعيفة للمهرجان، قدم الفنان الكبير (محمد رياض) رئيس المهرجان وفريق عمله من المبدعين المسرحيين يأتي في مقدمتهم الدكتور (عادل عبده) مدير المهرجان، دورة متميزة للغاية.
أو لنقل دورة استثنائية، أجمل ما فيها خروج المهرجان إلى المحافظات، المتعطشة لكل ألوان ومجالات الفنون، ومن خلال متابعتنا لهذه العروض من خلال صفحة المهرجان على (الفيس بوك) وجدنا شباب يتوهج بالموهبة والحماسة.
وأنفاس العشق الحقيقي للمسرح تملأ المكان، وتمتزج بأريج الألفة والمودة الدافئة، لتحقق حالة مسرحية حقيقية، تمتد من خشبة المسرح وكواليسه إلى مكاتب المحافظين في المحافظات التى ذهب إليها المهرجان لأول مرة.

مهرجني أمهرجك
هذه الحالة المسرحية الجديدة على المسرح المصري والمهرجانات المصرية تحسب للفنان (محمد رياض) فهو الذي فكر في هذه الخطوة الجريئة، التى لم يسبقه إليها أحد.
فالمتابع لمهرجانات مصر الكثيرة خاصة السينمائية منها، يجدها أنها مهرجانات فنادق!، وتجمعات وشلل ليس أكثر من هذا، وتطبق مقولة (مهرجني، أمهرجك!)، أي أعزمني على مهرجانك، أعزمك على مهرجاني!.
ويبدأ المهرجان وينتهي ولا يشعر به أحد حتى الموجودين في الفندق لا يشعرون به، إلا إذا حضرت فنانة مشهورة أو نجم كبير، و(سك على الموضوع)! وكان الله بالسر عليم!.
لهذا تجد أرباع المشاهير المسئولين عن مهرجانات السينما، لا يهمهم الفن، ولا السينما ولا المسرح ولا غيره، كل ما يشغل تفكيرهم هو كيف يستفيدوا جيدا من المهرجان الذي يتولوا قيادته خاصة أنهم غير متحققين مهنيا في عملهم سواء كصحافيين أو كمخرجين!.
لهذا يحاولون بقدر الإمكان الإستفادة القصوى من المهرجان الذي يتولونه، وهذه الأستفادة تكون عبارة عن دعوات سفر للمشاركة في مهرجانات عربية، سواء بالحضور أو بالمشاركة في لجان التحكيم!.

محمد رياض ومحافظات مصر
لكن (محمد رياض) لأنه فنان حقيقي، ومحترم، وراقي، و(إبن ناس) فلم تشغله هذه (التفاهات) التى تشغل غيره من المسئولين عن المهرجانات.
وعلى مدى شهور طويلة لم يذق طعم النوم، وحرص على متابعة أدق التفاصيل بنفسه، وليس هذا فقط، ولكنه كان ينفق من جيبه الشخصي، على المهرجان.
خاصة أنه يعلم بحكم دراسته الفنية، أن محافظات مصر خالية تماما من الكرنفالات الفنية، والحفلات الغنائية، والعروض المسرحية، حتى دور العرض السينمائية في المحافظات تقلصت رغم أنه كان من المفروض أن تزداد مع زيادة عدد السكان.
ومن خلال جولة المهرجان هذا العام في عدة محافظات أكد أن الإبداع لا يقتصر على العاصمة وحدها، بل يمتد ليشمل كل محافظات مصر، وأن الأبداع لا تحده الجغرافيا بل يولد ويتألق أينما وجد الشغف.

ورش فنية مهمة للغاية
حرص (محمد رياض) على بدأ المهرجان قبل بدايته بأسابيع، ورفع شعار (المهرجان القومي في كل مصر) من خلال ورش فنية عديدة بالمجان ونضع مليون خط تحت بالمجان!.
وهذه الورش أحضر لها (محمد رياض) كبار الفنانيين والأكاديميين، واستفاد منها مئات من الفنانيين وعشاق المسرح، وصارع (محمد رياض) لكي يعطي لشباب الممثلين أماكن التدريب غير محددة بوقت، وأرسل محاضرين إلى إسكندرية، وطنطا، وأسيوط، وقنا، لتدريب هؤلاء الشباب.
ومن هذه الورش (ورشة السينوغرافيا) لمهندس الديكور الدكتور عمرو الأشرف، وورشة الدكتور (جهاد أبوالعينيين) الأستاذ بأكاديمية الفنون بالمعهد العالي للفنون المسرحية، والتى كانت أطول ورشة.
وإستمرت 60 ساعة من الدراسة القاسية والمهمة والملهمة، حيث شملت الورشة جوانب متعددة مثل التحكم في الصوت، وكيفية إستخدام لغة الجسد، والتعامل مع رهبة التحدث أمام الجمهور.
كما أقيمت ورشة (التذوق الموسيقي) للدكتور (طارق مهران)، للمرة الأولى في المهرجا القومي، التى تقدم لها 160 شابا وشابة، إجتاز منهم 21 مشاركا اختبارات القبول.
وورشة (الكتابة المسرحية) التى قدمها الكاتب الكبير أيمن سلامه، وورشة (الإخراج المسرحي) التى قدمها المخرج الكبير عصام السيد، وغيرها من الورش.

ندوات فكرية ومسرحية
كما أقام المهرجان مجموعة كبيرة من الندوات الفكرية والنقدية سعت إلى فتح مساحات للحوار حول قضايا المسرح الراهنة منها (تحولات الوعي الجمالي في المسرح المصري) التى تناولت بالتأمل والتحليل التحولات الجمالية التى طرأت على المسرح المصري في ضوء المتغيرات السياسية والإجتماعية والتكنولوجية.
وندوات (التغيرات الإجتماعية وأثرها على أشكال التعبير المسرحي)، و(التوجه المؤسسي ودوره في تشكيل الذوق المسرحي العام)، و (تحولات النص المسرحي المعاصر).
و(النص المسرحي الجديد، شهادات وتجارب)، و(أشكال الخطاب النقدي الجديد بين النقد الإنطباعي والتطبيقي)، و(الحدود الفاصلة بين الإبداع البشري والآلي) والتى ناقشت تأثيرات الذكاء الإصطناعي ومسرح الروبوت على العملية الإبداعية المسرحية، وغيرها الكثير من الندوات.

تكريم رموز الحركة المسرحية في المحافظات
فضلا عن إقامة ندوات فنية لتكريم مجموعة كبيرة من رواد العمل المسرحي في محافظات مصر، تقديرا لعطائهم المسرحي الكبير ومسيرتهم الطويلة في إثراء المشهد الثقافي والمسرحي.
ومن هؤلاء تم تكريم الكاتب الكبير (درويش الأسيوطي)، والمخرج المسرحي الكبير (أحمد عبدالجليل)، ومهندس الديكور (سمير زيدان) أحد رموز الحركة المسرحية بمحافظة بورسعيد، والمهندس الدكتور (صبحي السيد)، والكاتب المسرحي (سليم كتشنر) والفنانة سميرة عبدالعزيز. وغيرهم.
كما أقيمت ندوة خاصة للإحتفاء بمسيرة الفنان القدير (جلال العشري)، أحد الرموز البارزة في مسرح الهوية والمقاومة.

شكرا محمد رياض
في النهاية لابد أن نتوجه بالشكر للفنان الكبير (محمد رياض)، على المجهود الخرافي الذي بذله من وقته، وعلى حساب عمله الفني، وحياته الأسرية لإنجاح هذه الدورة من المهرجان القومي للمسرح التى حلق بها إلى عنان سماء الإبداع .
وإمتلك القدرة على التحليق في أجواء مرتفعة على مدى أيام المهرجان دون أن تتكسر أجنحته، ولم يمنعه حياؤه الأصيل من الإنطلاق على سجيته دون إفتعال أو (تزويق) ليغلق على الحاقدين أي باب يمكن أن ينفذوا منه إليه.