رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا أصبحنا بهذا (الرخص) ؟!

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا أصبحنا بهذا (الرخص) ؟!
مجاملة فجة وانحياز مكشوف للفريق العربي السعودي

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف

هناك خيط رفيع بين المجاملة الانسانية المحسوبة وبين التمادي الذي ينحدر إلى مستوى (الرخص)، بحثا عن الرضا الذي يجلب بالضرورة الكثير من المنافع المادية والمعنوية على المنافق، لكن الأكيد أن الاحترام لن يكون من بين تلك المنافع.

أقول ذلك بعد متابعتي لما فعله بعض المذيعين والمعلقين المصريين خلال مشاركتهم في تغطية مباريات فريق الهلال السعودي على قناة mbc مصر، من مجاملة فجة وانحياز مكشوف للفريق العربي السعودي، ومزايدة رخيصة على المذيع والمحللين السعوديين الذين كانوا يغطون المباريات على قناة mbc أكشن.

لا أريد ولا أسعى للمزايدة على أحد بسبب هذا (الرخص)، لكنني أريد أن أسأل هؤلاء: هل كان ذلك الانحياز المبالغ فيه سيظهر لو كانا يعلقان على مباريات الهلال في أي قناة غير سعودية؟!

يمكننا أن نجيب نيابة عنهما بالنفي استنتاجا من مواقف سابقة من الفرق السعودية والعربية بشكل عام، وبالتالي نصل الى حقيقة محزنة ومحرجة، أن ما فعلوه لم يكن منطلقا من حماس لفريق عربي يقترب من تحقيق انجاز عالمي، وإنما انحطاطا في محاولة غير كريمة لكسب رضا الكفيل.

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا أصبحنا بهذا (الرخص) ؟!
للكاتب السعودي (تركي الحمد)

مشوار (النفاق الرخيص)

المؤسف أن ما فعله هؤلاء ليس سوى امتدادا لمشوار من (الرخص) يمكن أن نرصد فيه ما فعله قبلهما فنان كوميدي تعمد إهانة مصر والمصريين، بعدما أبدى استغرابه من وجود مصري يجلس في الصف الأول، وبالتالي انه لابد أن يكون مدعوا لأنه لا يملك ثمن تذكرة الصف الأول لمجرد أنه مصري!

وإقدام كوميديان آخر على بيع زميل له في مزايدة لكسب رضا الكفيل، وهو ما حدث بالفعل حيث أصبح ضيفا دائما على مهرجانات الرياض، ومشاركا في معظم الأعمال الدرامية التي تنتجها هيئة الترفيه، وكسب الكثير من المال بكل تأكيد لكنه خسر في مقابل كل ذلك احترام جمهوره ليس فقط في مصر وإنما في السعودية أيضا وربما بقية دول الخليج.

ذلك أن الرخصاء وهم يصطفون في طوابير طويلة لكسب رضا العميل الخليجي لا يشغلون بالهم فيما يبدو بالوقع الذي تتركه تصرفاتهم غير المحترمة على (الزبون) المعني باستقبال (الرخص)، وربما أساعدهم هنا باقتباس فقرة من مقال للكاتب السعودي (تركي الحمد) كتب فيها وكأنه يصفهم وصفا دقيقا أن (من يحترمك لا ينافقك، ومن ينافقك لا يحترمك).

هل أصبح الرخص شعارا لمصر في الوقت الحالي؟!، وهل أصبح البحث عن المال بأي وسيلة هو المبدأ الذي يجري خلفه الجميع دون استحياء، ودون اعتبار للكرامة وعزة النفس؟!، هل يحتاج هؤلاء لتذكر مقولة علي بن ابي طالب (اطلبوا الحوائج بعزة نفس فإن الأمور تجري بمقادير)، وملخصها أن الرزق بيد الله وليس البشر سوى أدوات لتوصيله او منعه حسب ما قدره الخالق؟!.

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا أصبحنا بهذا (الرخص) ؟!
للكاتب الكبير (فهمي هويدي)

العلاقات مع الخليج 

 يحضرني في هذا السياق عبارة أو نصيحة للكاتب الكبير (فهمي هويدي) في مقال كتبه قبل سنوات قال فيه إن (العلاقات مع الخليج مهمة، لكننا لا يجب أن نتحول إلى أجراء في بلاطهم، ولا نبيع مواقفنا مقابل شيك أو إعلان).

وهي نصيحة موقفة بعدما بات (التعري) هو شعار المرحلة في زمن البيع المجاني للمواقف والأخلاق من بعض المصريين، سعيا وراء (الأخضر) والمقصود هو الدولار وليس الأخضر السعودي!

المؤكد أن تحول علاقتنا بدول الخليج من الشكر المتزن إلى (الرخص) لم يكن أمرًا تلقائيًا أو حتميًا، بل جاء نتيجة عوامل متعددة، جعلت المزاج المصري يتحول إلى خطاب استرضائي يكتسي برداء (اللهم ارزقنا رضاهم).

وساهم في دعم ذلك الاتجاه بقوة وفرضه على الساحة ضعف صوت المثقفين الحقيقيين، والاعتماد على عديمي الموهبة والكفاءة في قيادة المنظومة الإعلامية، ما جعل الخطاب العام مفتوحا أمام الانتهازيين والباحثين عن (الفرصة الخليجية).

والغريب أننا لا نتعلم من غيرنا ولا حتى نحاول متابعة تأثير نفاقنا على من نستهدفهم به، إذ أن الخليجيين أنفسهم لا يطلبون هذا النوع من التملق، بل يستهجنونه، كما ذكرت من قبل نقلا عن كاتب سعودي شهير، كما أن هناك دول عربية أخرى تتلقى دعما خليجيا دون أن تتخلى عن كبريائها.

اذن فالعيب ليس في الدعم، الذي لم يكن حديثا أو جديدا على الأشقاء في الخليج، بل في الطريقة التي يستمر بها الدعم، وتحوله من تعبير عن تضامن في جانب منه، وامتنان في جانب آخر لمواقف تاريخية لمصر تجاه الاشقاء حين كانوا يحتاجون دعمها، إلى شكل من أشكال التذلل والتسول لا يختلف كثيرا في (بجاحته) وبرود طالبيه عما يفعله المتسولين في وسائل النقل واشارات المرور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.