بقلم: الإعلامي: علي عبد الرحمن
هل يتطلب المشهد الإعلامي بكل أنشطته تدخل السيد الرئيس؟،وهل يستحق قطاع (الإعلام) ذلك؟ نعم يتطلب، وأجل يستحق.. لماذا؟
مشهد (الإعلام) المصري كان رائد في بثه، وفي إنتاجه، وفي محتواه، وفي توزيعه، وفي تأثيره، وفي دعم وترسيخ قوي مصر الناعمه في منطقتنا العربيه وبعض البلدان الإسلامية، وفي بلدان كثر فيها أبناء مصر المهاجرين.
ذلك عندما كان مشهدنا قناتين أو ثلاثه وبضع محطات إذاعيه وإنفاق مقبول،عندها كانت الريادة وجودة المحتوي وكثرة التوزيع وعمق الأثر والتأثير في نفوذ مصر الناعم إقليميا.
ولكن طرأ ترهل وضعف وتقوقع وخسارة وضعف محتوي وقلة التوزيع وضعف التأثير داخليا وخارجيا، ثم تراجع تأثير إعلام الدوله لندرة القيادات المطلعه علي مفردات السوق والمشهد الإعلامي الأقليمي، ولتقادم المعدات، وعدم ملائمة بيئة العمل، وغياب التدريب، والاحتكاك عبر الملتقيات والأحداث والمسابقات.
ثم ظل القطاع الخاص يثابر إنتاجا وتوزيعا، ووقف بجوار ماسبيرو في كبواته المتعددة، ثم ظهرت القنوات الخاصه أو المستقله وحركت رواكد مشهد (الإعلام) شكلا ومضمونا فأقبل عليها المصريون والعرب وعاد للإعلام المصري بريقه ومشاهديه وتنافسيته.
ثم جاءت مرحلتنا الحالية ذات العمر الـ١٠سنوات، واجتمعت القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية والمواقع والصحف ووكالات الإعلان وصناعة الأخبار والأحداث، وجهات المعدات والاستديوهات والمونتاج والجرافيكس إجتمعت في يد واحدة، في شركة واحدة.
وتشابه المضمون وتم تسطيح المحتوى وقل التوزيع وقتل القطاع الخاص، حيث أن كل شركات المعدات والاستديوهات والتصوير والإضاءه والمؤثرات والمونتاج والجرافيكس ووكالات الإعلان.
غابت الرسائل الوطنية
كل ذلك تم قتله، فلا ستديو شغال ولا وحدات المونتاج تعمل، وكذلك مكاتب الجرافيكس وهجر أبناء المهنه مهنتهم إحتراما لأنفسهم وخبراتهم، وتم غلق معظم هذه الشركات والمكاتب، وحتي منتجي الدراما تراجعوا لأن الشاشات التي تشتري أعمالهم أصبحت تحت شركة إنتاج وبث وتسويق وإعلان.
واعتلي مشهد (الإعلام) غير أهله، وغابت الرسائل الوطنية المهنية، وضعف المحتوى، وقل التوزيع والتأثير وانزوي صناع المحتوي وأرباب الإبداع، حتي بدت تطلق علينا ملاحظات من أهل الاختصاص في منطقتنا بأن بعض نصوصنا ضعيفة وبعض إنتاجنا غائب سواء الناريخي أو الديني أو الإجتماعي أو الكوميدي.
وهكذا تقلص التأثير والدور وتقلص معه القطاع الخاص من معدات أو إنتاج، واستمر إعلام الدولة في سباته ينتظر ماذا سيفعل به، هل يموت واقفا، أو يتم استقطاب كوادره أو تتم خصخصته أم تتم الشراكة فيه، وكل ذلك لم يحدث.
وغاب الإنتاج الجيد والمحتوى التنافسي والنجوم والترويج والتسويق والتوزيع والتأثير عن مشهد الإعلام الرسمي، ومع ظهور المجلس والهيئات والنقابة ظننا نحن أن الحال سيتم إصلاحه، ولكن كبكرة الخيط زاد التعقيد المتشابك في المشهد.
وتدخلت جهات عديده تتنافس على توجيه دفة المشهد، حتي أصبحت الوجوه ثابتة والمضامين متكررة، وبعدنا كثيرا عن مفاهيم عصرنة (الإعلام)، بل وتحول مقدمي الخدمة إلي أصحاب مصالح ورأي بالمخالفه لأصول الإعلام المهنيه الحيادية.
وبعد ترهل إعلام الدولة، وقتل القطاع الخاص كشريك مجتمعي، والاستحواذ على كل روافد العمل الإعلامي، كان لابد من التدخل لإعادة ترتيب وتنظيم المشهد، ولم يحرك ساكنا ظهور ما ظهر من مجلس أو هيئات أو نقابه أو شركات.
وأمام هذا الإنفاق الضخم الذي فاق الـ 120 مليار جنيه سنويا دون عوائد تذكر، وأمام عدم إيصال إنجازات التنميه للمواطن مما أقلقه على حاضره ومستقبل أبنائه، كان المشهد يتطلب تدخل القياده السياسية بصرامتها وسرعة إيقاع تنفيذها.
وأنا أناشد السيد الرئيس أن تمتد يده لمفردات المشهد الإعلامي، فيأمر بوضع خطه قومية استراتيجيه لقطاع (الإعلام) محددة المعالم، يظهر فيها ملاحقة خطط الدولة ومنجزاتها، وإحباط الشباب وتطلعاته، وهموم الأسرةالمصرية.
ويقدم شرحا ونصحا لمشاهديه، وينظر إلى سكان أطراف الوطن وأبنائه المغتربين، نعم ويعيد تشكيل المجلس الأعلي للإعلام وأعضائه، ويعيد تشكيل لجانه بشكل مهني ويحرره من صراع الأجهزة، وكذا تشكيلات الهيئتين الوطنيتين للإعلام والصحافة، وأعضائهما.
هوية لكل شبكة ورسالة
ويعيد تشكيل لجان المجلس، ويضع هوية لكل شبكة ورسالة ومضامين تلائم هويته، ويضع آليه لتكامل الآداء، وفي الهيئات لابد من مختصين يوقظوا إعلام الدوله من سباته، ويرسى فيهما ثقافة الإنتاج وفنون الترويج والتسويق والتوزيع، وتمتد يده للقطاع الخاص ضبطا وضغطا وإنفاقا.
ويضع أسلوب التكامل بين منظومتي (الإعلام )الرسمي و(الإعلام) الموازي، وأن يضع لجنة متخصصة لمتابعة تنفيذ رؤيته، وتصوب ما يتطلب أثناء التنفيذ، ويعلي قيم التنافس والتدريب والإبتعاث والاحتكاك وتبادل الخبرات عبر صناعة الأحداث الإعلامية والفنية.
عندها سيكون لدينا عدد مقبول من الشبكات والقنوات لكل منها هوية وشعار ودور، ويضبط معدلات الإنفاق في الإعلام الرسمي والإعلام الموازي، ويكون للنقابه دورها في خدمة أعضائها، وفي متابعة الإلتزام المهني والمجتمعي والأخلاقي، أعتقد أن تدخل سيادته وبما عهدناه عليه من حسم وسرعة إنجاز ودقة في التنفيذ.
فهل اتضح أن إعلامنا يستحق التدخل ويتطلب الاهتمام، عندها ستظهر منظومة (الإعلام) الرسمي في هويتها الوطنية الجديدة، ومنظومة (الإعلام الموازي) في تكاملها الوطني المنشود، والنقابة في دورها الخدمي والمهني والمجتمعي، ومجلسا يشرف وينظم ويوجه ويحاسب ويكافئ.
وجهات إنتاج حكومية وخاصة تدب فيها الحياه إنتاجا وتنافسا، وقمرا تنافسيا يغطي منطقتنا بسياسة سعرية تنافسية، وترضي القيادة والشعب ونوابه وحكومته ومختصيه عن مشهدنا الإعلامي بكل مفرداته، وتعود لمصر ريادتها وقواها الناعمة وتأثيرها.
عندها يعلو صوت مصر وصورتها جودة وتنافسا وتوزيعا، ويكون إعلامنا قاطرة لتنمية الوطن وبناء المواطن وتحصين الأسرة والنشئ ،وملتحما بشعبه ،ومتواصلا مع أبنائه في الخارج، وناقلا لصورة مصر الجميلة الحديثه بإنجازاتها للعالم أجمع، ويصبح ملائما لقيمة مصر وقامتها ودورها وشعبها ورسالتها، اللهم آمين.. وتحيا مصر دوما بفضل الله الحارس العظيم.. آمين.