
بقلم الشاعر الكبير: إبراهبيم رضوان
ذات صباح اتصل بي (سليمان عبد العظيم) نائب رئيس تحرير مجله المصور الذي التقيت به في المنصورة بعد أن حكيت له حكاية (حسين إبراهيم).. وأنه في اليوم الأخير للامتحان في كلية الطب تمنعه السيدة التي تركبه من حضور المادة الأخيرة.. وأنهم عرضوه على كل المشايخ والقساوسة دون فائدة.. وعدني بتبني الموضوع.. وأنه سيساعدني في حل مشكلته حتى يتم تخرجه من كليه الطب.
بعد شهور بلغنى أن (حسين إبراهيم) الذي لم يحصل علي شهادته قد قام بفتح عيادة في طلخا.. ووضع عليها لوحه باسمه.. كانت العيادة بجوار صيدلية صبري الجيار بطلخا حيث يأتي اليه مئات المرضى من كل الأنحاء بعد أن ذاع صيته..
شاهد أبوه اللوحة بالصدفة وعليها اسمه.. تأكد أنه ابنه.. على الفور قام بالإبلاغ عنه.. ترك (حسين إبراهيم) العيادة فجأة وقام بالذهاب الى مستشفى الجامعة بالمنصورة مستغلا أن كثير من الأطباء كانوا زملاء له في كليه الطب..
أخبرهم كذبا أنه كان في المستشفى الجامعي بأسوان وأنه تم نقله أخيرا الى المنصورة.. لكن أوراقه ستصل بعد أيام.. بالفعل تم تعيينه في قسم النساء والولادة بمستشفي الجامعة حيث يقوم بالتوليد والكشف على مئات النساء يوميا.. أخبر زملائه انه على استعداد أن ينوب عنهم في نبطشياتهم ..
وبالفعل ظل (حسين إبراهيم) لمدة طويله يمارس عمله فى المستشفى الجامعي إلى أن أصيب والده يوما بأزمه قلبيه نقل في أثرها لمستشفي الجامعة ليكتشف هناك أن ابنه من أشهر أطباء المستشفى.. أبلغ الأب الجهات المختصة مرة أخرى عن جريمة ابنه ليعاود (حسين إبراهيم) الهرب..
أرسل لي الأستاذ سليمان عبد العظيم كى أصطحب (حسين إبراهيم) ونذهب سويا الى مكتب الدكتور فتحي سرور وزير التعليم العالي.. بالفعل استقبلنا الرجل واستمع لقصته وتأثر بها خاصة بعد أن لاحظ أن حسين مهزوز جدا ومضطرب..
قال له: ولا يهمك.. كلنا كنا كده.. أنا هاوديك جامعه بنها في وقت الامتحانات.. وتنجح في المادة اللي معطلاك دى وتاخد الشهاده وتمارس عملك كطبيب.. خرج (حسين إبراهيم) من الوزارة سعيد جدا.

محمد عفيفي مطر
في هذه الفترة قابلنى الدكتور أحمد مرزوق وأخبرني أن شاعره المفضل (محمد عفيفي مطر) مريضا.. فرح جدا عندما أبلغته أن مطر من أعز أصدقائي.. طلب مني أن نذهب فورا لزيارته.. كانت بلدة مطر اسمها (رملة الأنجب) بالمنوفية..
انطلقنا بسيارة الدكتور أحمد مرزوق الى القرية.. جلسنا مع السيدة نفيسة زوجته إلى أن حضر (محمد عفيفي مطر) يرتدي جلبابا ريفيا ويمشي خلف حمار يحمل برسيما.. استقبلنا بالأحضان.. قلت له أن الصحف نشرت أنك في خطر.. طمأننى أنها بعض الدهون على الكبد.. أحضر لنا الطعام.. لاحظ أنني لم آكل من الحمام.. سألني عن السبب فأخبرته أنني لا أكل الطيور..
خرجنا أنا وأحمد مرزوق من عند عفيفي مطر.. أخبرني أحمد أننا سنعود عن طريق بيلا التابعة لكفر الشيخ .. أثناء سيرنا لمحت لوحة (قرية العلامية.. هى القرية ذاتها التى عملت بها مدرسا منذ فترة طويلة..
سألت عن منزل الحاج (ب) الذي تربطني به علاقة صداقه.. كانت الصدمة عندما أكتشفت أنه فقد بصره.. عندما كنت مدرسا كنت أعطي لأولاده دروسا مجانيه.. غادرت (العلامية) وأنا أبكي علي هذا الرجل.. بعد فترة اتصلت بي ابنته (أ) لتشكرنى على سؤالى عن أبيها.. سالتها عن حاله فقالت لي، لقد مات.. وماتت أمي معه في نفس اليوم..وتم دفنهما معا..
عقبت قائلة (أنا لست مقيمه في القاهرة.. أنا مقيمه في أمريكا مع أسرة ابن عمي رجل الأعمال المعروف)، و هو الذي اشتري بعد ذلك كل أقطان مصر ثم غادرها و لم يعد..
خطرت في بالي فكره أن أزوجها لـ (حسين إبراهيم).. فيسافر معها إلى أمريكا لإكمال المادة التي لم يمتحنها.. قلت لحسين.. سأرسلك لها في (العلامية) و معك خطاب مني للأسرة.. لا بد أن تقابل (أ) ابنتهم .. إذا أعجبتك أبلغني.. وأنا سأقنعها كأستاذ لها بان تتزوجك..
ذهب (حسين إبراهيم).. كعادته قام بإصلاح كل الأجهزة الكهربائية الموجودة عندهم فأحبوه.. عاملوه كطبيب لأنه عالج كل المرضى في العائلة والجيران .. ظل مقيما لديهم عدة أيام..عاد حسين من العالمية يخبرني أنها أعجبته بالفعل.. وأنه اخذ منها موعدا يتقابل معها ومعي على كافتيريا على النيل بطلخا يوم الجمعة القادم .
و للحديث بقية..
من كتاب (مدد مدد..)
سيرة ذاتية لبلد