فيلم (أضواء المدينة) يفتح الطريق أمام الفنان الحقيقي
بقلم الأديب الكبير: سامي فريد
يذكرني فيلم (أضواء المدينة) من زاوية الهدف الرئيسي الذي يسعى إليه وهو إثبات أن الفن الحقيقي لا تحكمه المظاهر مطلقا، ولكن يؤكده صدق الفنان في إثبات ذاته تماما، كما حدث مع فيلم (حبيب العمر) بطولة (فريد شوقي وسامية جمال)، عندما جاءت الفرقة بكامل أفرادها من المنصورة لتبحث عن مستقبلها في القاهرة.
هذه المرة جاءة الفرقة من طنطا لتتقدم لامتحانات الفيلم الجديد الذي يطلب وجوها جديدة أمام منتج فيلم (أضواء المدينة) وبطله أحمد مظهر (عادل صدقي) ولا تملك الفرق غير فقرها وقتها الأصيل، لكن (عادل صبري) يرفض البطلة (سعاد شلبي/ شادية)، لأن مظهرها لم يعجبه كأميرة ستلعب دور البطولة أمامه فمظهرها أقل من البسيط.. لا مكياجها ولا ملابسها يمكن أن تقنع الجمهور بأنها أميرة رغم اقتناع مخرج الفيلم بموهبتها.
وتسمع (سعاد شلبي) رأي الممثل والمنتج الكبير عادل صبري فيها فيثور فنها داخلها – بحسب أحداث (أضواء المدينة) – وتقرر أن تحسم المسألة بأن تقنعه بأي صورة بأنها فنانة موهوبة وأن الفن ليس مجرد مظهر خارجي بدون موهبة.
ويقرر بابا شكري (حسن مصطفي) مدير فرقة الغلابة أن يرسم لها الخطة لاقناع عادل صبري فيستأجر من زميل له ملابس تصلح لوجليت وفرسانها الثلاثة لحضور الحفل التنكري الذي تقيمه نقابة السينمائيين.
وفي الفندق البسيط الذي تقيم فيه فرقة الغلابة يلتقون مع حكشة (إبراهيم سعفان) الذي يمثل دور الأمير (حسن فاضل) وفي الحقيقة إنه سفرجي في القصر لكنه مهووس بالفن وعزف الكمان، وعندما يسمع صوت (سعاد شلبي) يقرر مساعدة الفرقة فيذهب بهم إلى القصر ليفحته لهم.
التمثيلية الكبرى في (أضواء المدينة)
وتبدأ التمثيلية الكبرى في (أضواء المدينة) أنها ليست سعاد شلبي وإنما هي الأمير شاه فاضل حفيدة الأمير محمد فاضل، ويتم توزيع الأدوار على باقي الفرقة فهذا هو شرشر (عادل إمام) أحد خدام السراي و(عبدالمنعم إبراهيم) أم الأميرة شاه فاضل وبابا شكري (حسن مصطفي) هو والدها.
وتعجب الأميرة شاه فاضل/ شادية) بالممثل النجم (عادل صبري) الذي يسعى إلى القصر ليحاول اقناعها وهى الأميرة بأن تمثل أمامه البطولة في فيلمه الجديد (سوق بغداد)، ولكن بابا شكري يقرر مواصلة خطته حتى النهاية.
لنجد سعاد شلبي في (أضواء المدينة) تستمر في تمثل دورها كأميرة حتى يقع عادل صبري في غرامها فيؤدي بعض الأدوار التمثيلية ليقنع الأسرة التركية بأنه ممثل فما كانوا يعتقدون إنه بهلوان أو (قرة قوز) أو بلاسير لإرشاد المتفرجين إلى مقاعدهم في السينما، ولكن فاطمة عمارة (وقد اعتزلت العمل الفني مبكرا) تقنع عادل صبري بأن الأميرة لن تمثل الفيلم لأنها مخطوبة (كما رسم لها الدور بابا شكري) مهراجا هندي سيأتي قريبا ليتم إجراءات زواجه منها.
وتصرح لعادل شكري بأن الأميرة لم تره ولا مرة واحدة، فيقرر (عادل صبري) أن يأتي هو بدلا من المهراجا على ظهر فيل وبعض الكومبارس الذين يؤدون أدوار الحرس الهندي والفرقة الراقصة الهندية لتوافق الأسرة على اتمام الزواج من المهراجا لأنها تحب عادل صبري، وبقدر ما يسعد الخبر (عادل صبري) فإنه يخلع الشارب واللحية ليظهر لها بوجه الحقيقي على أنه هو نفسه (عادل صبري) وأنه لم يفعل كل هذا إلا لحبه لها.
الفن لا يعترف بالمظاهر الخادعة
ثم يتلقي حكشة الذي كشف عن وجه الحقيقي كخادم في القصر وأنه ابن البواب وأنه فعل كل هذا من أن تنجح الفتاة التي أحبها وقرر مساعدتها، لكن (سعاد شلبي) ماتزال تريد أن تطلع عادل صبري على حقيقتها كفنانة بسيطة من الأقاليم لا تملك إلا موهبتها وليست أميرة، وأن كل هذه التمثيلية لإقناعه أن الفن لا يعترف بالمظاهر الخادعة وأنه موهبة من الله تفرض نفسها على الجميع.
وتذهب سعاد شلبي إلى عادل صبري في بيته لتصرح له بالحقيقة وأن الشرطة الآن تطلبها ومعها كل الفرقة لأنهم سكنوا القصر في غياب أصحابه، ثم تتركه ليقرر إن كان يريد الأميرة المزيفة أم سعاد شلبي بنت الشعب البسيطة المسكونة فنا!!
ويقرر (عادل صبري) – بحسب قصة (أضواء المدينة) – الاعتراف بحبها وبأنها هى الفنانة التي كان يريدها لدور البطولة أمامه.
ويدخل الجميع إلى الاستوديو في اليوم الأول لتصوير الفيلم الجديد (سوق بغداد) معهم حكشة الذي شارك في رسم صورة الأميرة والقصر، وكل هذه التمثيلية التي انتهت هذه النهاية السعيدة بعد أن أثبتت الفرق جدارتها بفنها وموهبتها.
فيلم (أضواء المدينة) من إخراج فطين عبدالوهاب، وقد أجاد لعب أدواره كل من (حسن مصطفي، شادية، عادل إمام، جورج سيدهم، فاطمة عمارة، إبراهيم سعفان)، إضافة إلى هذا الكم من الفنانين الضيوف الذي حضروا حفلات مهرجات السينما مثل (نادية لطفي، أحمد رمزي، مريم فخر الدين، نبيلة السيد، صلاح أبو سيف).