رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

البطل، والسبع، وليالي روكسي، وعابر سبيل.. (المسلسلات العربية) تهز عرش الدراما المصرية (2/ 2)

محمود نصر في مشهد من البطل
أحمد السماحي

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد السماحي

الأسبوع الماضي توقفنا عند بعض (المسلسلات العربية) المتميزة التى عرضت في الماراثون الرمضاني الحالي، وهزت عرش الدراما المصرية، وهي (بالدم، ونفس، وتحت سابع أرض، ولونا، ووحوش).

واليوم نستكمل باقي (المسلسلات العربية) التى تعرض حاليا، وتحمل متعة خاصة في رسم صادق للبيئة والزمن الذي تتحدث عنه، فضلا عن الجو المخلوق بعناية، ورهافة الذوق في إختيار الديكور والأكسسورات.

والإحساس العالي بالمكان، والحس المتميز للصورة والكادر، والأداء التمثيلي الرائع للنجوم هذه الأعمال الذين تأخوا مع الشخصيات التى يجسدونها، وكأن عصا سحرية مستهم فجعلتهم يكشفون كل ما في أعماقهم، ويظهرون أمامنا وكان بعضهم نراه للمرة الأولى.

(البطل) حكاية ناس نسوا أنفسهم

أول هذه المسلسلات العربية)، المسلسل السوري (البطل) سيناريو وحوار رامي كوسا، ولواء يازجي، والسيناريو مأخوذ عن مسرحية (زيارة الملكة) للكاتب الراحل ممدوح عدوان، وإخراج الليث حجو.

وبطولة العمل لمجموعة كبيرة من النجوم هم (بسام كوسا، محمود نصر، نور علي، جيانا عيد، خالد شباط، رسل الحسين، نانسي الخوري) وغيرهم.

يتحدث المسلسل عن شخصية إنسانية بسيطة للغاية لكنها محملة بكل ما هو أصيل، حيث يروي المسلسل قصة الأستاذ (يوسف الصالح/ بسام كوسا) الذي يجد نفسه مطالباً بلعب دور المخلص لأبناء بلدته، بعدما تتعرض البلدة لنزوح جماعي جراء القصف الذي يطاولها من قبل قوات النظام السابق.

ويحاول ضمن طاقته وبطولته الفردية إنقاذ بلاده من الظل الرهيب الذي يجثم عليها، هذا هو الخط العريض في مسلسل (البطل) الذي يعتبر واحدا من أهم واقوى الأعمال التى تعرض في هذا الموسم، لأنه مليئ بالرسائل المهمة التى نحتاجها بقوة هذه الأيام.

وجميع أبطاله في أفضل حالاتهم الفنية، بفضل المخرج البارع (الليث حجو) الذي يمتعنا في هذا العمل برسم نموذجا لبطل إنساني كما قدمته التراجيديا اليونانية قبل آلاف السنين، ترسم ظله أمامه.

 وتضع على وجهه خطوط الزمن والألم والمعاناة، وتجعله يقول دون أن تنفرج شفتاه أنه الباحث عن العدالة، ويقاوم ويرفض، كما يقدم المسلسل ناس عادية عرفت كيف تسجل موقفا إنسانيا بطلا، وعرفت كيف تكون شهادة وميثاقا.

ليالي روكسي وسحر الزمان

في (المسلسلات العربية) هناك فئة من المخرجين تتميز عن سواها بأنها تصنف وراء طائفة من لهم رؤيا، والمخرج السوري (محمد عبدالعزيز) يؤكد ذلك من خلال مسلسله الممتع (ليالي روكسي) سيناريو وحوار (شادي كيوان، معن سقباني، بشرى عباس).

المسلسل يعيدنا بشخصياته وأماكنه إلى زمن العشرينات، لنشم ونستمع بروائح هذا الزمن الجميل الذي سمعنا عنه كثيرا، ولم نعشه، وعشناه من خلال (ليالي روكسي) الممتعة.

وتعرفنا على كواليس وظروف إنجاز أول فيلم سينمائي سوري، وهو (المتّهم البريء)  الذي عرض عام 1928، كما شعرنا بالمشاعر المفعمة الوطنية والحيوية النضالية.

وبجوار هذا الخط الدرامي، خطوط درامية آخرى لشخصيات نسائية وتراثية سورية تنبض بالحياة، مثل (طيرة، وتوتة، وعبدالوهاب، والمعلم عطا، وفرزت، ونظمي أولوكاس، وكوكب، وفخري البارودي) وغيرهم.

في هذا المسلسل تبينت بوضوح معالم عالم (محمد عبدالعزيز) وعلاقته الوثيقة بأجواء المرأة وخصوصياتها وقدرته الغريبة على الوصول إلى تحليل مشاعرها الدفينة وإحساساتها بإشارة عابرة، أو بلقطة متمكنة أو بحدث له دلالته.

وأكد من خلال (كادراته) إحساسه التشكيلي المدهش، والمثير للشجن والأعجاب، وشاهدنا نجوم المسلسل بشكل جديد ومختلف، فلمع بقوة كلا من (سلاف فواخرجي، أيمن زيدان، دريد لحام، منى واصف، جوانا خضر، رنا ريشة، عبدالفتاح مزين).

وكان مفاجأة المسلسل (مجد فضة) الذي لمع بقوة في دور العاشق الذي حاول أن ينسى حبه لـ (توتة) فتزوج من (كوكب) لكنه لم يستطع نسيان حبه، فطلق (كوكب) ليلة زفافه دون أن يلمسها.

وكشف لنا المسلسل أن أغنية (يا طِيرة طيري يا حمامة) التراثية، التى قامت بغنائها بتوزيع جديد (لينا شاماميان) كـ (تتر) للمسلسل أن (أبوالخليل القباني) كتبها في (طيرة) التى جسدتها بتمكن وروعة كعادتها دائما الأيقونة (منى واصف).

وبعد أن عرفنا المعلومة، استعادنا الإستماع بعذوبة إلى الأغنية مرات، لأنه كما ذكر (عبدالوهاب / دريد لحام) في المسلسل (من تخلده الموسيقى والفن ما بيغيب).

(عابر سبيل) والأطماع البشرية

من (المسلسلات العربية) الخليجية التى نستمتع بها حاليا بقوة المسلسل السعودي (عابر سبيل) تأليف علي شمس، إﺧﺮاج حسين الحليبي، حيث يسلط الضوء على مشاكل حقيقية في المجتمع السعودي، وينقل قصصاً واقعية بسرد فني رائع.

حيث تدور الأحداث حول (عابر)، الذي عاش طيلة حياته في ظل شقيقه الأكبر (جان) رمز النجاح والمحبة، وبعد وفاة (جان)، ينقلب عالم (عابر) رأسًا على عقب!

ويسعى للاستحواذ على ميراث شقيقه، بما في ذلك منزل العائلة، ليجد نفسه في مواجهة شرسة مع (صباح سعيد عبدالرازق )، أرملة (جان)، التي تصر على حماية حق أولادها ومستقبلهم.

وتسلط  أحداث المسلسل الضوء على قضايا ذوي الهمم، من خلال قصة (أيوب) ابن صباح) وهو من ذوي الهمم المتزوج من فتاة تنتمي لهذه الفئة المجتمعية، وتشاء الأقدار أن ينجبا طفلا سليما تماما.

يشارك في بطولة (عابر سبيل) مجموعة كبيرة من نجوم الخليج هم (عبدالمحسن النمر، عبدالله ملك، جمعان الرويعي، عبدالله بوشهري، ليلى عبدالله، منى حسين، سعود بوشهري، حسن عبدال، ولطيفة المجرن، ابتسام عبدالله، شيماء رحيمي، علياء محمد).

ومع كل هؤلاء النجمة المصرية (وفاء عامر) التى صالت وجالت، وجسدت بشكل واقعي جدا شخصية الأم (صباح سعيد عبدالرازق) التى تعشق أولادها وتدافع عنهم حتى الموت، بحنان متدفق وعفوية أصيلة.

وبرع (علي شمس) من خلال سيناريو محبوك في نسج خيوطه بإتقان ملحوظ، فرسم لوحة مدهشة لأخلاق وعواطف جيل يبحث عن نفسه وعن قدره، وكيف تتحكم الأطماع في النفس البشرية، فتكسبها نوزاع شريرة تحيل حياتها إلى جحيم.

ونجح المخرج المتألق (حسين الحليبي) صاحب العين النفاذة، من أدارة مدهشة للممثلين، وقدم مجموعة من الوجوه الشابة التى أحسسنا ونحن نراها بنسمة هواء نقية تلفحنا، وبتنهيدة إرتياح تملأ صدورنا، مثل (عبدالله بوشهري) الذي جسد ببراعة دور (أيوب) فكان مفاجأة حقيقية لنا.

وكذلك (ليلى عبدالله) في دور (حبيبة)، و(منى حسين) في دور(زيزي)، و(سعود بوشهري) في دور (خالد)، (شيماء رحيمي) في دور (هند)، و(حسن عبدال) في دور (أحمد).

أما الكلام عن المدهش (عبدالمحسن النمر) فهو يحتاج لمقال خاص به عن التحولات الدرامية، وتعبيرات وجهه التى تتحول من حالة إلى أخرى بشكل رائع وجدير بالدهشة.

(السبع) وروعة المكان والأداء

أحببت أن أختم حديثي عن أجمل (المسلسلات العربية) التى عرضت في الماراثون الرمضاني بمسلسل (السبع) الذي يعرض حاليا بنجاح وترقب لذيذ، لأنه واحدا من الأعمال التى نجح مخرجها (فادي سليم) في رسم جو أسطوري للحدوتة التى يسردها.

فواحدة من نقاط التميز في مسلسل (السبع) كانت الإخراج، حيث صنع (فادي سليم) جوا غير معتاد مليئا بالسحر والجمال، ورسم صورا مختلفة كلها خرجت من أحشائه ومن عذاباته.

وعكسها في مرآه سحرية ذات أبعاد مختلفة الحجم فخرجت علينا بصورة جميلة لم نعتدها من قبل وأشكال أسطورية بهرتنا وقادتنا إلى ممرات التيه والأعجاب.

وساعده في خلق هذا الجو الأسطوري مجموعة من النجوم أصحاب المواهب الخارقة خاصة الثنائي الرائع (أمل عرفه، وعبدالمنعم عمايري)، فهما هنا في أفضل حالاتهما الفنية، وقدما تنويعات مدهشة من خلال نظرة عين، وحركة جسد، وتعبير وجه.

وقدمت (أمل عرفه) شخصية (ثريا) المليئة بالدهاء، بأداء واثق هادئ مليئ بالعواطف المتشابكة والمعقدة، وكل هذا من خلال أدائها السهل الممتنع.

أما (عبدالمنعم عمايري) في دور (عزيز أبو رزق) المليئ بالشهوة للبطش والنساء والدكتاتورية فكانت موهبته هادرة كاسحة كالشلال، وقدم مشاهد كثيرة رائعة خاصة التى جمعته بأمل عرفه.

وقدمت (أمل بوشوشة) دور(زمردة) العاشقة لـ (السبع) بدون أمل حتى الآن، فأطلت علينا ممثلة حساسة قادرة على اللعب بمشاعرها وإبراز أحاسيسها كلها في نظرة أو حركة أو إشارة.

أما (باسم ياخور) فلم يكن في أفضل حالاته التمثيلية، وسيطرت عليه شخصيته في (العربجي)، فلم يعطي شخصية (جابر، أو السبع) حقها في الأداء، وغلب عليه التجهم طول الحلقات الماضية، دون داعي.

وأبدعت (حلا رجب) من خلال شخصية (مطيعة) وكشفت عن وجوه جديد لها، فتألقت أمام مجموعة من (عتاولة) التمثيل.

مسلسل (السبع) قصة بشار مارديني، وتأليف سيف حامد وفادي سليم، وبطولة (أمل عرفه، باسم ياخور، عبدالمنعم عمايري، أمل بوشوشة، طارق مرعشلي، حلا رجب، جيني إسبر، تيسير إدريس، يزن خليل، بلال مارتيني، روعة السعدي، جبريل الحسام) وغيرهم.

للحديث عن هذه (المسلسلات العربية) الرائعة وقفة أخرى، لكل مسلسل على حدة بعد انتهاء الشهر الكريم بإذن الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.