بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
لأنها آمنت منذ بدايتها في عالم الفن بعلم الطاقة الحيوية، وجعلته دستور يحكم كل حياتها داخل وخارج إطار البلاتوه، فاجئنا النجمة العربية (نسرين طافش) قبل ثلاثة أيام بكليب جديد بعنوان (روقان)، تسعى من خلاله إلى الانسجام مع الناس والطبيعة والكائنات الحية (من بشر وبحر وشجر).
في زحمة صيف قائظ أطلت علينا (نسرين طافش) عبر موج الساحل الشمالي الذي يعكس زرقة السماء الصافية، هادرا بالبهجة والانتعاش الذي يملئ الصدور بالمحبة والانطلاق من أسر حرارة الصيف المخيفة، نحو عوالم مبطنة بالمحبة القادرة على فك قيودنا عبر الموسيقى والرقص برشاقة وحيوية تنبع من جوهرها النظيف.
وهنا ترشدنا (نسرين طافش) من خلال كليب (روقان) إلى طريق الطاقة الحيوية نحو الأفضل، والتحرر من الفوضى الحيوية التي تهدم الإنسان وتخرجه من مرحلة التحضر إلى ما بعده للاستماع بالطبيعة الساحرة بعيدا غضب الحرارة العالية في صيف يخاصم الانتعاش.
وفي هذا الشأن سعت (نسرين) إلى التكيف مع الطبيعة: بمعنى أن يفرض الواقع على الإنسان أن يتكيف مع شروطه الراهنة، فإذا كان العالم البيولوجي (لامارك)، حدد فرضا، أن الوظيفة تخلق العضو، فهذا يعني أن الطاقة الحيوية هى أحد أبرز العناصر التي تجعل الإنسان يتكيف مع الواقع.
لذا اعتادت (نسرين طافش) أن تبقى وحدها دائما تغرد خارج السرب، ولهذا أرادت أن كتبت سطورا جديدة من الحيوية بمصاحبة مجموعة من الصور تضح بالطاقة الحيوية عبر هذا الكليب المبهج، من أمام شاطئ البحر في الساحل الشمالي.
(تذكر بكلمات بسيطة: من أنت، تذكر من تكون في الأصل، لقد تم التلاعب بك وتنويمك لملايين السنين، بشتى الطرق عن طريق الهواء والماء والأكل والأفكار، توريطك في لعبة (الألم و اللذة).
إيقاع راقص بالحيوية والنشاط
أبدعت (نسرين طافش) في حالة مغايرة عبر كلمات وموسيقى وإيقاع راقص بالحيوية والنشاط وكأن لسان حالها يقول: (الأرض الدنيا هذه ليست نهاية المطاف، إنها مرحلة إعادة تأهيل فقط (مصح، محطة) روحك سرمدية خالدة ارتقي بها الآن، كي لا تقيدها في دوامة تكرار الحيوات.
وأكدت (نسرين طافش) في رسالتها: كل متعة آنية تستهلك صحتك أو تتحكم بك وبمشاعرك أو تسلب منك سلام نفسك بدونها (خدعة، فخ) فاحترس، لأنها ستبقيك لمدة أطول في سجن الأرض، كل متعة تنير صحتك وتطور حياتك وتزيدك سلاما وعطاء وبهجة ستصعد بك بموجة سحرية إلى الأعلى، (لا تدع ألآعيبهم تدخلك في حالة صراع أو يأس كن قويا متقبلا تعلم تذكر استيقظ، الزمان والمكان وهم).
واستطردت بالموسيقى المفعمة بطاقة حيوية قادرة على الانطلاق نحو آفاق رحبة: (هل جربت أن تكون داخل حلمك الذي يبدو حقيقيا جدا وتدرك فجأة و أنت بداخله، إنك تحلم، و إن ما من شيئ حقيقي حقا، تنفس أكثر وراقب أكثر، لا تتعلق بصورة غير حقيقية تم رسمها لك من الآخرين.
تفاعل متابعوا حساب النجمة (نسرين طافش) على السوشيال ميديا مع رسالتها عبر (روقان) التي وصفها البعض بـ (كلام رائع جدا ومنورة كالعادة، دايما برنسيسة، من أجمل ما قرأت ماشهدت في هذا الصيف الغاضب، لم أر هراء كهذا ويصنفونه عالميا العلوم الزائفة، ملهمة كالعادة كلامك لامسني جدا، شو عميق الكلام).
وبعد مشاهدتي أغنية (نسرين طافش) الذي تحمل عنون (روقان)، الذي أرسلته لي قائلة: (يا رب تعجبك وتكون جرعة بهجة لكل الناس)، أدركت على الفور عمق روحها التواقة إلى الحرية، حيث تركز في رسالتها حول ما هى دورة الطاقة الحيوية والشفاء الذاتي.
نحن نمنحك مفاتيح التغلب
أستطيع القول أن هذا النوع من الفيديوهات لايمكنه أن يكون له أي أثر سوى أن يحمل في طياته جوانب كثيرة من الطاقة الإيجابية التي توفرت عبر إطلاتها المميزة بثلاثة فساتين (أصفر وأحمر وسماوي) فضفاضة على شاطي البحر بهوائه المنعش، وكأنها تريد أن توصل رسالة مهمة فحواها (نحن نمنحك مفاتيح التغلب على عقبات الحياة ورحلة ستزيد وعيك وتمكنك من الحصول على الحياة التي تطمح إليها بيسر وسهولة).
لم تقصد (نسرين طافش) في كليب (روقان) إسقاطا مباشرا أو غير مباشرعلى أشخاص بعينهم، بقدر ما أرادت التركيز على قدراتك الكامنة التي يمكن أن تبهرك حين تعي ما لوعيك من أثر على المادة وما لطاقتك من تأثير على الواقع.
في سعيها الدؤوب كممثلة من طراز رفيع، حاولت (نسرين طافش) أن تكون في كليب (روقان) واقعية خارج إطار البلاتوه وتتوجه مباشرة إلى جمهورها العاشق لفنها وإبداعها في دعوة صريحة وواضحة قائلة: لتكتشف بفضل وعيك بطاقتك الحيوية إمكانات التسخير الهائلة الممنوحة لنا من الخالق مثل تسخير المال والصحة والإبداع والحيوية.
كما سوف يساعدك وعيك بهذه الطاقة الإيجابية في لحظة (روقان) على تنظيف ذاتك الداخلية وبأسلوب التحفيز واكتشاف الذبذبات هكذا تتخلص وبشكل نهائي من أي أثر سلبي للمواقف الماضية، وباكتشافك الطفل الصغير الذي بداخلة عبر رحلة في عالم الخيال تعود إلى الماضي.
سوف تشعر بأن الطاقة ارتقاء ووعي وقرب من الله الحق، الطاقة خشوع وسكينة وصفاء وشفاء، شفاء لجسدك (مجانيا) وحاضرك ومستقبلك، الطاقة ستجعل حياتك جنة وستغمر قلبك بسعادة روحية لم تختبرها سابقا.
ولعلنا نخلص من هذا الكليب إلى أن (نسرين طافش) تعمد في كل عمل غنائي يدعو إلى الانطلاق والتحرر من القيود إلى الكشف عن جوانب مجهولة، أو غائبة في حياة الإنسان كي يدرك حقيقة الحياة إلى أن الطاقة الحيوية ينبغي أخذها بعين الاعتبار في بناء الإنسان.
إننا نسمع يوميا عبارات تذمر ورفض للواقع، وننصدم من احتراف الكثيرين لدور الضحية، ممن ينظرون إلى الحياة على أنها حظوظ وفرص موزعة بطريقة اعتباطية وعشوائية، ويدعون أنهم لا ينالون شيئا إيجابيا بسبب قلة حظهم في هذه الحياة؛ فكيف لهم أن يتطوروا إن كان الحظ السيئ مرافقا لهم على الدوام؟
لقد وضعت (نسرين طافش) يدي من خلال الكليب على حقائق كانت تبدو لي مبهمة حول حقيقة تأثير علم الطاقة الحيوية، فلقد استسهل البعض منا دور الضحية والشكوى الدائمة، ولم يبذلوا أدنى جهد في محاولة اسكتشاف الموضوع من وجهة نظر مختلفة، وحجبوا النور عن عقولهم.
وتبنوا نظرة قاصرة إلى الأمور تملكتهم وأصبحت منهم وفيهم، لكن، ماذا لو كان (الحظ) كلمة مستترة لـ (الاستحقاق) لا يعي حقيقتها أغلب الناس؟، ماذا لو كانت القضية أنهم لا يستحقون الفرص والعلاقات الجميلة، وأن الكون لا يعطي المتذمر الرافض والضحية؟.
تحية تقدير واحترام للفنانة الشاملة (نسرين طافش) التي احتلت المرتبة الثالثة كأجمل نساء العالم 2022 في توافق مع اللايف الأول لها: (أرض جديدة)، ما يعني أنها تعكس روحا جميلة وعقلا راجحا، وها هى اليوم تسير على درب المحبة للإنسان وتدعوه إلى لحظة (روقان) تجلب البهجة للفوس المتعبة بفعل الحروب وتقلبات الطبيعة الغاضبة.
فوق تلال المحبة والسلام
هذا ما يسكن دوما قلب وروح النجمة العربية (نسرين طافش)، التي أردت أن تسمو فوق تلال المحبة والسلام، في آخر أغانيها التي سبقت (روقان) بخمس سنوات، حيث أطلت فوق التخوم العتيقة علينا بترنيمة (أومن) لجارة القمر (فيروز) وبصوت عذب، ملائكي، خاشع مصحوب بكلمات وعزف راق لـ (لأخوين رحباني).
وفي قالب مميز وجذاب جاء أداء (نسرين طافش) كأنه سكب من نور فياض يسري في النفس، حيث انساب كجداول الأنهار بمائها العذب في النفوس التواقة للمحبة والسلام، وكأنها تودع عام 2020 بجائحته ومآسيه وتبدأ عام 2021 بفيض من محبة وسلام نابعين من روحها الشفافة التواقة إلى الحرية.
اجتمع في صوت (نسرين) عبر ترنيمة (أومن)، الكلمة الساحرة في معانيها والخشوع والموسيقا في أداء صاف يتسم بروحانية عالية، وامتزجت المشاعر لتختزن الفرح والغبطة معا كمن يختزن الصلاة في العديد من مواقف الحياة.
ولأن صوت (فيروز) يخلع على رهافة القلب مسحة من ابتهال.. تروح تصلي .. تصلي دوما .. بمعنى أن تدعوك دوما إلى الصلاة، فقد جاء صوت (نسرين طافش) أيضا بذات الألق الفيروزي.
ناطقا بالفرح والصلاة والغفران والعيد والنور والحياة مع الله التي تتداخل مع واقع الإنسان الذي عانى كثيرا من الألآم في عام 2020 الذي غادرنا بعد أيام قليلة حاملا أوزار جائحة عنيفة، بدأت بموجة أولى وانتهت في آخر أيامه بموجة ثانية بوتيرة أشد عنفا وشراسة.
جاءت تأتي ترنيمة (أومن) بمثابة صلاة فيها قدر من الخشوع من خلال صوت (نسرين) الشجي الندي للناس، للمظلومين، للحبيب، للمقدس، للإبنة، للأخ، ويكون الكون بأسره معبدها عبر الموسيقى الروحانية التي أبدعها (الأخوين رحباني)، تصلي بصوتها الجميل على التلال، وفي الوديان، (وتحت أحلى سما) وتدعو الأرض لتصلي قائلة: (أفضل العروض على سماعات الرأس).