(مطر علي الكواري): تكريم الكويت تاج على رأسي، وعشت يومين من أحلى الأيام على قلبي
كتب: أحمد السماحي
(مطر علي الكواري)، ملحن قطري، القلم يخجل من تعريفه! فهو أحد القامات اللحنية المهمة في عالمنا العربي عامة، وفي الخليج خاصة.
ما أن تصافح أذن المستمع أغنية من ألحان (مطر علي الكواري) حتى يسلم نفسه لها دون أن يدري لأنها تخاطب أصالته الفطرية، وتعطيه احتياجاته العاطفية، وتصفي نفسيته من الكدر والصخب والملل.
اللحن عند (مطر علي الكواري) يخاطب في المستمع كبرياءه، ويساهم في بناء شخصيته عن طريق حركة الأنغام التى تتسرب إلى الوجدان في سياق لا يشوبه تخاذل أو تهافت، أو ابتذال، يعكس بياض القلب، ونقاء السريرة، وصحوة الضمير.
ما يميز ألحان (مطر علي الكواري) بساطتها وسهولتها، لكنها البساطة المحببة وليست بساطة الأستخفاف!، أما السهولة فهي السهل الممتنع.
كما تتميز ألحانه بالبراعة في التصرف فهو ينتقل بسامعه من مقام إلى مقام بسهولة ويسر، ويتحول من نغم إلى نغم، في اتساق وانسجام، كأنه يتنزه في روضة نسقت أغصانها يد بستاني ماهر.
قدم (مطر علي الكواري) العديد من الأغنيات العاطفية، والوطنية، لكنه اشتهر أكثر بتلحين الأغنيات الوطنية، التى غنتها المجموعة القطرية، وكبار نجوم الأغنية في العالم العربي.
من أشهر الحانه الوطنية (وين ما أروح، أزفني العزاوي، يا قطر، أغلى بلد، هذي يا بلادي، قطر ما تهون، حياتي يا قطر، أم الوطن، ابشروا بالعز والخير، موطني) وغيرها الكثير والكثير.
وفي مجال الأغنية العاطفية هو صاحب ألحان (خليني أمر، يا عذاب عيون، بحار التيه، الجرح أكبر، يا مفسر الأحلام، يا قلبي ممكن أسألك؟! كفاية نوم، ليه يا الدنيا، الصيف، جيتك موادع) وغيرها الكثير.
مطرعلي الكواري والتراث القطري
ألحان (الكواري) الوطنية مليئة بالعاطفة الهادئة، والشجن المحبب، وكأنه يلحن ليتغزل في حبيبته، لهذا تتسلل ألحانه بسرعة وتسكن القلوب، نظرا لأن اللحن أرق من نسج الطيف، وألطف من النسمة في سحرة الصيف.
من يتابع ألحان الكواري يجد أن الموروث الشعبي، والتراث القطري كان بمثابة الأرض الصلبة التى وقف عليها قوامه الفني، حيث أدرك (مطر علي لكواري) منذ وقت مبكر بحكم دراسته الموسيقية في مصر، أن الأغنية يجب أن تكون تمثيلا حقيقيا للناس.
ولروح الشخصية القومية لطموحها، وحلمها القومي الأصيل، وانتبه إلى القيم اللحنية الخطيرة الموجودة في التراث، وانكب عليه يستمع، ويتأمل، وينبهر، وينتخب منه ما يصلح ليعيد صياغته وتنقيته ويقدمه إلى الوجود خلقا جديدا.
وبنى (مطر علي الكواري) مشروعه الغنائي على التوعية، وبث الروح الوطنية في الأفئدة، وحث النفوس على التأمل والنظر في الأمور بعمق وتفهم، وفتح المخيلة الشعبية على آفاق المستقبل الرحيب.
وتقوية المشاعر وبعث روح المقاومة في الوجدان الشعبي العام، ولكي ينجح في رسالته ومشروعه التنويري رفض المحاكات والتقليد وركوب الموجة، وقدم لبلده قطر تراث قومي عظيم ستظل تفخر به سنوات طويلة قادمة.
الكويت ومدارس متعددة في التلحين
مطر علي الكواري صاحب اللحن البديع (وين ما أروح، وين ما أسافر واتغرب، وابتعد، يردني الشوق يا قطر) تم تكريمه يوم الأحد الماضي من دولة الكويت ممثلة في المجلس القومي للإعلام والفنون والأدب.
وذلك في الدورة الـ 24 من مهرحان الموسيقى الدولي، وتم تكريمه مع مجموعة من زملائه، وهم عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية بالكويت سابقا يوسف الرشيد.
والمغني والملحن البحريني إبراهيم حبيب، والملحن القطري محمد المرزوقي، والمطرب الكويتي محمد البلوشي، وعازفة الكلارينت المصرية هناء العشماوي، والمطربة التونسية الكبيرة لطيفة.
(شهريار النجوم) دق باب (مطر علي الكواري) فانهمر علينا بالترحيب الحار والحب، وبعث لمصر المحروسة، مصر العطاء، مصر الخير والأمن والسلام، التى تعلم فيها الموسيقى بأرق تحية وسلام.
وعن تكريمه في الكويت قال: الكويت بلد الجمال، والفن الخليجي الأصيل، تعلمنا منها الكثير حيث تعددت عليها مدارس لحنية كثيرة.
ومن الذين تعلمنا منهم (عبدالله الفضالة، ومرزوق المرزوق، ومحمود الكويتي، وعبدالله الفرج، وغنام الديكان، ومحمد فرج) ومدارس آخرى كثيرة لا تعد ولا تحصى.
وكلها مدراس أصيلة كانت موجودة قبل أن نولد نحن، لكننا تربينا ونشأنا عليها، ولفتت هذه المدارس اللحنية والغنائية أذاننا، كما لفتت مدارس مصر العظيمة، أذاننا وأسماعنا، من هذه المدارس، (زكريا أحمد، ومحمد القصبجي، ومحمد عبدالوهاب، ورياض السنباطي، وأم كلثوم) وغيرها من المدارس.
وأضاف صاحب ألحان (مسيتني، وما يستاهل، وينك البارحة) : عندما بدأنا مشوارنا الفني كانت الكويت هي المحطة الثانية التى نحج إليها بعد مصر، ففي مصر كنا نسجل الوتريات، وفي الكويت كنا نسجل الكورال، والإيقاعات ونقوم بعمل المكساج وبعض الأمور الأخرى.
الكواري ومعزة خاصة للكويت
تابع (مطر علي الكواري): لهذا نحمل للكويت معزة خاصة وحب كبير، وعندما يجيئ لك تكريم من الكويت، لهذا من الطبيعي أن تسعد وتفتخر به، فالكويت بلد كبير، والتكريم منها كبير، وتاج على رأسي، وأنا ممتن لهذا البلد، وأشكرهم على هذا التكريم.
وأشكر المسئولين في المجلس القومي للإعلام والفنون والأدب على هذه الدعوة الكريمة، والتكريم، والحقيقة أنني استمعت بالأيام التى قضيتها في الكويت حيث رأيت أساتذتي سواء من مصر أو الكويت، كما رأيت الناس الذين أحبهم ويحبونني، وعشت يومين من أحلى الأيام على قلبي.