رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(محمد الدفراوي).. النجم الذي أخلص للمسرح، وطعنه التليفزيون في ظهره، وأنصفه الزعيم

* قدم روائع مسرحية لكبار الكتاب العالميين والمصريين والعرب، لكنها للأسف الشديد لا تعرض!

* كانت انطلاقته الفنية مع ظهور التليفزيون، فقام ببطولة روائع تليفزيونية كثيرة لكنها تعرضت للسرقة والمسح، والإهمال!

* أنصفه الزعيم عادل إمام، وجعله يشارك في مجموعة كبيرة من أهم أفلامه، فضلا عن مسلسل (دموع في عيون وقحة)

* رغم بطولاته الكثيرة في المسرح لكنه كان عاشقا للإذاعة وقدم لها أعمالا مهمة

من بموهبته المخرج المسرحي الكبير (فتوح نشاطي)، وأسند إليه بطولة مسرحية (سلطان الظلام)

كتب: أحمد السماحي

ومازالنا مع مشوار الفنان الكبير (محمد الدفراوي) أحد نجوم بدايات التليفزيون، ونجم المسرح المصري الذي قدم من خلاله أروع وأهم بطولاته المسرحية.

 ونجم الإذاعة الذي كتب اسمه بحروف من نور عبر ميكرفوناتها، والنجم الذي ابتعد عن السينما لإنشغاله الشديد في بطولات المسرح.

في الحلقة الماضية توقفنا عند ميلاد ونشأة (محمد الدفراوي) في مدينة (دسوق) بمحافظة كفر الشيخ، التى ظل بها حتى المرحلة الابتدائية، وبعد حصوله على (الابتدائية) نزل إلى القاهرة مع أسرته لاستكمال تعليمه.

وفي هذه الفترة لم يكن (محمد الدفراوي) يفكر في امتهان مهنة التمثيل ولم يمثل في حياته ولا مرة، حتى لعب القدر لعبته وجاء إلى مدرسته في نهاية البكالوريا الدكتور (إبراهيم سكر) الفنان والمخرج المعروف في هذه الفترة.

وذلك ليخرج للمدرسة مسرحية (ماكبث)، ووقع اختياره على (محمد الدفراوي) ليلعب دور دور (ماكبث)، أمام الفنانة المعروفة في هذه الفترة (نعيمة وصفي) التى كانت تساعد هواة الفن والتمثيل.

 وعرضت المسرحية هى وغيرها من مسرحيات الطلبة التى تتنافس على (كاس الجمهورية) على المسرح القومي في (الأزبكية)، وحصلت مسرحية (ماكبث) لمحمد الدفراوي، ونعيمة وصفي على (كأس الجمهورية).

ونصحه زملائه، وأساتذته بالاتجاه إلى التمثيل، فدخل معهد الفنون المسرحية، وبعد تخرجه اتجه للمسرح القومي، وتسلم أوارق تعينه في بداية شهر سبتمبر عام 1956.

توالت الأدوار المهمة في المسرح، حيث وجد فيه مخرجي المسرح فارسا جديدا ينضم لفرسان المسرح

بطولات مهمة في المسرح

 في هذه الفترة أمن بموهبته المخرج المسرحي الكبير (فتوح نشاطي)، وأسند إليه بطولة مسرحية (سلطان الظلام) تأليف الكاتب المسرحي رشاد رشدي، وفي هذه المسرحية جسد دور (نيكيتا) الذي تتهافت عليه النساء.

وتوالت الأدوار المهمة في المسرح، حيث وجد فيه مخرجي المسرح فارسا جديدا ينضم لفرسان المسرح الذي بلغ بعضهم سن النضج، ولم يعد لائقا أن يلعب دور الفتى الأول.

ولفت (محمد الدفراوي) انتباه الكتاب والمخرجين بقوامه الطويل الممشوق، ووجه الوسيم، وصوته المميز ذو النبرة المميزة، وموهبته التى سرعان ما أعلنت عن وجودها.

 فقدم أعمال دعمته وأصبح بينها وبينه فيما بعد التصاق وحالة من العشق الفني، هذه الأعمال التى وثقها لنا الدكتور والباحث والناقد المسرحي الدكتور (عمرو دواره).

من أهم الأدوار التى قام محمد الدفراوي بتجسيدها شخصية (لوفت) بمسرحية (تحت الرماد) للكاتب العالمي (جون شتاينبيك)، وشخصية (برانزو فنسكو) في مسرحية (الخطاب المفقود) للكاتب (جون لوفاكرجياني).

وشخصية (العسكري) في مسرحية (جمهورية فرحات) للكاتب الكبير يوسف إدريس، وشخصية (حور محب) في مسرحية (سقوط فرعون) للمبدع ألفريد فرج عام 1957.

وشخصية (خميس أفندي) الرجل المدمن للخمر، الموظف في البنك، والذي اشتهر باسم (خميس أفندي أبو كوباية) في مسرحية (الصفقة) إخراج فتوح نشاطي عام 1957.

ودور (المخبر السري عفيفي) في مسرحية (قهوة الملوك) للكاتب (لطفي الخولي)، و(القائد الروماني أنطونيو) في مسرحية (مصرع كليوباترا) لأمير الشعراء (أحمد شوقي).

كما جسد (محمد الدفراوي) دور (آلن) في مسرحية (سيأتي الوقت) للكاتب العالمي الفرنسي (رومان رولان)، وشخصية (شيخ الحارة) بمسرحية (الست هدى) لأمير الشعراء أحمد شوقي، عام 1958.

ورجل البوليس (دياب) في مسرحية (شقة للإيجار) للكاتب فتحي رضوان، وشخصية (غالياس) مؤدب الأميرة بريسكا، في مسرحية (أهل الكهف) للكاتب توفيق الحكيم، عام 1960.

ودور (الشبح) في مسرحية (الموت يأخذ أجازة) للكاتب العالمي (البرتوكاسيلا)، وشخصية (الشاويش سليمان) في مسرحية (المحروسة) للكاتب سعد الدين وهبه، عام 1961.

وعن هذا الدور يقول (محمد الدفراوي) في حوار تليفزيوني: (في نهاية ديالوج بين الشاويش سليمان الذي أجسده، وبين زوجة المأمور كان يردد جملة (الله يجازيكي يا ست) فكانت الصالة تضج بالضحك والتصفيق.

 لدرجة أنني لم أسمع على مدى مشواري ضحك وتصفيق كما حدث لي في هذه المسرحية).

دور العاشق (دون جوان) في مسرحية (دون جوان) للكاتب العالمي موليير

الدفراوي .. (الخال فانيا)

توالت الأدوار الرائعة التى قدمها (محمد الدفراوي) للمسرح فقدم دور العاشق (دون جوان) في مسرحية (دون جوان) للكاتب العالمي موليير، ودور الشاب الانتهازي (سليمان) الذي غرر بالفتاة (نفيسة) في رائعة (بداية ونهاية) للكاتب نجيب محفوظ.

كما قدم شخصية دكتور (إن بانكو) في مسرحية (ماكبث) لوليم شكسبير عام 1962، وشخصية الطبيب المثقف (استروف) الذي يفقد الأمل في كل شيئ في مسرحية (الخال فانيا) للكاتب الروسي انطوان تشيكوف.

ودور (الكاهن الثالث) في مسرحية (إله رغم أنفه) للكاتب فتحي رضوان عام 1963، و(قمر الزمان) ابن الشعب الذي يمثل ويرمز للمواطن البسيط في مسرحية (شمس النهار) لتوفيق الحكيم عام 1964.

و(أمير الحيرة) في مسرحية (الفتى مهران) رائعة الكاتب عبدالرحمن الشرقاوي، ودور (ايجست) الذي يجمع بين الضعف أمام الألهة، والشجاعة في تقبل مصيره على يد (أورست) في مسرحية (الندم) للفيلسوف العالمي جان بول سارتر.

وفي (مأساة جميلة) جسد دور المحامي الذي يدافع عن (جميلة) حتى تظهر براءاتها، وقدم شخصية (كليب) في مسرحية (الزير سالم) رائعة ألفريد فرج.

وجسد (محمد الدفراوي) أيضا دور (محمد النمس) الأخ الأكبر في مسرحية (بلاد بره) لرائد الواقعية نعمان عاشور، ودور (قائد المقاومة) في مسرحية (الإمبراطور يطارد القمر) تأليف ألبير كامي عام 1972.

ودور (الملك سليمان) في مسرحية (حبيبتي شامينا) للكاتب رشاد رشدي، وشخصية (بهرام) المجوس في مسرحية (زمردة) للكاتب مصطفى بهجت عام 1974.

و(ريتشارد قلب الأسد) في مسرحية (النسر الأحمر) للكاتب عبدالرحمن الشرقاوي، عام 1975، ودور (سيف الدين) قائد الشرطة في مسرحية (باب الفتوح) تأليف محمود دياب عام 1976.

لم تقتصر بطولات (محمد الدفراوي) على المسرحيات التى ذكرناها، ولكنه قدم أيضا (دموع إبليس)

مسرحيات أخرى للدفراوي

لم تقتصر بطولات (محمد الدفراوي) على المسرحيات التى ذكرناها، ولكنه قدم أيضا (دموع إبليس) لفتحي رضوان عام 1957، إخراج نبيل الألفي، و(ثورة الموتى) للكاتب الأمريكي إروين شو، إخراج حمدي غيث عام 1958.

و(ثأر الله) تأليف عبدالرحمن الشرقاوي إخراج كرم مطاوع، عام 1972، وكان آخر أدواره في المسرح تأديته لدورين الأول عام 1994 في مسرحية (أوقات عصيبة) إخراج سمير العصفوري، والثاني دور (الحجاج بن يوسف) في مسرحية (هند والحجاج) عام 1995 .

المسرح هو المجال الفني الذي عشقه وأخلص له

المسرح منعه من الخلود

أحببنا أن نستعرض في السطور الماضية أكبر عدد ممكن من البطولات والأعمال المسرحية التى قدمها (محمد الدفراوي)، لأن المسرح هو المجال الفني الذي عشقه وأخلص له، وبسبب انشغاله الشديد فيه لم يكتب له الخلود الفني في السينما.

فرغم أن السينما المصرية أقبلت على (محمد الدفراوي) بعد لمعانه في المسرح، وقدمته عام 1959 كبطل في خمس أفلام هى: (الله أكبر، حب ودلع، سمراء سيناء، قبلني في الظلام، بطل للنهاية) مع كبار نجوم هذه الفترة.

لكن نشأته الريفية، والدينية، وخجله الشديد منعه من تأديه المشاهد العاطفية الحارة التى كانت سمه من سمات أفلام هذه الفترة، وهذا الدلال من (محمد الدفراوي) للسينما جعل علاقته بالسينما علاقة مد وجذر.

فبعد البطولات التى ذكرناها ابتعد عن السينما لمدة 6 سنوات لانشغاله الشديد في المسرح، ثم عاد إلى السينما عام 1965، حيث قدم فيلم (الحب الخالد)، وبعد أربع سنوات وبالتحديد عام 1969 قدم (شارع الملاهي).

في عام 1970 نشط بعض الشيئ، وشارك في بطولة أربعة أفلام هى (ورد وشوك، وهروب، وعين الحياة، وغروب وشروق).

بعد هذه الأفلام ابتعد (محمد الدفرواي) مؤقتا عن السينما، إلى أن عاد إليها عام 1973 بفيلم (مدينة الصمت)، بعده قدم عام 1976 (سنة أول حب) وعام 1977 فيلم (نساء في المدينة)، وعام 1978 (حب فوق البركان).

وتوقف (محمد الدفراوي) عن المشاركة في أي أفلام منذ عام 1978، وظل إنتاجه السينمائي طوال حقبة الثمانينات قليلا حتى قدم فيلم (كل هذا الحب).

كان عادل إمام يؤمن بموهبته، لهذا جعله يشارك في العديد من الأفلام

إيمان (عادل إمام) بموهبته

بعد فيلم (كل هذا الحب)  توالت أفلام (محمد الدفراوي) بمعدل كل عام فيلم أو اثنين، من هذه الأفلام (الفتى الشرير، ولاد الإيه، الأبرياء، اثنان ضد القانون، الفضيحة، عيون الصقر).

وكان الزعيم عادل إمام يحب (محمد الدفراوي) جدا على المستوى الشخصي والفني، ويؤمن بموهبته، لهذا جعله يشارك في العديد من الأفلام.

 وهى (سلام يا صاحبي، مسجل خطر، الإرهابي، النوم في العسل، رسالة إلى الوالي، الواد محروس، التجربة الدنماركية، عمارة يعقوبيان)، فضلا عن مسلسل (دموع في عيون وقحة).

جاءت انطلاقة محمد الدفراوي مع بدايات ظهور التليفزيون المصري عام 1960

هارب من الأيام

جاءت انطلاقة محمد الدفراوي مع بدايات ظهور التليفزيون المصري عام 1960، فوجد فيه الكتاب والمخرجين، النجم الوسيم الذي يقوم ببطولة أعمالهم.

 فقام ببطولة العديد والعديد من البطولات التليفزيونية التى للأسف الشديد لا تعرض، نظرا لمسح بعضها، وسرقة البعض الآخر، وعدم صلاحية البعض الثالث للعرض نظرا لسوء تخزين الأشرطة!

وتنوعت أعمال (محمد الدفراوي) التليفزيونية ما بين الأدوار التاريخية والدينية والمعاصرة، وقدم من خلالها مجموعة من الأدوار التى لا تنسى.

ومن أهم هذه  الأعمال دور الضابط (محسن) في مسلسل (هارب من الأيام) الذي حقق نجاحا كبيرا في الشارع المصري، لكن بقدر ما حقق من نجاح وجماهيرية، بقدر ما حبسه لسنوات في أدوار (الضابط) الذي قدمه في (المطاردة)، و(الخط) وغيرها.

حتى تمرد على هذا الدور بتجسيده دور زعيم العصابة (شكري السعداوي) في مسلسل (الرجل ذو الخمسة وجوه) عام 1969، بعدها ومع نهاية السبعينات قدم دور (أبو جهل) في مسلسل (على هامش السيرة) إخراج أحمد طنطاوي، ثم قدم دور (فرعون) في مسلسل (لا إله إلا الله).

ومن أهم أعمال محمد الدفراوي مسلسلات: (المصيدة، سيداتي آنساتي، العودة إلى المنفى، حمزة البهلوان، بلا عتاب، هروب، الأيام، النور فوق يثرب، صرخة برئ، ابن عروس..

وسيف الله المسلول خالد بن الوليد، ولسه بحلم بيوم، ياسين وبهية، النديم، شعراء المعلقات، الرجل والطريق، عصفور في القفص، الأفيال، القضاء في الإسلام، ألف ليلة وليلة، رأفت الهجان، أحزان نوح..

وامرأة في دوامة، الوسية، الغفران، تحت ظلال السيوف، محمد رسول الله إلى العالم، ذئاب الجبل، الوعد الحق، الحفار، جمهورية زفتى، الأبطال، أهالينا، نسر الشرق) وغيرها من المسلسلات التى أعطت له حقه المسلوب.

ظلت الإذاعة هى أكبر عشق في حياة الفنان الكبير (محمد الدفراوي) لاستغلالها لصوته القوي

الدفراوي.. عاشق الميكرفون

ظلت الإذاعة هى أكبر عشق في حياة الفنان الكبير (محمد الدفراوي) لاستغلالها لصوته القوي، وقدم من خلالها عشرات الأعمال التى تنوعت ما بين برامج، ومسلسلات.

ومن هذه الأعمال (الشهاب، الشيئ، الصمت والعاصفة، المال والحب والشيطان، ثورة عرابي، رجل فوق القمة، رد قلبي، رحلة الليل، دموع السواقي، شهيد اسمه موشيه، عين الراهب، غريب الحي..

وعندما يعتذر شيطان، ميرامار، ملاعيب علي الزيبق، يوليوس قيصر، وتبقى الحقيقة، يوميات نائب في الأرياف، قانون ساكسونيا، قبل أن تسقط ورق التوت)، وغيرها الكثير.

كان من الطبيعي أن تتوج تلك المسيرة الفنية للمبدع (محمد الدفراوي) ببعض التكريمات

الدفراوي والتكريمات

كان من الطبيعي أن تتوج تلك المسيرة الفنية للمبدع (محمد الدفراوي) ببعض التكريمات من بينها حصوله على شهادة تقدير من الرئيس محمد أنور السادات عام 1979.

وشهادة تقدير في العيد الفضي للتليفزيون عام 1985، ودرع مهرجان المسرح العربي عام 2004، وتكريمه في المهرجان الدولي للمسرح التجريبي عام 2005، ومهرجان القاهرة للإعلام العربي الرابع عشر.

رحم الله نجمنا الكبير محمد الدفراوي الذي طعنه التليفزيون المصري في ظهره، حيث لا يعرض مسرحياته، ولا حتى بعض مسلسلاته في ذكرى رحيله التى مرت علينا منذ أيام وبالتحديد يوم 5 يناير الجاري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.