رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: الشيوخ وأهل (الفن) في غابات الجنون!

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

هل الوسط الفنى بعيد عن الدين؟!

هل العاملون في حقل (الفن) من الفاسدين أخلاقياً ودينياً؟!

أغلب الظن أن الغالبية ستكتفى بالرد على هذين السؤالين بابتسامة هازئة من طرف الشفتين، تعجبا لأن اقتران (الفن) والانحراف من المسلمات عند كثير من الناس.

ذلك لأن الثابت والراسخ في الأذهان، أن مظاهر التدين والاهتمام بالدين، لا أثر لها في حياة (كل) الفنانين، وكأن أعضاء الوسط الفنى نشأوا في مجتمع آخر لا يمت للمصريين بصلة!.

غير أن الواقع هو أن أهل (الفن) ما هم إلا شريحة من شرائح هذا المجتمع، يحملون ما يحمله من صفاته السلبية والإيجابية، ومنهم كذلك من هم على نفس درجة الاعتقاد بأن العاملين – أو العاملات – في مجال التمثيل من معرضون لفرص الانحراف الخلقى أكثر من غيرهم (خمور وجنس ومخدرات).

وعلى راي الأستاذ (قرنى) في مسرحية سكة السلامة.. كله على دنه).

وبرغم من توافر هذا الثالوث الملوث في بيئات وفئات أخرى ىبما يفوق أهل (الفن)، إلا أن بعض الفنانين حتى يدرؤوا على أنفسهم تهمة البعد عن الدين، تجد أن كثيرين وكثيرات منهم يحرصون على أن يكون للدين مكان في حياتهم، صغر هذا المكان أم كبر،، إلا أنه موجود ولو في هيئة موقف حاد من الدين نفسه!

وهناك من أهل (الفن) من لهم صلات وثيقة بمشاهير الدعاة من كل لون وشكل، لكن بعض ممن أن نطلق عليهم (المشايخ النصابين) يستغلون هذا العطش الديني لأهل الفن، كي يوسعوا من دوائر ممارسة النصب واستثمار علاقاتهم بالفنان أو الفنانة  ويسعون لإثبات تلك الصلات ولو بالتقاط الصور.

وأحياناً التحدث إليهم في التليفونات بطريقة استعراضية يكشفون بها لمن حولهم أنهم بلغوا من المكانة مبلغاً جعلهم قبلة لأهل (الفن)!

……………….

تتسع عيناك إعجاباً وتكبر فيهما قيمة المكان المتردد عليه أهل (الفن)

قيمة المكان المتردد عليه (الفنانين)

تماماً كمطاعم الكباب والكشري والسمين وعربات الفول المدمس، التى يكفى أن تذكر بعض أسماء لنجوم (الفن) يترددون عليها، حتى تتسع عيناك إعجاباً وتكبر فيهما قيمة المكان المتردد عليه أهل (الفن).

فصداقة الفنانيين والفنانات مدعاة للفخر وطريق للنجومية وإحراز مكانة اجتماعية مميزة يمكن التباهي بها في أحاديث الثرثرة أو نشر الصور التذكارية على حسابات التواصل الاجتماعي.

……………….

لكن ما أريد ام أن أنبه عليه هنا، هو أن هناك فنانين وفنانات لديهم حساسية حيال الدين معروفة الدوافع، وقد تترجم هذه الحساسية عند فئة إلى محاولة اتخاذ موقف فكرى حاد حيال الدين حتى يمكن التخلص من قيد الضمير الديني وما يمكن أن يسببه من قلق في حياة الفنان المحاطة بالمثلث المشار إليه آنفاً.

هذا بدون دخول في الجدال الدائر حول الإشكالية الملحة المقلقة (الفن حرام أم حلال)،

كما أن على جانب آخر تجد كثيراً من العاملين في المجال الفنى يتجاوزون هذا الإلحاح بالتقرب الى الدعاة وزيارة أضرحة الأولياء والمساهمة في أعمال الخبر والتى يكون طريقها بعض الدعاة (منهم الصادقون ومنهم النصابون).

وكثير من نجوم المجتمع من كبار رجال الدولة ومن الأثرياء ومن أهل (الفن) أيضاً، يرون في الصلة ببعض من يجيدون مظاهر المشيخة، نوعا من التطهر وبابا آمنا للتخلص من إلحاح الضمير بسبب شهرة المثلث السابق في حياتهم العملية أو الشخصية.

فيتلمسون من يرشدهم للتكفير عن الذنوب، وياحبذا لو تمكن من خلال علمه ولأنه (راجل واصل مع ربنا) من ضمان قبول التكفير والتوبة، لذلك لابد من أن يكون هذا الشيخ ذا وجه (سمح) كي يطمئنهم بأن توبتهم قبلت وأن ذنوبهم غفرت ببركة الشيخ أبو (وش سمح).

وكان أيسر طريق لذلك هو طريق من ادعوا بأن لهم كرامات ترفعهم إلى درجة الواسطة مع الله (أستغفر الله العظيم)، فترى أتباعهم يكلموك عن أشياء يهول علينا ذكرها لكنها هى علامات الولاية لدى الشيخ منهم، لكنها في حقيقتها تهدف إلى ترسيخ الاعتقاد في الشيخ النصاب لتسهيل الإيقاع بالضحية من أهل (الفن) ومن جاورهم.

أول هدف يروج إليه هؤلاء، هو ادعاء سقوط التكليف

ادعاء سقوط التكليف

لأن هذه الكرامات تؤكد أن مكانته ستتيح له تحريم الحلال وتحليل الحرام، فأول هدف يروج إليه هؤلاء، هو ادعاء سقوط التكليف (وهى كلمة تسمعا عذه الأيام كثيراً في تلك الأوساط، وتبريرها بأنه (حيث يقتضي الوصول إلى الغاية، حتمية ترك الوسيلة إليها، لأن وظيفة الوسيلة فقط هى بلوغ الغاية.

فما بعدها لا يستقيم معه الاحتفاظ بتلك الوسيلة ولا يجوز للوسيلة أن تصحب المتوسل إلى غايته) فالعبادات وكذلك كل التكاليف الدينية، لا يصبح لها معنى ولا مبرر لبقايها بعد بلوغ المرام بعدها وتحقيق المراد منها).

وبالطبع لا يشغل الأتباع عقولهم لفهم مثل هذا الهراء، لكنهم فقط يهتمون بأن شيخهم قد صارت له المكانة التي تتيح له أن يسقط التكاليف الدينية عن أتباعه مثلما سقطت عن نفسه، فيحل الحرام ويحل الحلال.. لكن الحذار الحذار من التحدث بالأسرار.

وأنت يا سيدي ربما لا تعلم – وقد لا تتصور – ما يمكن أن يعتقده أتباع شيخ من تلك المعتقدات خاصة بعد أن انتشرت الطرق العشوائية التى أقحمت نفسها على ساحات التصوف، ومن ورائها ما لا يمكن حصره من عدد من تابعين وقاصدين.

هؤلاء استغلوا سماحة ورحابة واتساع مرامي التصوف الإسلامي، فتصدرت بسبب ذلك تلك العشوائيات الصوفية المشهد حتى اختلط حابلها بنابلها.

فالآن بسسب انشغال كبار المسئولين عن الساحات الصوفية، متاح لك بعد الانضمام إلى طريقة ما، أن تنشق عنها مكونا طريقتك الخاصة وبعدها تقوم بزيارة أو اثنين لأى من الأضرحة المشهورة.

وهناك تلتقط من تشاء من المهاويس – وما أكثرهم – وسيكون حظك (بمب) لو صادفت من بين هؤلاء المهاويس أحد الأثرياء ليقيم لك خيمة في مولد وزاوية في حي شعبي، تكون من خلالها فريقاً للدعاية.

صارت الصوفية بين يوم وليلة قرينة بأعمال السحر وصار كل شيخ صوفي ساحر

كل ساحر شيخاً صوفياً

وأنت وهمتك.. فقد تحقق شهرة واسعة لاسيما عن عندما تنتشر عنك قدراتك الخارقة في التنبؤ بالغيب وفك السحر والتحصين منه وما شابه لتصبح نسخة مكررة من (دكتور تعظى) في (البيضة والحجر).

فقد صارت الصوفية بين يوم وليلة قرينة بأعمال السحر وصار كل شيخ صوفي ساحر، وصار كل ساحر شيخاً صوفياً.. وفجأة وجدنا أنفسنا وسط غابة من المشايخ!

تذهب إلى الجامع فتجد الشيخ الأزهرى باللحية القصيرة والجبة الطويلة، وإلى الزاوية فتجد الشيخ السلفى باللحية الطويلة والجلباب القصير، وإلى الخلوة حيث الشيخ بالعباءة الملونة والوشاح الأخضر.

كذلك أنت تقصد شيخاً، إذا ذهبت لتكيد لعدوك بعمل سحر أسود، والعياذ بالله، وإلى شيخ آخر متخصص في السحر الأبيض لفك العقد والعكوسات وجلب الحبيب ورد المطلقة.

وغيره وغيره وغيره وكلهم يطلق عليهم اللقب الحائر (شيخ ومولانا وإمام)، وكل ما لم ينزل الله به من سلطان!

أما نصيب النجوم من أهل (الفن) ومن جاورهم من أهل الثقافة والصحافة والإعلام، فمثل أى نصيب لأي فئة من فئات المجتمع الأخرى، والذي تموج فيه نوعيات عجيبة من مجموعات بمعتقدات وسلوكيات أقل ما توصف به بأنها فظائع في الفكر والسلوك.

كلها تجرى في وسط تلك الغابات الكثيفة من  الجنون وهى على بعد خطوات منا ولا نكاد نشعر بوجودها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.