بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
نضال الأحمدية (61 عاما)، ومع ذلك تبدو عجوز شمطاء تقترب من التسعين عاما، ربما لأن لسانها الزالف يحمل سموما قاتلة لأفعي رقطاء تظل تنفث سموها ليل نهار بالخوض في سير الفن والفنانين خاصة السوريين وآخرهم الفنانة الجميلة والموهوبة (سلافة معمار)، بل إنها تدس أنفها بين الحين والآخر في السياسة السورية، وقد أصدرت محكمة الجنايات الأولى في دمشق حكما غيابيا بالسجن لمدة خمس سنوات بحقها.
هذا الحكم كان في سبتمبر الماضي، بتهمة النيل من هيبة (الدولة السورية) والتعرض لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمن الحكم أيضاً فرض غرامة مالية قدرها 10 ملايين ليرة سورية على (نضال الأحمدية)، بالإضافة إلى السجن والغرامة.
وتشير وثائق المحكمة إلى أن (نضال الأحمدية) قد اتهمت بنشر محتوى يسيء إلى الدولة السورية عبر حسابها على منصات التواصل الاجتماعي، مما اعتبرته المحكمة جريمة تمس هيبة الدولة ومكانتها.
وتضمن القرار مواد إدانة تتعلق بالتحريض والتشهير، حيث اعتبرت المحكمة أن التصرفات التي قامت بها (نضال الأحمدية) تندرج تحت إطار الأعمال التي تهدد السلم والأمن المجتمعي.
لقد اعتادت (نضال الأحمدية) من حين إلى آخر أن تشعل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الإساءة للاجئين السوريين في لبنان أو للسوريين بشكل عام، وآخر كوارثها، أن هاجمت الفنانة السورية (سلافة معمار) معتبرة أنها لا يمكن اعتبارها نجمة ناجحة، مضيفة أنها أصبحت في الخمسين من العمر.
وظهرت الأحمدية في فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب الفنانة السورية (سوزان نجم الدين)، وهما تتحدثان عن نجمات لبنان ونجمات سوريا، وقالت (سوزان) في الفيديو أنها ترفع القبعة لكل نجمات لبنان وسوريا بمن فيهن الفنانة سلافة معمار مع ذكرها لأسماء أخرى.
أفعى رقطاء تنفث سمومها
لكن (نضال الأحمدية) هبت كأفعى رقطاء تنفث سمومها لتعارض (سوزان) الحديث وتعلق قائلة في صفاقة وقلة احترام: ماذا فعلت معمار؟، وأضافت بأنها باتت خمسينية، ولا يمكن اعتبارها من النجمات.
كما عبر كثيرون عن رفضهم لكلام رئيسة تحرير (مجلة الجرس) – أغلب الظن أن المشكلة في هذا الجرس الذي تعلقه في رقبتها طوال الوقت – مشيرين إلى أنه لا يحق لأي شخص أن يعاير أي إنسان بعمره، فضلا عن أن الأحمدية بالأصل تكبر معمار بسنوات.
وهاجمت فيها (نضال الأحمدية) الفنانة الموهوبة (سلافة معمار) قبلها برسالة تضمنت هجوما قاسيا عليها، بسبب (تعرضها للشتائم) من زوجها السابق.
وقالت الأحمدية: هذا الحكي لسلافة معمار.. أنا مش خاطرة انتي على بالي ولا هداك الي كان زوجك.. وببعتلي مسبات.. اوعي تفتكري الواوية اللي باعتيهم على صفحاتي بشتموا وبسبوا وبهينوا الأهل.. احنا ولاد عيل.. وعنا كرامات بتعلي وبتعمل جبال فوق راسك).
وأضافت في رسالتها: أعلى من الشهادات الي بتتشدقي فيها.. كتير عيب مدام.. كتير عيب مدام عنا ديمقراطية بالبلد إذا انتي ما بتفهمي فيها.. بتعلمك سوزان نجم الدين بتعلمك سلاف فواخرجي بتعلمك كنده علوش.. تعلمي من هالستات غادة بشور ممثلات رائعات بسوريا تعلمي شوي منهم الأخلاق).
وأثارت رسالة (نضال الأحمدية) استغرابا بين الجمهور، وتساءل عدد منهم عن السبب الذي دعا الإعلامية اللبنانية لمهاجمة الفنانة السورية بهذه الطريقة القاسية، فيما قال البعض إنه لا يوجد مبرر لهذا الهجوم سوى كرهها لسلافة.
وأوضح متابعون أن هجوم (نضال الأحمدية) ضد (سلافة معمار) ليس الأول، حيث سبق وانتقدتها كما وصفتها بالـ (خمسينية) نسبة إلى عمرها معتبرة أنها فنانة لا تجيد التمثيل.
ودافع عدد كبير من المتابعين – آنذاك – عن سلافة معمار وموهبتها وانتقدوا هجوم الأحمدية عليها فيما يخص عمرها، لا سيما أنها هى أيضا ليست صغيرة في العمر، كما دافع سيف الدين السبيعي طليق معمار عنها مهاجما الأحمدية.
وبالعودة لهجوم الأحمدية الجديد على معمار فقد جاءت أغلب التعليقات: (سلافة كل عمرها مسالمة وما عملت مشاكل مع حدا وما إلها بهالعي والفراغ اللي (الأحمدية) نضال عايشة في … ونضال بكل لقاء لما تحكي عن حدا ما بتحبو بتحكي بدون أي مهنية فما عاد ينعتب عليها… حرام، مقهورة من سلافة لان أحلى منها.
سخرية لاذعة لفناني سوري
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: لماذا عادت (نضال الأحمدية)، من جديد لإثارة الجدل بعد تصريحات انتقدت فيها عددا من الممثلين السوريين وشنت هجوما عليهم من قبل، مثل (تيم حسن وسلافة معمار ومكسيم خليل)، وذلك في حوار إذاعي للحديث عن رؤيتها للوسط الفني السوري واللبناني.
قالت (نضال الأحمدية) خلال حوار مع الإعلامي (علاء مرعب) عبر تطبيق (بوديو) إن (سلافة معمار) أساءت للممثلين السوريين قبل اللبنانيين، مثل منى واصف ودريد لحام، حينما قالت إن الممثل السوري خريج معهد فنون مسرحية,.
وفي إطار خلط الأوراق قالت (نضال الأحمدية: أن (فيروز) لم تدخل معهدا موسيقيا، مخاطبة معمار بقولها: (شو جابك لركبتها، حاج تحكيني بعقدة التفوق يلي عندك)، كما قارنت بين (معمار) والممثلة (سلاف فواخرجي)، معتبرة أن الأخيرة تتفوق على معمار في الأدوار، واصفة أنها (فنانة عظيمة).
كما هاجمت (مكسيم خليل) في نفس الحوار، في تصريحات عنصرية، لا تمت إلى الإعلام أو الفن بصلة، وإنما بشكل شخصي، وقالت إنه أصفر لا يشبههم، واعترفت بعدم حبها له بسبب ما فعل بوالدته، التي وضعها في دار عجزة.
وسخرت أيضا (نضال الأحمدية) من معتصم النهار، حيث وصفته بأنه (خيال صحرا، ومصدق حاله)، ورأت بأنه ليس من مستوى (قصي خولي وعابد فهد)، واعتبرت عمله في مسلسل (ما فيي) المتعدد الأجزاء، عملا فاشلا!
وخاطبت (نضال الأحمدية) معتصم النهار بقولها: (ما تصدق حالك لن تصبح قصي خولي أو تيم حسن أو أيمن زيدان).
وفيما يخص الفنان (تيم حسن)، وصفته بالخائن، لاسيما بعد افتراء طليقته (ديمة بياعة) عن علاقته مع (نسرين طافش)، معتبرة أن الرجل الذي يخون زوجته وأولاده يخون وطنه.
كما لم تسلم (شكران مرتجى)، من هجوم (نضال الأحمدية، التي علقت على منشوراتها في وسائل التواصل الاجتماعي ضد الممارسات العنصرية اللبنانية اتجاه السوريين، معتبرة أن (مرتجى) فلسطينية وليست سورية، ولا يحق لها انتقاد العنصرية ضد السوريين، واصفة إياها أنها (بلا تهذيب) بسبب حظرها إياها.
(سلاف فواخرجي)، كانت الممثلة الوحيد التي نجت من انتقادات (نضال الأحمدية) ووصفها اللاذع، واصفة إياها بأنها الممثلة السورية الأولى والأعرق.
عرفت (نضال الأحمدية أيضاً بمواقفها المسيئة للسوريين بشكل عام، والفنانين بشكل خاص، حيث هاجمت مطلع العام الحالي (طلال مارديني) على خلفية تعليقه على تغريدة لهيفاء وهبي، تمنت فيها السلامة لنانسي عجرم، بعد حادثة مقتل الشاب السوري في منزلها على يد زوجها، قائلة: (ويا ريت كل هالاشكال المجرمة يفلوا بقى من هون).
نضال تهاجم أصالة
وهاجمت (نضال الأحمدية) المطربة الكبيرة (أصالة) بسبب الفيديو الذي شاركته وهي تقبل زوجها (فايق حسن) أثناء احتفالهما بعيد الحب ووصفت حركتها بـ (الفسق).
وأضافت (نضال الأحمدية) خلال لقائها ببرنامج (كتاب الشهرة) عبر قناة (الجديد اللبنانية) قائلة: دافعت عن (أصالة) بعد ظهورها في برنامج (سعودي أيدول) بعد يومين من زلزال سوريا، في الوقت الذي كانت تتعرض فيه لهجوم كبير لأن هذا عملها، وحتى إذا كانت قالت كلام سخيف فلا بد أن يكتب لها شخص ما تقوله في البرامج.
وأعود وأذكر الأفعى الرقطاء (نضال الأحمدية) بأن (سلافة معمار) هى من نوع الممثلين الذين يمكن توصيل روح الدور على جناح جودة الأداء من خلال تسجيد رائع لشخصيات من لحم دائم كما جاء في أعمالها خاصة في الدراما التليفزيونية.
ومن ثم شكلت النجمة السورية علامة فارقة بالأدوار التي جسدتها في جميع الأعمال الشامية التي شاركت بها على رغم قلتها بسبب انتقائيتها (المدروسة جدا)، وقد تلونت بلعب (المختلف) غير النمطي، في مثل هذا النوع من الأعمال (التقليدية).
فهى لم تركن إلى الأداء الخارجي السائد فيها، بل غاصت عميقا في استخدام جميع أدوات الممثل المبدع من الباطن إلى الظاهر، على غرار ما فعلت من قبل بشخصية نعمت في (خاتون) ووردة في (وردة شامية)، ومؤخرا بشخصية (أم العز) في (حارة القبة).
كما أنها قرعت قلوب المشاهدين وعقولهم حين جالت (حاسرة الرأس) في أروقة الحارة القديمة، فنقلت الصدمة من تعابير وجهها المنحوتة بكل عرق فيه إلى أضلعهم، في مشهد تمثيلي حقيقي خارج جليد الـ (بوتوكس) والسحنة الشمعية التي عادة ما تفقد وجه الممثل التعبير الصداق في الأداء.
في اللغة العربية التي طالما ارتبطت حروفها بمعانيها، تعني كلمة (سلافة) خلاصة الشيء وأفضله، ولعل الاسم يعبر عن صاحبته النجمة السورية سلافة معمار، إذ حاولت دائما أن تقدم في خياراتها على الشاشة، عصارة التجارب والأبعاد الإنسانية المركبة، لا سيما النسوية.
براعة سلافة في الدراما السورية
فأثارت معظم أعمالها جدلا نقديا مثل (قلم حمرة، الغفران، تخت شرقي، أرواح عارية)، ربما بسبب (الجرأة)، وربما بسبب تناول بعض الجوانب الحساسة من (الواقع الاجتماعي) التي هربت منها بقية الأعمال الدرامية.
وأحيط علم هذه الخرقاء (نضال الأحمدية) بأنه لم تأت النجومية إلى (سلافة معمار) على طبق من ذهب فقد ظلت لسنوات حبيسة الأدوار الثانية والثالثة وعلى الرغم من حسن انتقائها وبراعتها في اختيار الشخصيات، إلا أن المخرجين لم يغامروا بإسناد دور البطولة لها.
لى أن جاء دور (بثينة) في مسلسل (زمن العار – 2009) إخراج (رشا شربتجي)، والذي يعد العمل المفصلي في حياة (سلافة) حيث قدمها كممثلة قديرة وبطلة مطلقة للجمهور واستطاعت أن تثبت من خلاله أنها تستحق أن تكون من نجمات الصف الأول في الدراما السورية.
وأصبحت بالفعل من الأسماء القليلة التي وصلت الى النجومية، فبقيت في القمة من دون أن يتأثر أداؤها التمثيلي، أو قيمتها الفنية.
واشتهرت بالأدوار الحساسة التي تحتاج الى الوقوف الجريء في وجه النمطية، والبحث عن الشخصيات النسوية، سلبا وإيجابا، والتي تكشف الطبيعة الداخلية للمرأة بوجه امرأة ولسان امرأة وعقل امرأة وتعابير امرأة.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للنجمة (سلافة معمار)، تلك الممثلة الاستثنائية في جدلية منقطعة النظير، حيث جسدت الواقع بشفافيته وبساطته وصراحته، وجراء جرأتها في التناول أدينت واتهمت بخدش الحياء.
وهى في ذات الوقت تلك الفتاة التي أدت دور (المسترجلة) وكاتبة السيناريو التي أسست مدرسة درامية جديدة حين روت أحداث حياتها من داخل المعتقل.
ورغم كل ما مضى تبقى (سلافة معمار) في كل حالاتها الفنية والإنسانية تفيض أنوثة وقوة معا، ومن ثم تميز أي عمل تشارك فيه لأدائها الرائع وتفانيها في تقمص الأدوار التي تؤديها.. متعها الله بالصحة والعافية لتمتعنا أكثر بأعمالها الدرامية ذات الجودة العالية.