رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (الحب أعمى حبيبي).. دراما صنعها الواقع

طبقوا ذلك على الفن والنموذج الأشهر عربياً هو (ستار أكاديمي)

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

(الحب أعمى حبيبي) برنامج قدمته نتفليكس باعتباره مسلسلاً، وقد يكون السبب لما يتضمنه من دراما جاذبة ساهمت في إنجاحه، دراما صنعها الواقع تتجاوز خيال المؤلفين.

لبرنامج (الحب أعمى حبيبي) التليفزيوني أنواع وأشكال أدواتها الرئيسية هي الحوار والتحقيق والتوثيق والتقرير، بصرف النظر عن ماهيتها، حيث أن القالب والأدوات واحدة في البرامج الاجتماعية والسياسية والثقافية والفنية والترفيهية وكذلك برامج المسابقات.

وقبل سنوات أضافوا نوعاً جديداً أطلقوا عليه (تليفزيون الواقع) والذي ينقل الواقع من دون تدخل، اعتمدوا فيه على مجموعة من البشر يتجمعون في مكان واحد وتتبعهم الكاميرا لنقل سلوكياتهم بشكل فطري، طرق كلامهم وتصرفاتهم وإحباطاتهم وانفعالاتهم وفرحهم وبكائهم وفشلهم ونجاحهم..

طبقوا ذلك على الفن والنموذج الأشهر عربياً هو (ستار أكاديمي)، وطبقوه اجتماعياً والنموذج الأشهر لذلك عالمياً (Big Brother) أو (الأخ الأكبر)، وأفرزت هذه النماذج نجوماً في الفن والسياسة وأشهرهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس الذي قدم برنامج ذا أبرينتايس  (The Apprentice)‏على مدى 14 موسم وهو برنامج تلفزيون واقع أمريكي، وفنياً (كيم كارديشيان) وأخواتها.

منصة نتفليكس عادت لإحياء هذا النمط البرامجي واتخذته وسيلة لتحقيق المزيد من النجاح والانتشار عالمياً، وآخر برامجها هو Love is blind أو (الحب أعمى) وقدمت منه عدة نسخ بينها نسخة عربية أضيف إلى عنوانها كلمة (الحب أعمى.. حبيبي) تم عرضها مؤخراً وحققت نجاحاً كبيراً.

المتابع لبرنامج والذي تم عرض آخر حلقاته الأسبوع الماضي يدرك أنه ليس برنامجاً واقعياً بكل معنى الكلمة، ولكنه مصنوع بحرفية، توجيهات الإخراج للنماذج المشاركة كاشفة، محاولة خلق قدر من الاثارة بالصمت الطويل قبل فتح الباب خلال اللقاء الأول بين كل شاب وفتاة واضحة.

نجاح برنامج (الحب أعمى.. حبيبي) لا يعني خلوه من التفاهة

دراما جاذبة للمشاهد

والصمت الفاصل بين بعض الحوارات خلال أحاديث الحجرات تتحدث عن نفسها؛ وأيضاً نهايات الحلقات وما تتضمنه من تشويق لمشاهدة الحلقة التالية.

نعم فيه مساحة من الواقعية ولكنه ليس كله عفوي، بل خلطة لا تخلو من التدخل الذي يحول البرنامج إلى دراما جاذبة للمشاهد وهو الأمر الذي أجاده صناعه.

نجاح برنامج (الحب أعمى.. حبيبي) لا يعني خلوه من التفاهة، تفاهة في الحوارات، سذاجة في المتطلبات، إسراف في التعري، تجاوز لفظي وتنمر واضح في الخلافات وهو ما جسدته بشكل فظ المتسابقة اللبنانية نور، خروج على العادات والتقاليد العربية رغم ادعائه استحضارها بفكرة الزواج بمن لا تعرفها أو بمن لا تعرفينه وهو ما يشبه زواج الصالونات.

ولكن المتابع للحلقات في المنتجع السياحي يدرك أن بها الكثير من الخروج على المألوف، وكأنه دعوة للمزيد من التحرر وتحطيم جدران القيم واعتداء على الموروث الديني والأخلاقي.

رغم كل شيء فإن هذا برنامج (الحب أعمى.. حبيبي) أفضل من البرامج المشابهة، ومن أتيحت له فرصة مشاهدة برنامج (قسمة ونصيب)، الذي تقدمه اللبنانية (ريتا حرب) يعرف الفارق الشاسع بينهما.

حيث أن الأخير هو نموذج للابتذال اللامحدود في كل شيء والتفاهة المطلقة مع الملل والمط غير المبرر سوى لزيادة عدد الحلقات وكسب المزيد من الأرباح.

(الحب أعمى.. حبيبي) برنامج اجتماعي استضاف عدداً من الشباب والفتيات للإقامة في ديكور بيت واحد ولكنه مقسوم إلى نصفين، أحدهما للشباب والثاني للفتيات، وفي 6 حلقات يقدم عدداً من المراحل.

في المرحلة الأولى يلتقي كل شاب بجميع الفتيات واحدة تلو الأخرى والعكس، من خلال حجرات متقابلة يفصل بينها جدار، ليدور بين كل شاب وفتاة من المتسابقين بحثاً عن شريك الحياة أحاديث ونقاشات وقهقهات ودموع تفرز إما توافقاً ومودة أو اختلافاً ونفوراً.

في المرحلة الثالثة حيث يقضيان إجازة في منتجع سياحي

إجازة في منتجع سياحي

وعندما يحدث توافق فكري بين شاب وفتاة ينتقلان للمرحلة الثانية، حيث يسمح لهما باللقاء وجهاً لوجه، فيكتشف كل منهما شكل الآخر وإذا قرر الشاب الاستمرار يقدم للفتاة خاتم الخطوبة ومن حقها قبوله أو رفضه، وفي حالة القرار بالاستمرار ينتقلان للمرحلة الثالثة حيث يقضيان إجازة في منتجع سياحي.

وهناك يتعرفان على باقي المتسابقين والمتسابقات، وفي المرحلة الرابعة يعرّف كل منهما الآخر على أهله، وفي المرحلة الأخيرة يكون عقد القران والزفاف لمن قررا الزواج.

وهى المرحلة التي وصل إليها الثنائي (صفا) من العراق ومحمد من الأردن وتزوجا بالفعل، ووصل إليها الثنائي دنيا (السعودية -المغربية) و(اللبناني) شفيق واللذين قررا تأجيل الارتباط، وكذلك الثنائي (المصرية) أسما و(العراقي) خطاب.

الحلقة الأخيرة من البرنامج كانت الأفضل، حيث جاءت بمثابة الحصاد لكل ما سبق مع التقييم الذاتي للتجربة، خمس شبان وخمس فتيات التقوا بعد عام من تصوير البرنامج، للتقييم والإجابة على تساؤلات مقدميْه إلهام علي وخالد صقر.

وتوالت المفاجآت، زواج (صفا ومحمد) لا يزال صامداً وتجاوز كل العواصف والتحديات، ارتباط دنيا وشفيق قائم والزواج قادم ولكنه مؤجل، ارتباط أسما وخطاب انفض واتفقا على تحويل العلاقة إلى صداقة، نور مازالت تمارس تنمرها على الجميع.

قدم كل من (سيمو وميدو وعمار وهاجر وكارما ونور) مبرراتهم في الانفصال وفشل تجاربهم، ليدرك كل مشاهد أن نسب نجاح الارتباط بمثل هذه الطريقة ضئيلة جداً، حيث ضم البرنامج في أولى حلقاته 20 شاباً وفتاة لم يتزوج منهم بشكل حقيقي سوى 2 فقط.

مضمون البرنامج يختلف معه البعض ويتقبله البعض الآخر، ولكن هذا لا ينفي أنه حقق نسب مشاهدة عالية بسبب احترافية التصوير والإخراج، وما به من تسلية ودراما جاذبة، دراما يصنعها الواقع وليس خيال المؤلفين، وبالتالي فهي الأكثر صدقاً في حال تخفيف المخرج توجيهاته للمشاركين.

وهو ما تحقق في هذا البرنامج مقارنة بغيره من برامج تليفزيون الواقع، بجانب أن البرنامج حقق دعاية مهمة للأماكن التي تم تصويره بها، وحقق شهرة للعناصر التي شاركت فيه، ومن المؤكد أن بعضهم سيستغلها والبعض الآخر سيعتبرها تجربة وانتهت.

السؤال الذي طرحه كثيراً مقدما البرنامج في المرات المحدودة التي أطلا فيها والمستوحى من اسم البرنامج هو (هل الحب أعمى؟)، الإجابة ليست من البرنامج ولكن يؤكدها الواقع وهي أن الحب فعلاً أعمى.

ولا يمكن لأي أحد أن يعرف بالحسابات العقلية ولا الوجدانية مصير أي علاقة حب، والدليل حالات فسخ الخطوبة المتزايدة بين محبين تعارفوا بأساليب مختلفة، وحالات الطلاق التي تغطي مراحل زواج مختلفة بين من جمعهم الحب لأشهر ولسنوات بل ولعشرات السنوات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.