رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
الفنانة (إحسان الجزايرلي) التى جسدت شخصية (أم أحمد)
من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
محمود قاسم

بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم

كانت السينما المصرية، وما زالت، جزءاً مهماً في حياة كل منا، خاصة في طفولتنا، حيث بدت لنا قاعات السينما المجاورة لمنازلنا بمثابة غرفة إضافية ضمن حجرات البيوت، تتسع كي نري فيها الحكايات الاجتماعية التي يعيشها كل منا في محيطه الاجتماعي من خلال (أمهات السينما).

 لذا فإننا لا ننسي أول مرة دخلنا فيها هذه الصالات، ولا تلك الفرحة المغموسة بالآمال أن نذهب إلي تلك الصالات إما بمفردنا أو بصحبة مع الأهل أو الأصدقاء.

من هنا جاءت متعة الفرجة علي الأفلام، فقد اعتدنا أن نري الممثلات اللائي يقمنا بدورالأمهات علي الشاشة أقرب في أشكالهن وأحجامهن الي أمهاتنا، لم تكن هناك حدود بين الطرفين.

 وعلي سبيل المثال، وحسب تجربتي الشخصية فإنني لم أكن أستطيع المقارنة بين أمي في الدار وبين الممثلة عقيلة راتب كواحدة من (أمهات السينما)، والتي كانت في نفس سن أمي تتطور مع الزمن نفس التطورات الجسدية والشكلية التي تحدث لأم محسن (أمي) فهي مولودة معها في نفس العقد.

 كما أن (خالتي زينب) هي صورة قريبة جداً من الفنانة (إحسان الجزايرلي) التى جسدت شخصية (أم أحمد)، في البدانة و أسلوب الكلام.

ولذا فإننا كنا نتعاطف مع هؤلاء من الممثلات (أمهات السينما) بشكل ملحوظ، فنري القصص المتداخلة بين البيت والشاشة، أمي مثلاً مات زوجها وهي في الثامنة والثلاثين.

 وكذلك مات أزواج الأم التي تمثلها أمينة رزق في أغلب الأفلام والمرأتان حرصتا علي تربية الأبناء وسط المعاناة الملحوظة حتي وصلت كل منهما الي بر الأمان.

وهكذا فإن (أمهات السينما) في طفولتنا كانا أغلبهن تمتلك مقاييس خاصة لم تتغير طوال أربعين عاماً حتي بداية السبعينيات، كانت هناك (فردوس محمد)، إمراه شعبية، تربط (المدورة) فوق رأسها وترتدي الجلباب الشعبية، مثلما كانت فردوس في فيلم (سلامة في خير).

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
أمينة رزق
من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
ماري منيب
من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
نعيمة الصغير

أمينة رزق وزينب صدقي

ويمكن اعتبار هذه الممثلة هى الأولي أو الرائدة أو النموذج الأمثل لما كانت عليه المراة المصرية، الأم علي الشاشة وفي البيوت، ومن بعدها كانت هناك ممثلات كثيرات مثل (ماري منيب، ورفيعة الشال، ودولت أبيض..).

 ويمكن استثناء (أمينة رزق وزينب صدقي) من هذا النموذج، لكن كل ما حدث أن البنات الصغيرات كبرن وتحول بعضهن الي نفس الشكل مثلما حدث مع (تحية كاريوكا) التي صارت أشهر أم في العقدين الأخيرين من حياتها، ابتداء من فيلم (أم العروسة) عام 1963 وحتي رحيلها.

ومن هؤلاء الأمهات أيضاً (نعيمة الصغير) التي لم يتغير شكلها بداية من فيلم (القاهرة 30) وحتي أفلامها الأخيرة ومن أبرزها (الشقة من حق الزوجة).

إذا، في العقود الأولي من عمر السينما المصرية كانت الأمهات في قصص الأفلام، أغلبهن من الفقيرات، البائسات، والكثير منهن أرامل، مسؤولات عن تربية أسرة وأطفال.

وقد تكون الأعداد كبيرة، وهن حزينات غالباً، يتعرضن لقسوة وقانون الرجل الشرقي، الذي يتعامل معهن باعتباره يمتلك الروح والجسد، والمصير والرزق، يطلق أي واحدة حين يشاء.

 وقد يتزوج أكثر من إمراه داخل الشقة نفسها، إذا فإن طموح كل أم منهن ينحصر في العيش تحت رداء الاستكانة من أجل تربية الأبناء.

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
فردوس محمد

أمينة رزق وفردوس محمد

في أحيان كثيرة فإن هؤلاء الأبناء يتسمون بالعقوق، ما يضاعف هموم تلك الأم، فإذا نظرنا الي (فردوس محمد) مثلاً، فإن الأم التي صورتها كانت تدخل السجن بتهم هي بريئة منها.

وتخرج بعد سنوات لتواجه ظروفاً أكثر قسوة، إذا قارننا هذه الأم بـ (أمينة رزق) فإن هناك سمات واضحة لكل واحدة، فنحن لم نري فردوس شابة صغيرة أو فتاة جميلة ورشيقة ثم كيف تحولت الي جسد بدين ملئ بالحنان والطيبة، وأحياناً العقوق.

وهى في ذلك تختلف عن أمينة رزق التي رأيناها في بدايتها شابة جميلة، تجسد دور الملكة كليوباترا وأيضاً الفتاة المصرية الثرية التي تنتمي الي البيئة المثقفة.

وقد ظلت (أمينة رزق) لعقود طويلة متشحة بالحجم الطبيعي للمرأة المصرية حتي اقتربت من العقد العاشر من عمرها (من تسعين للمائة).

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
فاتن حمامة

أمهات السينما وفاتن حمامة

هكذا فإن أمهات السينما) المصرية الأوليات لم نراهن في الصبا أو الشباب، مثلما لم ير المتفرجون في تلك العقود أمهاتهن إلا بعد أن تجاوزن سن الشباب أو سن النضارة.

لكن سوف يتغير الحال بعد ذلك حين يكبر الأبناء، وتتحول بنات اليوم الي أمهات ذهبن الي المدرسة، أو الجامعة وتلقين تعليماً راقياً، وأصبحن موظفات، وتزوجن وأنجبن الكثير أو القليل من الأبناء.

 وهذه هى الأم التي سوف نقصدها في هذه الحلقات، (فاتن حمامة) مثلاً كانت طفلة صغيرة عام 1940 في فيلم (يوم سعيد) اسمها (أنيسة)، وطوال الأربعينيات صارت تكبر أمام أعيننا: صبية، ثم شابة، ومراهقة، ثم تتزوج وتصبح أماً.

 وفي العقود التالية خاصة السبعينيات تحملت مسؤولية أسرة كاملة متعددة الأفراد، وحملت المسؤوليتين معاً في فيلم (إمبراطورية ميم)، أن تكون وكيلة وزارة في التعليم، وأيضاً أماً تربي وحدها وتتحمل المسؤولية.

المشاهدون من أبناء الأجيال تابعوا (فاتن حمامة) في كافة مراحلها حتى صارت جدة كما رأيناها في فيلم (يوم مر، يوم حلو).

فهي الأم التي تظل محتفظة برشاقتها وقوة شخصيتها، وجسامة المسؤولية، علماً أنها ظلت تتأرجح في هذه الأدوار في أفلام عديدة، منها: (الليلة الأخيرة، وأفواه وأرانب)، وأرض الأحلام)، وغيرها.

من فردوس محمد وأمينة رزق لبوسي.. (أمهات السينما) تزين الشاشة (1/2)
سعاد حسني أم معاصرة في آخر أفلامها

أمهات معاصرات

إذا فإن الحلقات التي سنقرأها هنا عن هذا النوع من (أمهات السينما)، الأم التي تربت في بيت إما ميسور أو فقير، وتعلمت، وحملت المسؤولية حين تزوجت وأنجبت، وصارت أماً في أفلام العقود الأخيرة من القرن العشرين.

وما أكثر هؤلاء الأمهات: (مريم فخر الدين، مديحة يسري، عقيلة راتب) ثم جيل (سعاد حسني، ونادية لطفي، وشويكار)، مروراً بالجيل الذي بدأ في نهاية الستينيات مثل (نجلاء فتحي، وميرفت أمين)، ثم جيل السبعينيات مثل (بوسي، وشهيرة)، ولا يزال قطار العمر يجري حتى الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.