رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إسرائيل.. (الفشل الإعلامي) في إخفاء جرائم الإبادة!

الميزانية الجديدة تمثّل زيادة بمقدار 20 ضعفاً عن السنوات السابقة
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

على الرغم عن حجم الإنفاق تكشف عدة تحليلات أوردها الإعلام الإسرائيلي طيلة الأيام القليلة الماضية، عن حجم (الفشل الإعلامي) الإسرائيلي في إخفاء جرائم الإبادة التى ترتكب كل لحظة داخل قطاع غزة.

ووفقاً لبيان صدر قبل أيام عن (الكنيست) الإسرائيلي، تم تخصّيص 150 مليون دولار إضافية لميزانيتها لعام 2025، وذلك لإعادة تشكيل الدعاية الإسرائيلية للرأي العام العالمي بشأن إبادتها الجارية في غزة، التي خلّفت حتى اليوم أكثر من 45 ألفاً شهيداً، و108 آلاف و379 مصاباً، ونحو 11 ألف فلسطيني.

وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، ووسط تجاهل إسرائيلي لمذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق (نتنياهو)، ووزير الدفاع السابق (غالانت)، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

الميزانية الجديدة تمثّل زيادة بمقدار 20 ضعفاً عن السنوات السابقة، وتهدف إلى تعزيز الدعاية الإسرائيلية المعروفة بالعبرية باسم (هسبراه)، وهو مصطلح يشير إلى جهود إسرائيل لشرح وتبرير سياساتها، والتحكم في الروايات المحيطة بأفعالها، بهدف تصوير النضال الفلسطينيّ إرهاباً لاسامياً) و(نازياً) يهدف إلى القضاء على اليهود.

 وتعزيز (الإسلاموفوبيا) في الدول الأوروبيّة لصبغ النضال الفلسطينيّ بصبغة دمويّة لا تختلف عن (داعش)، لقطع الطريق أمام أيّ تعاطف أو مناصرة للقضيّة الفلسطينيّة، وتبرير جرائم الإبادة في غزة.

وبدعم من المنظمات الصهيونية الأمريكية، تهدف الميزانية الموسعة إلى التأثير في منصات مختلفة واستهدافها، حيث تُحكِم جماعات الضغط سيطرتها على كل منافذ الأخبار والصور والمشاهد التي يمكن أن تفضح جرائمها.

تدني مكانة إسرائيل رغم حجم الإنفاق تكشف عدة تحليلات أوردها الإعلام الإسرائيلي

تدنى مكانة إسرائيل الدولية

رغماً عن حجم الإنفاق تكشف عدة تحليلات أوردها الإعلام الإسرائيلي طيلة الأيام القليلة الماضية، عن حجم (الفشل الإعلامي) الإسرائيلي في إخفاء جرائم الإبادة التى ترتكب كل لحظة داخل قطاع غزة.

وهو ما كشف عنه (شلومو شامير) المتخصص في الشؤون الدبلوماسية، بصحيفة (معاريف)، بحديثه عن إن المحافل الدبلوماسية والسياسية الإسرائيلية تواصل تداول التقارير التي تصل وزارة الخارجية، والتي تكشف عن تدني مكانتها على الساحة العالمية، مما يقدم استنتاجات محرجة ومزعجة بحقها.

لافتاً في هذا السياق إلى أن صحيفة (وول ستريت جورنال) كشفت بدورها عن موقع إسرائيل الاستراتيجي على الساحة الإقليمية، موضحة إنه ورغم الحديث عن إنجازاتها العسكرية في جبهات القتال.

لكنها في الوقت ذاته تتوسع في الحديث عن حكومتها التي يثبت سلوك رئيسها (نتنياهو)، ووزرائها الرئيسيين خاصة (يارين ليفين) و(بن غفير) و(سموتريتش)، مما يجعل ما أوجده الجيش من فرص لتعزيز وتقوية الدولة، يتبدد هباء، ويؤثر سلباً على مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية.

بحسب (شامير) فالتقارير الصحفية العالمية لا تخفي اهتمامها وتغطيتها الدائمة بما يقوم به وزراء حكومة اليمين من سلوكيات تتسبب بأضرار هائلة لإسرائيل، وبالأحرى تدمير مكانتها في الساحة العالمية عبر (الفشل الإعلامي)، وسوف يستمر هذا الضرر طالما بقيت هذه الحكومة في السلطة.

كما لفت بدوره إلى أن الإسرائيليين ليس لديهم وعي كافٍ بمدى التدهور الذي أصاب مكانة الدولة، بعد أن عرفها العالم عبر كبار رؤساء الحكومات السابقين مثل (بن جوريون)، و(جولدا مائير)، و(ديان)، و(رابين)، و(شارون).

أما اليوم فالعالم يتعرف على الدولة من خلال شخصيات (بن غفير) و(سموتريتش)، مما يجعل من إسرائيل نقطة سوداء في شعاع المجتمع الدولي عموما، وفي الولايات المتحدة خصوصا التي صنفت سابقا شخصية الحاخام (مائير كهانا) بأنه إرهابي، لكنه يجد اليوم من يعتنق أفكاره ويمجّده في الحكومة الإسرائيلية، وهذا هو (الفشل الإعلامي).

الحديث عن الفشل الإعلامي، جاء على لسان (كاترينا كونرت) خبيرة شؤون الإعلام، بموقع (زمن يسرائيل)

الفشل الإعلامي الإسرائيلي

الحديث ذاته، جاء على لسان (كاترينا كونرت) خبيرة شؤون الإعلام، بموقع (زمن يسرائيل)، تحت عنوان (كواليس الفشل الإعلامى الإسرائيلي)، موضحة إن إسرائيل خسرت معركة الإعلام، وبات العالم يصدق رواية الفلسطينيين، وكنموذج على ذلك، ترى أن نشر فيديو الشهيد (يحي السنوار) عزز صورة المقاومة الفلسطينية إقليميا ودوليا، وأضر بشدة بصورة إسرائيل دوليا.

 مشددة من جانبها على أن العديد من صناع القرار في إسرائيل لا يعترفون أن وسائل الإعلام هي ساحة معركة حقيقية، إذ تنتشر حالة من التشتت والبيروقراطية بين الأجهزة الحكومية المختلفة، التي تتولى ملف تحسين صورة إسرائيل.

كما سلطت الضوء على وجود فراغ قيادي في إدارة الملف الإعلامي حكوميا، حيث لم يُشغَل منصب رئيس الإعلام في مكتب رئيس الوزراء منذ أكثر من ستة أشهر.

(كونرت) ترى أنه في 17 أكتوبر عام 2024، حقق الجيش الإسرائيلي أحد أكبر إنجازاته في غزة، لكنه في الوقت نفسه واجه (الفشل الإعلامي) البارز منذ بداية الحرب، وبعد بحث استمر عاما، قتل الجيش الإسرائيلي بالصدفة (يحيى السنوار)، قائد حركة حماس والعقل المدبر وراء هجوم 7 أكتوبر 2023.

وفي فيديو اغتياله الذي نشره الجيش الإسرائيلي، يظهر (السنوار) جالسا على كرسي في الطابق الثاني من منزل مدمر في غزة، وهو مغطى بالغبار وذراعه اليمنى مصابة وتنزف، لكنه رغم إصابته، وبعد اقتراب الطائرة بدون طيار منه، رمى (السنوار) عصاه باتجاهها.

وفي الإعلام الإسرائيلي، عُرض الفيديو كصورة انتصار لإسرائيل، حيث ظهر زعيم حركة حماس معزولا وحيد،. لكن أنصار حماس رأوا الفيديو بصورة مختلفة؛ حيث يقاتل القائد حتى اللحظة الأخيرة.

كما نقلت في هذا الصدد، عن (إيلون ليفي)، خبير في العلاقات العامة، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية: (لو كانوا استشاروا شخصا مطلعا على العالم العربي، لكانوا أدركوا أن نشر الفيديو خطأ.

وتابع: (هذا الفيديو يعزز صورة المقاتلين الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون إسرائيل الشريرة، لذلك أعتقد أن هذا ألحق بنا ضررا كبيرا على الساحة الدولية)، وهنا، يشدد (ليفي) على أن (العديد من صانعي القرار لا يدركون أن الإعلام هو ساحة معركة حقيقية).

وفي هذا السياق، تلفت (كونرت) إلى أنه بسبب (الفشل الإعلامي) في إسرائيل في الحفاظ على صورتها، علقت عدة دول تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك إيطاليا وكندا، وحتى الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، أجلت إحدى الشحنات، بالإضافة إلى ذلك.

وبالإشارة إلى أن الدعم الدولي لإسرائيل تراجع بشكل كبير، تذكر أنه (في ألمانيا، التي تُعد أقرب حليف أوروبي لإسرائيل من حيث الدعم المادي، أعرب أكثر من 60 بالمئة من المواطنين عن معارضتهم لعمليات إسرائيل في غزة.

وفقا لاستطلاع أُجري في يونيو 2024، وفي الولايات المتحدة، أظهر استطلاع أجرته (YouGov) أن نسبة المؤيدين لإسرائيل، التي بلغت ذروتها عند 48 بالمئة بعد أسبوع من 7 أكتوبر 2023، انخفضت إلى 33 بالمئة في يوليو 2024.

بخلاف ذلك، تشير (كونرت) إلى أن (العديد من الدول قطعت أو خفضت مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل)، إذ اعترفت دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أوامر اعتقال، في نوفمبر 2024، ضد (نتنياهو) ووزير الدفاع السابق (غالانت).

صورة السنوار بعد استشهاده

مكانة إسرائيل الدبلوماسية

وبالقول إنه (منذ اجتياح حماس، في السابع من أكتوبر، تراجعت مكانة إسرائيل الدبلوماسية ودعمها العالمي بشكل كبير).

وتعزو هذا الإخفاق إلى (وجود مشكلة خطيرة في جهود الاتصال الاستراتيجي لإسرائيل)، فتقول: (على الرغم من امتلاكها وفرة من المعلومات والصور، إلا أنها تواجه صعوبة في إيصال رسالة موحدة وفعالة إلى العالم، وعندما تنجح الرسالة في الوصول، غالبا ما تصل متأخرة إلى دورة الأخبار، التي تعتمد في كثير من الأحيان على مواد غير مؤكدة من غزة.

موضحة إنه في نوفمبر 2024، أعلن وزير الخارجية، (جدعون ساعر)، أن وزارته ستحصل على زيادة في الميزانية قدرها 545 مليون شيكل لتحسين صورة إسرائيل في الخارج.

وكان (ساعر) قد صرح في السابق، بشكل عام، أن الأموال ستُستخدم، من بين أمور أخرى، في (أنشطة موجهة بالجامعات الأمريكية لتغيير المواقف تجاه إسرائيل وسياساتها، إلى جانب العمل مع الجالية اليهودية، دون المساس بأنشطة وزارة الشتات.

وفي هذه النقطة، تستنكر (كونرت) عدم وجود خطة عمل واضحة حتى الآن لدى وزارة الخارجية، على الرغم من الوعود بأنها ستُكشف لاحقا، ومن ناحية أخرى، تشير إلى وجود هيئة مركزية للدبلوماسية العامة تمتلك موارد كبيرة وخبرة واسعة في إسرائيل، وهى وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.

كما لفتت إلى إنه منذ 7 أكتوبر، كان ضباط وجنود هذه الوحدة في طليعة هذا الجهد، وتقول إنه (في الأسابيع الأولى من الحرب، كان يعمل في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عشرة جنود فقط في المناوبة للتعامل مع الكم الهائل من الطلبات)، وذلك وفقا لما صرح به مصدر في الجيش الإسرائيلي.

بالإضافة إلى ذلك، تذكر أن إسرائيل لم تصدر قط هذا العدد الكبير من بطاقات الصحفيين للصحفيين الأجانب كما فعلت خلال العام الذي تلا هجوم حماس في 7 أكتوبر.

ووفقا لمكتب الصحافة الحكومي، فقد سجل أكثر من ألفي صحفي في الأشهر الأولى من الحرب، بينما وصل العديد من الصحفيين الآخرين إلى إسرائيل دون تسجيل مسبق.

وتنقل (كونرت) عن مصدر في الجيش الإسرائيلي قوله إن المتحدثين العسكريين تمكنوا من إقناع الصحفيين بتغيير عبارة (وزارة الصحة في غزة) إلى (وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس).

ومن ثم تنوه (كونرت)، إلى أنه (على الرغم من أن الوحدة تعمل الآن بكفاءة أكبر، لا يزال العديد من الصحفيين الدوليين متشككين في المعلومات القادمة من الجيش الإسرائيلي).

وفي حديث مع (كونرت)، أوضح صحفيون أوروبيون أنهم (يتوخون الحذر بشكل مبدئي من المعلومات القادمة من الجيش الإسرائيلي، لأنه طرف مشارك في القتال، وبوصفها أنها (المجموعة التي تؤثر أكثر من أي مجموعة أخرى على صورة إسرائيل في العالم) إلى جانب الصحفيين، تتحدث الصحيفة عن الدبلوماسيين الأجانب في إسرائيل جراء (الفشل الإعلامي).

موضحة أن (تقاريرهم تشكل الطريقة التي يُنظر بها إلى إسرائيل في بلادهم، وبخاصة في حكوماتهم، ورغم الأهمية البالغة لدور الدبلوماسيين، تستنكر (كونرت) أن “وزارة الخارجية الإسرائيلية لا تجري إحاطات منتظمة للسفراء، حسب ما ذكره دبلوماسيون أجانب.

حتما سيدرك العالم الحقيقة رغم وسائل التعمية الإسرائيلية

العالم سيدرك الحقيقة

ما بين مواصلة استمرار ضخ إسرائيل لمزيد من الأموال لتحسين صورتها الدموية والقذرة في الإعلام الدولى، و(الفشل الإعلامي) في ذلك حتى الآن نظراً للحقيقة التي بات يعلمها الجميع عن تلك الصورة الملطخة بدماء الفلسطينيين، يكفي في هذا السياق الاستشهاد بما خطه الكاتب الإسرائيلي المعارض لسياسات إسرائيل العدوانية في مقاله قبل أيام بصحيفة (هآرتس).

إذ سلط بدوره في سياق تحليل له بعنوان (سيعرف العالم كله أن إسرائيل تقف وراء مجرمي حرب)، الضوء على جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، موضحاً أن الشرطة العسكرية في إسرائيل لم تفتح تحقيقا في سلوك العميد (يهودا فاخ).

وقال: (إذا لم تتم إزاحته عن قيادة الفرقة 252 واحتجازه للاستجواب، وإذا لم يستنكر الجيش والحكومة أفعاله فإن الإسرائيليين والمحكمة الجنائية الدولية والعالم سوف يعرفون جميعا أن الجيش الإسرائيلي لديه قائد فرقة يشتبه في ارتكابه جرائم حرب، وهو يواصل حياته وكأن شيئا لم يكن).

موضحا أن كل يوم يقضيه (يهودا فاخ) في وظيفته هو يوم آخر من الأدلة، ليس فقط على جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش، ولكن على أن إسرائيل تقف وراءها، لأن (فاخ) هو الجيش الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي هو (فاخ).

أخيراً مهما حاولت إسرائيل طمس معالم جرائمها وضخ المزيد من الملايين أو المليارات من الدولارات ستظل الحقيقة قائمة لا لبس فيها، وهى إسرائيل وقادتها وجيشها دولة إجرام وستحاسب يوم ما على جرائمها مهما طال الزمن أو قصر بينما يلاحقها (الفشل الإعلامي.

وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.