قصة (النشيد) السوداني الذي كتبه شاعر مصري وأنشده الرئيس جعفر النميري
كتب : أحمد السماحي
(النشيد) الوطني (أمة امجاد)، أغنية سوادنية من الروائع الوطنية الخالدة، وهذا (النشيد) الذي يتردد في السودان في كل المناسبات القومية، قام بتلحينه وغنائه الثنائي الوطني السوداني (محمد حمدة، ويوسف السماني).
هذا الثنائي الذي دخل التاريخ الفني السوداني بأغنياته الوطنية التى لا تنسى مثل (داير أشوفك يا بلادي، هنا صوت يناديني، ما بالشعارات، أماني، بلادي بلادي) وغيرها.
كثير من الأخوة السودانيين يعتبر شاعر نشيد (أمة الأمجاد) الذي يتردد في كل المناسبات، سوداني، لكنه لشاعر مصري تميزت أغنياته بالحس المرهف، والرونق البديع، والوطنية الجياشة، أنه الشاعر المصري الكبير (مصطفى عبد الرحمن)، الذي أثرى الأغنية العربية بما قدم من قصائد تفيض رقة وعذوبة.
وكتب أغنيات تمثل علامات في تاريخ الموسيقى العربية على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، كما كتب العديد من القصائد التي لحنت لعدد من المطربين العمالقة أمثال (أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ، وشادية، وفايزة أحمد، وهدى سلطان ونجاة، ووردة الجزائرية) وغيرهم.
وقصة أو حدوتة هذا (النشيد) تعود إلى عام 1967، عندما وقعت الواقعة، وغشينا ظلام هزيمة يونيو 1967.
في هذه الفترة أصيب الكثيرين بالإحباط واليأس، حيث أدت تلك الهزيمة إلى إحباط معنويات كل من الجمهور العربي والنخب السياسية، وأعلن الرئيس جمال عبدالناصر استقالته في 9 يونيو.
ورغم الإحباط الذي انتشر بين كثير من المبدعين خاصة في مجال الشعر والأغنية، لكن البعض الآخر حاول أن يستنهض الأمم من خلاله أشعاره أو أعماله.
وفي هذه الفترة كتب الشاعر الكبير مصطفى عبدالرحمن (النشيد) الرائع بعنوان (أمة الأمجاد)، والذي نشر في عدد من مجلة (العربي) الكويتية في شهر أكتوبر عام 1967، وقد نشرت المجلة كلمات القصيدة كاملة.
(محمد حميدة، ويوسف السماني)
وبعد طرح العدد في الأسواق قرأ (النشيد) الثنائي الوطني (محمد حميدة، ويوسف السماني) ونال (النشيد) إعجابهما، وقررا تلحينها وغنائها، وفي أحد الأيام وبالمصادفة كان الرئيس السوداني (جعفر محمد النميري) يجلس أمام جهاز التليفزيون.
وقدم التليفزيون النشيد (أمة الأمجاد)، وأعجب الرئيس جدا بكلمات ولحن وأداء (النشيد)، وفي لحظات اتصل سيادته بالمسئولين في الإذاعة والتليفزيون، وطلب منهم بأن يذاع هذا (النشيد) بصفة منتظمة على الملايين من أبناء أمة السودان لأنه يستحق النجاح والانتشار، ويبدو أن إحساس الرئيس جعفر النميري كان صادقا، لأنه بعد يومين أو ثلاثة من إذاعة (النشيد) أصبح على كل لسان يردده الكبار والصغار، وأصبح واحدا من أبرز أناشيد السودان الوطنية، إن لم يكن أبرزها على الإطلاق.
ويحكي الشاعر (مصطفى عبدالرحمن) في كتابه (أغنيات قلب) أن الرئيس جعفر النميري كان يعقد إجتماعا مع طلائع الشباب السوداني، وقد بدأ الشباب بأداء نشيد (أمة الأمجاد)، وكانت مفاجأة للشباب أن وجدوا الرئيس يهب واقفا ويؤدي (النشيد) بصوته كاملا.
النشيد بصوت جعفر النميري
وكانت تلك من لحظات التاريخ التى عاشها شباب الثورة في السودان، وتقول كلمات هذا (النشيد) الذي أنشده الرئيس السوداني جعفر النميري:
أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العريق
يا نشيدا في دمي يحيا ويجري في عروقي
أذن الفجر الذي شق الدياجي بالشروق
وطريق النصر قد لاح فسيري في الطريق
قبلة الأنظار يا أرض الهدى والحق كنت
ومنارا في دجى الأيام للعالم عشت
أنت مهد النور مهد الفن والعرفان أنت
وستبقين ويبقى لك منا ما أردت
لا تبالي إن أساء الدهر يوما لا تبالي
قد صحونا لأمانينا ،،صحونا لليالي
لك يا أرض البطولات ويا أم الرجال
ترخص الأرواح في يوم الفدى يوم النضال
للغد المشرق يندى بالأماني والعطور
أمتي سيري إلى المجد وجدي في المسير
حققي بالعمل البناء أحلام الدهور
وأصعدي بالعلم والأخلاق للنصر الكبير
إصعدي يا أرض أجدادي وأمي وأبي
إصعدي يا قلعة يحرسها كل أبي
إصعدي يا مشرق النور لأغلى مأرب
إصعدي للقمم الشماء فوق الشهب
أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العريق
يا نشيدا في دمي يحيا ويجري في عروقي
أذن الفجر الذي شق الدياجي بشروق
وطريق النصر قد لاح فسيري في الطريق
الطريف أن الموسيقار الكبير (محمد سلطان) وقع في غرام كلمات هذا (النشيد)، ولحن كلماته، وقامت المطربة الكبيرة كروان الشرق (فايزة أحمد) بغنائه.
وبهذا أصبح لهذا (النشيد) نسختين، نسخة مصرية بأداء (فايزة أحمد)، ونسخة سودانية بأداء الثنائي الوطني (محمد حميدة، ويوسف السماني).