رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
يستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة
قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

ارتفع عدد الشهداء (الصحفيين) في القطاع إلى 220 بعد استشهاد الصحفي (حسان مجدي أبو وردة) مدير وكالة (برق) غزة الإخبارية، جراء قصف إسرائيلي، وسط إمعان بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها للشهر العشرين، وبشكل ممنهج، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ ما يناهز عاملين كاملين.

استهداف (الصحفيين) الفلسطينيين وعائلاتهم، وذلك في محاولة لإسكات أصواتهم، ومنع نقل حقيقة الانتهاكات وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها كامل الأهالي المتواجدين في قطاع غزة المحاصر، أمام مرأى العالم.

استشهد الصحفي (حسان مجدي أبو وردة)، وعدد من أفراد عائلته، صباح الأحد الماضي، إثر قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهم المتواجد في منطقة جباليا النزلة، شمال قطاع غزة، ما يرفع عدد (الصحفيين) الذين استشهدوا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية، إلى أكثر من 221 صحفيا، بالإضافة إلى مئات الجرحى والمعتقلين.

يُعتبر (حسان أبو وردة)، من أبرز (الصحفيين) في قطاع غرة، ممّن عملوا على تغطية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وكان كذلك من الوجوه المعروفة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عمل على تقديم المحتوى الإخباري.

هذا الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين، طرح معه تساؤلات بشأن دور أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة، إذ تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.

وهى الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم (السيوف الحديدية)، وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأمريكية.

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
تستعمل إسرائيل نظام (لافندر) في عملها العسكري بغزة

مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمة

يستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها: التنبؤ الاستباقي، التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم، تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة، أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في قتل (الصحفيين):

نظام (لافندر)، تستعمل إسرائيل نظام (لافندر) في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.

ونقلت مجلة (972+) الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد (يوسي شارئيل) قوله: إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.

ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن (لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب),

ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا (لافندر) كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت.

نظام (أين أبي؟) من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع (ديموكراسي ناو) الأمريكي.

وبحسب مجلة (972) وموقع (لوكال كول) الإسرائيليين، فإن نظام (أين أبي؟) أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
نظام (غوسبل) أو (الإنجيل) أخطر أنواع الذكاء الاصطناعي

نظام (غوسبل) أو (الإنجيل)

نظام (غوسبل) أو (الإنجيل)، أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام (غوسبل)، أو (الإنجيل)، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.

وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن (الإنجيل) ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها.

ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.

وكتبت صحيفة (جيروزاليم بوست) تقريرا قالت فيه: (إن هذا النظام) يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين”، مشيرة إلى أن خوارزمية (غوسبل) تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.

ويقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم (عمود النار).

نظام (فاير فاكتوري)، كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.

ويحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
منظومات دفاعية نشطة من نوع (معطف الريح)، وهى قادرة على العثور على العديد من الأهداف

نظام (عمق الحكمة)

في يناير 2022، كشفت شركة (رافائيل) للصناعات العسكرية الإسرائيلية، عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم (إيتان إيه بي سي)، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجه المركبة بالنظر فقط.وركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع (غيل).ومنظومات دفاعية نشطة من نوع (معطف الريح)، وهى قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في آن واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.

نظام (عمق الحكمة)، وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.‏

نظام (الكيميائي)، كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة، وللنظام قدرات دفاعية وهجومية.

فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.

نظام (فاير ويفر)، نظام طورته شركة (رافائيل) الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.

وبحسب موقع (آي إتش إل إس) الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف “زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية، وصُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.

نظام (فلو) وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.

نظام (هنتر)، وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.

نظام (زد – تيوب) وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.

بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كشفت صحيفة (بوليتيكو) الأمريكية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أمريكية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.

ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
استخدمت إسرائيل في حربها طائرات (نوفا 2) الذاتية القيادة وهى صناعة أميركية

طائرات (نوفا 2)

كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات (نوفا 2) الذاتية القيادة وهى صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إس” أو إلى التدخل البشري.

والمسيرات الانتحارية من طراز (سويتش بليد 600)، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.

يستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة، ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:

نظام (قطيع الذئاب): وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين.

نظام (الذئب الأزرق): وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات (قطيع الذئاب).

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !

قتل (الصحفيين) في غزة بالذكاء الإصطناعي !
نظام (الذئب الأحمر): يستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه

نظام (الذئب الأحمر)

نظام (الذئب الأحمر): ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم.

هذا الاستهداف الممنهج والاستخدام المتزايد، لتلك التقنيات الحديثة في قتل الصحفيين وغيرهم من المدنيين الفلسطينيين، تبعه توجيه انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.

فقد قالت صحيفة (الجارديان) البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.

ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج (لافندر) في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة (حماس)، وفي 2 ديسمبر 2023، قالت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية إن (الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21).

خلاصة القول: ما كان في السابق شكوك بشأن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لنظام الذكاء الاصطناعي (هبسورا) وغيره من أنظمة الذكاء لتعقُّب (الصحفيين) الفلسطينيين في قطاع غزة، واغتيالهم، أصبح واقعاً وحقيقة لا تقبل التأويل، بعدما بات لدي إسرائيل وتحت تصرُّفها نظام استهداف مدعوم بالذكاء الاصطناعي.

يسمح بمثل هذا القتل الدقيق، ويتعقب الأشخاص أثناء عودتهم إلى منازلهم وأماكن عملهم، وبات الواقع يؤكد معه أن (الصحفيين) الفلسطينيين في قطاع غزة يتعرضون لاستهداف مباشر من جيش الاحتلال، خاصة أن معدل القتلى بين (الصحفيين) في غزة يجعل من الصعب التصديق أنهم ليسوا مستهدفين، وللحديث بقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.