رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(تيتا زوزو).. مسلسل اجتماعي ينقصه شغف الإثارة والتشويق !

كنا نطلع في مسلسل (تيتا زوزو) إلى متابعة علاقتها بأحفادها بشغف

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

أصابتني الدهشة وأنا أشاهد مسلسل (تيتا زوزو)، فليس هو المسلسل التليفزيوني العربي الأول والوحيد الذي يقدم التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مواجهة الذكاء الطبيعي البشري الفطري في حل مشكلات الحاضر والمساعدة في حل المشكلات المستقبلية كما قال البعض عنه.

فقد سبقه عدة مسلسلات مصرية وخليجية عالجت الذكاء الاصطناعي وأبرزها (صوت وصورة)، لكن يحسب له أنه جاء بعد سرداب الماضي في مسلسل (عمر أفندي)، حيث يأتي التطبيق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي سردابا للمستقبل.

وأرى أن السبب الرئيسي والجوهري في إخفاق المسلسل أنه جاء نتيجة تمتع (تيتا زوزو) بقدر هائل من التسطيح المخل أحيانا والمباشرة الفجة أحيانا أخرى، في إطار درامي مكان يمكن أن يكون آثر ومؤثر بروح العائلة، فقد حاول المؤلف الشاب (محمد عبد العزيز) أن يضفي نوعا من السحر والسر دائما لكن دون جدوي في ورق مهلهل.

ربما نجح مؤلف (تيتا زوزو) في محاولة نسج خيوط المسلسل الدرامي بواقعية تبدو في إطارها العام متميزة من حيث الشكل لا المضمون، وذلك في ظل رؤية إخراجية واعية لمخرجة قديرة مثل (شيرين عادل) تتميز بنعومة لمساتها وصدق مشاعرها التخيلية.

فمعروف أن (شيرين عادل) صاحبة (حكايات زوج معاصر، سارة، أولاد الشوارع، الريان، دلع بنات، مولد وصاحبه غايب علاوة)، تحرص على أدق التفاصيل دون تجاوز العبور للعموميات الأساسية في تناغم سخيي وطاغي، لكن كل ذلك لم يتحقق في (تيتا زوزو) على نحوجيد.

تأتي أحداث مسلسل (تيتا زوزو) في إطار درامي اجتماعي، حيث تتناول الأحداث قصة الجدة الأرملة الدكتورة (اعتزاز/ زوزو) التي كانت تعمل بالزراعة، ولديها ولدان وابنتان.

أداء غالبية الممثلين جاءت باهتة ولا تمتع بأي قدر من الإثارة المطلوبة

أداء غالبية الممثلين باهتة

كنا نطلع في مسلسل (تيتا زوزو) إلى متابعة علاقتها بأحفادها بشغف، لكن أداء غالبية الممثلين جاءت باهتة ولا تمتع بأي قدر من الإثارة المطلوبة، في ظل ترهل الأداء لغالبية فريق العمل، وعلى رأسهم الفنانة القدير (إسعاد يونس) المعروفة بخفة دمها، لكنها هنا تراجعت في إيفهاتها ومفارقاتها الكوميدية المعهودة منها.

فطريقة تعاملها معهم ومع المشكلات التي يتعرضون لها، كانت بلا أدنى اكتراث رغم محاولتها إضفاء نوع من الكوميدية بشق الأنفس، وحتى استخدامها للذكاء الاصطناعي لتواكب ما يحدث من تطور حولها أوقعها في براثن رجل الأعمال الفاسد (البحراوي/ محمود البزاوي).

(تيتا زووز) أو الدكتورة (اعتزاز) الأستاذة في الزراعة الحيوية العضوية، ليست فقط رمزا للاعتزاز بالقيم والمبادئ السليمة للعائلة المصرية والعربية الأصيلة بشكل عام، كما وضحت بجلاء ووضوح في أغنية نهاية المسلسل في الختام، لكن هذا الرمز فقدناه في زحمة الأحدث المرتبكة والأداء المترهل.

ملاحظة هامشية: قد يكون تم اختيار اسم (زوزو) تيمنا بنجاح (زوزو) في (خلي بالك من زوزو) لسعاد حسني، ولكن هذه المرة لإسعاد يونس الفنانة الشاملة والقديرة والتي شبها الذكاء الاصطناعي في أحد المشاهد الساخرة بأنها (سعاد حسني) لذا أكرمت السيد (رشدي أباظة/ إسلام إبراهيم) فتي الذكاء الاصطناعي بأنه يشبه (حسين فهمي) ردا للمجاملة.

قد يكون من المستغرب حقا مشاركة (صاحبة السعادة) بخفة ظلها وقوة ثقلها وقيمة وزنها في الانتاج والسيناريو والحوار، وأكيد بالطبع البطولة الرئيسة لهذا العمل الذي كان يمكن أن يكون متميزا، لكن يبدو أنها تعاملت مع مسلسل (تيتا زوزو) بمنطق السبوبة ليس إلا.

منطق معكوس في ظل اختيار الحفيد لدراسة موسيقى الراب

منطق معكوس في الاختيار

ظني أن مسلسل (تيتا زوزو) كان يمكن أن يكون أفضل مسلسل اجتماعي كوميدي في هذا الموسم)، خاصة أنه يضم ثلاثة مراحل عمرية علي التوالي: الأجداد جيل X أولا، جيل التضحيات والصبر والتغلب على الأزمات، ثم جيل الآباء والأمهات جيل Y ثانيا، جيل الوفرة والطفرة ومواجهة التحديات.

ثم جيل (الأحفاد) أبناء البنين والأسباط أبناء البنات من النسل جيل Z، ثالثا جيل المستقبل والمجازفة غير المحسوبة والاندفاع السريع دون اهتمام، لكني فؤجئت بمنطق غريب وعجيب، خاصة في تشجيع (زوزو) حفيدها (أحمد عنان) الذي فضل الانخراط في دورات لتعلم الموسيقى على الدراسة الأكاديمية للهندسة.

وهو منطق معكوس في ظل اختيار الحفيد لدراسة موسيقى الراب، وهو نوع من الموسيقى ليس له مستقبل مذهر كما يرسو في خياله، إلا إذا كان يطمح في أن يكون مثل (ويجز) مثلا في تحقيق شهرة كبيرة، وحتى (ويجز) نفسه على حد علمي خريج الجامعة الأمريكية، أي أنه انخرط في دراسة أكاديمية قبل احترافه الراب.

كلا من مؤلف ومخرجة (تيتا زوزو) حاولا نسج خيوط درامية متماسكة، والعزف والسيطرة علي خطوط الشخصيات، لكنهما من وجهة نظري الشخصية فشلا في إيجاد  نوع من التميز في معالجة عصرية وحديثة ومتطورة غير تقليدية لكثير من القضايا الحياتية والمشاكل الأسرية والأمور النفسية والاجتماعية.

أستطيع القول أن الأجداد كل من (إسعاد يونس وصلاح عبدالله ومحمود البزاوي) لم يجيدوا في الأداء الذي يناسب طبيعة الأحداث البطيئة للغاية، وإن كان الأخير أبرزهم جميعا في الأداء بتلقائية متناهية البراعة إلى حد ما، بعيدا عن التكلف أو ردود الأفعال المتأخرة نسبيا

قد يكون (البزاوي) متعمدا أو حتميا، ومن ثم أظهرا كل من إسعاد يونس وصلاح عبدالله (ضيفا شرف) يعانيان من عثرات العمر وهنات البطئ أحيانا في التعبير أو ردة الفعل بالإضافة لعدم رشاقة الحركة وسلاسة النطق في بعض الأحيان.

يبدو واضحا أن (إسعاد يونس) أو (تيتا زوزو) عانت كثيرا في التحضير للمشاهد، علاوة علي الميكاج المبالغ فيه أحيانا والفلاتر التصويرية، رغم أنها في مرحلة عمرية متأخرة وتمتع بخفة دم نلاحظها في برنامجها (صاحبة السعادة).

تفوق الجيل الثاني من الأباء والأمهات بشكل ملحوظ في الاداء

براعة الجيل الثاني من الأباء

في مسلسل (تيتا زوزو) تفوق الجيل الثاني من الأباء والأمهات بشكل ملحوظ في الاداء يتقدمهم بالطبع (نور محمود وحمزة المعيلي ومحمد الكيلاني)، وأيضا (إسلام إبراهيم) في شخصية (رشدي الافتراضية) على الرغم من الاستظراف الزائد عن الحد أحيانا.

وأرى أن (ندي موسي وسمر علام وبسمة داود وعابد عناني) وبقية الجيل قد سجلوا تميزا ما في الأداء في بساطة شديدة، فقد جاء أداؤهم جميعا دون تكلف في أغلب المشاهد واللقطات في المسلسل.

ومع كل ذلك من هنات، عبر 30 حلقة مدتها كل حلقة منها 45 دقيقة، عشنا أسعد وأتعس اللحظات تفاعلا من أسرة (تيتا زوزو)، فقد أكد الجيل الثاني قدراتهم التمثيلية في تقديم أدوار معقدة مركبة تجمع بين الخير والشر في قدر من  السلاسة واليسر والروعة أحيانا وليس كلا.

نهاية مسلسل (تيتا زوزو) بالطبع كانت غير مفاجأة، إلا أنني أراها كانت نهاية سعيدة مبهجة نوعا ما، وربما إذا كانت قد خلت من هنات تتمثل في المباشرة وفجاجة الخطابة النهائية التي قدمتها زوزو في نهاية المسلسل عن الذكاء الاصطناعي، كان من الممكن أن نرى مسلسلا بشكل أفضل بعيدا عن الخطابة المسرحية والنصح والإرشاد.

خلاصة القول: أنني قد خاب ظني في مشاهدة مسلسل (تيتا زوزو) الذي يحمل أسماء كبيرة، على نحو جيد وممتع، لأنه ببساطة فشلا المؤلف والمخرجة والنجوم الكبار، في صناعة دراما اجتماعية مبهرة بشكل فكاهي ورشيق، يمكن أن يبعث على البهجة في ظل أيامنا القاسية التي نعيشها في ظل الحروب والأزمات الاقتصادية التي تعصف بنا الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.