
بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
ظني أن مسلسل (مملكة الحرير) ليس سوى فانتازيا قبيحة، غارقة في العنف والقتل غير المبرر دراميا وأخلاقيا في أزمنة سحيقة على جناح خيال ليس له هدف أو قيمة فنية بقدر ما يذهب إلى الإثارة التي لاتجدي في سبيل أن يعكس عوالم خرافية مبطنة بالسذاجة التي لا تفضي إلى رسالة أو هدف.
المسلسل – على حسب رأي الناقد (طارق الشناوي) – جمع بين سحر الصورة والصوت وتسكين الممثلين في أدوار مختلفة وجريئة على المستوى الدرامي أثارت النهاية المفتوحة لحلقات (مملكة الحرير)، لكن ما الهدف أو الرسالة التي يسعى إليها هذا العمل الذي أراه (خزعبليلا) بامتياز.
في هذا السياق، يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن (المخرج بيتر ميمي) قدم عملا جاذبا بحرفية أقرب إلى الملحمية، واختار أن يقدّمه في 10 حلقات فقط، رغم قدرة العمل على استيعاب فترات زمنية طويلة وتفاصيل متعددة في القالب الخيالي الذي اختاره.
لا أدري في واقع الأمر، كيف يمكن أن أخذ كلام (طارق الشناوي) على محمل الجد إلا لغرض في نفسه هو، وأغلب الظن أنه لم يشاهد المسلسل جيدا بحيث يمكنه النظر إلى تفاصيل غاية في السذاجة على مستوى المعالجة الدرامية لعمل يراها بعينه وحده ملحميا، وهو لايحمل في طياته سوى القتل بأعصاب باردة ليس إلا!
خاصة أن (الشناوي) نفسه قال: رغم تأكيده أن المسلسل جدير بأن يسكن في ضمير الدراما العربية، فقد انتقد (حوار الشخصيات الذي لم يتوافق مع سحر الصورة، رغم أنه جاء مليئا بالعمق السياسي والتحليل للنفس البشرية، لكن بين الحين والآخر، يضع المؤلّف حوارات على لسان الشخصيات فتفقد الصورة سحرها) وفق تعبيره.
ربما أعجبني أداء الممثلين وهو فعلا كل في مكانه، لكن القصة والمعالجة ليست سوى تقليد أعمى لأعمال المنصات العالمية، وأعجب كثيرا لتكهنات البعض بشأن توجه صناع العمل لتقديم جزء ثان من المسلسل المصري المهلهل دراميا، هؤلاء الذين وصفوه البعض من قاصري الرؤية بأنه يعيد الوهج إلى الدراما الخيالية في مصر.


عن أي وهج يتحدثون
نعم عن أي وهج يتحدث هؤلاء في ظل ما انتقده متابعي (مملكة الحرير) عبر (فيسبوك)، خاصة تلك النهاية التي عدها البعض (مخيّبة)، وقالوا إنها (لم تشف الغليل في معرفة مصير أبطال العمل).
واجه مسلسل مملكة الحرير العديد من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ انطلاق عرضه، إذ عبر كثير من النشطاء عن نقدهم للعمل على أكثر من مستوى.
واحدة من أبرز الانتقادات طالت سيناريو المسلسل أن وصفه البعض بأنه ضعيف وغير متماسك، كما طالت الانتقادات كذلك أداء الفنان (عمرو عبد الجليل)، الذي يعد من الأسماء البارزة في عالم الفن المصري والعربي، ورغم تاريخه الطويل، رأى كثيرون أنه كان في بعض المشاهد (بيكسل يمثل).
حيث علق عدد من النشطاء على (السوشيال ميديا) على أحد المشاهد التي بدا فيها (عبد الجليل)، وكأنه يشرح المشهد لا يقوم بتمثيله، ما أفقد الشخصية مصداقيتها في سياق الأحداث.
جانب آخر تحدث عنه عدد من النشطاء، وهو أن استخدام العامية المصرية في حوارات المسلسل، رغم أنه عمل يفترض به أن يكون ملحميا،وهو ما أفقد النص الكثير من الهيبة، وكان من الأفضل الاعتماد على اللغة العربية الفصحى لإبراز الطابع التاريخي والفانتازي بشكل أكثر إقناعا.
لفت نظري ماكتبه صاحب حساب على (فيسبوك) باسم (Abdala Essa) أن (الأحداث جرت بسرعة رهيبة ونهاية مفتوحة للجزء الثاني، ولو أنهم صنعوه من 30 حلقة في جزء واحد لكان أفضل).
بينما انتقدت صاحبة حساب باسم (Warda Elshikh) وجود أعداد كبيرة من الموتى في كل حلقة، ورأى (Mahmoud Reda) أن الصراع بين الخير والشر سيظل قائما إلى الأبد؛ لذا لا بد أن تكون النهاية مفتوحة، فيما وصفتها (M oova) بأنها (محبطة).
ولم تسلم الأغاني في العمل من النقد كذلك، إذ تساءل بعض المتابعين عن السبب في استخدام أغان حديثة بصوت (مسلم) داخل سياق زمني غير معاصر، وبينما أشاد البعض بجودة الإنتاج والتصوير والديكورات، إلا أن العمل لم يسلم من الانتقادات التي اعتبرته نسخة شبيهة لمسلسلات عالمية، حيث شبه البعض المسلسل بمزيج من (Braveheart، وGame of Thrones) لكن بمستوى أقل.

واجهة لا تحتمل الشك
أنا أوافق (الشناوي) في قوله أن (كريم محمود عبد العزيز، يملك نجومية مؤكدة واسمه بات واجهة لا تحتمل الشك، وتؤكد جدارته بقيادة عمل فني يستحوذ على قلوب الناس، كما أن أحمد غزي يؤكد مكانته وموهبته بعد (قهوة المحطة) عبر خطوات عميقة، وحسن العدل ممثل كبير بدا كأن الدور مرسوم عليه).
وأيضا أنا معه في أن (أسماء أبو اليزيد موهبة كبيرة استطاع المخرج أن يقتنص منها لمحة الشر، في حين جاء تمثيل سارة التونسي مقنعا، من دون أن ننسى أن وليد فواز ممثل عبقري وله حضور عال في كل أعمال رغم مساحة الدور التي لا تستعرض قدراته الفذة في الأداء الاحترافي).
لكني لا أوافقه في طرحه بأن المسلسل يحمل طابعا سحريا، أو أي لون من الفنتازيا المحببة لجمهور يشاهد أعمالا كثيرة من هذا اللون الخيالي على منصات عديدة مثل (نيتفلكس، وشاهد) وغيرهما مما تدفع به من أعمال الفنتازيا التي تعتمد الإثارة والتشويق بحرفية مذهلة.
دارت أحداث مسلسل (مملكة الحرير) في إطار من الخيال والفانتازيا، وفي زمان ومكان غير محددين، منطلقة من حادث اغتيال الملك (نور الدين الثاني) وزوجته على يد شقيقه ليلة مولد وريث العرش الأمير (جلال الدين)، فتسود المملكة صراعات لا تنتهي، ويعيش أبناء الملك الثلاثة، كل في مكان، وحين يعودون يتفجَّر الصراع بينهم.
كما تدور أحداث (مملكة الحرير) في زمن غير محدد ومكان غير معلوم، عن أحداث ملحمة هزلية عبثية داخل (مملكة الحرير) المزدهرة، حيث تنطلق الأحداث يوم ميلاد الملك (نور الدين الثاني).
حين يقوم عمه (الدهبي) بقتله ويحاول تصفية ولديه شمس الدين (الابن البكر وولي العهد) جلال الدين (الرضيع)، ويتمكن خادم الملك الأمي (رضوان) من تهريب الطفلين، لكن يفقدهما خلال الهروب.
ويتربى (شمس الدين) بين العبيد كجندي في كتيبة تابعة للمملكة، بينما يكبر جلال الدين بين قطاع الطرق والمحتالين، أما الأخت الكبرى (جليلة) فيبقيها (الدهبي) في قلعته ويربيها بطريقته ويزوجها لابنه المفضل، ثم تتشابك مصائر الإخوة في مغامرات مثيرة، ويكتشفون حقيقتهم وهويتهم، ليبدأ صراع جديد بينهم على العرش والسلطة.

أصبح ملكا على أموات
لكني أتساءل في دهشة: كيف يصبح (شمس الدين) ملكاً على (مملكة الحرير)، ويقف في المشهد الأخير وسط جثث القتلى، قائلا: (أصبحت ملكا على أموات)، يتردد صوت الراوي الفنان (حسن العدل)، مؤكدا أن في داخل كل إنسان جزءا من الشر الذي ورثه من الجريمة الأولى، (قابيل وهابيل) لكن لا يوجد إنسان شرير تماما.. ما معنى هذا بالله عليكم سوى العبث الذي لايجدي؟!
والغريب أن السيناريست (أحمد حسني)، الذي شارك في كتابة السيناريو مع المخرج (بيتر ميمي)، لم ينف أو يؤكد وجود جزء ثانٍ، وقال: ما أثق به أن قصص (مملكة الحرير) لم تنته، لكنني لا أعرف إذا كانت ستقدم في جزء ثان أم لا، مشيرا إلى أن المخرج (بيتر ميمي) هو من بنى عالم (مملكة الحرير)، وكان يتقاسم معه كتابة الحلقات.
وأشار إلى أن هذه النهاية تمنحه إمكان تقديم جزء ثان، قائلا: (أعتقد أن المخرج بعدما قدم مسلسل (الاختيار) في 3 أجزاء، بات شغوفا بفكرة الأجزاء.. في كل الأحوال، فإن نهاية المسلسل لا تعطي يقينا بوجود جزء ثان، لكنه احتمال يتيح له في أي لحظة أن يُكمل الحكاية، لا سيما أنه المؤلف أيضا).
أغلب الظن أن (بيتر ميمي) بات يسير على درب (شريف عرفة) بإقحام نفسه في قصص تسكن خياله وحده على جناح سذاجة وتفاهة متعمدة، وهو ما يفقده صوابه كمخرج خاض تجارب يشار لها بالبنان.. نصيحتي ألا يقحم (بيتر ميمي) نفسه في براثن التأليف الذي يفتقد أبسط قواعده!