رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(موعد مع الماضي).. دراما غربية بأسماء عربية مغرقة في الدماء لا تعنينا!

طوال الأحداث هناك كراهية سوداء تشع من مسلسل (موعد مع الماضي)

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد السماحي

منذ أيام انتهى عرض مسلسل (موعد مع الماضي) الذي عرض علي منصة (نتفليكس)، وقام ببطولته (محمود حميدة، آسر ياسين، صبا مبارك، شريف سلامة، شيرين رضا، ركين سعد، محمد ثروت، محمد علاء، تامر نبيل، هدى المفتي).

والمسلسل تأليف محمد المصري، من إنتاج مجموعة (كاريزما للإعلام)، وإخراج السدير مسعود، وهو إعادة إنتاج لمسلسل إسباني بعنوان (من قتل سارة؟ /?Who Killed Sara).

تدور أحداث (موعد مع الماضي) حول (التيمة) الشهيرة التى قتلت بحثا وتمثيلا عربيا، منذ فيلم (أمير الأنتقام) لأنور وجدي و(أمير الدهاء) لفريد شوقي، و(دائرة الانتقام) لنور الشريف، وغيرها الكثير من الأعمال العربية والأجنبية.

 هذه (التيمة) المأخوذة عن رواية (الكونت دي مونت كريستو) التى كتبها ألكسندر دوما، بالتعاون مع أوجست ماكيه، حول البطل الخارج من السجن لينتقم ممن أدخلوه ظلما.

لكن هذه المرة يضيف إليها المخرج السوري (السدير مسعود) تكنولوجيا القتل الحديثة المغرقة في الدماء، والتلذذ بمشاهد القتل، من خلال بطل المسلسل (يحيي/ آسر ياسين) دون أن نتساءل ماذا يفعل؟ وكيف يفعله؟!

فيحيي هنا هو البطل الخارق الذي دخل السجن مراهقا صغيرا، متهما ظلما بقتل شقيقته (نادية)، وخرج منه شابا لديه إلمام كامل بوسائل التكونولوجيا الحديثة مثل التدمير من على بعد، والتفنن في تعذيب ضحاياه، وكأنه على مدى الـ 15 سنة مدة العقوبة كان يأخذ (كورس) تكنولوجديا حديثة!

طوال الأحداث هناك كراهية سوداء تشع من مسلسل (موعد مع الماضي)، رغم أنها ترتدي مسوح الدفاع عن النفس، ولكنها تطفح سما وحقدا لا مبرر له من شخصيات لا ترتكز على أي أساس.

وتتصرف ؤ من خلال وقائع مفتعلة ترتدي مسوح الواقع وهى بعيدة عنه في تركيبها وبنائها وسير أحداثها.

شخصيات عير سوية تتسم بالعنف والقسوة

(موعد مع الماضي)

تدور أحداث (موعد مع الماضي) من خلال خطين زمنين، الأول عام 2007، وفيه نرى مجموعة من الصبية المراهقين، خلال عطلة في إحدى المدن الساحلية حيث يقومون بالغطس في مياه البحر الأحمر، وبشكل مفاجئ تغرق إحداهن.

وخلال الأحداث نعرف أن التى غرقت هى (نادية / هدى المفتي) شقيقة (يحيي/ يوسف رأفت/ آسر ياسين)، التى كانت على علاقة عاطفية وجنسية بـ (علي/ عبد الله أشرف/ شريف سلامة).

و(علي) هذا ينتمي إلى عائلة ثرية صاحبة نفوذ تتكون من الأب (ياسين/ محمود حميده) وأم هي (سوسن / شيرين رضا)، وشقيقتين هما (ليلى/ ركين سعد) و(منى/ صبا مبارك).

ويضغط (ياسين) على (يحيى) حتى يتحمل مسؤولية حادث غرق أخته أمام القضاء مقابل مبلغ كبير من المال يساعد والدته في مرضها، ويوافق (يحي)، بعد أن يفهمه (ياسين) أن مدة العقوبة لن تزيد عن عام.

لكن يتغير الوضع عندما تكشف النيابة خلال المحاكمة أن موت (نادية) ليس مجرد حادث غطس، بل قتل عمد لضرر تم إحداثه في أنبوب الغطس، فيصبح (يحيى) متهما في جناية، ويحكم عليه القاضي بـ 15 عاما من السجن.

وبعد مرور هذه المدة، يخرج (يحيي) من السجن، ويبدأ رحلته وعلى مدى 8 حلقات، في الانتقام من عائلة (ياسين).

 وتساعده في هذا – وللغرابة ـ الأبنة الصغرى (ليلى/ ركين سعد) التى كانت طفلة وقت غرق (نادية) وشاهدت الأحداث بصورة ضبابية وهى طفلة، وتريد معرفة الحقيقة!.

قبضوا مبالغ طائلة نظير تصدير العنف والقتل والدماء إلى جمهور المشاهدين

عبث درامي

هذه هى القصة التى لا تهم أحد إلا نجوم المسلسل الذين قبضوا مبالغ طائلة نظير تصدير العنف والقتل والدماء إلى جمهور المشاهدين الجالسين في بيوتهم ينتظرون من نجوم كبار على درجة كبيرة من الموهبة ولهم أسماءهم نوعا من المتعة.

 فإذا بهم يخذلونه ويقدمون له بدلا من المتعة والفكر والفن، مشاهد مليئة بالقتل والدماء، خاصة في الحلقة الأخيرة التى لمعت وتألقت فيها (السكاكين) الحامية، وكانت هى البطل الرئيسي.

 والتى استخدمها (يحي، وياسين) في ذبح بعضهما، ومعهما (سوسن)، ثم ينهي (علي) المسلسل بطلقة نارية من مسدسه في جبين (يحيي) فيأخذ الأبطال الثلاثة بعضهم ويرتمون في الأرض، ومع سقوطهم هذا تنصب عليهم لعنات الجمهور.

في مثل هذا العبث الدرامي، واللهاث العجيب لتصدير العنف غير المبرر البعيد تماما عن مجتمعنا العربي، العنف الذي يسعى وراء النجاح وما يسمعه ويعرفه عن ذوق قلة من جمهور الشباب.

في هذا العبث الدرامي لا تتحدث عن تمثيل ولا تصوير ولا إخراج ولا موسيقى، فالكل في حالة استعراض إمكاناته، ليقدم تجارة رخيصة الغرض منها ليس تقديم فنا.

 ولكن معارك فنية ملطخة بالدماء، ينجح فيها البطل الوهمي في الدخول وحده في معارك ضد غيره من المدربين والمسلحين وينجح في قهرهم والتغلب عليهم والهروب منهم.

لا ينبغي أن تكون تقليدا أعمى لا يوافق عاداتنا وتقليدنا العربية الأصيلة

سؤال أخير

السؤال الذي نريد طرحه على نجومنا والمسئولين عن مسلسل (موعد مع الماضي)، لماذا عندما نسمع عن مسلسل بنجوم مصريين أو عرب يعرض على منصة (نتفليكس) لابد أن يكون ملطخا بالدماء والعنف والقتل والشذوذ؟!

مع العلم أن منصة (نتفليكس) مليئة بالأعمال الدرامية العالمية الرائعة التى تخطف مشاعرنا وقلوبنا وتسكن ذاكراتنا؟

إذا كنا نريد تقليد المنصات العالمية ونأخذ منها أعمالا يتم تعريبها، فلا ينبغي أن تكون تقليدا أعمى لا يوافق عاداتنا وتقليدنا العربية الأصيلة، ولماذا لايتم تعريب الجيد أيضا في هذه المنصات إلى جانب تلك الأعمال الرديئة حتى يحدث نوعا من التوازن في جرعات العنف والقسوة والقتل جنبا إلى جنب مع الرومانسي والاجتماعي وحتى الأكشن غير المقزز؟.

ربما تحوي هذه المنصات في طيات أعمالها (سم قاتل)، لكن لاننسى أنها في ذات الوقت لديها محتوى درامي جاد وهادف يستخدم أفضل أساليب التكنولوجيا والإبهار الفني الذي يبحث عنه الشباب العربي المتطلع إلى دراما وسينما جميلة شكلا ومضمونا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.