المبدعون يتذكرون (مي سكاف) بعد تحرير سوريا من الطاغية بشار الأسد
كتب: أحمد السماحي
خلال الأيام الماضية وبعد سقوط نظام الطاغية (بشار الأسد)، تذكر كثير من نجوم الفن السوريين المعارضين وغيرهم، أيقونة الثورة السورية الفنانة (مي سكاف) التى توفيت منذ ست سنوات في العاصمة الفرنسية باريس إثر نوبة قلبية.
والتى كانت من أبرز الوجوه الفنية المعارضة للنظام السوري، وقد ظلت حتى رحيلها تدعو إلى سوريا جديدة حرة ديمقراطية لا مكان فيها لنظام (بشار الأسد).
ووقفت (مي سكاف) في صف الثورة السورية منذ بداياتها، وظلت على وفائها لها حتى الرمق الأخير من حياتها، وكان آخر ما نشرته على صفحتها في (فيسبوك) تدوينة تقول فيها إنها لن تفقد الأمل في التغيير بسوريا.
قبل هذا البوست كتبت آخر عن خشيتها من الموت خارج بلادها قائلة: (ما بدي موت برات سوريا.. بس!).
مازن الناطور راح الصعب يا مي
من النجوم الذين تذكروا (مي سكاف) عقب تحرر سوريا، الفنان السوري المتميز (مازن الناطور)، الذي كتب (بوست) من كلمات قليلة لكنها مؤثرة يقول فيها: (مي …مبروك .. راح الصعب ورح نبني سوريا العظيمة).
كما ذكرها الفنان السوري (سامر المصري) في لقاء تليفزيون وقال: مي سكاف فقدت الذاكرة بعد اعتداء ضابط تابع لنظام بشار الأسد بالضرب عليها).
وذكرها أيضا النجم السوري الكبير (جمال سليمان) سواء في أحاديثه أو بوستاته.
زياد خداش ورسالته الموجعة
أما الكاتب الفلسطيني (زياد خداش) فقد كتب رسالة موجعة إلى (مي سكاف) التي اعتُقلت أكثر من مرة، وغادرت سوريا مرغمة إلى فرنسا قائلا:
أين أنت يا مي سكاف؟.. يا سوريا الجديدة الجميلة: اتتذكرين يوم قلت لي ونحن نجلس مع (أخلد نواس) في محترف الرمال باللويبدة – عمان قبل عشرسنوات: أيها الفلسطيني اليائس ذات نهارمشع وحر سأعزمك على مقهى (سان بول) في دمشق القديمة.
قلت لك: يا له من حلم جميل، لكنه ثقيل يا مي.
هأنذا جاهز( للعزومة) يا مي، أين انت؟!
سأذهب إلى هناك، وأجلس وحدي بانتظارك ولن أدفع حسابي سأقول للنادل: حسابي مدفوع لسنوات، دفعته (مي سكاف) من غربتها ووجعها ودمها، رحمك الله .
مي سكاف ونشاطها السياسي
(مي سكاف).. فنانة سورية ثائرة قدمت العديد من الأعمال الفنية المهمة مثل (العبابيد، مرايا، البواسل، الشتات، الأرواح المهاجرة، ربيع قرطبة، الشمس تشرق من جديد، صدى الروح، المحطة 30، المارقون..
وزهرة النرجس، سيرة الحب، أهل الغرام، مواسم الخطر، ناطرين، عمر، قيود الروح، الولادة من الخاصرة – منبر الموتى، وعد الغريب)، وغيرها وكان آخر أعمالها مسلسل (أوركيديا).
أما عن نشاطها السياسي، فقد بدأت بمواجهة مباشرة مع نظام بشار الأسد، عندما قامت بالتوقيع على ما يعرف بـ (إعلان دمشق) الذي تم إطلاقه عام 2005، ويطالب بالحريات السياسية، وإحلال النظام الديمقراطي، وإلغاء قانون الطوارئ، وإلغاء فقرة من الدستور تقول بقيادة حزب البعث للدولة السورية، وإصلاح القضاء، والتغيير الدستوري.
ومبادئ أخرى جميعها لم تتضمن التشكيك بشرعية نظام الأسد، إلا أنه رغم ذلك، قمع ذلك الحراك المدني المنادي بالديمقراطية، واعتقل عدداً من رموزه.
ومنذ هذا الوقت بدأت ملاحقة (مي سكاف) من قبل النظام السوري، ففي يوليو 2011، أي بعد أربعة أشهر فحسب من بدء الاحتجاجات، جرى اعتقالها لمشاركتها في مظاهرة مناهضة للنظام في حي الميدان بدمشق.
مي سكاف ونوري الجراح
في حوار صحافي يعود إلى العام 2013 الذي شهد اعتقالها للمرة الثانية، من قبل أجهزة أمن بشار الأسد، ثم قررت بعدها الهرب واللجوء إلى فرنسا التي شهدت وفاتها.
قالت للشاعر السوري (نوري الجراح) الذي أجرى معها هذا الحوار، وسألها عن الأشياء الكثيرة التي تدفع الشخص للقيام بثورة على النظام، إنها تحتفظ بذكريات وصفتها بـ (السيئة المؤلمة) اقترفها حافظ الأسد وشقيقه رفعت، أيام طفولتها، ثمانينيات القرن الماضي.
ففي هذه الفترة في ثمانينيات القرن الماضي، كانت تقود دراجتها الهوائية في شوارع دمشق، وإذ بها ترى قوات من جيش (حافظ الأسد) وشقيقه (رفعت)، تقوم بخلع الحجاب عن نساء الشام!
وهى الحادثة التي اهتزّت لها سوريا، في ذلك الوقت، عندما قرر حافظ وشقيقه رفعت، خلع حجاب النساء السوريات بالإكراه، أمام أعين المارة، في الشوارع والأمكنة العامة.
تقول (مي سكاف): إنها كانت طفلة، وقت مشاهدتها خلع حجاب نساء الشام، بالقوة، وتضيف أنها لن تنسى منظر امرأة سورية في الخمسين من عمرها، وهى تبكي وتتوسل أمام مجموعة من الجنديات النازيات كي لا يقمن بنزع حجابها.
ويشار في هذا السياق، إلى أن (حافظ الأسد) وشقيقه (رفعت)، كانا ينشران قوات من النساء المجندات في الجيش، ليقمن بنزع حجاب النساء السوريات، عنوة، أمام الملأ.
وترى (مي سكاف)، أن تلك المرأة السورية الخمسينية التي كانت تبكي وتتوسل لـ (الجنديات النازيات) كي لا يقمن بنزع حجابها، هى سوريا، وأن من العار أن يبقى مثل هذا النظام (عار على كل سوري) كما قالت في حوارها المشار إليه.