
بقلم الباحث المسرحي: كمال زغلول
إذا نظرنا إلي العروض المسرحية المصرية القديمة، مبتعدين عن الآلهة المزعومة، والتي قام الكهنة باختراعها وابتداعها، نجد أن المسرح (المصري) القديم، قدم الكيفية التي أدت إلي تكوين شعب مصر في الماضي.
وكيف ظهرت الحضارة المصرية القديمة، وتكوين المملكة المصرية الحضارية في التاريخ القديم، وإذا ما عندنا إلي مسرحية بدء الخليقة نجد البدايات الأولى، لخلق ووجود شعب مصر القديم ، في مناجاة عن منفردة عن بتاح، يقول فيها (المصري) القديم :
هكذا قيل عن بتاح:
(هو الذي صنع كل شيء وخلق الآلهة)، وهو
تل تبن الذي أنجب الآلهة، والذي جاء منه كل شيء
أولاً، الأطعمة، والمؤن، والقرابين الإلهية، وكل الأشياء الطيبة.. وهكذا يكون الأمر
أدرك وفهم أنه أقوى الآلهة.. وهكذا، كان بتاح
لقد كان راضيًا بعد أن صنع كل الأشياء وكل الكلمة الإلهية.. حقًا
وأول الجمل في هذه المناجاة، تشير إلى أن بتاح، هو خالق كل شيء، وخالق الآلهة، وفي الأسطورة التي تخص مدرسة منف، نجد إشارة إلي أن بتاح خلق أدوم من الطين، وخالق العالم بواسطة أدوم، والعالم المقصود هو الإنسان الذي ظهر من صلب أدوم ( أدم عليه السلام ).
والدليل ما ترجمة تيبو في كتابه موسوعة الأساطير والرموز المصرية القديم، أن المصريين كانوا على التوحيد و(لقد عبدوا إلهاً واحداً، خالق الأرض: إنه إله الفخراني، حرفي، قام بتشكيل خلقه بواسطة الطين الصلصالي ومياه النيل. بعد ذلك نفث فيه من روحه ) .
ومما سبق نلاحظ أن كل الجنس البشري (المصري) جاء من أدوم، أي أن المصريين ينتسبون إلي آدوم (آدم عليه السلام)، ولما كان أتوم مخلوق من تراب وماء، والروح (التي اعتبرها الكهنة هواء).

المدارس الفلسفية المصرية
فقد كانت هذه العناصر هي عناصر الخلق وأضافوا النار ( وليس لها تفسير ) ، وبهذا اعتبر الكهنة ان عناصر الخلق هي التراب والماء ، والهواء ، والنار ، وهذه العناصر ظهرت في الفلسفة اليونانية كعناصر الخلق، ولكن لم يفسروا لماذا هذه العناصر بالذات.
وهذا راجع إلى نقلهم عن المدارس الفلسفية المصرية دون فهم لهذه العناصر، وصار من بعدهم العالم الأوروبي يردد هذه الفكرة بجهل مطبق، فالجميع لماذا هذه العناصر بالذات؟، ولم يجاوب واحد عن هذا السؤال إلى الآن، ولكن الإجابة تأتي من مصر القديمة، وتوضح الفكرة في اختيار هذه العناصر.
ومما سبق نرى أن الشعب المصري القديم ينسب نفسه إلى نسل أتوم، وقد وضع أدوم كسيد للآلهة على رأس التاسوع، الذي ينسب إلي مدرسة منف، وظهر كشخصية إلاهية في المسرح المصري القديم: ونجد ظهوره في (مسرحية الأسرار) عندما استغاث به (أوزيريس) لينقذه من الموت على يد (ست) في هذه المشهد.
عندما شعر (أوزير) بدنو أجله ومقتله على يد (ست) كان يستغيث بالجد آتوم (آدم) ويقول:
(أوزيريس: لا تتخل عن أوزيريس أيا أتوم – رع وإلا فهو هالك لا محالة)، ثم يأتي ست ويقتله).
وظهر بدور: الحكم بين الآلهة
مشهد: يؤكد حمل إيزيس من أوزيريس، بشهادة أتوم
آتوم: يقول هذه التي حملت سرا، هى فتاة حملت وستضع دون تدخل من الآلهة حقا، وهذا يعني أنه غرس أوزيريس، وليحجم هذا العدو الذي قتل أباه عن تحطيم البيضة الصغيرة وليضمن الساحر الأكبر له الاحترام ولتطيعوا أيتها الآلهة ما تقوله إيزيس.
وفي هذا المشهد، أكد أن إيزيس حملت من أوزيريس، وهو ميت في السر، وطالما قال (آتوم) ذلك يكون حورس ابن أوزيريس.
وفي مشهد من عرض يصور مولد حورس: يظهر أتوم

عودة ملك مصر لحورس
(آتوم: هيا يا رب الأرباب.. أظهر للعالم وأنا ضامن لك أن يعبدك ويقوم على خدمتك رفقاء أبيك أوزيريس، سأضع اسمك حين تبلغ الأفق وتقترب من أبراج ذلك الذى اسمه خفيا، إن القوة تترك جسدي ويستمسك الضعف بجسدي، وحينما يستمسك الضعف به ينحني ، ويرحل المضيء ويختار مكانه جالسا أمام الآلهة بين حاشية المتقاعدين).
وفي هذا المشهد يؤكد آتوم على عودة ملك مصر لحورس، وسوف يعاونه أتباع أبيه في استرداد الملك، وظهر في حواره هذا أن قوته قد خارت وضعف جسده، وأنه تقاعد واختار مكانه بين الآلهة المتقاعدين.
وفي عرض أخر يقول لحورس
آدوم: رائع يا ولدي حور ولتبق في بلد ابيك أوزيريس باسمك الذى هو الصقر الذى فوق أبراج قصر ذلك الذى خفى اسمه، إنني اطلب أن تكون بين رفاق إله شمس الأفق في مقدمة سفينة الإله الخالق أبدا.
وفي هذا المشهد يحكم لحورس بملك أبيه أوزيريس، وملك أبيه يعني ملك مصر.
ومما سبق نجد أن المصريين القدماء أول شعب في التاريخ، يذكر أنه ينحدر من آدوم (آدم عليه السلام)، وبرغم التحريف الذي طرأ على أدمية أدم، إلا أن الحقيقة ظاهرة بالتحريفات التي طرأت من قبل الكهنة ، والمصريون أول شعب في التاريخ يقدم عرض مسرحي.
ويظهر آدوم (آدم عليه السلام) كشخصية من شخصيات العرض، وبهذا نعرف أن المصريين كانوا على التوحيد الخالص، ثم انحرفوا، وهذا ما تؤكده النصوص التي تتحدث عن وحدانية الله سبحانه وتعالي في البرديات المصرية.