رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: تمرد داخل الشرايين (2).. (الإيكو) بين ضيق الأرض ورحابة السموات

إبراهيم رضوان يكتب: تمرد داخل الشرايين (2).. (الإيكو) بين ضيق الأرض ورحابة السموات
بعد دقائق طلب مني أن أتوسد جانبي الأيمن  لإكمال (الإيكو)

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

قام الدكتور بتحريكى بيديه إلى  الناحية التي يريدها ظنا منه أنني لم أسمع توجيهاته.. بدأ بالعصا الإلكترونية.. يطلق الموجات الصوتية.. لتعبر عبر المجسات الإلكترونية الملتصقة بصدرى في كشف أغوار القلب المتعب.. لتنعكس الصورة الحية للقلب  أمامه على المونيتور في أثناء عمل (الإيكو)..

بعد دقائق طلب مني أن أتوسد جانبي الأيمن  لإكمال (الإيكو).. قال لي الشاعر (أيمن البياع) بعد ذلك.. أنني لم استجب أيضا.. في هذه اللحظات بدأت بعض شكوك تثور بداخل الدكتور.. متزامنة مع انتهائه من فحص (الإيكو).. ربت على ظهري :

يا أستاذ ابراهيم.. إحنا خلصنا عمل (الإيكو)..

اتفضل حضرتك اعدل هدومك علشان تمشي..

 لم استجب أيضا..

و

(وخلي  الكون بكل ما فيه..

عشان قلبي الجريح مسجد

وخلي (فعلي) لاجل الخير

صلاة دايمة

وروحي هايمة في وجودك

ويبقى سجودي عطف رقيق

على الأيتام

ورفع الظلم عن مظلوم

وخلي اليوم عشاني ركعه

ممدودة

وواصلة سماك يا رب الكون

وكن.. فأكون

مطيع للمصحف المفتوح

يكون طه حبيب الروح

ضيا مصباح بيهديني

تكون التقوى نور رباني..

تطفي ظنوني لو طالت

وتعدلني..

إذا كل القلوع مالت

وترحم ضعفي مهما يكون

وتلطف بالقضاء لو طالني.

أو جاني)

إبراهيم رضوان يكتب: تمرد داخل الشرايين (2).. (الإيكو) بين ضيق الأرض ورحابة السموات
ساعدوني على النهوض بعد (الإيكو).. كانت الشكوك لديه قد تحولت إلى يقين

النهوض بعد (الإيكو)

ساعدوني على النهوض بعد (الإيكو).. كانت الشكوك لديه قد تحولت إلى يقين.. لاحظت انه يهمس للشيخ ـيمن.. لم اشك لحظه في شيء ..غادرت الحجرة على أرجلي مستندا بذراعى المفرودة على كتف الشيخ أيمن.. والأخري علي الحائط..

خارج الحجرة رأيت الشيخ أيمن يسارع بإحضار كرسي متحرك.. طالبا منى برفق الجلوس عليه.. رفضت تماما الاستسلام لهذا النوع من الإنهيار.. قلت له أنني بخير.. وأنني لا أحب هذا المنظر.. ولا أحب أن يشاهدني أحد مغلفا بهذا الضعف.. حتى أمام من لا أعرفهم  من رواد المستشفى..

و

و مد إيديك لرب الكون..

لا يمكن يوم تعود فاضيو

وخلي جوهرك يكتم..

في فقرك مهما زاد جواك

وكتمان الغضب حتى..

 إذا جرحوك

ولا تخلي في كائن كان..

يحس بشدتك أبدا)

أصر الشيخ أيمن على جلوسي على الكرسي بعد انتهاء فحص (الإيكو).. نظرت إليه  مستفسرا.. لاحظت  أن عيونه مغرغرة بالدموع.. استسلمت لرغبته في هدوء.. دفعنى خارجا علي الكرسي المتحرك..

أحضر سيارته.. حيث كان يركنها في مكان بعيد.. فالعثور على سنتيمترات للركن في هذا الشارع تعد من المعجزات.. بصعوبة بالغة وقف بالباب الأمامى بمحازاة الكرسي المتحرك.. وخرج مسرعا  يسندني ويدخلني سيارته..

 وانا أضع رأسي علي مسند السيارة.. عدت مرة أخرى إلى ضباب  العالم الآخر.. عالم لا أدري عنه شيئا.. و لا أعلم  أين أنا هناك.. و من يسحبنى إليه؟.. و إلى أين؟..

و

(فكون مشتاق ..

إذا نده  القدر إسمك

تقابل ربنا أحسن..

من الدنيا اللي دايسانا

وم السكه اللي ناسيانا

ومن كل اللي حاول ليله يفنينا)

إبراهيم رضوان يكتب: تمرد داخل الشرايين (2).. (الإيكو) بين ضيق الأرض ورحابة السموات
حتى النوم الآن لا يأتينى طواعية.. دون أن أقدم له ما يجلبه من الحبوب المهدئة

النوم لا يأتينى طواعية

ما زالت بقايا  الوعي بداخلي..  تربطنى بالشوارع المزدحمة.. تمرق من نافذة السيارة المسرعة.. كنت أترقب الوصول إلى المنزل حتي أنام.. هاربا من كل هذه الأحداث..  حتى النوم الآن لا يأتينى طواعية.. دون أن أقدم له ما يجلبه من الحبوب المهدئة التي أصبحت هى أيضا غير مجدية في الفترة الأخيرة..

لاحظت ببقايا الوعى أن الشيخ أيمن يحاول أن يكسر كل الإشارات في قلب الشارع المزدح .. كان منطلقا بسرعه رهيبة.. متجاوزا كل العراقيل بكلاكسات متوالية.. وبإخراج يده  يشير لبعض السيارات التي عليها الدور لتتوقف.. ثم ينطلق معرضا نفسه وسيارته لعشرات الحوادث..

كنت أترقب انعطافه لكوبرى طلخا ليعبره إلى سكنى.. لكنني فوجئت أنه سار من طريق آخر.. كنت أنتظر مروره من على الكوبري، لأن بداخلى رغبة ملحه أن أصافح صديقي الملاك (إبراهيم صالح) أمين الشرطة.. الذى ينظم حركة عبور الكوبرى.. و الذي يحبه الجميع ويعتبر شخصية نادرة على مستوي العالم العربي.. لكن ما زال الشيخ أيمن البياع يقصد في سرعة مكانا لا أعرفه..

 من بعيد لمحت التأمين الصحي بسندوب.. ليس لدى القدرة على التعليق والاستفسار.. حاول الشيخ أيمن أن يختصر الطريق إلى المستشفي مستأذنا رجل المرور على  أساس أن معه حالة يسابق الزمن من أجل إنقاذها.. رفض الشرطى والرائد وأمراه أن يصل المستشفى من المكان المسموح به..

انطلق صديقى لمسافة طويلة.. حتى استطاع أن يعود مسرعا  إلى الطريق العكسي.. ناحية المستشفى التي عانينا مرة أخرى في الدخول إليها.. كنت مازلت مشدودا بين ضبابية العالم الآخر والتعجب مما أستطيع التقاط أطرافه من الواقع حولي..

كان صديقي أيمن البياع قد دخل بى إلى حجرة يتحدث فيها مع الأطباء.. فجأة وبلا مقدمات.. فاجئتنى زوجتي تقتحم حجرة الأطباء تبكي في حرقة.. يتبعها أولادي (محمود وشادي) يبكيان وزوجتيهما تشاركهم البكاء بشد، ابنتي (رضوى) ومعها زوجها (محمد حمدي السلاموني) الذي اعتبره ابني.. ازداد طنين الأسئله في  رأسي: أين أنا؟

ولماذا تبكي الأسرة.. وما سر الدموع التي رأيتها في عينى صديقى أيمن.. أريد إزاحة الستار عن السر الذى يعلمه الجميع.. لكننى وحدى  أتحرك في  ظلمة شرنقته ولا أرى معالمه ..

و

(و إنت في حاله من قربك

من السموات

ها تلقى القلب ساجد..

 وانت نايم نص نومة..

في عالم الملكوت

وتلقى ألف ألف ملاك

 بيستنوك

وبيحموك..

بماء المسك والعنبر

وبيهنوك..

على وصولك لعالم عمره ..

ما يكون افتراضى في يوم

 بين خانات وخانات)

وللحديث بقيه

من كتاب (مدد مدد..)

سيرة ذاتية لبلد،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.