دور الفنانين والمثقفين في كتاب عن (ثورة 30 يونيو.. والاستجابة للقدر) للسيد الحراني

كتب: مروان محمد
لاشك أنه كان للفن والفنانين وشريحة المثقفين دورا مهما في ثورة 30 يونيو 2013، جاء ذلك في كتاب جديد للكاتب الصحفي (السيد الحراني)، الذي حمل عنوان (ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر)، وصدر عن (دار كنوز للنشر)، ويشارك به ضمن فعاليات الدورة 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025.
الكتاب يرصد دور الفنانين والمثقفين في التوعية والتصدى لمخاطر تنظيم الإخوان وأعوانهم حملة الأفكار المتشددة، وفي هذا السياق لا يمكن نسيان حديث الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك إلى بعض فنانين مصر الذين أحيوا إحدى العروض الفنية داخل مسرح الجلاء وطمانته لهم.
وبعث السيسي رسالة طمأنينة من خلال حديثه إليهم إلى الشعب المصري كله أن الجيش المصر يناصر شعبه ولن يكون ابدا اداه في يد غيره.
وضمن ما جاء في كتاب الحراني (ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر) في فصل حمل عنوان (أزمة الإخوان مع المثقفين والفنانين)، حيث ذكر أن الرئيس المخلوع محمد مرسي وتنظيمه الإخواني كانوا متخصصين في صناعة الأزمات لم ينتهوا من واحدة حتى يبدأوا في أخرى جديدة.
وكان الهدف من ذلك واضحًا لنا جميعًا مجرد محاولات إخوانية لإنهاك المؤسسة العسكرية، ومؤسسات الدولة المصرية وإهدار طاقة قياداتها في أحداث جانبية لإبعادهم عن مسارات تنفيذ خطط الأخونة والتمكين.
وكان ضمن أبرز تلك الجبهات صراعهم المعلن مع المثقفين الذي بدأ عندما أعلنت مؤسسة الرئاسة آنذاك إجراء الرئيس محمد مرسي تغييرات وزارية في حكومة الدكتور هشام قنديل، واختير بين الوزراء الجدد الدكتور (علاء عبد العزيز) وزيرًا للثقافة في محاولة لأخونة الثقافة والفن المصري.
وشرح الكتاب أن اختيار الرجل أحدث صدمة كبيرة للمثقفين خاصة وأن الوزير الجديد ليس له بطاقة دخول إلى عالم المثقفين، ولم يسهم ولو بقليل ليؤهل لهذا المنصب الذي يتطلب أن يتولاه أحد أبرز المنتمين لتيار المثقفين.

تنظيم الإخوان حاول ردع المثقفين
حيث إنه بجوار العمل الإداري يتعامل مع مبدعين يجب أن يدرك صفوفهم وطرق تفكيرهم، فاشتعل فتيل الصراع عندما أصدر المثقفين بيانًا عبروا فيه الرفض خاصة أن الوزير بدأ يمارس مهامه المكلف بها من مكتب الإرشاد بإنهاء انتداب عدد كبير من المسئولين المعارضين للإخوان.
لذلك في يوم 2 يونيو 2013 قام المثقفون بمختلف انتماءاتهم والعاملون بوزارة الثقافة بمنع الدكتور (علاء عبد العزيز) وزير الثقافة من دخول مكتبه والاعتصام بداخل المكتب وداخل بهو الوزارة ونصبوا الخيام أمام مبنى الوزارة من أجل هدف مباشر لا يحيد عن إقالة وزير الثقافة.
وتضامن مع الاعتصام العديد من التيارات التي خرجت بمسيرات وتظاهرات مؤيدة في المحافظات المختلفة، وناشد المعتصمون القوات المسلحة بسرعة التدخل للحفاظ على هوية وتراث مصر الثقافي والوثائق القومية.
وأضاف (الحراني) في كتابه (ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر) أن تنظيم الإخوان حاول مساندة وزيرهم وردع المثقفين عن الاستمرار في اعتصامهم بترويعهم والهجوم على الاعتصام من خلال عناصر إخوانية بقيادة الشاب الإخواني أحمد المغير، ولكن الهجوم فشل بعد أن قام المعتصمون بمطاردة المهاجمين.
وعزز الهجوم الالتفاف والتأييد للاعتصام الذي انضم إليه بعض أعضاء نقابة اتحاد كتاب مصر القريب من مقر وزارة الثقافة بمنطقة الزمالك بعد الانتهاء من عقد الجمعية العمومية للاتحاد وقرارهم سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي ليسجلوا تاريخيًا بذلك القرار أنهم أول هيئة أو نقابة رسمية مصرية تعلن هذا القرار تجاه رئيس الجمهورية.
ويسرد (الحراني) في كتابه (ثورة 30 يونيو والاستجابة للقدر) وقائع تاريخية في غاية الأهمية ويأتي ضمنها أن اللواء (محسن عبد النبي) مدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية آنذاك كان يجلس داخل مكتبه ومعه مدير قطاع السينما وأحد المصورين بالقطاع.
يشاهدون ما هاجت به الشوارع وماجت بالمصريين يتدفقون على ميدان التحرير وقصر الاتحادية من كل مكان ويملئون ميادين عواصم محافظات مصر؛ يوم 30 يونيو 2013 حيث قدرت الاعداد بنحو ثلاثة وثلاثين مليونًا مصريًا.

تصوير جموع المتظاهرين بالشارع
عندما فاجأه المصور بفكرة إمكانية تصوير الجموع المتظاهرة الموجودة في الشوارع لما يمثله ذلك التصوير من توثيق واقع وحقيقة للتاريخ، فتواصل اللواء (محسن عبد النبي) بعد أن اقتنع بالفكرة بقائد القوات الجوية الذي رحب هو الآخر بالمشاركة في توثيق الحاضر من أجل المستقبل.
ويكمل الحراني في كتابه: ليتلقى بعد ذلك اللواء (محسن عبد النبي) مكالمة هاتفية من المخرج السينمائي (خالد يوسف) يطلب منه الإذن بمنحه فرصة تصوير المظاهرات بشكل أكثر احترافية، فقررت إدارة الشئون المعنوية أن تقوم بتصوير المظاهرات بعدد أربع كاميرات في كل من القاهرة والإسكندرية ومدن الصعيد ومدن القناة.
ولأن الصور كانت حقيقية بشكل أفزع تنظيم الإخوان وأنصارهم في الداخل والخارج حاولوا نكران الأمر وتشويهه واتهام المخرج (خالد يوسف) باستخدام حيله السينمائية وبرامج تعديل الصور والفيديوهات المعروفة بالـ(فوتوشوب) من أجل زيادة أعداد غير حقيقية للمتظاهرين.
دون أن يعرفوا أن المخرج (خالد يوسف) لم يكن سوى واحد من أربعة قاموا بعملية التصوير، وأن الجزء الذي قام بتصويره لم يكن داخل القاهرة وهو الأكبر والأكثر عددًا.
جدير بالذكر أن (السيد الحراني) صحفي بمؤسسة أخبار اليوم، وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وعضو نقابة اتحاد كتاب مصر، ومقدم برنامج وثائقي تليفزيوني (مسافر بين الشك واليقين) إنتاج وكالة الأهرام للإعلان.
وعمل بالعديد من الصحف المصرية من بينها (الفجر، البوابة، مصراوي، المصري اليوم، الوطن، الأهرام، أخبار اليوم)، وقام بكتابة مذكرات (الدكتور مصطفى محمود، الدكتور سعد الدين إبراهيم، الدكتور مصطفى الفقي، الدكتور رفعت السعيد، الدكتور محمد حبيب، فوزية البنا).
كما كتب مذكرات رجل الأعمال (أحمد الريان) بعد خروجه من السجن، والمفكر الإسلامي جمال البنا، الفنانة فاتن حمامة، الفنان نور الشريف، والفنان (حمدي أحمد). وله العديد من المؤلفات، من بينها: روايات (مارد، قضية الكوراني).
وكتب (الجماعات الإسلامية من تانى، الفيلسوف المشاغب، موسوعة الجماعة الإخواني وثائق مجهولة، ملعون أبو الواقع، فلسفة الموت، الإخوان القطبيون، حسن البنا والتمويل المالي، الجماعة الإخوانية وعسكرة السيرة النبوية، دولة المرشد من حسن البنا 1928 حتى محمد بديع 2013.