رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بالدم، ونفس، وتحت سابع أرض، ولونا، ووحوش.. (مسلسلات) عربية تهز عرش الدراما المصرية (1/2)

ينظر للفن على أنه تجارة، وليذهب للحجيم تاريخ وأصالة ونفوذ وإشعاع هذا الفن التليفزيوني
أحمد السماحي

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد السماحي

المتابع للماراثون الرمضاني الحالي، وبعد مرور أسبوعين، على الماراثون يجد مجموعة كبيرة من المسلسلات التي تعرض في هذا الموسم، سواء (مسلسلات) مصرية، أو عربية.

 الكل يحاول أن يستقطب مشاهدات جماهيرية ضخمة عبر مسلسلات مختلفة، وخلال هذه المحاولات الكل يستعرض (عضلاته) سواء من خلال إعلانات مدفوعة في الصحف، أوعلى مواقع الأنترنت، أو من خلال (الذباب الألكتروني).

ووصل حب الاستقطاب عند بعض المنتجين إلى إغواء الجمهور بتقديم مسابقات يحصل من خلالها المتسابق على جوائز مالية لمن يشاهد مسلسلات تابعة لهم!.

والمتابع الجيد لهذا الكم الكبير من (مسلسلات) رمضان يجد أن (الكلمة) – ونقصد بالكلمة (السيناريو) – في كثير من هذه الأعمال فقدت مكانتها!

 وأصبحت أداة تتحرك بيد ممثل ذى نزوات يريد فرض أحبابه من الفنانيين والهواة بغض النظر عن موهبتهم!

 وأبسط مثال على ذلك (عصام السقا) منزوع الموهبة، و(ياسين السقا) معدوم الموهبة، في حين يجلس كثير من أصحاب المواهب الحقيقية في منازلهم!

والكلمة لا تقتصر على يد ممثل ذو نفوذ فقط، ولكنهها تشمل منتج من أصحاب الهوى، أوينطبق عليه الجملة الشهيرة (بضاعة أتلفها الهوى) ينظر للفن على أنه تجارة، وليذهب للحجيم تاريخ وأصالة ونفوذ وإشعاع هذا الفن التليفزيوني الذي أصبح الأهم حاليا من بين كل الفنون الآخرى.

مسلسلات مصرية ممتعة

لكن في هذا الظلام تضيئ شمعه أضائتها مجموعة من (مسلسلات) الـ 15 حلقة، وهذه المسلسلات هي تحديدا (النص، أشغال شقة جدا، الشرنقة، ولاد الشمس، قلبي ومفتاحه، الأميرة ضل الحيطة، 80 باكو، عقبال عندكوا، كامل العدد، إخواتي، جودر).

هذه المسلسلات ابتعدت عن السخافة، وشحن أحداثها بالمصادفات والغرائب من كل نوع، والصريخ والعويل، والحكايات المليئة بالمط والتطويل، وتجرأت وحملت متعة وفكر وجودة، وقبل كل ذلك إحترمت عقل الجمهور.

 فلم تدور أحداثها حول غدر الأصدقاء والأهل، والانتقام في حارة شعبية، أو دارت أحداثها في رفاهية (تغيظ وتفقع المرارة) في الـ (كمبوندات)، بل يمكن اعتبارها كشفا خاصا للطبقة الوسطى بما تحمله من تناقضاتها الخاصة.

تحت سابع أرض

بجانب هذه الأعمال المصرية، جاءت مجموعة أخرى من (مسلسلات) عربية أسعدتنا وغردت خارج السرب، وقدمت لنا متعة شديدة من خلال رقة في المعالجة، وشاعرية في رسم شخصياتها، ودقة متناهية في التفاصيل، كما حملت رسائل قوية جدا.

من المسلسلات المتميزة التى أبدع فيها مخرجها سامر البرقاوي، المسلسل اللبناني (تحت سابع أرض) تأليف عمر أبو سعدة، إنتاج صادق صباح، حيث المقدم (موسى الناجي) الذي أضطرته ظروفه الشخصية والعائلية للإنحراف.

 وقد أستطاع المخرج أن يملأ مسلسله بتفاصيل مدهشة، أغرقتنا في بحر من الواقع الفاسد الساخن، وجعلنا نحس برائحة الأماكن التى تدور فيها الأحداث، وجعل من الواقع لوحة في إطار مزركش.

ولكنه فوق ذلك يقدم لنا أداء مثيرا للانتباه من (تيم حسن، وكاريس بشار، وأنس طيارة، مجد فضة، جوان خضر)، وأعطت (منى اصف) بثقل وجودها وقوة تعبيرها، عبق خاص جدا للمسلسل.

ولابد أن أهمس في أذن النجم (جوان خضر) بهمسة فلا يوجد ضابط شرطة، دائما (الغرة) تنزل على جبينه باستمرار، إلا في السينما زمان مثل أنور وجدي!

عابد فهد ونفس

المسلسل الثاني الذي يستحق الأشادة والوقوف عنده المسلسل اللبناني (نفس) تأليف إيمان السعيد، وإخراج إيلي السمعان، إنتاج صادق صباح، وبطولة (عابد فهد، ومعتصم النهار، ودانييلا رحمة، وإيلي متري، وجوزيف بونصّار، ووفاء موصللي) وغيرهم.

فالعمل يعزف بشاعرية على أوتار النفس دون نشاز، وينتقل من وتر إلى وتر بمهارة العازف المتمرس، ويسلمك بسلاسة ورقة من حالة إلى حالة، دون أن تطغى واحدة على الأخرى، فتشبعك دون إرهاق أو تبلد أو تخمة.

ويقدم المسلسل رسالة مهمة جدا عن أهمية الفن في مواجهة الجهل والتحديات، ففي زمننا الحالي الأستهلاكي المليئ بطيور الظلام المستتريين والقابعين في الظلام ينتظرون الفرصة المناسبة للقفز والأنقضاض!

تضع اللحظة التاريخية عبئا ثقيلا من مسئولية المقاومة والتنوير على رأس (أنسي الرمال) مدير المسرح العاشق لعمله، والذي يرفض بيع مسرحه (نفس) لتحويله إلى مشروع استثماري.

وإذا كان (عابد فهد) في هذا المسلسل هو اللحن الأساسي، وآلة العزف الرئيسية فيه، فإن أوركسترا الأداء الذي صاحبه لم يقل عنه روعة خاصة ( دانييلا رحمة، وإيلي متري، وجوزيف بونصّار، ووفاء موصللي).

أما النجم (معتصم النهار) فعليه أن يأخذ كورسات في التمثيل حتى يجيد أداء جميع ألوان التمثيل، وتطيع خلجات وجهه أوامره وقت الضرورة!.

ماغي بوغصن وبالدم

المسلسل اللبناني الثالث هو (بالدم) تأليف نادين جابر، إخراج فيليب أسمر، وإنتاج جمال سنان، وبطولة (ماغي بوغصن، بديع أبوشقرا، رفيق علي أحمد، جوليا قصار، باسم مغنية، جيسي عبدو، وسام فارس، كارول عبود، غابريال يمين، سينتيا كرم) وغيرهم.

حيث تدور الأحداث في إطار من الإثارة والتشويق، يبدأ عندما تكتشف المحامية (غالية سعد) بعد مرور 45 عامًا على ميلادها، سرًا خطيرًا بالمصادفة أثناء عمل تحليل (دم) لطفلتها (هيا).

حيث تكتشف أنها ليست إبنة (روميو، وجانيت)، وهذا الأكتشاف الذي يكاد يدمر حياتها الشخصية والعملية يدفعها للبحث عن الحقيقة الغامضة حول هويتها الفعلية.

تميز سيناريو (نادين جابر) بإحكام البناء، وسخونة الصراع، ودقة رسم الشخصيات، وبحوار درامي ذكي، والتنويع الشعوري الدقيق والأستغناء التام عن أي فائض عن الحاجة الدرامية.

وأجمل ما في هذا المسلسل أنه أفسح المجال لظهور وإبراز مجموعة من عمالقة التمثيل اللبناني مثل (رفيق علي أحمد، إلسي فرنيني، نوال كامل، جوليا قصار، جبريال يمين) لإبراز موهبتهم العريضة من خلال أدوار كبيرة.

وليست أدوارا صغيرة هامشية كما اعتدنا أن نراهم مع الأسف الشديد، فأدهشونا وأمتعونا في المشاهد التى يظهرون فيها، وقدموا أداءا رائعا فلن ننسى مشاهد (رفيق علي أحمد) مع (جوليا قصار) في مشاهد المواجهة بينهما، أو مشاهد الندم من الطرفين.

مرضى السرطان وحكاية لونا

من المسلسلات التى تعتبر نقطة مضيئة في واقع درامي مظلم، مليئ بكثير من العبث والتفاهات، المسلسل الأردني (حكاية لونا) تأليف الكاتب د. سليمان أبو شارب، ﺇﺧﺮاﺝ ليث حجاوي، فالعمل واقعي جدا.

ويعالج مشكلة واقعية جدا، ومن خلال نماذج واقعية، نراها ونصادفها يوميا، حيث يتناول (حكاية لونا) طبيعة حياة مرضى السرطان، وكيفية تعاطيهم مع المرض، والأهل والمجتمع.

والجميل في هذا العمل الجدير بالتشجيع، أنه مليئ بالرسائل المهمة جدا، في التربية، وكيفية التصدي لهذا المرض اللعين، وقدم رسائله دون صراخ، وبعيدا عن الإكتئاب أو السوداوية.

ورغم جدية رسالة المسلسل، وجانبه المأساوي لكن مهارة المخرج وشطارة (ليث حجاوي) غلفت كل هذا بغلاف رقيق شفاف من الرومانسية، تخلله مجموعة من الأغنيات المليئة بالرومانسية والعذوبة.

وكان عنصر التمثيل ممتعا، وأبرز مسلسل (حكاية لونا) قدرات مجموعة كبيرة من النجوم الأردنيين والعرب منهم (لونا بشارة، عبير عيسى، ليلى السلمان، حبيب غلوم، مريم الغامدي، سمير الناصر، هيفاء حسين.

وتركي الكريديس، هيلدا ياسين، طارق النفيسي، عهود السامر، جود السفياني، سلطان المقبالي، نبيل باعيسى، اسماء اليوسف، شرين البوازير، عمران العمران) وغيرهم

وتبقى تحية خاصة نوجهها للمنتج (عصام حجاوي) على تقديمه لهذا العمل الجاد الذي بث رسائل إيجابية مطمئنة لمرضى السرطان، وللأسر العربية.

جرائم حقيقية في وحوش

من (مسلسلات) الخليج التي جذبت شريحة كبيرة من المشاهدين، المسلسل الكويتي المليئ بالإثارة والغموض (وحوش) ﺗﺄﻟﻴﻒ فيصل البلوشي، ﺇﺧﺮاﺝ سعيد الماروق، ومحمد سلامة.

دارت أحداث مسلسل (وحوش) من خلال مجموعة من الحلقات المنفصلة، حيث تتناول كل حلقتين أحد أبرز وأشهر الجرائم الحقيقة التي حدثت في الكويت على مدار سنوات مختلفة.

ولا أعرف حقا إلى من أنسب نجاح هذا العمل آخر الأمر إلى الإخراج، الذي انصهر نارا واحدة، أم مجموعة ممثليه الممتازة، أم حبكته وسرده؟.

 أم إلى شركة الإنتاج التى تصدت لهذا العمل ولم تبخل عليه ماديا، إن هذا كله لا يهم، المهم حقا أننا استمتعنا على مدى 10 حلقات بعمل فني تجاري تم تقديمه في أفضل صورة.

كلمة أخيرة

ما ذكرناه عن هذه المسلسلات كلمات بسيطة، لا توفيها حقها، لكننا سننتوقف معها بالتفصيل بعد انتهاء الشهر الكريم، واكتمال الحلقات.

غدا نستكمل باقي المسلسلات العربية الجميلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.