في ذكرها: (برلنتي عبد الحميد).. الجمال الشعبي، والمرأة التي يتملكها شيطان الجسد! (1/3)
* المتابع لمشوار (برلنتي عبد الحميد) الفني يجد أن هناك تشابها ملحوظا بين الإغراء الذي قدمته، والإغراء الذي قدمته زميلتها هند رستم
* في الأدوار التى جسدت فيها البطولة الثانية كانت تجسد الإغراء من خلال ما تتمتع من قوة جسد، وتضاريس وأنوثة.
* جسدت الإغراء في أفلام قليلة لكنها تركت أثرا لا يمحى عند الجمهور ونقاد السينما
* في الكثير من الأفلام التي اضطلعت فيها بالبطولة وحدها ، فهي في الغالب امرأة تسوقها شهوتها للانتقال بين أكثر من رجل
بقلم الناقد والباحث : محمود قاسم
نحيي اليوم الأحد الأول من ديسمبر الذكرى الرابعة عشر لرحيل الفنانة الكبيرة (برلنتي عبد الحميد) التى انكوت بنار السياسة، بعد زواجها السري من المشير (عبد الحكيم عامر) نائب رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة.
والمتابع لمشوار (برلنتي عبد الحميد) الفني يجد أن هناك تشابها ملحوظا بين الإغراء الذي قدمته، والإغراء الذي قدمته زميلتها هند رستم، ليس فقط في الأدوار التي أسندت إلى كل منهما، ولكن أيضاً فيما يتعلق ببدايات كل منهما من ناحية، وبعض الأدوار التي جسدناها، وأيضاً المرحلة الزمنية التي عملت فيها كل من (هند رستم)، وبرلنتي عبد الحميد).
فبدايات (برلنتي عبد الحميد) كانت في أدوار صغيرة للغاية، مثل زميلتها، يمكنك أن تراها في لقطة عبارة، أو مشهد سريع، ثم يسند إليها دور بارز في فيلم من طراز (ريا وسكينة) لصلاح أبو سيف عام 1952.
وفيما بعد ترى (برلنتي عبد الحميد) في أدوار هامشية مثلما حدث في (قصة حبي) لبركات عام 1955، وهو نفس العام الذي أسندت إليها بطولة مطلقة في فيلم (درب المهابيل) لتوفيق صالح و(رنة الخلخال) لمحمود ذو الفقار.
وعام 1955 أيضاً هو نفس السنة الذي انطلقت فيه نجومية (هند رستم) في فيلمين هما (بنات الليل)، و(الجسد) وقد استمرت نجومية كل منهما في الإغراء بشكل خاص حتى نهاية الخمسينيات.
تجسد أدوار الإغراء
فكان عمر كل منهما في هذا العالم قصيراً، وهو أمر طبيعي أسوة بنجومية لاعبي كرة القدم، حيث أنه بعد هذا التاريخ، تتقلص أدوار الإغراء، وتتجاوز الفنانة من الحمية الأولى، وتبدأ في اكتساب نوعاً آخر من السمات تجعلها غير صالحة تماماً لهذا النوع من الأدوار.
وهناك تشابه واضح أيضاً في أن (برلنتي عبد الحميد)، و(هند رستم) لعبتا قبل عام 1955، أدوار لا تنبئ بالمرة أننا سنكون أمام ملكات إغراء، أو أن كل هذه الجاذبية الحسية كامنة وراء مثل هاتين المرأتين!.
فـ (برلنتي عبد الحميد) مثلا في فيلم (ريا وسكينة) هى الفتاة المنكسرة التي أحبت شاباً نزقاً، ينتمي إلى عصابة لقتل النساء، وكان عليها أن تذهب مع الشاب، وفي صحبتها صديقة لها.
وذلك من أجل أن تواجه مصيراً لا تعرف أي قسوة سيكون لها مصيراً فيه، وقد لفت الفتاة ملاءتها على جسمها الذي لم تبرز مفاتنه بعد.
وبدت في صوتها الذي به خشونة واضحة، ولا يوحي بالنعومة، كم هي منكسرة، لا حول لها، ولا يمكنها أن تتخذ قراراً خاصاً بحياتها، فالأب الجزار الشديد المراس، يمثل لها سطوة.
والحبيب المعسول الكلام تمثل عبارات غزله إليها نوعاً آخر لا يمكن مقاومته من السطوة .
حدود جذب الأنظار
أما أدوارها الأخرى، فإن (برلنتي عبد الحميد) لم تخرج إلى حدود جذب الأنظار، ويكفي أن نشير إلى دورها في (قصة حبي) فهي صديقة للفتاة التي أحبها المطرب، تردد بين الوقت والآخر عبارات الحب، وتتمنى أن تكون صاحبة تجربة رومانسية أسوة بصديقتها ؟
وحتى في دورها في فيلم (درب المهابيل)، فإن الفيلم لم يفتح باباً للممثلة، أن يلتفت إليها كنجمة إغراء فهي فتاة فقيرة تسكن في حي شعبي، تحب شاباً يعمل (عجلاتي)، وهو فقير مثلها، وتبدو أكثر رومانسية رغم قسوة الظروف التي تعيشها، ويتمنى الاثنان لو أتاحت لهما الظروف أن تفوز ورقة يانصيب، كي يتزوجا.
والفتاة هنا تبدو أقل طموحاً، ولا تتطلع إلى أعلى سوى من خلال ورقة اليانصيب، كي تعيش مثل بقية النساء.
ونحن هنا لسنا أمام امرأة مثيرة، أو فاتنة، بل هي فتاة شعبية، جميلة، ترتدي الملاءة اللف، ولا تبدو بالملاءة ملفتة للنظر كثيراً مثلما سيحدث بعد ذلك مع هند رستم في (توحة).
والغريب أنه في أغلب الأفلام التي ستجسدها (برلنتي عبد الحميد) فيما بعد، ستكون تلك المرأة الفقيرة، لكنها ستصير أكثر طموحاً في الاستيلاء على مقدرات الرجل، سواء من خلال جسدها، أو نزوة ، أو مكانة اجتماعية.
وذلك في أفلام أخرى مثل (رنة الخلخال)، و(حياة غانية)، و(سلطان)، و(فضيحة في الزمالك)، و(سر طاقية الإخفاء) و(زيزيت) ، و(نداء العشاق)، و(صراع في الجبل) و(سمراء سيناء).
ما تتمتع من قوة جسد
ورغم تلك الأدوار الساخنة التي جسدتها (برلنتي عبد الحميد) في أفلام عديدة، إلا أنها كانت أفلاماً قليلة العدد قياساً إلى ما جسدته (هند رستم)، كما أنها في الكثير من الأفلام كانت البطلة الثانية.
حيث هناك دائماً نجمة أولى، تقف أمامها، مريم فخر الدين في (رنة الخلخال) ، و(فضيحة في الزمالك)، ونادية لطفي في (سلطان)، وزهرة العلا في (سر طاقية الإخفاء)، وهناك أيضاً كوكا في (سمراء سيناء).
أي أنا في كل هذه الأفلام، كانت تؤدي دور المرأة التي يتملكها شيطان الجسد، والشهوة ، فتندفع نحو المال والخطيئة بكل سهولة.
وتسعى إلى تحقيق مطامع خاصة، من خلال ما تتمتع من قوة جسد، وتضاريس وأنوثة، أما في الكثير من الأفلام التي اضطلعت فيها بالبطولة وحدها.
فهي في الغالب امرأة تسوقها شهوتها للانتقال بين أكثر من رجل، وتدفع هؤلاء الرجال إلى الصراع من أجلها، وارتكاب الجرائم، ويعكس ذلك طغيان الجسد.
خاصة عندما تندس كإمرأة بين شقيقين في منطقة جبلية أو ريفية مثلما رأينا في فيلمي (نداء العشاق) و(صراع في الجبل).
وللحديث والرحلة بقية انتظرونا