
بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
غادر محمد ابن أخت المذيعه المكان وهو يربط يده بمنديل.. وكلانا يتجنب النظر ناحية الآخر.. عاد شقيق صديقي من الخارج.. وهو يشكو من مغص شديد.. و ٱلام لا تطاق قائلا لي: يظهر الناس اللي أنا كنت بافطر عندهم كفره برضه وما بيصلوش..عملت ايه مع ضيفك
لم أرد.. أحسست أن هناك حائطا رهيبا سقط بيني وبينه.. تأكدت أن وجودي في هذا المكان فيه خطورة علي حياتي.. حينما سمعت أحدهم يقول أن أستاذ له أفتى بأنه يجوز للمسلم قتل تارك الصلاة.. كنت أحب إن صليت أن تكون صلاتى لله .. لا صلاة خوف من سيف او فتوى..
في اليوم الثاني صممت المذيعة أن أتناول الإفطار معها عند شقيقتها.. تعمدوا أن يضعوا مئات الأصناف علي السفرة..قال لي (محمد) بوقاحه – حاول تاكل كويس النهارده علشان تعوض أكلة امبارح.. قصدي مش أكلة امبارح
لم تمتد يدي نهائيا علي الطعام.. رغم إلحاحهم.. ومحاولة إقناعي بمشاركتهم الطعام .. كنت مجروحا من الداخل، وكنت أبذل مجهودا كبيرا لأكتم البكاء.. كانت رائحة جاز شقة حارة العدوي المتفرعه من شارع زين العابدين بالسيده تسيطر تماما هنا علي جو الشقة الفاخره..

الطبق كان من ريحة أمي
جلست بشرفة الشقه.. بعد إفطارهم..حضرت ومعها طبق به كميه من الطعام..وعندما أصرت علي أن أأخذه منها أخذته ثم قذفته في الشارع حيث قالت أختها معانبة لي ليه كده يا أستاذ ابراهيم..الطبق ده كان من ريحة أمي
اتجهت إلي باب الشقه و قلبي يقطر دما و حزنا و قهرا و مراره بينما رائحة أوراق الصحف المحترفه و التي أحرقت يد (محمد) تسيطر علي المكان و تخنقني .. سرت في الشارع أفكر في علاقتى بالمرأة و وجود رفيقة في حياتى .. كنت لا أستطيع تحديد الموقف الحقيقى لهذه المذيعة منى.. بدأت في الابتعاد عنها تدريجيا مما أثار جنونها وجعلها تشعر بأنها ستفقدنى ..حتى جاء اليوم .. يومها كنت قد حصلت علي أول منحة تفرغ في حياتي ..
في المنصورة قابلتها لأول مره وهي تسير مع صديقة لي قبل أن أعود إلى القاهره بليلة واحده.. تجاهلت صديقتى النظر إلي خطاب التفرغ.. أما هي فلقد أخذت مني الخطاب ثم أعادته لي في نبرة فخر وهي تقول: الله.. ألف مبروك يا أستاذ.
لا أدري لماذا تمنيت لحظتها أن تكون حبيبة لي أو زوجة في يوم من الأيام.. وافترقنا.. تقابلنا لأول مرة عند نادي المعلمين أثناء وجودي في أجازه بالمنصورة، حيث كانت إقامتي قد أصبحت بالقاهرة.. في كل أجازه للمنصورة كنت أبحث عنها.. كانت أجمل بنات المنصورة.
جلسنا.. أخبرتها قصة المذيعة التي أصبحت تحاربني حتي أصبح دائما في حاجة إليها.. وأنني رغم انتشار ونجاح برامجي أصرف علي عائله من أب و أم و 9 أشقاء.. قالت لي أنها علي استعداد أن تترك الدنيا كلها من أجلي.. وأنها قبلت التحدي..فتزوجنا
بعد الزواج.. قامت القيامة عند الأخرى..ااستطاعت بسطوتها أن توقف لي كل برامجي وأعمالي في الإذاع .. فقدت مصادر رزقى حتى كنت أنا و(اعتدال) نجمع فتات الخبز لنضعه في ماء بسكر ليكون وجبة لنا دون أن يشعر أحد.
و
تايه لوحدك في العاصفه..
والليل طويل يا غريب الدار
مين اللي يوصفلك وصفه..
تلمس بقلبك ضوء لنهار
الزحمه داست على قدمك
والرحمه شيء مفقود فيهم
مين ع الطريق يعرف إسمك
مين اللي تعرف أساميهم
إرجع بضهرك لاجل تعود
العيش يرجع عصفورك
بالحزن ليه قلبك موعود
ومفيش يمام حاضن سورك
حالف بربك لا تكمل
لحد ما تلاقي ضفافك
مهما بيجر ى بتتحمل
وبيروي دمعك صفصافك
دمع الرجال بيهز جبال
والآهه هزه في وجدانك
دايما تقول هايروق الحال
وهاتبتسم جوه مكانك
من كتاب (مدد مدد..)
سيرة ذاتية لبلد