رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: (الإعلام) ما بعد سامسونج.. ومحطة المطار السري!

بأى حق  كان ما كان.. وبأى حق ما سيكون؟!

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

الشغل الشاغل والقلق الرئيسي الذي أقض مضاجع كثير من العاملين في الأوساط الفنية والصحفية و(الإعلام) خلال الأيام القليلة الماضية، تمثل في سؤال حائر عمن سيخلف السيد الضابط الذي تم تنحيته عن منصبه وكان يشرف من خلال مهامه المكلف بها، على أعمال كل هذه الأوساط.

حيث كان هو الذي يصدر الأوامر ويضع الخطط ويبلغ التكليفات ويقترح الأفكار ويتلقى التقارير ويفحص الطلبات ويراجع المواد ويراقب ردود الأفعال و.. و.. و..، باختصار كان يعمل كمحرك وضابط أساسي لدوران تروس الآلة العملاقة التى تقوم بتشغيل مفاصل العمل في الأوساط الثلاثة.

وارتفعت مئات الأكف تدعو الله بأن (يحنن) قلب ذلك المسئول الجديد عن (الإعلام)، وأن يضع نهاية لحلقة طويلة من تاريخ مشترك ما بين الصحافة و(الإعلام) والفنون، لم تشهد البلاد له مثيلاً في تاريخها منذ ظهور ما يسمى بـ (الإعلام).

لكن لحظة من فضلك.. بأى حق  كان ما كان.. وبأى حق ما سيكون؟!

الأمر كان يدار بشبه علنية والتعليمات لم تكن تأتى في السر والتدخلات كانت في وضح النهار،  باتخاذ سياسة (جوبلزية) سافرة في التعامل تحت قاعدة (من ليس منا فهو عدونا) حتى اغذا فرغوا من الأعداء، تفرغوا لصنع أعداء.

خسائر بالجملة بمبالغ طائلة فيما لايجدى

خسائر بالجملة بمبالغ طائلة

(نعلم جيداً أنه تم فرض هذه السياسة في غفلة لانشغال جهات الدولة العليا في ملفات خارجية في ثقل الجبال).

والنتجة واضحة:

خسائر بالجملة بمبالغ طائلة فيما لايجدى، فلا الإصدارات الصحفية المنتمية إلى المؤسسات التقليدية بقيت على حالها بعد تجفيف منابعها، ولا بدائلها ملأت فراغها، وحتى المواد الدرامية التى أنتجت كبديل للتلفزيون الرسمي، عجزت سد الفجوة وملأ الفراغ.

فأصبحت الصحافة تنعى حالها في أكوام رثة تلقى على الأرصفة بلا اعتناء حتى من صاحب الكشك، كما انفصلت الأفلام والمسلسلات المنتجة في الشركة البديلة، عن الواقع الحقيقي لحياة المصريين الذين وقف غالبيتهم مبهوتين أمام أشكال الحياة في المسلسلات المعروضة عليهم.

فهم لا يرون إلا قصور وفيلات فاخرة في منتجعات معزولة، تقف تزمجر في محيطها سيارات الدفع الرباعي الفارهة تثير الهيبة بأحجامها وماركاتها، أما الإخوة المصريون الغرباء، فهم فقط لاستكمال المشهد من بعيد كديكور مكمل للمبانى والمعانى.

وكانت النتيجة الكارثية في هذه الهوة السحيقة ما بين المواطن وما بين الدولة، فإذا الدولة في واد و(الإعلام) في واد والدراما في واد والناس في أبعد واد!

لو كان الأمر في خسارة بضعة مليارات، (خلوها بجملة المعاناة والخسائر)، لكن الكارثة في هذه الثقة المفقودة ما بين الناس و(الإعلام)، وهذه الغربة المتبادلة ما بين  المشاهد والشاشات المصرية.

وكانت الكارثة الثقافية الكبرى في هجرة الفن المصري إلى رؤوس أموال غير مصرية، وإهدار كرامة الإبداع والمبدعين المصريين في ساحاتها.

هل يمكن أن يتحمل السيد الضابط المسئول السابق وحده كل هذا؟!

لا وألف ألف لا..

لماذا؟؛

فهناك أيضاً، مبدعون ومخرجون وصحفيون وإعلاميون وممثلون وسيناريست، وغالبيتهم من النجوم، كل هؤلاء شاركوا في ذلك الوضع الذي انتهى إلى ما انتهى إليه، بالترغيب، بالترهيب، بالتواطؤ، بالخوف، بالغيرة، بالانتهازية، وحتى بالقنوط.

بأى وسيلة فإن مشاركتهم، كانت موقفا سلبياً مما كان، فساهموا في كتابة مستقبلية لأسوأ صفحات في تاريخ الثقافة و(الإعلام) والفنون.

أكاد أقرا في المستقبل، عناوين وأتأمل أغلفة الكتب التى ستحوى المذكرات والشهادات الحقيقية والمفتعلة وأسمع وأشاهد مقاطع الفيديوهات والبرامج التي ستستضيف شهوداً على العصر، تعرض على مواقع الإنترنت أو على شاشات التلفزيون، تتحدث عن تلك الفترة بما كان أو حتى لم يكن.

لا أستبعد مسلسلات على غرار (دموع في بلاط صاحبة الجلالة)

دموع في بلاط صاحبة الجلالة

لا أستبعد مسلسلات على غرار (دموع في بلاط صاحبة الجلالة) أو جزءًا ثانياً من أفلام (الكرنك)، و(إحنا بتوع الأتوبيس)، و(كشف المستور) يشخص فيها ممثلون ما رأيناه بالأمس القريب!

قلنا لكم إن القبضة الفولاذية ما تلبث بمرور الزمن، أن تتحول إلى حديد زهر قابل للكسر والصدأ والتآكل.

وكم نبهاكم إلى أن الحربة كالماء لا تقبل الضغط وأنها قادرة على التسلل من تحت الطبقات السميكة.

لكن البعض (تحت وطأة نفخ الصدر)، ظنوا أنهم قادرون على تحدى عوامل الزمن من قوانين الفيزياء التى تجرى على الحديد والماء!

ان أحداً لا ينكر أن (الإعلام) هو لعبة تديرها الدول عبر أجهزتها الأمنية، لكن (الشطارة) فى أنك تدرب الإعلامي والصحفى والسيناريست والممثل والمخرج والمذيع والمثقف، كما سبق أن كتبت هنا منذ فترة بالحرف؛ (المحترف الحقيقي هو الذي لابد وأن يجيد التعامل مع سامسونج دون أن يقرأ السطر الأخير في الرسالة).

فالمصيبة الكبرى أن نعود إلى سياسة (محطة المطار السري) وهى التى لم يجرؤ عليها (جوبلز) بجلالة قدره، فحتى نكون واقعيين، فإنه كان يجب على السيد السابق – كما سيجب على كل سيد لاحق – ألا يظهر بتلك الطريقة (المطارسرية).

فليس ثمة أى سند دستورى أو قانونى أو أى ضرورة مهنية، لوجود هذا المسئول الذي ارتفعت الدعوات تجأر إلى الله كي يستجيب لصوت صراخهم في البرية، بأن (يحنن قلبه عليهم) وينزلهم قبل محطة المطار السري!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.