رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: بين (كاميليا ونعيمة).. كيف تحدت (نجلاء فتحي) نفسها؟!

هل هذه هى نفسها التى كانت في جمال (كريمة) في (المراية – 1970)

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

السبت الماضي 21 ديسمبر، وافق عيد ميلاد الفنانة الكبيرة الجميلة دائمًا، (نجلاء فتحي)، ومع الاحتفاء الخاص من جمهورها بتلك المناسبة على حساباتهم على مواقع السوشيال ميديا، كان هناك أيضا ما يوازي هذا الاحتفاء في بعض القنوات التلفزيونية المتخصصة في عرض الأفلام، بإعادة بعض أفلامها.

لكن من بين الأدوار التي اشتهرت بها (نجلاء فتحي) أو (أميرة الرومانسية) كما أطلق عليها النقاد، أجدنى مفتوناً بآدائها في فيلم (أحلام هند وكاميليا)، وهو من إنتاج سنة 1989، لا لشىء إلا لأن نجلاء في هذا الدور، قررت أن تتحدي نفسها وتعلي من أدائها لتفوق كل التوقعات بذلك التجسيد العبقرى لشخصية كاميليا بائعة الخضار.

فأتذكر أننى عندما شاهدت الفيلم لأول مرة، كنت أضع يدى على قلبي خشية أن تؤدى الدور بشكل غير مقنع وتضطر لافتعال الشخصية.

فمن كان يتوقع أن يرى (نجلاء فتحي) تجلس على فرش خضار في سوق بلدى على الأرض بالجلابية السوداء وقمطة الطرحة أو الإيشارب وهى (تهابر) مع الزباين في السوق؟!.. لا وكمان (تشرشح) و(وتبخهم) في وش اللى ما يعجبهاش؟!

معقول؟!

(نجلاء فتحى)؟!

هل هذه هى نفسها التى كانت في جمال (كريمة) في (المراية – 1970)، وفتنة (زيزي) في (حب وكبرياء – 1972)، ورقة (ولاء) في (الوفاء العظيم – 1974)، وشقاوة (بدور – 1974) أيضاً، فنجلاء فتحي بأنوثتها وانطلاقها رومانسيتها ودلعها!

نقول في دور مين ولا مين ولا مين ولا في فيلم إيه ولا إيه ولا إيه؟!

كل هذا ينضرب في خلاط الخيرة لينتج لنا الولية إلى الولية اللى اسمها (كاميليا) في سنة 1989؟!

حقاً سبق فيلم (أحلام هند وكاميليا) بحوالي سنتين فيلم (لعدم كفاية الأدلة) أن ظهرت (نجلاء فتحي) في دور فتاة قروية، لكن مأساة قصتها في ذلك الفيلم طغت على بقية ملامح الشخصية.

أحلام هند وكاميليا
الجراج

غاصت في (طين) الشارع

أما في (هند وكاميليا) فقط غاصت في (طين) الشارع المصرى الشعبي لتخرج لنا من تلك (الوحلة) هذه الشخصية وتكون المفاجأة في تجسيد الشخصية مع أداء مبهر ولو تكررت مشاهدته مرة من بعد مرة.

–  على الأقل – بالنسبة لى شخصياً لم تكن المفاجآت قاصرة على دور (نجلاء فتحي)، بل إن أداءها لهذا الدور بكل هذا الاقتدار، لم يجعلنى ألتفت لقدرات (نجلاء فتحي) وحدها، بل للواقع الشعبي نفسه.

فقد كنت أعتقد أن بائعة الخضار لا يمكن أن تكون على صورة تشبه صورة (نجلاء فتحي) وجهاً وقواماً وطباعاً، وأنها على أكثر تقدير، تكون مع أعلى درجات الرقة والأنوثة لديها، في جراءة (حسنة) التى جسدتها الفنانة الراحلة تحية كاريوكا – رحمها الله – في فيلم (الفتوة).

لكن تنبهت بعد الفيلم إلى أن شبيهات (نجلاء فتحي) في الأسواق الشعبية فوق الحصر، فقط اختفين تحت ركام كبير جعلنا نظن أن المستويات المالية والثقافية والاجتماعية، هى مستويات في الإنسانية!

وإنه لخداع للنفس ووهم عظيم نغرق فيه أرواحنا لنتحول إلى أشباح غبية على شاشة الواقع!

لكنه ليس فقط ركامات الفقر والمعاناة فوق وجوه تلك الفئات الملقاة على في غيابات الواقع، هى التي تخفي عنا عقولنا تلك الحقائق، لكنها في الأساس كانت طبقات من الركام من التجاهل والاستعلاء أو الاستعماء من جانب مجتمع قست قلوب كائناته البشرية.

فعميت أبصارهم عن مثيلات (نجلاء فتحي) في قيعان المجتمع، فلا نراهن هن وذويهن ولا نشعر  بهن الا من خلال زوايا الفهم المغلوط للحياة ولبعضنا البعض!

وتعزز لدى هذا الاعتقاد مع كشف آخر كشفته الفاتنة (نجلاء فتحي) مليكة أحلام الصبا والشباب، في دور (نعيمة) في فيلم (الجراج)، فقد تجدنى مبالغاً إذا قررت لك أننى رأيت بعيني هاتين، شبيهة تكاد تكون طبق الأصل من نعيمة البوابة بتاعة الفيلم، والعجيب أن ذلك كان قبل أن أشاهد (نعيمة جراج)!

هكذا استحقت مكانتها المتميزة في تاريخ السينما المصرية

(نجلاء فتحي) على الشاشة

فعن طريق التداعى وأنا أتفحص وجه (نجلاء فتحي) على الشاشة، إذا بي أتذكر (نعيمة) الواقع التى لا أذكر اسمها، فإذا هى صورة طبق الأصل لكن بدون مآسى (نعيمة) الفيلم!

(إيه ده؟!.. دى نعيمة ممكن تكون في جمال ورقة وطبع (نجلاء فتحي)؟!

لكن كما قلت لك فإننا تحت الركام فوق نفوسنا وعقولنا لا نرى نعيمة الجميلة ولو رآها البعض منا، فمن خلال أعين كائن أرضي شهوانى مثل (حسنى بيه وكيل الوزارة).

فهكذا ملكت (نجلاء فتحي) عقولنا في (نعيمة وكاميليا)، كما فتنت قلوبنا مع (ولاء وزيزي).

وهكذا استحقت مكانتها المتميزة في تاريخ السينما المصرية ولو ركزت في ملامحها فسوف تجدها كما وصفها العندليب الأسمر (مكتشفها الأصلى)، حيث قال: إن كل ملمح من ملامحها عادى جدا (لكنك تندهش عندما تراها على الشاشة).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.