رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)
زعيم حقيقي يتحدث عن رؤى واستراتيجيات في ندوات عامة

بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد

مع الجماهيرية العريضة، أصبح (عادل إمام) يخلط بين دور زعيم يؤديه في مسرحية كوميدية، وزعيم حقيقي يتحدث عن رؤى واستراتيجيات في ندوات عامة.. هكذا يعقب الصحفي عادل حمودة على موقف الفنان (عادل إمام) من تأييده وحثه على التطبيع مع إسرائيل،

وذلك في كتابه (عادل إمام الذي لا تعرفه: سنوات الصداقة وأسرار القطيعة).. ويستشهد على ذلك بآراء العديد من الكتاب والمفكرين الآخري.. الكاتب سعد الدين وهبة، في مقاله (لا تسلم جمهورك إلى أعدائك)، هاجم موقف (عادل إمام) بحدة..

كما عقّب الدكتور (سيد البحراوي) في مقاله غاضبًا: (لست أرى أن هناك تغيرًا يدعو إلى إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، بل على النقيض، أرى أن كل ما تم ويتم يؤكد ضرورة المقاطعة).

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)
السفارة في العمارة

خطة تراجع مكشوفة

حاول (عادل إمام) التراجع وتبرير موقفه بالفهم الخاطئ من المتلقي، لكن الصحفي عادل حمودة يرى أنه لم يشعر بخطأ دعوته للتطبيع، لكنه كان مجبرًا عليه خوفًا من انصراف المنتجين عنه بعد أن شكك الجمهور في توجهاته..

ولأن قناعة (عادل إمام) أن تيار اليسار وراء تحريك موجة الانتقادات وتوجيه فوهات مدافعها الفكرية نحوه، خاصة أنه كان منتميًا إلى هذا التيار في سنوات الشقاء والفقر ويدرك أساليبهم، لذلك لم يتردد، حين أظلته سنوات الرخاء، في التحرك عكسيًا لمهاجمتهم، سواء بالسخرية منهم في فيلم (السفارة في العمارة).

 حيث أشار إلى الشخص اليساري بأنه ذو رائحة عفنة لا يستحم، وأن الأسرة اليسارية سجناء أفكار بالية، أو عندما هاجمهم في مسلسل (أستاذ ورئيس قسم).

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)
طيور الظلام

سفينة عادل إمام ذات الألف دفة

كان مبارك يعرف أولوياته جيدًا، على رأسها البقاء في الحكم وعدم المساس بأسرته.. لذلك، لم يكن مبارك يهتم بمهاجمة وزرائه وسياساتهم طالما أنها لم تمس شخصه وأسرته .. ومع قربه من أسرة مبارك، أدرك (عادل إمام) مفاتيح اللعبة.

واستغل هذا القرب والإدراك لينفرد بتقديم أفلام جريئة مثل (اللعب مع الكبار، الإرهاب والكباب، المنسي، طيور الظلام، النوم في العسل).. وقد بدا (عادل إمام) في هذه الأفلام معارضًا للنظام لتكتمل صورته كبطل جماهيري .. يعلق (طارق الشناوي) على ذلك.

قائلًا: (عادل إمام) لم يكن معارضًا ليوم واحد في حياته حتى يقدم أفلامًا جريئة تهدد مستقبله الفني، كل شيء كان متفقًا عليه ومحسوبًا لرغبة السلطة في خلق هامش حرية للتنفيس، وستقل خطورة هذا التنفيس حينما تكون في شكل كوميدي وليس جادًا.

حينما ضعفت قبضة مبارك على السلطة، وبعيني زرقاء اليمامة، رأى (عادل إمام) أن المعطيات تتغير بسرعة، ليغير اتجاه الدفة إلى أفلام كوميدية خالية من المضمون السياسي المعارض ظاهريًا مثل (مرجان أحمد مرجان، والتجربة الدنماركية).

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)
بوبوس

أضواء السينما تنطفئ عن (عادل إمام)

مع تكرار نفس الحركات الكوميدية لعادل إمام، أصبحت كأداء وظيفي روتيني، ففقدت شحنتها الكوميدية، وأصيب الجمهور بالملل فتراجعت إيرادات أفلامه، ودق ناقوس الخطر عاليًا في فيلم (بوبوس)، لتنطلق صفارة النهاية في حسم مع فيلم (زهايمر).

ليدرك (عادل إمام) أن اللحظة قد حانت للانسحاب تمامًا من السينما وتوجيه الدفة نحو مسلسلات التلفزيون.. وكان من دواعي حسمه للقرار أن انهيار إيرادات أفلامه في السينما دفع منتج فيلم (فرقة ناجي عطا الله) إلى التراجع عن تصويره.

مفضلًا تحويله إلى مسلسل يُباع إلى المحطات دون الخضوع لمؤشر إيرادات أو توافد جمهور يمكن إحصاؤه في دور السينما، وإنما الذهاب إلى الجمهور في بيته، مما يعفي بطله عادل إمام من أي اختبار..

رغم ذلك، علق (أشرف بيومي) على المسلسل بأنه خلطة من أفلام (ملح البحر) الذي يتناول قصة مجموعة قررت سرقة بنك إسرائيلي، وفيلم (أوشن 11)، حيث تدور أحداث الفيلم حول عصابة متخصصة ومحترفة تتكون من 11 أفراد بقيادة أوشن، يجتمعون من أجل وضع خطة طموحة ومجنونة لسرقة أكبر ثلاثة كازينوهات للقمار في لاس فيجاس.

بالإضافة إلى روح فيلم (شمس الزناتي) لعادل إمام نفسه، كما هاجم (وليد سيف) المسلسل (لأنه يفرغ القيمة الفعلية للصراع العربي الإسرائيلي من مضمونها، مستندًا إلى كوميديا فارغة، وفرض شخصية الزعامة المعتادة لعادل إمام، وتوريثها لابنه من خلال المساحة التي منحها له في المسلسل).

محمد عبد الواحد يكتب: يا سلام يا صاحبي (6).. خلطة (عادل إمام)
أستاذ ورئيس قسم

عادل إمام وثورة 25 يناير

مع إرهاصات ثورة يناير، بدافع من الغضب على مشروع توريث الحكم، كان (عادل إمام) يطلق على جمال مبارك لقب (الأستاذ) كما ينادونه كبار رجال الدولة، وأضاف في برنامج لعمرو الليثي: (الأستاذ جمال من حقه الترشح للرئاسة كمواطن مصري، وأنا كمواطن مصري من حقي أن أمنحه صوتي، أليست هذه هي الديمقراطية؟

تبنى (عادل إمام) الدفاع عن مبارك وعائلته لفترة، ليتراجع عن المشهد مع انفجار ثورة 25 يناير، فواجه نقدًا شديدًا وعزوفًا عن أعماله لموقفه المساند لمبارك والمعادي للثورة والثوار، حتى إنه تم تسريب صوتي للفنانة (نجلاء فتحي) توجه له لومًا مباشرًا:

(بقى لك 40 سنة بتخدم الحكومة، ودا سر موقفك المخزي والمعادي لثورة 25 يناير، ومن يفهم في الدراما سيعلم أن أفلام عادل إمام لم تكن تظهر الفساد بقدر ما كانت تدعو إليه).

لم يجد (عادل إمام) مفرًا من الانحناء أمام عاصفة يناير، فاختبأ وراء مسلسلات ساذجة بعيدة عن السياسة .. وخلال العام الذي حكمه الإخوان، لم يعترض عليهم رغم شهرته السابقة بمعاداتهم، ولم يواجه مشروعاتهم السياسية والمجتمعية، بل صاهر واحدًا من قياداتهم بحجة أنه لا يتدخل في اختيارات أولاده..

لكن ما إن سقط حكمهم وعاد الدفء إلى منطقة نقدهم، حتى سارع بتقديم مسلسل (أستاذ ورئيس قسم) من خلال أدائه لشخصية أستاذ جامعي يساري ثائر على أوضاع ما قبل ثورة يناير، وشارك في الثورة!

بالطبع، لم يصدقه الجمهور إلى درجة أن أحس (عادل إمام) نفسه بانكشافه تمامًا، ففضل بعد ذلك عدم التورط في أي أعمال سياسية تجارية، ليقدم شخصية البخيل في مسلسل (مأمون وشركاه)..

وفي العام التالي، قدم مسلسل (عفاريت عدلي علام)، الذي وصفه (طارق الشناوي) بأنه مسلسل سيء للغاية على مستوى الكتابة والإخراج والأداء، لتأتي الخاتمة الحتمية مع مسلسل (فلانتينو – عام 2020)، ليقتنع (عادل إمام) بأنها اللحظة الحتمية لإسدال الستار، وأن عليه الاعتزال دون تردد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.