رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: عباس المغربى مكفراتيا في (طرة)!

تغيرت تضاريس جسد (عم عباس المغربي).. كرش ضخم.. جوانب و مؤخرة ممتلئة

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

كنا كعنبر للنشاط المعادي في (طرة).. نصلي مع الإخوان المسلمين لأن علاقتنا بهم جيدة.. في بعض الأوقات يحضر بعض الشيوعيين ليصلوا معنا.. امتنع عباس (المغربي) عن الصلاه بيننا.. فقد توطدت الصداقة بينه وبين المكفراتيه..

يحاول أن يؤذن بطريقتهم.. كانت طريقته مضحكه للجميع.. عندما كان يقابلني أثناء تجوالي المستمر بين العنابر في (طرة) يسير ورائي لاستفزازي بشتائمه وألفاظه النابية.. مكبرا بعلو الصوت وهو يحمد الله أن مرتبه قد قطعوه عنه لأن الحكومه كافرة والمرتب حرام.. وكل من يتعامل معهم فهو إلى جهنم وبئس المصير..

في إحدى الليالي شاهدته يقوم بتقطيع بعض خراطيم الصنابير الخاصة بمساعدتنا في الوضوء.. شاهدته أيضا يحاول إفساد وتحطيم فيشه التلفزيون.. يحاول تمزيق سلوك الكهرباء حتى لا نشاهد البرامج الحرام..

كنا نفاجئ به وقد هجم علينا ونحن نشاهد أحد البرامج فيغلق التلفزيون علينا.. ثم يغادر المكان في هدوء..

في أحد الليالي حضر (حسن) طلعت إلى معتقل (طرة) ليقف أمام  آلاف الإخوان الذين اجتمعوا وهم سعداء ليستمعوا منه الى قرار الإفراج عنهم.. من خلال هذه الكشوف التي معه..

كان الاسم الذى يصدح به يعنى خروجه من المعتقل فورا.. قال لهم أنه يتمني على الذين سيعلن أسمائهم الآن ألا يعودوا لارتكاب ما يثير قلق الدولة مرة أخرى..

فجأة وقف أحد شباب المكفراتيه صائحا: نحن لا نفعل إلا ما يرضي الله.. ووالله الذي لا إله إلا هو يا حسن.. لو كان الأمر بيدي لربطتك على هذه الشجرة.. وقطعتك إربا إربا..

وكانت المفاجأة.. محاولة (عباس المغربي) القفز والوصول إلي (حسن طلعت والاعتداء عليه لولا أنهم منعوه من ذلك فاكتفي بسبابه في عنف..

قام (حسن طلعت) بتمزيق الكشف الذي معه وبه مئات الأسماء التي كان ينوي الإفراج عنها في نفس الليلة مغادرا المعتقل من فوره تحت حراسة مشددة..

بعد فترة تغيرت تضاريس جسد (عم عباس المغربي).. كرش ضخم.. جوانب و مؤخرة ممتلئة.. كانت هذه التغييرات تجعله أكثر قصرا من حقيقته.. الميول العدوانية ازدادت لديه..

أصبح يسب أي عسكري حراسة في (طرة) يقابله رغم أن معظم العساكر كانوا متعاطفين معه

العساكر كانوا متعاطفين

أصبح يسب أي عسكري حراسة في (طرة) يقابله رغم أن معظم العساكر كانوا متعاطفين معه في بداية حضوره.. يسب كل رتبه تتجول في أنحاء المعتقل.. في مباريات الكره الخاصة بالمكفراتيه كانوا يضعونه كحارس مرمى كنوع من التكريم له.. الغريب أنني لم أشاهده يصد كرة واحده..

طالت لحيته فاختفى وجهه في كثافتها و لم أعد أتعرف عليه إلا من خلال صوته عندما كان يسبنى.. حتى زوجته في آخر زيارة له لم تعرفه.. وبكت مع أطفاله على حاله دون أن تهتز له شعره..

أصبح فظا غليظ القلب.. في آخر زيارة لم يقبل أطفاله.. عامل زوجته معاملة سيئة ولم يتكلم معها ولا مع أولاده.. ظل جالسا صامتا يعبث بلحيته حتى انتهى موعد الزيارة..

رائحته أصبحت عفنه لا تطاق.. ملابسه متسخه جدا..علما بأنهم قاموا بتغيير ملابسه الخضراء إلى ملابس بيضاء.. غارت عيناه لتذكرنى بعيون (كفار قريش) الذين نشاهدهم في الأفلام ..

حاول المكفراتيه في معتقل (طرة) تعليمه القراءة والكتابة.. لكنهم فشلوا فشلا ذريعا.. فشلوا حتى في تعليمه كيف يوقع باسمه.. كان المكفراتيه لهم آذان خاص.. لا يصلون في نفس الموعد الذي نصلي فيه.. ولا في نفس المكان..

كنت في بعض الأوقات أراقبهم وهم يصطفون.. وأسمع (عباس المغربي) يقلدهم بجملة: (ساووا الصفوف يرحمكم الله.. و صلوا صلاة مودع)!

كيف استطاع هذا الجاهل أن يرتدي ثوبا غريبا عليه هو ثوب الإخوان ثم ثوب المكفراتية.. وهو لا يعلم عنهما أي شيء.. تراه فتظنه من قادة المكفراتية في (طرة).. لكنك أيضا تراه طوال اليوم  يكنس العنابر ويمسحها.. يرشها بالمطهرات..

يطارد الذباب والحشرات.. ويظل سائر اليوم في مطعم معتقل (طرة) لإحضار الطعام لعنابر المكفراتيه.. وفي المخبز لإحضار الخبز لهم..

أصبح (عم عباس المغربي) نجما من نجوم معتقل (طرة) السياسي.. أحد عساكر الحراسة الموجودين على السور المرتفع أخبرني يوما أن (عباس المغربي) يأتي يوميا ليجلس بجوار السور يبكي بشده.. ويحاول بحركات هيستيرية أن يخلع ذقنه.. ورموش عينيه..

أصبحت الإدارة في حيرة من أمره.. صنفوه في البداية في النشاط المعادي في (طرة)

عنبر النشاط المعادي

أصبحت الإدارة في حيرة من أمره.. صنفوه في البداية في النشاط المعادي في (طرة).. ثم صنفوه لاحقا مع الإخوان المسلمين..  أخيرا  تم تصنيفه مع المكفراتيه.. وينتظرون اليوم انضمامه للشيوعيين ليصنفوه معهم.. ولايستبعدون ان يفاجئ المغربى الجميع غدا بانضمامه  لعنبر اليهود…

عدت إلي عنبري فوجدت رسالة من أعز أصدقائي الذي لم أتشرف بمقابلته حتي الآن.. العظيم (محمد العزبي) الذي قضي معظم حياته في السجون والمعتقلات الناصرية.

و

محمد العزبى (للمره التانية)

نجم النجوم يا (عزبى)

إنت اللى لسه فوق

شايل فى دم قلبى

وحماسك فى العروق

…………………………….

فى السجن شوفت (بُورشك)

مفرود فوق البلاط

ياما غسلت وِشك

يا صاحبى بالعياط

…………………………….

أقراك وارجع لقلعة

قلعتنى م الجذور

لو تنزل منى دمعهة

ألمح فى إيديك زهور

…………………………….

مازلت نجم ساري

فى دنيا (البغبغاتي

حرفك فى دمانا جارى

بيدوس الثرثرات

…………………………….

رغم القضبان دراعك

ممدود للعرقانين

دايما فارد شراعك

وعنيك شلال حنين

…………………………….

إنسان حقيقي صادق

قلبه مليان مبادئ

شايل قلم حقيقي

والحبر طعمه حادق

…………………………….

من أول المسيرة

وانت أصل الأصول

شايل هم الأميرة

دايس كل الفلول

…………………………….

(عزبى).. وقلبي جالك

قابلته بالحنين

يا صاحبي ازى حالك

فى زحمة السنين

…………………………….

(عزبى) ومازلت بيننا

الأخ والحبيب

لو واحد تانى خاننا

تصبح لينا الطبيب

…………………………….

ألقاك دايما بسيفك

واقف للكدابين

الكون يا صاحبي شافك

إنسان.. صادق.. أمين

…………………………….

يا كلمة حب واضحة

بتطهر السطور

لطابور الكدب فاضحة

ودايسة ع الغرور

…………………………….

عمرك ما خُفت حاجة

وكتبت كل شئ

فى بحورنا أغلى موجة

يا هلال فوق الطريق

…………………………….

يا محمد.. إنت واضح

وسطورك صادقة جدا

لو شفت (فعل واضح)

تصبح ديوك بِتدِّن

…………………………….

باحبك يا اللى قلبك

أطهر م الطُهر نَفْسُه

فى العنبر كنت جنبك

يا نور الله وشَمسُه

…………………………….

يا حروف لؤلؤ وعنبر

وحديث مليان شجون

فى عنيك رسمت (عنبر)

أكبر من السجون

من كتاب (مدد.. مدد)

سيرة ذاتية للبلد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.