(عمرو دياب).. أغنية متجددة منذ أربعين عاما، وحتى اليوم!
كتب: أحمد السماحي
نحتفل اليوم بعيد ميلاد (عمرو دياب) الذي يعتبر عنوانا للبهجة والتطور والتجدد الموسيقي، فالهضبة يحلل واقعه بأمانه، ويغني وهو يعي ظروف عصره، ويفهم مناخ مجتمعه، ويرصد فنه بحب، ويناقش ظروفه بغضب لا ينقصه عقل، ويحلم بحب كبير يصنعه من خلال فنه.
وعلى مدى 40 عاما، أو بالتحديد 41 عاما منذ طرح ألبومه الأول (يا طريق) عام 1983، كان (عمرو دياب) عنوانا للتجدد الفني، خاصة في مجال الموسيقى التى يتابعها على مستوى العالم، ويقدمها من خلال أغنياته.
لم يكن الطريق الذي سلكه المغني الشاب (عمرو دياب) مفروشا بالورود، لكنه كان مليئا بالمطبات والأزمات والصعوبات، ومع ذلك استطاع بإرادته القوية، وطموحه الذي لا يتوقف عند حد أن يجتاز أشواك الطريق، وأن يجعل لنفسه مكانة بارزة بين مطربي الشباب.
صوت وادي النيل
كثيرين يعتبروا أن أغنيات ألبوم (يا طريق) هى أول أغنيات (عمرو دياب)، وكل فترة يكتب أحد أن أغنية (الزمن) هي أول أغنية، وآخر يرد عليه بأن أغنية (المدينة أو الزحام)، وثالث يرد بأغنية ثالثة، لكن الحقيقة أن بداية عمرو دياب الغنائية كانت من خلال الإذاعة المصرية.
حيث قدم أول أغنية حملت اسم (صوت وادي النيل)، كتب كلماتها عبد السلام أمين، ولحنها مكتشفه (هاني شنودة)، يقول مطلعها :
صوت وادي النيل عايش موجود، ونغم ممدود
في قلوبنا البيض، وعيونا السود
لا يهمه حدود، ولا أي سدود
من أول خطوة لأخر ميل، يجري مع النيل
في جنوب الوادي ورماله، في جناينه ومدنه ورماله
صوت واحد يهتف بآماله
هات إيدك هات، نطوي المسافات.
عمر ما في فرق بين الاخوات
قبل ما غنينا، يا عين ويا ليل
غنينا بروحنا يا حب يا نيل
حبنا ممدود، لأعز جدود
من أول خطوة لآخر ميل، يجري مع النيل.
بعد هذه الأغنية بدأ (عمرو دياب) طريق الاحتراف، وقدم ثلاثة ألبومات كان فيها مجرد مقلدا لمطربه المفضل (محمد منير)، وأيضا لزميله المطرب (عمر فتحي)، صاحب الجماهيرية الواسعة في حقبة الثمانينات.
وكانت الألبومات الثلاثة التى قدمها (عمرو دياب) هى (يا طريق)، و(هلا هلا) و(خالصين)، وحققت فشلا ذريعا، وإن كانت تحمل كثير من أغنياتها شكلا جديدا في الكلمة واللحن.
بعدها قدم ألبومه الرابع (ميال) عام 1988 الذي حقق نجاحا ساحقا، يومها قال : (أنا إنسان مسير وطموح، وهدفي تحقيق العالمية!.
فبعد أن أكرمني الله سبحانه وتعالى، وحقق لي هذا النجاح أصبحت مؤمنا أنني إنسان مسير، أنا عمري ما تصورت أني عبقري أو شيئ من هذا، ولكني على ثقة من أن الله هو الذي يحقق لي طموحي ونجاحي.
أنا أهتم وأركز وأبذل جهدا، أحاول أكثر ما أستطيع، أما النجاح فالله يحققه لي دائما).
عمرو دياب (يا طريق)
من يرصد ألبومات (عمرو دياب) الأخيرة يجدها تحمل أفكار جديدة في الموسيقى والتوزيع، لكن معظم كلماتها بسيطة، وإن كان بعضها يحمل فكرة.
وأعتقد أن استسهال وحب (عمرو دياب) للكلمة البسيطة السلسة السهلة، المتداولة، راجع (لعقدة) قديمة عندما قدم ألبومه الأول (يا طريق) الذي حقق فشلا ذريعا، وكان سببا في خسارة منتجه (زياد فقوسة) كل أمواله، وظل يعاني من بعده.
في هذا الألبوم تعاون (عمرو دياب) مع نخبة هامة من الشعراء وهم (عبدالرحيم منصور، عصام عبدالله، وهاني زكي، وعوض الرخاوي)، ومن الملحنيين (هاني شنودة، وعزمي الكيلاني، وياسر عبدالحليم).
فكتب الشاعر (عبدالرحيم منصور) كلمات رائعة، لحنها (هاني شنودة) تقول:
نور يالليل الأسرار، ياللي عشقناك واحنا صغار
احنا بنصفح، وأنت بتجرح، زي ما قالوا عليك دوار)
وأغنية مثل (الزحام) كلمات عصام عبدالله، ألحان عزمي الكيلاني، تقول بعض كلماتها:
المدينة قلبها زحمة بالهموم
والعيون تايهة بتتداري في الغيوم
مين يهمه، إلا همه، مين بيصرخ غير لألمه
غابة كل يوم، غربة كل يوم.
المطر باعت معاده مع الندى
بكرة تشتي على الزحام، الزحام يبقى فضا
والدموع ساعتها مش هتكون ندم
عل الحكايات اللي ضاعت ، اللي ضاعوا في المدى
حبيبتي المدينة متاهة بشر، شوارع حزينة، بقايا صور
حبيبتي المدينة رياح القدر، وحيدة مسكينة بتداري الخطر
وفي أغنية (حبيبتي) لعصام عبدالله وعزمي الكيلاني أيضا يقول:
باحبك لأن في عيونك حياة
باشوف بيكي أملي اللي كان انتهى
باحبك لأنك في آخر نداه
لقيتك في قلبي بترمي صباه
ساعات يا حبيبتي ياخدني الخيال
وأفكر في حالي، من غيرك أنتي
بمين يا حبيبتي هكمل حياتي
باحبك لأنك وهبتي بحبك لقلبي مناه
بقيت يا حبيبتي باحب الحياة.
عمرو دياب والعالمية
جاء (عمرو دياب) من بورسعيد إلى القاهرة، وهو يحلم بالأضواء والشهرة، وكان رصيده صوته وموهبته في الغناء، والتقط الإيقاع السريع لأغاني الشباب في أوروبا وأمريكا ومزجه بالإيقاع الشرقي.
هذه الخلطة التى قدمها بداية من ألبومه (ميال) عملت على شهرته سريعا، جعلت الموسيقار (محمد عبدالوهاب) يطلب أن يراه، وبالفعل ذهب إليه وتناقشا في أمور كثيرة فنية، وغير فنية.
بعدها ومع بداية التسعينات أصبح (عمرو دياب) هو المغني الأول في مصر، وكان ينافسه على القمة، (محمد فؤاد، وراغب علامة)، ومع الوقت والأيام والشهور والسنين، تعثر (محمد فؤاد)، وبقي (راغب علامة).
ومنذ التسعينات احتفظ (عمرو دياب) بالقمة لوحده، وحتى الآن وهو على القمة، وحقق أكثر مما كان يحلم.
حتى حلم العالمية الذي كان يحلم به، تحقق إلى حد ما حيث تُرجمت العديد من أغانيه إلى لغات أخرى، ليصل صوته إلى جمهور عالمي.
من أشهر الأغنيات التى ترجمت لعمرو دياب (حبيبي يا نور العين) التى ترجمت إلى الهندية والإسبانية، واستخدمتها عدة فرق موسيقية عالمية في نسخ جديدة.
وأيضا (تملي معاك) التى تمت ترجمتها إلى عدة لغات، مثل: (الإسبانية، والتركية)، و(قلبي اختارك) لاقت شعبية في تركيا، وتم غناؤها بلغات متعددة في أوروبا، والشرق الأوسط.
كما ترجمت أغنيته (حبيبي ولا على باله) إلى الإسبانية والهندية، وأصبحت من الأغاني المنتشرة في أوروبا والشرق الأوسط.