بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
يدرك خبراء التمثيل أن توازن الجسد لا بد أن يكون متوازنا (ذهنيا وجسديا وإحساسا)، بهذه المكونات الثلاثة نشكل الجسد الإنساني، وهذا الاهتمام بالإحساس، هو ما يجعل حضورية الجسد على خشبة المسرح، كحالة استمرارية متيقظة من حيث الانتباه والتفاعل الجسدي والأدائي الذي يصاحبة اللفظ والحوار، وهو ما يحدث في حالة الفنانة اللبنانية القديرة (راندة كعدي).
ومن خلال النظر بمقولة (أرسطو) وهو يتكلم عن الجسد والروح معا من خلال اجتماعهما كثنائي (بمقتضى اجتماعهما يؤثر الواحد ويتأثر الآخر، يحرك الواحد ويحرك الآخر، ولا تنتمي هذه العلاقات المتبادلة إلى أشياء تؤخذ بالمصادفة، وهذا يدل على اجتماع دائم بصورة متيقظة ومتشابكة معا لكل من الروح والجسد عند (راندة كعدي).
تكمن أهمية الممثلة (راندة كعدي) في مقدرته على فهم الشخصية والدور الذي تلعبه على خشبة المسرح، أو السينما أو الدراما التلفزيونية) إن امتلاكها كممثلة لطاقة خلاقة قادرة على تفهم الدور، هو ما يجعلها متمكنة من خشبة المسرح وقادرا على التفاعل مع المتلقي على شاشة التلفزيون.
عندما نناقش أهمية الجسد كحضور فعلي ينوب عن الكلام عند (راندة كعدي)، فتلك الحركات هى التي ستنوب عن الكلام، ولكن الجسد بالتالي هو اللغة التي تستطيع أن نتواصل معها وحتى بحضور الكلام.
ولهذا نجد (آرتو) معولا على الجسد – وكأنه يصف حال الممثلة (راندة كعدي) – حينما يقول (إذا كان للموسيقى تأثير الأفاعي، فليس هذا لأنها تنقل إليها أفكارا روحية، بل لأنها الأفاعي تكون متمددة ومضطجعه على الأرض، ملتفة لفات طويلة، وتلامسها أجسادها على طولها تقريبا.
الذبذبات التي تتوغل في الرمال
لذا فإن الذبذبات التي تتوغل في الرمال تصلها كرسالة طويلة جدا ورفيعة، أنا أنوي أن أطبق على المتفرجين ما يفعله محبو الأفاعي، بحيث أجعلهم يصلون حتى إلى تلك النزوات الأرق والألطف عبر إحساسهم بها جسديا، إن قول آرتو يبين عن مدى استجابة جسد المتلقي لجسد الممثل بكل ما يعنيه هذا القول.
إن التعبير الانفعالي لدى الممثلة (راندة كعدي)، هو اللغة غير الشعورية التي تحدث للإنسان، وخاصة عندما نراها تستعمل جسدها للتعبير عن مشاعره، وما يجيش في نفسها.
الممثلة اللبنانية القديرة، (رندة كعدي)، تعد من أبرز الوجوه الفنية في العالم العربي، تميزت بأدوارها المتنوعة وقدرتها على تجسيد شخصيات مختلفة بمهارة وإتقان، ولدت (رندة كعدي) في قرية (عين الرمانة) بلبنان.
نشأت (راندة كعدي) في بيئة فنية، حيث كان والدها (خليل كعدي)، كاتبا مسرحيا معروفا، وتأثرت بوالدها وبدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، حيث شاركت في أعمال مسرحية وتلفزيونية متعددة، تخرجت من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، مما ساهم في صقل موهبتها وتطوير مهاراتها التمثيلية.
تعتنق (رندة كعدي) الديانة المسيحية، وتظهر التزاما واضحا بقيمها ومبادئها، في مقابلة مع موقع (آسي مينا) تحدثت (رندة) عن إيمانها العميق بالله، وأشارت إلى أن الله دائمًا معها، وتلمس حضوره في حياتها اليومية.
هذا الإيمان ينعكس في تعاملها مع التحديات والصعوبات، حيث تعتمد على الصلاة والتسليم لمشيئة الله في مواجهة المواقف الصعبة.
تعتبر (رندة كعدي) مثالا يحتذى به للأمهات العاملات، حيث نجحت في تحقيق التوازن بين مسيرتها الفنية وحياتها العائلية، من خلال دعمها لبناتها وتفانيها في عملها، تظهر (رندة) أن النجاح المهني لا يتعارض مع الالتزامات العائلية، بل يمكن تحقيق التوازن بينهما بالالتزام والتفاني.
تعتبر (رندة كعدي) من أشهر الممثلات اللبنانيات، حيث مثلت العديد من المسلسلات، والأعمال الفنية المختلفة التي نالت على إثرها استحسان كبير من الجمهور، حيث كانت تقوم بدور الأم والتي جسدته على أكل وجه وبشكل متميز، كما ظهرت في آخر أعمالها اللبنانية ألأخيرة، حيث تقوم بدور أم (قصي خولي) في مسلسل (القدر).
تعرف الممثلة (رندة كعدي) كيف تتحدى نفسها في كل دور تقدمه، وتتقن لعبة التجديد في الشخصيات حتى في الأعمال المؤلفة من أجزاء عدة، وهذا ما أكدته في الموسم الثالث من مسلسل (للموت)، حيث ظهرت بصورة المرأة التي فقدت أحباءها، بعد أن ظهرت في الموسم الأول في دور شخصية المرأة الخجولة ثم شخصية المرأة المتزوجة والملتزمة في الموسم الثاني.
فرضت نفسها في الدراما المشتركة
(راندة كعدي) فرضت نفسها في أعمال الدراما المشتركة بعد تجربة كبيرة ومثمرة في الدراما اللبنانية المحلية، تتحدث عن التغيير الذي طرأ على وضع الممثل اللبناني المخضرم في زمن الدراما المشتركة بعد سنوات طويلة من الإجحاف.
قائلة: الطموح والخيال والطاقات لدى الممثل أكبر منه وهو لا يشعر بالاكتفاء أبدا، وكلما قدم شخصية جديدة يتمنى أن يقدم مئات الشخصيات بعدها، ولقد أتاحت له الدراما المشتركة والمنصات لكي يطل على الجمهور العربي المنتشر في أنحاء العالم، ولكن يحز في قلبي التراجع الكبير في مستوى الدراما المحلية.
ومع أن تجربة (راندة كعدي) انحصرت بدور (الأم) إلا أنها لا تشعر بالغبن أبدا كما تقول، وتوضح: (أنا لعبت دور الأم في مطلع شبابي وتركت بصمتي الخاصة، لقد حملت هذا الخط وسرت به وبنيت عليه وأصبحت رمزاً للأم اللبنانية بكل وجوهها: (المتسلطة، الحنونة، المضحية، الأنانية).
حتى أنني شكلت ثنائيات ناجحة مع عدد من الفنانين، وتركنا بصمة، وهذا الأمر يشعرني بالفخر والرضا، لأنه يؤكد أنني أملك القدرة على الإقناع بطريقة أدائي المدروسة.
ومع الوقت هذه (الأم) أصبحت لي، لكن هذه الصورة انكسرت إلى حد ما مع (مروان نجار)، فمع أنه كرسني بأدوار الأم، لكنه قدمني أيضا بدور المرأة المتصابية والمرأة غير المتزوجة في مسلسل (طالبين القرب).
كرست (راندة كعدي) جزءا كبيرا من حياتها للمسرح قدمت آخر عملين لها (القفص) و(صوته) قبل سنوات قلية مع المخرجة (لينا أبيض)، وتقول إنها تملك ما يكفي من القدرة والتصميم لكي تعود إليه بعد غياب، وتعقب: (أنا أنتظر المسرح كما ينتظر العاشق الولهان ولن أفقد الأمل أبدا..
المسرح مرآة تعكس حضارة المجتمع، لكن المجتمع اللبناني مهلهل ومهترئ وممزق، فما الذي يمكن أن أقوله لجمهور حزين وغاضب ومهزوز يرفض هذا الواقع، وحتى أنا أعاني مثله. وأتمنى أن نتمكن من اجتياز هذه الازمة وتأمين حاجاتنا الأولية.. نريد هواء نظيفاً.. ماء نقياً وطعاماً لا يصيبنا بالتسمم).
وتستطرد (راندة كعدي): (الفنان هو إنسان أيضا ويصارع من أجل البقاء ونحن نعيش حاليا أصعب مسرحية، وما علينا إلا أن نتأمل هدوء العاصفة والانتظار لبعض الوقت، لكي نعود إلى المسرح بالطريقة التي تليق به).
في فيلم (الرب يراني)
دخلت (راندة كعدي) عالم التمثيل عن طريق المخرج (أنطوان ريمي) الذي عرض عليها المشاركة في أفلام قصيرة، كان أولها (الشهباء)، ثم قدمت كثيرا من الأعمال الفنية الرائعة، وعاصرت عمالقة التمثيل، حتى استحقت عن جدارة لقب (سيدة الشاشة اللبنانية).
شاركت (راندة كعدي) في فيلم (الرب يراني) عن سيرة حياة الطوباوي (إسطفان نعمة)، إذ جسدت دور امرأة خسرت أولادها ووقفت أمام المصلوب تعاتبه.. فكيف تشهد لإيمانها ولحضور الله في حياتها؟
تشرح (كعدي): (كل إنسان يهيئ مغارة في قلبه لوجود الرب فيها.. الله دائما معي، ألمس حضوره حين أنام وأستيقظ وأجد نفسي وعائلتي بخير، وصحتنا وحواسنا بخير، فهذا يعني أنّ الله معنا ولا يتركنا)، وتضيف: (الله موجود معنا، وكل إنسان مؤمن بالنعم التي أعطاه إياها الله لا يحتاج إلى براهين على وجوده).
(رندة كعدي)، ممثلة لبنانية قديرة ومتألقة في كل دور تقدمه، لعبت في مسلسلات (2020، الثمن، للموت، لا حكم عليه، راحوا، مشيت، من أحلى بيوت راس بيروت، طالبين القرب)، وغيرها الكثير من الأعمال السينمائية والمسرحية، وعاصرت عمالقة التمثيل، إلا أنه شاءت الصدف أن تقطف ثمار نجاحاتها اليوم.
على غير عادتها أطلت الممثلة اللبنانية (رندة كعدي) من خلال مسلسل (راحوا) الرمضاني بشخصية شريرة وقاسية، فهي تطل على المشاهد العربي عادة، بشخصية الأم الطيبة والحنون، تخلع (رندة) عباءتها المسالمة في هذا العمل الدرامي، وتلبس أخرى تلعب من خلالها دور (أم عماد) المتسلطة صاحبة النظرات الغامضة والحاقدة.
فاجأت (رندة كعدي) متابعي (راحوا)، فهم كانوا يتسمرون في مقاعدهم، يتفرسون في ملامح وجهها، كي يتأكدوا بأنها من تقوم بهذا الدور، فالتغيير طال إطلالتها، ولم يقتصر على أدائها البارع، بل طال أيضا شكلها الخارجي.
لا يمكن أن تمر الممثلة (رندة كعدي) في أي دور تتقمصه مرور الكرام، وحتى لو كان العمل يحمل بعض الثغرات، فباستطاعتها أن ترممه بحضورها الطاغي، ولهذا أطلت تطل كعدي في مسلسل (نظرة حب)، وهو من كتابة السوري (رافي وهبي)، وإخراج المصري حسام علي.
حمل المسلسل آمالا كبيرة للمشاهد في موسم رمضان، فبطلاه يشكلان ثنائيا، يطل لأول مرة، كما أن تأليفه يعود إلى وهبي، المشهور بقلمه الجذاب، ولكن العمل لم يشهد النجاح المتوقع له بسبب ثغرات عدة تشوبه.
نبرة صوتها ونظرات عينيها
ولكن مشاركة (رندة كعدي)، كانت بمثابة العنصر الفني اللافت، فهي لأول مرة تجسد شخصية الراوية، فكانت بمثابة عرافة إغريقية تدرك طبيعة الأحداث ونهاياتها قبل حصولها.
الدور يقتصر على أداء (راندة كعدي)، وينحصر بنبرة صوتها وبنظرات عينيها، وعلى الرغم من ذلك فإنها عرفت كيف تشد المشاهد بهذه الشخصية الغريبة، فعادة ما تقدم (كعدي) دور الأم التي يتفاعل معها مشاهدها لاشعوريا، وبأدوار الشر أو الخير حجزت (كعدي) مكانة لا يستهان بها في الدراما العربية.
أما في مسلسل (نظرة حب) فدورها كان سرياليا، يرتكز على كثير من الخيال، فحضور الراوي في أحداث الدراما المعاصرة لم يعد بالأمر المعتاد، وأن تجسد دورا يتطلب منها التمثيل بلغة الصوت والعينين فقط، فهو أمر غير متوقع.
ولا يخفت بريق الممثلة (رندة كعدي) في كل مرة أطلت فيها على جمهورها، فمشوارها المرصع بمحطات لماعة تضعها دائماً في الطليعة.
ولهذا كل من تابع (رندة كعدي)، في مسلسل (الثمن) يغمره هذا الإحساس بالحب العميق الذي ينعكس على مشاهدها تلقائيا، فهو يخرج منها بصورة عفوية، فيلامس المشاهد من دون استئذان.
تأسرك رندة كعدي في مسلسل (الثمن) بأدائها الانسيابي والأنيق، كما هى عادتها في أي دور تقدمه، وتخرج من أعماقها مشاعر الأمومة، حتى وهي تحاول أن تقلب الطاولة على غيرها.
فكيف حضرت لهذا الدور؟ تقول (راندة كعدي): درست شخصية ناديا التي أجسّدها عن قرب، مستعينة بإسقاطات من الشخصيات المحيطة بها. وترجمت التعويض عن خسارة ابنها بتقديم كل أشكال الحب لتلك الشخصيات.
فاعتبرت زوجات ولدي هن بناتي، وأخرجت كل ما هو في داخلي ليطلع مني بعفوية. فكي يصدّقنا المشاهد يجب أن نعمّر طبقات للدور الذي نؤديه، فتطفو على خطوط الشخصية بسلاسة وتحدث المختلف، ما يكون مكتوباً بالنص والحوار يأخذ طابعاً مسطحا، إذا لم تبن له أساسات صلبة.
هكذا تصف (كعدي) عملية تحضيرها أدوارها: لو حفظت أدواري من دون تعمير طبقات لها، لكنتُ مررت مرور الكرام، ويلزم لذلك مهندس يرسم له هذه الطبقات، وأنا أحظى بهذه الفرصة من خلال ابنتي تمارا؛ فهي حبيبة قلبي، ومن أصدق منها كي يوجهني؟!
محترفة في بناء الشخصية
صحيح أتشاور مع المخرج والكاتب، ولكن إذا لم أكن محترفة ببناء الشخصية فسأخفق، كما أن وقوفي أمام ممثل قدير ومحترف كرفيق علي أحمد حفزني أكثر على الاجتهاد؛ فهو صاحب خبرة كبيرة بالأعمال اللبنانية المأخوذة عن التركية.
إذ قدم لمواسم متتالية (عروس بيروت)، وللعبة التمثيل أصولها، وعلينا كممثلين أن نتبادل العطاء على طريقة لعب الكرة (هات وخذ)، وهذه الأصول المخفية تؤلف عاملا أساسيا لجذب المشاهد.
وتبلغ هذه الحالة ذروتها عندما تؤدي دور الأم، فمن أين تأتي بكل هذه المشاعر العميقة؟!، ترد: (لأنني مشبعة بمشاعر الحب في بيتي ومن خلال تربيتي، فأهالينا كانوا يعرفون كيف يزرعون المحبة في قلوبنا، كانوا يجهلون التربية الحديثة الرائجة في أيامنا اليوم.
وبرأيي إن هذه الأخيرة أسهمت بتوليد العقد لمن تمارس عليه، وكوني معلمة وأعنى بشأن التربية المسرحية في المدارس أمارس على تلاميذي ما تربيت عليه، وتؤكد (كعدي) أنها تردد دائما على مسامع زميلاتها في التعليم، أنه من الأجدى بهن الاستعانة بالفطرة السليمة، بدلل من اللجوء إلى قواعد التربية الحديثة فقط.
تعترف (راندة كعدي) بأنها امرأة ناجحة (لأني تعبت واهتممت بالزرع الذي أوكلت به فلم يُصبه اليبس، وأنا حريصة على حصاد كل موسم، بحيث أفكر دائماً بالحصاد الذي يليه، فلا أستطيع أن أزرع كل سنة القمح، إذ يجب أن أقدم المختلف.
وأنا اليوم بانتظار أن يوكل إليَّ دور يخرج ما في أعماقي من طاقات، أرفض أن أتقوقع في نمطية معينة، وأعتقد أنه آن الأوان للخروج من عباءة دور الأم، فأنا بحاجة إلى نوعية وخلطة جديدتين أطعم بهما مشواري. فالأرض كي تعطي ثمارها باستمرار يجب أن نبدل زراعاتها، وإلا فيجب أن نتركها تستريح كي تعود خصبة.
عندما تحدثك (راندة كعدي) عن شوقها لملامسة نصوص تتجدد فيها، تسألها تلقائيا: هل تفكرين في كتابة دور خاص بك؟، ترد في سياق حديثها: (ألوم والدي، رحمه الله؛ لأنه لم يورثني ملكة الكتابة كما التمثيل، فهو كان كاتبا مسرحيا وتلفزيونيا، إضافة إلى إجادته التمثيل.
أستطيع أن أرى جيدا وأستخرج العبر من مواقف معينة، ولكني لا أعرف ترجمتها على الورق، ويا ليتني كنت (كارين رزق الله، أو كلوديا مرشيليان، أو نادين جابر وغيرهن، كي أستطيع أن أخرج مني كل هذه الصور كتابة.
أشهر أقوال (راندة كعدي):
** المرأة هي الجمال، وتشبه الأرض بكل عطائها وتواضعها وترسخها بجذورها، ووجود مهرجان خاص بالمرأة يعد بمثابة تكريم لها ولمجهودها العظيم في تحمل المسؤولية وقدرتها على تحقيق المستحيل، وأيضا تقديرا لثقتها بذاتها وإمكاناتها.
** نعم مسيرتي الفنية أخذت مني نصف عمري، متنقلة بين المسرح والدراما المحلية، وأخيرًا شاركت في الدراما العربية المشتركة، وهذا زادني شرفًا، ومنحني مساحة أكبر حتى أطل على جميع المشاهدين في الوطن العربي.
** أنا راضية بشكل كبير عما حققته، لكنني دائما أتحدى نفسي بقدرتي على مواصلة العطاء وتقديم الأفضل والجديد، وأطمح في الفترة المقبلة إلى أن أخوض تجربة العمل في فيلم سينمائي.
** أرى أن الألقاب بمثابة تكريم معنوي للفنان من المشاهدين والجمهور والنقاد والإعلاميين والصحافيين، ولابد أن يأتي هذا اللقب من الآخرين وليس من الفنان ذاته، وعلى أية حال يكفي الفنان أن يتميز وتكون له بصمته الفنية، والأمر ليس بتعدد الألقاب.
** أود مناقشة قضايا المرأة بشكل عام ولكن بعمق شديد فيها، وليس بمجرد دور بسيط لا يحمل مغزى أو قضية، فأنا أحب تسليط الضوء على مشكلات المرأة وتقديم الحلول لها.
** مصر كانت ولا تزال الرائدة والسبّاقة في الفن، وجميع الفنانين العرب يتمنون المشاركة في الأعمال المصرية ليس فقط للشهرة، ولكن من أجل التحديات والمسؤولية في حمل الشخصيات وكيفية خوض التجربة، وهذه الأشياء تحمّس النجوم للمشاركة بالأعمال المصرية.
** لا شك أني أتحدى نفسي في كل دور أقدمه، ولكن أستمتع كثيراً في ابتكار الأم وفق كل شخصية جديدة مناسبة للعمل، هنا أكتشف متعة التمثيل مضافاً إليها متعة التماهي مع حالة جديدة تحفزني على إظهار طاقات كامنة لدي وتبعدني عن الرتابة.
** كل الذين تعاملت معهم أضافوا إلى تجربتي كثيراً، لكن سجلت ثنائيات ناجحة مع النجوم رفيق علي أحمد، وأحمد الزين، ونقولا دانيال، وغبريال يمين، هؤلاء رفاق الدرب، وتجمعنا ذاكرة جماعية لا تنسى، وشهدنا على تاريخ وحاضر الدراما.
** سعيدة بتكريمي في مهرجان بيروت لسينما المرأة.. وأسعى لمناقشة قضايا المرأة في أعمالي الفنية.
** السينما والمسلسلات العربية المشتركة في أجندة طموحاتي الفنية.
** نصيحتي للجيل الحديث من الفنانين عدم التعجل في تحقيق الشهرة.
لغة جسدها وملامح وجهها
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للفنانة الكبيرة والقديرة (راندة كعدي)، التي تراوحت طبيعة الأدوار بين اللايت كوميدي والتراجيديا والدراما العادية، وفيها جميعها تقمصت الشخصية المطلوبة منها بكل جوارحيها لأنها تنتمي إلى جيل قديم يتفانى في مهنته إلى حدّ أن ينسى نفسه.
(راندة كعدي) من ذلك الجيل الذي يؤمن بأن أدواتنا الحقيقية تكمن في لغة جسدها وفي ملامح وجهها، وأن مهمة الماكياج تقتصر على تثبيت خطوط الشخصية وليس تشويه روحيتها.
وترى (رندة كعدي) التي شاركت في أعمال دراما ومسرحيات كثيرة أنه حتى الممثل الكومبارس يجب أن يشكل عنصرا فعالا في العمل؛ (فلا يستخفّ بإطلالته، لأنها بالتأكيد تشكّل إضافة للعمل، وإلا لما تطلّب الأمر وجوده فيه.
وفي رأيها أنه يجب عدم الاستخفاف بعقل المشاهد ولا بحبه لنجومه، وفي المقابل علينا أن نطل عليه بأفضل مستوى مطلوب ولو كانت مدة إطلالتنا هذه لا تتعدى الدقائق القليلة.
بالنسبة لكعدي فإن أسهل خطوط التمثيل هى تلك التي ترتكز على الفعل ورد الفعل، إذ لا تستطيع التعبير ولا التفاعل، فعملت على نبرة صوت عميقة تشبه أعماق البحر، وبالفعل تمكّنت كعدي من ترك الأثر الكبير عند مُشاهدها، واستطاعت أن تجذب انتباهه ليفكك ألغازاً تحكيها.