رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (وتر حساس).. صورة مشوهة من (ستيليتو) !

يريدوننا أن نكون مسخاً مشوهاً، نلبس ملابسهم ونتحدث بلسانهم ونؤمن بعقيدتهم الفكرية والسلوكية والاجتماعية

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

(وتر حساس).. مسلسل مصري ولكنه ليس له أي علاقة بطبيعة الشعب المصري، بل إنه صورة مشوهة من المسلسل اللبناني السوري التركي (ستيليتو).

لا يريدوننا أن نكون نحن، بل يريدوننا أن نكون مسخاً مشوهاً منهم، نلبس ملابسهم ونتحدث بلسانهم ونؤمن بعقيدتهم الفكرية والسلوكية والاجتماعية، نتصرف مثلهم، ونستحل ما يستحلون حتى لو كان في يقيننا حرام، نسمح لأنفسنا بإقامة علاقات غير مشروعة، ونؤمن بالحق في الشذوذ.

صناع (وتر حساس) يتوهمون أن الكوكب كوكبهم والعالم عالمهم الذي يرسمون له ملامح تتوافق مع أطماعهم وطموحاتهم للسيطرة على العقول، وتشكيل الوجدان الإنساني بما يرونه ميسراً لتحقيق مآربهم الخبيثة.

من حقهم أن يخططوا وينفذوا، فنفوسهم مريضة تدفعهم دفعاً لتغيير الإنسان وملئه بالأحقاد والضغائن، وشحنه بالكراهية وتعبئته بالغضب والعنف، وتجريف قيمه ومبادئه ومحو تراثه وتاريخه، حتى يكون فريسة سهلة لهم، ولكن من حقنا أن نرفض ونقاوم ونكشف زيفهم ونثبت أننا قادرون على التمييز ومؤمنون بالاختلاف.

ولكن أن يتبنى البعض منا نظرياتهم وينقل إلينا سمومهم وهو يعي تماماً خطورة ما يفعل، باحثاً عن بعض المال أو الشهرة فهي الكارثة الكبرى، وهل هناك وسيلة أقوى تأثيراً من الدراما للتسلل إلى عقولنا ووجداننا وزرع قيمهم فينا ونحن مغيبون؟

شاهدنا قبل عامين مسلسل سوري لبناني تركي باسم (ستيليتو) منقول عن مسلسل تركي خالص، وانتقدناه في هذا المكان لما يحمل من سموم وتحفيز 3 صديقات على التفنن في الانتقام من بعضهن البعض، مؤامرات ليست لها حدود، واليوم نتابع عبر إحدى محطاتنا مسلسل مستوحى منه من دون التصريح بذلك.

محمد علاء كان أفضل أداء

تربين على الحقد والكراهية

المضمون متشابه إلى حد بعيد والمؤامرات تذكرنا بالمؤامرات حتى لو تغيرت طبيعة العلاقة بين الشخصيات، صديقات (ستيليتو) اللائي يجمعهن كومباوند واحد، تربين على الحقد والكراهية منذ كن تلميذات في مدرسة واحدة، تحولن في مسلسل (وتر حساس) إلى قريبات تجمعهن عائلة واحدة.

 تربين أيضاً منذ الصغر على الحقد والكراهية لنكتشف أنه موروث بين ابنتي خالتين ومكتسب لدى صديقتهما الثالثة، ومع الكِبر كَبر بينهن الحقد، ورفعت كل منهن راية الانتقام في وجه الأخريات، مستبيحة في ذلك كل القيم الأسرية والمبادئ الإنسانية.

(كاميليا) في (وتر حساس) نسخة على أسوأ من (فلك) في (ستيليتو)، و(سلمى) نسخة من (ألما) و(رغدة) نسخة من (جويل)، وحولهن أخريات في المسلسلين مثل (نايلة) الصديقة الرابعة في (ستيليتو)، ومثل (داليا) شقيقة سلمى المنقادة والتي لا تختلف عن (نايلة).

وهنا شقيقة ثانية لسلمى ليس لها ما يعادلها في المسلسل الأصلي، مثلت هذه النماذج في (ستيليتو) السوريتان (ديما قندلفت وكاريس بشار)، واللبنانيتان (ريتا حرب وندى أبو فرحات)، وكانت مباراة بينهما في التمثيل حيث عبّرت كل منهن عن سواد النفس البشرية والاهتزاز النفسي والتشتت والتخبط ببراعة.

كما كانت مباراة في التعري كشفت كل منهن خلاله المسموح وغير المسموح بشياكة في الألوان والتفصيلات والموديلات.

في (وتر حساس) تجسد هذه الشخصيات بالتتابع (إنجي المقدم، وصبا مبارك، وهايدي كرم، وهاجر عفيفي، وجنا الأشقر)، وكانت بينهن أيضاً مباراة، ولكن ليس في الأداء بقدر ما هى في نفخ الشفايف والبوتوكس والفيلر، ومباراة في التعري بمساحة غير مسبوقة في الدراما المصرية وغير مناسبة لطبيعة مجتمعنا.

ومباراة في الملابس التي تنسحق ذوقاً وألواناً وتفصيلاً أمام أزياء (ستيليتو)، بل إن (وتر حساس) انسحق أمام (ستيليتو) في جودة الصنعة رغم أنه والده الشرعي، ورغم أن كلاهما يحمل نفس السموم، وكلاهما لا ينقصه خزي ولا عار.

الخط الرئيسي في أحداث حول حرب الانتقام بين (سلمى وكاميليا) الممتدة منذ الصغر والمتواصلة في صور مختلفة أبرزها خطف (سلمى) زوج (كاميليا) بعد اكتشافها ما ارتكبته في حقها من جرائم.

لم يحدث أن ذهب أحد إلى عيادة أو بلسانهم (كلينك) ويجد طبيبة بملابس سهرة عارية سوى في (وتر حساس) مثل (سلم/ (صبا مبارك)، ورغدة/ هايدي كرم)، ولم يقابل أحد في أرجاء مصر محامية تذهب إلى مكتبها شبه عارية مثلما يوهمنا المسلسل من خلال شخصية (كاميليا/ أنجي المقدم).

جنا الأشقر برعت في تجسيد شخصية (ليلى)

الملل والمط والتطويل

ما لن تجده أبداً في الواقع ستجده على امتداد حلقات (وتر حساس) الذي تدور أحداثه في 30 حلقة، رغم أن ربيبه (ستيليتو) كان في 90 حلقة، جمع بينهما مساحة من الملل والمط والتطويل لدواع غير درامية، ولكن في الأخير جاءت النسخة المقلدة باهتة ومنفرة ومتجاوزة لكل الحدود الدرامية والاجتماعية.

المسلسلان بينهما تشابه وليس تطابق في المضمون، ففي (ستيليتو) الانتقام نهج نسائي، وفي النسخة المصرية فإن الانتقام سلوك إنساني، لا فرق بين الرجل والمرأة في نزعة الانتقام ومساحات الحقد، كما أن مساحة الخيانة فيها كبيرة ومتشعبة بعكس الأصل الذي كان تركيزه على الانتقام النسائي.

وفي المسلسل الأول يقتصر الصراع على الطبقة الغنية، إنما في مسلسلنا فالصراع متنوع بين الأقارب والأصدقاء في الطبقة الغنية وبين الأغنياء والفقراء في إيحاء إلى سعي (الغنية) للدعس على شرف (الفقيرة).

وللإنصاف فإن (وتر حساس) قد ترك لدينا مساحة أمل من خلال شخصيات محدودة سوية نفسياً مثل الوالد نور الدين (تميم عبده)، والأم وتجسدها (لطيفة فهمي)، وشخصية (ليلى/ جنا الأشقر) الشقيقة الصغرى لسلمى وتجسدها جنا الأشقر ومعها زميلها الطبيب (عبدالرحمن) ويجسده شريف الشعشاعي.

على مستوى التمثيل في (وتر حساس) فقد كانت البطلات الثلاثة هن الأسوأ، وأسوأ الأسوأ مخارج الألفاظ عند (إنجي المقدم) ويبدو أن عمليات التجميل سببت لديها تداخلاً بين أحرف السين والشين والصاد.

أما (صبا مبارك) فقد تحولت إلى روبوت يؤدي بلا مشاعر، وعينا (هايدي كرم) مبحلقتان معظم الوقت، بينما تفوّق عليهن أداءً (محمد علاء وهاجر عفيفي وجنا الأشقر وتميم عبده).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.