رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عصام السيد يكتب: مشاكل على مكتب (هشام عطوة) !

(هشام عطوة) محبوب من الجميع، لأنه يتميز بشخصية هادئة غير صدامية

بقلم المخرج المسرحي الكبير: عصام السيد

صدر فى الأسبوع الماضى قرار من الأستاذ الدكتور (أحمد فؤاد هنو)، وزير الثقافة بتولى الفنان القدير (هشام عطوة) رئاسة البيت الفني للمسرح، هذا البيت الذى يضم معظم فرق القطاع العام المسرحية كفرقة المسرح القومى والكوميدى والحديث والطليعة والشباب إلى جانب فرق المواجهة والتجوال والشمس لذوى القدرات الخاصة والعرائس و القومى للطفل.

الحقيقة أن الوسط المسرحى استقبل الخبر بالترحاب لعدة أسباب أولها أن (هشام عطوة) محبوب من الجميع، لأنه يتميز بشخصية هادئة غير صدامية وليست له حسابات خاصة جاء ليصفيها، فهو مخرج متميز و متحقق و صاحب جوائز، كما انه يقف على مسافة واحدة من الجميع.

وثانى الأسباب أنه حقق خلال مناصبه السابقة المتعددة عدة نجاحات، ويكفيه أنه استطاع خلال عمله بالهيئة العامة لقصور الثقافة – سواء كنائب لرئيسها أو عندما رأسها – أن يثبت أقدام مشروع من أهم مشروعات وزارة الثقافة وهو مشروع (ابدأ حلمك)، وذلك برعايته الدائمة والمتابعة الدقيقة والدعم القوى.

ولكن الأمر مختلف هذه المرة عن كل المناصب التي تولاها (هشام عطوة)، فالتوقيت الذى صدر فيه القرار صعب ومحفوف بالمخاطر، وهناك العديد من المشكلات سيجدها على مكتبه منذ اللحظة الأولى ربما لن تدع له الوقت لتلقى التهاني وترتيب الأوراق.

عدم تسلم مبنى المسرح القومي بشكل رسمي منذ افتتاحه في 2014 وحتى الآن

مبنى المسرح القومي

بعض هذه المشاكل  قابلة للحل وبعضها مشاكل مزمنة، سيرث تبعاتها وسيعانى من آثارها، أولى تلك المشكلات هى: عدم تسلم مبنى المسرح القومي بشكل رسمي منذ افتتاحه في 2014 وحتى الآن.

و سيضطر إلى مواجهة القضايا بين شركة أبناء (حسن علام) التي قامت بتجديد المبنى بعد حريق المسرح في 2008 وبين وزارة الثقافة بما فيها من تعقيدات وألغاز، فالشركة تطالب بمبلغ 28 مليون جنيه تدعى انها مستحقة لها لم تتقاضاها.

وسوف يجد أيضا أن مبنى المسرح يحتاج الى تجديد بعد مرور 10 سنوات فقط على الافتتاح، فهناك حوائط تحتاج إلى ترميم ودورات مياه تحتاج إلى إصلاح، وكل هذا يحتاج إلى إنهاء النزاع أولا قبل البدء في ترميمه أو إصلاحه.

هذا على مستوى المبنى، أما على مستوى الأجهزة (في الصوت والإضاءة)، فلقد أصبحت جميعها متهالكة وتحتاج إلى تجديد عاجل – أو ربما إحلال – خاصة أن شركات تلك الأجهزة لاتنتج قطع غيار للموديلات القديمة كى تدفع عميلها لشراء أجهزة جديدة.

و سوف يفاجأ (هشام عطوة) أن تلك مشكلة عامة لاتخص المسرح القومى وحده، بل يسرى على عدة دور عرض مثل (متروبول والهناجر)، بل إن المشكلة أكبر من مجرد صيانة تلك الأجهزة أو إحلالها بأخرى!! سيجد أن ليس لديه مهندس صيانة واحد في البيت الفني للمسرح.

وأن عليه الاستعانة بمهندسى الأوبرا كلما تعطل جهاز، وأن تلك الأجهزة التي تقدر قيمتها بملايين يعمل عليها (فنيون) لاعلم لهم بكل أسرارها، بل لايجيدون اللغة الإنجليزية المدونة عليها وتصدر بها كتالوجاتها.

ولم يتدربوا سوى على تشغيلها فقط – وبشكل محدد – لايسمح لهم بتلافى أعطالها البسيطة أو استخدام كافة إمكاناتها الضخمة!!، وبالتالى ربما كانت هناك عيوب ليس في الأجهزة فحسب بل أيضا في مشغليها!!

وإذا كانت تلك هى نوعية المشكلات هى ما ستواجه (هشام عطوة) لكانت أمرا سهلا، ولكن هناك مشاكل أكبر وأشد تعقيدا، فعليه أن يواجه غضب المسرحيين في حال تنفيذ قرار إخلاء المسرح العائم و الذي يضم مسرحين هما (العائم الكبير والصغير، والذى يعتبر رئة هامة لفرق البيت.

حيث تتناوب العمل عليه فرق مسرح الشباب والكوميدى والمواجهة والتجوال، وربما يضطر إلى إضافة فرقة الشمس لذوى القدرات الخاصة بعد تخليها عن دار العرض التي كانت في الحديقة الدولية واستعادة محافظة القاهرة لها.

وحتى إذا استطاع وزير الثقافة أن يقتنص مسرحا في التخطيط الجديد لمنطقة المسرح العائم – كما أوحى في تصريحاته – فكم من الوقت ستظل تلك المسارح مغلقة؟، وماذا ستفعل فرق البيت الفني للمسرح أثناء تلك الفترة؟، هل تتكدس في دور العرض الباقية؟، لكن كيف سيتم هذا التكدس.

مسرح (عبد المنعم مدبولى) في سبيله إلى الضياع هو الآخر

مسرح (عبد المنعم مدبولى)

وهناك شائعات تقول أن مسرح (عبد المنعم مدبولى) – متروبول سابقا – في سبيله إلى الضياع هو الآخر بسبب رفض شركة التأمين المالكة له من تجديد عقد الإيجار، وأنها في سبيلها إلى هدمه للاستفادة من قطعة الأرض الضخمة التي يقع عليها في وسط البلد، وأن بيعها ستدر عليها مئات الملايين.

ونفس الشائعة تلاحق مسرح السلام الذى يقع في مبنى أكاديمية البحث العلمى بشارع القصر العينى، بأن الأكاديمية لن تجدد التعاقد مرة أخرى!!، فإذا صدقت تلك الشائعات فماذا يتبقى للبيت الفني للمسرح؟

وعلى الجانب الآخر يوجد مبنى مسرحي جديد لم يتم افتتاحه وهو مسرح مصر بشارع (عماد الدين) الذى انتهى العمل فيه منذ عامين تقريبا ولم يفتتح للآن بسبب عدم دخول ( الكهرباء و الماء ) إلى مبنى المسرح!!، وهو أمر يحتاج إلى موافقات وتصاريح من جهات متعددة بسبب ضرورة الحفر العميق في شوارع وسط البلد.

وبرغم اعتراضى الشديد – ومنذ فترة طويلة – على تصميم ذلك المسرح وطريقة استغلال الأرض وعدم كفاءة خشبة المسرح أو صلاحيتها الفنية، إلا أن الإسراع في إنجاز ما يحتاج ربما يصبح حلا جزئيا لمشاكل تناقص دور العرض.

وبرغم علمي أن كل هذه المشكلات لم يتسبب بها رؤساء البيت السابقين، ولا هي في إطار إمكانياتهم  الوظيفية، وأنها أكبر من قدراتهم الإدارية، وأنها نابعة من نظام عام للحكومة يحكم العملية الفنية برغم أنه لا يصلح لها.

إلا أنها للأسف سوف تصمهم وأن الرأي العام سيتهمهم بالتقصير وسوف تصب كلها أمام الصديق العزيز (هشام عطوة) للأسف.

المثال الأوضح والأجلى لما أقول أن وزارة المالية فرضت عقدا موحدا على كل الجهات الحكومية، ولكنه عقد يصلح لعمليات البناء أو التوريد للبضائع، وعندما وقفنا ضد ذلك العقد وأظهرنا عيوبه، قيل أنه عقد استرشادى وكل جهة عليها شطب البنود التي لا تصلح لأعمالها.

أحد هذه البنود ينص على خصم نسبة 5% كتأمين يرد بعد انتهاء العمل خوفا من تسليم أعمال منقوصة أو غير صالحة أو تخالف المواصفات، وهو بند يصلح لأعمال المقاولات ولا يصلح للأعمال الفنية!!.. الغريب أن الجهات المالية في البيت الفني للمسرح وحدها دونا عن كل قطاعات وزارة الثقافة قامت بخصم تلك النسبة بالفعل !!

وتلك مشكلة ستنفجر قريبا في وجه رئيس البيت الجديد فور اكتشاف الفنانين المتعاقدين للخصم.

أعلم أن الصديق العزيز (هشام عطوة) شخص فاعل، ويملك القدرة والرغبة في النجاح، وأنه لن يبخل بجهد أو وقت، وأنه سيستغل كل اتصالاته وعلاقاته من أجل إيجاد حلول، ومع ذلك كله أشفق عليه من هذا الحمل الثقيل الذى لم يكن سببا فيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.