رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
سيدة شعبية طلقت أكثر من مرة لكنها لا تستطيع أبداً أن تعيش بدون الرجل
(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
محمود قاسم

بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم

 تمثل (ماري منيب) النموذج الأنثوي من الفنان (عبد الفتاح القصري)، هى المرأة القصيرة نوعاً ما، بدينة دوما، إما أما أو حماة، أو أرملة، أو سيدة شعبية طلقت أكثر من مرة لكنها لا تستطيع أبداً أن تعيش بدون الرجل.

وهى أكثر من جسدت دور الحماة التي يعاني منها زوج ابنتها، أو زوجة الابن، وتحشر بقوة في الحياة الخاصة للأزواج في أفلام منها )حماتي ملاك، حماتي قتيلة ذرية، والحموات الفاتنات، وهذا هو الحب).

وهناك عبارات ترددها دوما (ماري منيب)، هي أيضاً لسان حال المرأة الشعبية مثل (جتك نيلة)، و(حط طوبة على طوبة خللي العركة منصوبة)، وكانت كلمتها (جتك نيلة) تتكر علي لسانها من فيلم إلى آخر.

كما شاهدنا في أفلام مثل (حماتي ملاك)، و(الناس اللي تحت)، وبالطبع فإن هذه الجمل معروفة عند النساء في الطبقات الشعبية، لكن (ماري منيب) تقولها بصوت مسموع، ونبرات خاصة تعكس أن من تتكلم إمراه قوية لا تتورع عن ما تقول أو تفعل.

فالكثيرات من الحموات يجربن الاختبار للبنت التي تختارها كزوجة لابنها الوحيد في فيلم (هذا هو الحب) لكن ما فعلته المرأة هنا زائد عن الحد ومكشوف جدا!، وهى تطلب من الفتاة (شريفة/ لبنى عبدالعزيز) أن تكسر الجوزة على الفكين تباعا.

وتتفحص جسدها، كأنها تشتري بضاعة من سوق الخضار، ولذا فويلها العروس التي تقع في طريقها، وهى جريئة تفخر بتعدد أزواجها (اسأليني أنا مدوباهم اتنين)!

وفي الأفلام لا تكون الإفيهات منفصلة عن التصرف، ويبدو الجسد المكتنز المليء بالدهن منفرا مهما كانت المرأة خفيفة الحجم مطلوبة من الرجال الشعبيين مثل فيلم (أم رتيبة).

أووهي تردد في  فيلم (حماتي ملاك) جملتها الشهيرة (طوبة علي طوبة خلي العركة منصوبة)، أو أن تكيد من يناصبها الخصوبة مثل فيلم (الناس اللي تحت)، فتقول: (فلفل اهري يا مهري وأنا علي مهلي) ثم هي تردد في موقع آخر (الخناقات زي الفلفل والشطة بتاعت الجواز).

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
هى المرأة غير الجذابة، البدينة التى لا يمكن أن تكون فاتنة

نظرة عامة

بالنظر إلى مجموعة أفلام (ماري منيب) سوف نكتشف أن شأنها شأن العديد من ممثلات الكوميديا، وما أقلهن في السينما المصرية، حيث تم إكتشاف الجانب الكوميدي، وما تتمتع به من خفة ظل بعد سنوات من عملها في أدوار غير مضحكة.

ولا نقول مأساوية، مثلما حدث فيما بعد مع الفنانة (شويكار)، والأدوار التى لعبتها (ماري منيب) في أفلامها الأولى كانت أسيرة لتكوينها الجسماني، حيث قامت بدور (أم فاطمة رشدي) في فيلم (العزيمة) عام 1939.

وهناك أفلام سبق لها الظهور فيها تائهة، لا يمكن أن تحدد أدوارها بالضبط مثل (أنشودة الراديو) عام 1936، و(مراتي نمرة 2) عام 1937، وأغلب الظن أن الأفلام التى جسدتها (ماري منيب) ولا تتسم بالإضحاك هي التى كانت فيها مغلوبة على أمرها، إم كأم، أو واحدة من بنات الدار.

ففي فيلم (العزيمة) هى أم عليها الوقوف بجاب ابنتها التى تعاني من مأساة، وليست هناك أسباب تجعلها (إمرأة قادرة)، حيث أن طبيعة أدائها إلى الكوميديا قد تغيرت حين أصبحت إمرأة مشاكسة، متطلعة إلى المنصب، والمال والمكائد، والإمتلاك.

امتلاك أي شيئ يوقعها في متاعب، سواء كان زوج ابنة، أو زوجة إبن، أو حتى زوج، وهي المرأة غير الجذابة، البدينة التى لا يمكن أن تكون فاتنة.

وبالتالي فإن الأدوار غير الكوميدية التى جسدتها، قد بدت منسية أو غير تقليدية، وكان عليها أن تتقمص أدوار المرأة القادرة، التى تجمع بين القوة، والطيبة، وخفة الظل.

وإذا كانت بدايات (ماري منيب) في السينما قد كانت في عام 1934 من خلال فيلم (ابن الشعب) فإن أدوار عديدة قد جسدتها دون أن تترك أثرا مثل (سي عمر)، فهي واحدة من نساء في بيت بلا رجل.

وأغلب سكانه من النساء، ويخيم عليه الحزن والكآبة حتى يدخل شبيه للأخ الغائب فيتغير إيقاع المنزل.

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
شتان بين دور (ماري منيب) في فيلم (سي عمر)، ودورها في فيلم (لعبة الست)

لعبة الست

لكن شتان بين دور (ماري منيب) في فيلم (سي عمر)، ودورها في فيلم (لعبة الست) عام 1946، حيث بدت كأن الحيوية دبت فيها، وجعلها عشق المال بمثابة إمرأة متدفقة، شريرة، تطمح أن تحقق من خلال جمال ابنتها، وصباها مكانا ومالا.

قائمة أفلام (ماري منيب) طويلة، ومليئة بالخصوبة، ولكن مشكلتها بالنسبة للباحث أن أغلب هذه الأفلام تائهة، والأدوار التى جسدتها الممثلة في بعض هذه الأفلام لا يمكن تذكرها بسهولة.

مثل دورها في فيلم (ليلى بنت الفقراء) التى أدت فيه دورا ثانويا لا يكاد يذكره المشاهد الذى رأى الفيلم منذ فترة، لكن لا أحد ينسى مشاهدها وهي تمسك بالصاجات من أجل أن ترقص ابنتها على الإيقاع في (لعبة الست).

وهى التى تواجه الزوج من أجل الطلاق في نفس الفيلم، وتعمل على زيادة عصيان ابنتها ضد زوجها، وتشجع الثري اللبناني على الأقتراب أكثر من ابنتها.

(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
مع سليمان نجيب الذي قدمت معه كوميديا راقية
(ماري منيب).. تكوينها الجسماني كان وراء (إيفيهاتها) السينمائية!
(ماري منيب) لم تكن أما مميزة في الأفلام المصرية في حقبة الأربعينات

أم غير مميزة لكن حماة مشاكسة

من الواضح أن (ماري منيب) لم تكن أما مميزة في الأفلام المصرية في حقبة الأربعينات، ولذا لم تترك أثرا كبيرا مثلما حدث عندما صارت الحماة صاحبة المقالب.

وبالتالي فإن أدوار الأم من طراز (المجنونة) و(بابا عريس) و(بابا أمين) و(شباك حبيبي) و(خد الجميل) لم تكن علامات بارزة، ولكن الأمر تغير كثيرا عندما صار عليها أ تكون حماة.

وقد امتزج هذا الدور بالنسبة لـ (ماري منيب) من خلال عدة أبعاد، أكسبها الشعبية التى جعلت المتفرج ما أن يذكر إسم الممثلة للوهلة الأولى حتى تتسرب إلى ذاكرته كل ما أعطته لهذه الشخصية من مزيج خاص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.